كيف تستخدم أستراليا القطط لمساعدة حيوانات أخرى مهددة بالانقراض؟
[ad_1]
- إليزابيث كولبيرت
- بي بي سي
الاكتفاء بحماية حيوانات مهددة بالانقراض، مثل الجرابيات الأسترالية، من الحيوانات المفترسة، لم يعد ربما حلا ناجعا. وقد يكون علينا مساعدتها على التطور لتتمكن من الاستمرار خلال القرن الحادي والعشرين.
تقول كاثرين موزبي، الحاصلة على الدكتوراة في علم الأحياء: “أمضيت 15 عاما وأنا أبعد القطط عن المحميات المُسيجة والمنتزهات الوطنية، ثم فجأة، أصبحت أعيدها إليها. كان القيام بذلك غريبا للغاية.”
وفي يوم حار وسماء صافية شديدة الزرقة في براري أستراليا النائية، على بُعد نحو 350 ميلا (560 كلم) شمالي مدينة أديلايد في جنوب أستراليا، كنت أرافق موزبي أثناء فحصها لبطاريات الكاميرات الحساسة للحركة التي تنتشر في محمية “إيرد ريكفري”، وهو مشروع لإعادة إحياء النظام البيئي، أطلقته موزبي وزوجها عام 1997.
ويمتد المشروع على مساحة تبلغ 47 ميلا مربعا (12,200 هكتار) من الأرض ذات التربة الحمراء التي تنتشر فيها الشجيرات والأعشاب، وهي محاطة بالكامل بسياج يبلغ ارتفاعه ستة أقدام ومصمم لإبعاد القطط الضالة والثعالب.
وهناك داخل السور الرئيسي عدد من المراعي الصغيرة المسيجة. وقد قررت موزبي قبل عدة سنوات البدء في إدخال القطط إلى بعض هذه المراعي، بناء على فكرة بسيطة، لكنها في نفس الوقت ثورية. فقد تغير النظام البيئي في هذه البراري إلى حد كبير، ولكي تصمد الحيوانات المحلية، وتنجو من الانقراض سيتعين عليها أن تتغير أيضا. وربما يكون تدريبها ممكنا على كيفية تجنب الوقوع فريسة للقطط، التي أدخلها المستعمرون البريطانيون إلى البلاد، وهي الآن منتشرة في كل مكان تقريبا من أستراليا، بما في ذلك معظم الجزر.
تقول موزبي: “كان التركيز سابقا على محاولات إيجاد أفضل الطرق لقتل القطط. ثم بدأنا ننظر إلى الأمر من منظور الفريسة بطريقة ما. مثل، ماذا لو جعلنا الفريسة أفضل؟ هل سيكون ذلك مفيدا؟ لأن التعايش في النهاية هو ما نحاول الوصول إليه. فلن نتمكن على الإطلاق من التخلص من كافة القطط في أرجاء أستراليا”.
ويقدر عدد القطط البرية والضالة الموجودة في أستراليا بستة ملايين قطة، وهي تقتل نحو 800 مليون من الحيوانات المحلية الصغيرة سنويا. كما أن الثعالب، التي أدخلها البريطانيون أيضا، منتشرة بكثرة، وعددها يقارب عدد القطط. ومع ذلك، فالسيطرة عليها أسهل إلى حد ما، لأنها عادة أكثر إقبالا على التهام الطُعم السام.
وخلال السنوات العديدة الماضية، أجرت موزبي وزملاؤها في محمية ” إيرد ريكفري” تجارب على نوعين من الحيوانات الجرابية المهددة بالانقراض: البيلبي الكبير الذي يشبه أرنبا صغيرا بأنف طويل، وبيتونغ الجحور (حيوان بين الكنغر صغير الحجم والفأر، ويعيش في جحور) والمعروف أيضا باسم بوودي، وله وجه يشبه السنجاب وقائمتان خلفيتان رفيعتان وذيل طويل.
وتعد الحيوانات الجرابية رتبة من الثدييات تختلف أحجامها من الصغير بحجم الفأر إلى الكبير بحجم الكنغر، وسميت كذلك لامتلاك إناثها جيبا بطنيا خارجيا تحضن فيه صغارها.
وتتلخص تجارب موزبي وزملائها في إدخال عدد قليل من القطط إلى بعض الحقول الصغيرة المسورة، ثم تسجيل النتائج. والفكرة هنا هي وضع الحيوانات الجرابية تحت ضغط كاف لإحداث تطور سلوكي لديها، شرط أن لا يكون الضغط شديدا إلى درجة تؤدي إلى موتها.
وتقول موزبي: “هناك الكثير من الأدلة التي تثبت أن التطور يمكن أن يحدث خلال فترات زمنية قصيرة جدا، لا سيما في الحالة التي تحفز الانتقاء الطبيعي وتستوجب البقاء للأقوى”.
وبالطبع، وضعت القطط والثعالب أنواع الحيوانات المحلية في أستراليا في مواجهة ضغط البقاء للأقوى، وهي ضغوط قوية جدا لدرجة أن الكثير من الحيوانات المحلية اختفت. وتعتبر الثدييات في أستراليا عرضة لمعدل الانقراض الأعلى في العالم. فقد اختفى بيلبي الصغير في فترة ما من منتصف القرن العشرين.
كما اختفى الولب ذو الذيل الهلالي (يشبه الكنغر ولكن حجمه أصغر بكثير) وفأر البانديكوت الصحراوي، وأرنب بحيرة ماكاي البري في نفس الفترة تقريبا. ويُعتقد أن ذلك جرى بسبب الحيوانات المفترسة التي أدخلت إلى البلاد. وبعد أن كان بيلبي الكبير موجودا بوفرة في معظم أنحاء أستراليا، يقدر اليوم إجمالي عدده بأقل من 10,000. كما كان بيتونغ الجحور أحد أكثر الحيوانات انتشارا في البلاد، واليوم يقتصر وجوده على الجزر والمحميات مثل “إيرد ريكفري”.
تقول موزبي: “في علاقة المفترس والفريسة، لا تنقرض الفرائس عادة، لأن الطرفين يعتمدان على بعضهما بعضا”. لكن ما جرى في أستراليا هو أن “أعداد القطط والثعالب ارتفعت بشكل كبير”، في حين أن حيوانات مثل البيلبي الصغير والبانديكوت الصحراوي “لم تكن لديها الفرصة للتطور لأن الأمر حدث بسرعة كبيرة”.
وتأمل موزبي أنه في حال أتيحت الفرصة، والمقصود هنا توفر المزيد من الوقت، فقد تصبح هذه الحيوانات الجرابية قادرة على التكيف مع وجود الحيوانات المفترسة التي جلبت إلى أستراليا. ورغم أن النتائج حتى الآن مشجعة بعض الشيء، إلا أنها أثبتت أيضا أن تدخل البشر فيها قد يكون صعبا.
وفي إحدى التجارب، أطلقت موزبي وزملاؤها خمس قطط في حقل مسور يعيش فيه بضع مئات من حيوانات بيلبي الكبير، وتركوها هناك لمدة عامين. ثم التقطوا مجموعة من الحيوانات التي نجت من افتراس القطط ومجموعة أخرى من البيلبي التي كانت تعيش في حقل “خال من الحيوانات المفترسة”، وثبتوا أجهزة إرسال لاسلكية في أذيال المجموعتين.
ثم نقلت المجموعتان إلى حقل مسور آخر فيه عدد أكبر من القطط. وبعد 40 يوما، بقي على قيد الحياة ربع عدد حيوانات البيلبي “الساذجة” التي لم تجرب سابقا البقاء مع القطط. في المقابل، فإن ثلثي تلك الحيوانات التي عاشت مع الحيوانات المفترسة سابقا تمكنت من النجاة.
وأظهرت هذه التجربة أن حيوانات البيلبي التي سبق لها التعرض للقطط تتمتع بمهارات أفضل في الحفاظ على الحياة. لكن الباحثين لم يستطيعوا تحديد ما إذا كانت هذه المهارات مكتسبة، أو أن الجرابيات الناجية كانت لديها في الأساس جينات أكثر ذكاء، ساعدتها أصلا على تجنب القطط في المرة الأولى وفق قانون الانتقاء الطبيعي.
في الوقت نفسه، ظهرت على حيوانات بيتونغ الجحور التي أمضت 18 شهرا في حقل توجد فيه القطط، تغيرات في السلوك تشير إلى أنها أصبحت أكثر حذرا من الحيوانات المفترسة. على سبيل المثال، اقتربت من الطعام الذي تُرك لها ببطء أكثر. لكن مرة أخرى، كان من الصعب معرفة ما تشير إليه هذه التغييرات تماما.
وتقول موزبي: “آليات التغير موجودة، لكن السؤال هو ما مدى سرعة حدوث ذلك؟”. وتضيف: “يقول لي البعض ‘إن هذا قد يستغرق مئة عام’ وأقول، ‘نعم، قد يستغرق الأمر مئة عام. وهل يمكننا فعل شيء آخر؟’. قد لا أكون على قيد الحياة لأشهد حدوث ذلك، لكن هذا لا يعني أن الأمر لا يستحق القيام به”.
وبحسب دانيال بلومستين، أستاذ علم البيئة وعلم الأحياء التطوري في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، فإن موزبي “هي الأكثر تجديدا بين العلماء الأحياء في مجال الحفاظ على البيئة”. ويضيف بلومستين، الذي عمل مع موزبي في العديد من الأوراق البحثية: “إنها مبدعة حقا.”
ومشروع موزبي، هو أحد المشاريع العديدة المتزايدة للحفاظ على البيئة والأنواع المهددة بالانقراض، والتي تنطلق من فرضية أن مجرد الحماية من التغيرات الخارجية لم يعد كافيا، وإنما يتعين على البشر التدخل لمساعدة الكائنات المهددة بالانقراض على التغير والتطور.
[ad_2]
Source link