شاروخان: كيف صمدت شعبية النجم البوليوودي وسحره الجماهيري أمام اختبار الزمن؟
[ad_1]
احتفل الممثل الهندي شاروخان الشهر الماضي بمرور 30 عاما على وجوده في السينما. شريانا بهاتاشاريا، التي ألفت كتابا عن الشعبية المستمرة لنجم بوليوود الشهير، تشرح هنا الأسباب التي تجعل شاروخان يحتفظ بموقعه كأحد أهم أيقونات السينما في العالم رغم السنوات والتغيرات.
ربما يكون من السهل تقديم أسباب ثقافية لتفسير الحضور الطويل المستمر لشاروخان (شاه روخ خان)، في صناعة السينما. فالممثل محبوب الملايين وهذا أمر لا لبس فيه، لدرجة أن تعبير جمهوره العلني عن هذا الإعجاب الشديد الذي يصل إلى حد التملق غالبا ما ينتقد باعتباره جزءا من ظاهرة “عبادة المشاهير” المثيرة للاهتمام.
يلقب شاروخان بـ”ملك بوليوود” و “الملك خان”، ورصيده من الأفلام يزيد عن 80 فيلما، وقد نال العديد من الجوائز، منها 14 جائزة “فيلم فير” التي تعتبر أهم الجوائز في السينما الهندية.
كما منحته الحكومة الهندية وسام جوقة الشرف، ونال أيضا وسام الاستحقاق الفرنسي الوطني للفنون والآداب برتبة فارس، ولديه جمهور كبير جدا في آسيا وفي جميع أنحاء العالم كما في الأوساط الهندية في المغتربات، وهو يوصف بأنه من حيث حجم الجمهور ومستوى الدخل أحد أنجح نجوم السينما في العالم.
لكن لماذا يتمتع خان بكل هذا الحب و”التقديس” الجماهيري؟
الجواب هو أن الأسباب عاطفية ورومانسية، وإلى حد كبير على غرار مواضيع معظم أفلامه: لقد قدم شاروخان في أفلامه الهند وشبه القارة الآسيوية الجنوبية، ومثّلهما في أفضل ما يمكن أن تكونا عليه.
وفي أعمال شاروخان، نرى هذه المنطقة مكانا مزدهرا يتسم بالتعددية والإنسانية، منطقة يمكن أن تسخر من واقعها من دون إثارة غضب أو تعصب ديني.
وبالنسبة لملايين الهنود، فإن شاروخان لا يزال حتى اليوم، بشخصه وسيرته المهنية، بمثابة الرمز الذي يختصر قصة النمو الاقتصادي الذي شهدته البلاد.
ترافق ظهور شاروخان على شاشة السينما في التسعينيات مع الوقت الذي بدأت فيه الهند تحقق حضورها في ساحة الاقتصاد العالمي. وتزامن نجاح مسيرته المهنية وصعوده كنجم جماهيري مع مسيرة نمو وتطور الاقتصاد في بلده.
في تلك الفترة، وضمن سلسلة من الإصلاحات التي شهدتها السوق الهندية، فتحت البلاد قطاع الاتصالات أمام الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذي سمح لشبكات إعلامية جديدة بالظهور والعمل في الهند.
وأتاحت تلك القنوات وصول أفلام شاروخان وأغانيه ومقابلاته إلى قطاع عريض جدا من الناس وهم داخل منازلهم، وبدرجة فاقت ما أتيح لأي نجم شهير سبقه زمنيا.
ومع اتجاه الهند إلى المزيد من التحرير الاقتصادي دخلت المشروبات الغازية والسيارات الجديدة فجأة إلى أسواق البلاد، وأقامت الشركات المالكة شراكة مع خان كسفير لعلاماتها التجارية.
ومن هذا المنطلق، فإن صعود شاروخان السريع من عائلة متواضعة في دلهي إلى شخصية مشهورة عالميا، هو أيضا قصة النجاح المدهشة لليبرالية الجديدة في الهند، ومثال حي على كيفية النجاح في “الوصول” إلى القمة من دون وجود أصول عائلية ذات نفوذ، أو دعم عن طريق علاقات خاصة. لقد نمت مكانة شاروخان جنبا إلى جنب مع نمو اقتصاد الهند.
ومع صعود اليمين الديني، أصبح شاروخان أيضا بمثابة الشخص الذي يرمز للماضي الجامع التقدمي، الذي يحاول العديد من الهنود التمسك به.
ويقول منتقدون للحكومة الحالية إن التعصب يشهد تصاعدا في ظل حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي القومية الهندوسية، والمتهمة على نطاق واسع بتهميش مسلمي الهند.
في العام الماضي ألقي القبض على آريان خان، ابن النجم البوليوودي، واتهم بالانخراط في قضية مخدرات. وفي النهاية تمت تبرئته، لكن كثيرين شعروا أن محاولة الزج بالشاب في تلك القضية كان القصد منه استهداف شاروخان شخصيا، أنجح رمز مسلم في الهند.
ولطالما أدلى شاروخان بتعليقات مدروسة حول التعددية الهندية، كما لعب شخصيات مسلمة في أفلامه أكثر من باقي معاصريه.
لكن معجبيه يرفضون اختزال شاروخان في هويته الدينية، وهم وبدلا من ذلك، يرون أنه حكيم وذكي وناجح، إضافة إلى كونه جذابا ومثيرا بالنسبة لقطاع عريض من الجمهور.
وخلال نقاش عن المحاولات اليمينية المتعصبة الخبيثة للنيل من شاروخان وعائلته ذات الأديان المختلطة – فزوجته هندوسية – قالت معجبة شابة من بين الذين قابلتهم “إنه شخص علماني، لكنه جذاب ومثير للغاية أيضا”.
إلا أن الأهم من ذلك، هو أن شاروخان لطالما قدم في الأدوار التي لعبها هشاشة الإنسان في الداخل، تلك الهشاشة التي نتشاركها جميعا كبشر.
يختار شاروخان عادة في أفلامه تصوير شخصيات حساسة أو هشة، فهو العاشق الهش، أو البطل الهش، أو الزوج الهش، أو المسلم الهش. بل حتى الشرير الهش. ونادرا ما تكون الشخصيات التي يجسدها لرجال يشعرون بالراحة مع أنفسهم ومع محيطهم.
تطورت حالات فقدان الشعور بالأمان التي تعاني منها الشخصيات التي يقدمها شاروخان على الشاشة عبر تقدم مسيرته المهنية التي امتدت لثلاثة عقود. وغالبا ما تصور أدواره رجالا محرومين عاطفيا، وغير قادرين على الشعور بشكل كامل بأنهم محبوبون، وفي نفس الوقت عاجزين عن تجاوز حاجتهم للعثور على الحب.
وشاروخان هو أيضا البطل الخارق الرومانسي الخاص بجنوب آسيا، وهو النموذج لجميع الأفلام الرومانسية.
وتظهر البيانات أن شخصياته تتفاعل مع النساء أكثر بكثير من الشخصيات التي يؤديها نجوم بوليوود الآخرون. لكن الحب الذي تسعى إليه شخصيات شاروخان ليس فقط التقليدي بين المرأة والرجل، فهي شخصيات تسعى بشدة للحصول على الحب والاعتراف من قبل الآباء والأمهات والأصدقاء ومواطني البلد.
والرجال في أدوار شاروخان، يتأثرون بعمق بنظرة الآخر لهم، بل ويذرفون الكثير، والكثير جدا من الدموع. وغالبا ما يشير صناع الأفلام إلى قدرة شاروخان العالية على البكاء، وإلى كونه في ذلك أفضل من معظم الممثلين في العالم.
وقد أكسبته المشاهد الإنسانية الدامعة المؤثرة التي يقدمها قلوب أعداد لا تحصى من المعجبين.
كما أنه لم يقدم في أدواره أبدا شخصية “الذكر مفتول العضلات”، وإنما الرجل الحساس الذي يعشق بعمق. وقد قالت إحدى معجباته “نحن نحبه لحبه للمرأة!”.
وإلى جانب أدواره في الأفلام، فقد زادت مقابلاته التلفزيونية، وأحاديثه العامة من التأكيد على تحليه بالتواضع وامتلاكه روح الدعابة.
وهناك العديد من معجبيه المنتمين إلى أوساط النخبة في المناطق الحضرية الذين يهتمون بمتابعة مقابلاته أكثر من أفلامه.
ويمكن القول إن هذه اللقاءات والأحاديث الإعلامية هي الأداء الأفضل للممثل حتى الآن: نموذجه الخاص لنجم غير مهادن أو متملق وينتمي إلى الطبقة الوسطى.
لقد صنع خان شخصية عامة متميزة، يجتمع فيها بشكل لذيذ شيء من العجرفة مع التوازن، شخصية ستفتننا دائما وإلى الأبد بلحظات من الكشف عن الذات يليها استنكار ذاتي وسخرية حادة ومثقفة.
وخان مدخن شره، ويمكن أن يبدو وقحا، وهو مدرك لقيمة ذاته، ومضحك، ولا يمكن أن تشعر معه بالملل أبدا. وهو ينتقل من تقديم مشورة حكيمة بشأن وضع مالي غير مستقر أو بخصوص الصداقات المضطربة إلى إلقاء نكات مضحكة للغاية حول التقدم في السن والعمل في صناعة السينما أو عن حياته الجنسية.
وفي جميع أقواله ونكاته سواء عن نفسه أو عن العالم، هناك دائما ما يشي بشخصية رجل يعمل بجد ويهتم بشدة بمهنته، ويستمتع بالضحك والسخرية من نفسه.
وفي عالم واقعه قاس ولا شيء مؤكد فيه، تبقى الشخصيات المتخيلة التي يقدمها خان مثار إعجاب وتهيب، وأيضا وسيلة للترفيه والهروب من الواقع.
وبعد فترة من الانقطاع، يعود خان بقوة إلى الشاشة مع ثلاثة أعمال ضخمة ستعرض خلال عام 2023.
ورغم أن معجبيه في غاية الإثارة والترقب، لكنهم قلقون أيضا من الحملات اليمنية المتطرفة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تدعو إلى مقاطعة النجوم المسلمين وإصدارات بوليوود.
وبينما تصبح السياسة السائدة مثيرة للانقسام بشكل شديد ومتزايد، تبرز أكثر قدرة شاروخان على توحيد الكثير منا وجمعنا في الابتسامات التي يرسمها على وجوهنا وفي القصص التي تجعلنا شخصياته متشوقين لمتابعتها.
لا يمكنني انتظار ثلاثين عاما أخرى لأرى ما يمكن لشاروخان – الأيقونة إنجازه. فثقافتنا المحطمة بحاجة ماسة إلى نكاته الساخرة، وإلى ذراعيه المفتوحتين على كامل امتدادهما.
[ad_2]
Source link