أخبار عاجلةمقالات

كيف نطور الموهبة في أطفالنا؟ بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

إيسايكو: كيف نطور الموهبة في أطفالنا؟ بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

نظراً لأنني اعمل في مجال التدريب التنموي والاداري وتعاملت مع المدرسين في لقاءات تدريبية كثيرة فإنني خرجت بقناعة مهمة هي ان ابتعد عن (معمعة) النظريات بشكل عام وان لا اتبنى نظرية محددة وان اخذ الجانب التطبيقي المهني العملي من أي نظرية ناجحة في المجالات التربوية والادارية وعندما اتكلم عن الموهبة فإن النظريات لا حصر لها لكن ما يمكنا قوله ان الموهبة أكثر من التحصيل الدراسي وافضل وأوجب ان نهتم بها وقد يكون الطفل فاشلاً جداً في الرياضيات او اللغات او غيرها .. بينما يكون مبدعاً في الرسم او القيادة وهنا يتوجب علينا التركيز على تنمية هذه الموهبة لأنه قد يصل الى العالمية اذا وجد من يتبنى الموهبة ونحن نرى الكثير في حياتنا من النماذج الفنّية المتكاملة، والتي تتكون في الأساس من قطع متناثرة الأجزاء؛ يتم جمعها لتُكوّن شكلاً فنياً مبدعاً. وهذه هي الطريقة التي يتبعها الفنانون والمبدعون لتنمية مهارة تسمى (الاستقراء)؛ وتعني جمع الجزئيّات وفهمها فهماً جيداً للوصول للنتيجة الكلية المطلوبة وهي هنا تنمية وتطوير الانسان وصولا الى الرقي الحضاري وكل العلوم والمهارات لها دور في تحقيق هذا الهدف.
إذاً .. الموهبة بكلمات بسيطة هي عملية (إدارة ذاتية جيدة للقدرات العقلية ) وهنا نفهم أهمية تكامل أكثر من عامل في تحقيق السلوك الذي يمكن ان يمتلكه الطفل الموهوب وهناك مؤشرات مهمة يجب ان نلاحظها في الطفل حتى نعلم انه قابل لأن يكون موهوب وذلك على اربعة مستويات

أولا : مؤشرات التعلم
1 – سرعة الفهم والاستيعاب والحفظ
2 – حصيلة عالية من المفردات اللغوية سواء من لغته الام او لغات اضافية
3 – طرح اسئلة واستفسارات اعلى من مستواه العمري والعقلي
4 – امتلاك الطفل قدرات حسابية عالية اكبر من عمره
5 – سرعة بديهة الطفل في اصلاح أي خطأ لفظي او فعلي يحدث أمامه
ثانيا: مؤشرات العمل
1 – انهاء الواجب المطلوب بسرعة واتقان قبل الجميع
2 – القدرة على الاستمرار في الانجاز رغم كل ما يحيط بالطفل من الملهيات
3 – الدافع الداخلي القوي للإنجاز رغم البراعة في اللعب
4 – التركيز على النجاح والتميز في الهدف سواء دراسة او عمل او لعب
ثالثا : مؤشرات القيادة
1 – القدرة على تحمل المسؤولية والقيادة بشكل واضح
2 – المبادرة في طرح الراي والقدرة على النقاش والاقناع
3 – القدرة على اتخاذ القرار منفردا وتحمل المسؤولية
4 – امتلاك روح المبادرة والتطوع للمساعدة عموما
5 – القدرة على توجيه الانتقاد الصحيح الدقيق
رابعا : مؤشرات الابداع
1 – اقتراح افكار وحلول ليست مألوفة
2 – امتلاك روح حساسة ذواقة للجمال والأناقة
3 – حب الاستكشاف والتجربة
4 – القدرة على الربط بين الافكار وانشاء علاقات جديدة بينها
وحتى ينجح الانسان في تنمية الموهبة لدى اطفاله لابد من ملاحظة تلك المؤشرات وغيرها ولابد من تنمية ثلاث قدرات على مستوى عالي جدا حتى يمكن تطوير السلوك العادي الى سلوك موهوبين في مجال محدد وهذه القدرات الثلاث هي:
1 – الذكاء المنطقي Analytic Intelligence ، وهو قدرة الطفل على حل المشكلات بالاعتماد على المنطق والتفكير التحليلي وإيجاد علاقات لربط الأشياء باستعمال الأرقام والافكار، والبحث عن الأسباب للتوصل لنتائج
2 – الإبداع Creativity ، وله مفاهيم عديدة اهمها ان تصنع شيء جديد من اشياء موجودة بحيث تكون انت اول من يأتي بهذه الفكرة وهذا السر في تطور وابداع اليابانيين وهو تنمية هذا الجانب عند اطفالهم
3 – والذكاء التطبيقي Practical Intelligence وهو يعني المهارات التي يستخدمها الطفل في محيطه وحل المشكلات أثناء التنقل او اللعب او المدرسة ومواجهة التحديات بثقة وهدوء، وقدرته الرائعة على تطبيق ما يتعلمه على ما يصادفه من مواقف بشكل بسيط تلقائي
ومعظم الاطفال خلقهم الله بمزيج من هذه القدرات الثلاثة بنسب طبيعية متفاوتة ولكن ما يقوي الموهبة هو وجود هذه القدرات الثلاث بنسب عالية لدى الطفل مع القدرة على استخدام أيا منها في الوقت المناسب ودور الوالدين هنا لتطوير الموهبة هنا هو القدرة على تعليم الطفل الإدارة المتوازنة لهذه القدرات الثلاث بفاعلية ومهنية في الواقع وتشجيعه وعدم احباطه وعدم ارهابه او تمزيق كراساته او اتلاف منتجاته او اهانته وغير ذلك من سلوكيات تقتل روح الحياة داخله.
إن الموهبة أهم بكثير من مجرد التحصيل الدراسي وإن مفهوم تربية الطفل الموهوب يتجاوز مجال الاهتمام بتوفير احتياجاته اليومية كالأكل والرعاية الصحية، والنفسية، والاهتمام بصحته، وإلحاقه بمدرسة عادية إلى جانب تأسيسه أخلاقياً واجتماعياً ومنحه الأسس الصحيحة للتعامل مع الآخرين وحسن التصرف في المواقف التي تصادفه سواء داخل البيت أو خارجه. إن كل ما ذكرته من متطلبات يُعرف بمتطلبات التربية العادية والتي يحتاجها كل طفل بشكل عادي.
لكن تربية الطفل الموهوب تختلف كلياً عن تربية الطفل العادي، فالموهوب يحتاج من والديه مهارات خاصة في فن التواصل معه ومعرفة عميقة بكيفية التعامل معه في النواحي الانفعالية والاجتماعية، وكذلك المعرفة بمقومات توفير البيئة السليمة والمناسبة لتطوير موهبة طفلهم في الاتجاه الصحيح خصوصا ونحن نعيش عصراً ذهبياً من حيث توفر المعرفة، التي أصبحت متاحة بجميع أنواعها عن طريق تنوع أدوات الاتصال المعرفي والمتمثلة في (الفضائيات، والمذياع، والكتب، والمجلات المتخصصة , والانترنت الهواتف الحديثة ..إلخ )، وبالتالي أصبح بإمكان الوالدين الحصول على استشارة نفسية، أو اجتماعية، أو تربوية عبر الانترنت دون الحاجة للتنقل والبحث و إن مجرد الدخول إلى الإنترنت تتدفق عليك كميات كبيرة من المعلومات في جميع المجالات، لذا يمكن للوالدين معرفة كيفية تربية الطفل الموهوب والتعرف على خصائصه، كذلك الاطلاع على آخر الدراسات والبحوث التي تهتم بالطرق الصحيحة لتنشئة الموهوب ومساعدته على تطوير موهبته وحثه على تعلم التفكير والإبداع. هذا ويمكن معرفة كيفية تعزيز التكيف الاجتماعي لطفلهما الموهوب وتشجيعه على التواصل الإيجابي مع الآخرين، ومساعدته على إدارة وحل المشاكل التي تواجهه بشكل متطور،
ارجو ملاحظة انني اتكلم عن دور مزدوج للوالدين في التنشئة وتنمية الموهبة اذ لا يمكن للطفل ان يكون مبدعا في ظل المشاكل العائلية وانفصال الوالدين وهذا الامر سأتكلم عنه في مقال لاحق ودمتم في حفظ الله.

الدكتور أحمد لطفي شاهين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى