غزة وإسرائيل: عمال القطاع في إسرائيل ورحلتهم المحفوفة بالمخاطر
[ad_1]
- عدنان البرش
- بي بي سي نيوز عربي – غزة
عند الساعة الثانية فجراً تقريباً وقبل بزوغ شمس يوم الأحد من كل أسبوع يرتدي محمد النجار (35 عاماً) من بلدة جباليا شمالي قطاع غزة ملابس العمل ويستعدُ للانطلاق في رحلة سفر شاقة من أجل العمل داخل إسرائيل بهدف توفير قوت عائلته.
يمكث النجار الأسبوع كله في مكان عمله داخل إسرائيل في محاولة لتوفير تكاليف السفر وأيضا لتوفير جزء كبير من مصروفات المكوث كإيجار السكن والمأكل والمشرب والمواصلات التي تعد أسعارها باهظة جداً في ظل انعدام فرص العمل وتفشي البطالة داخل قطاع غزة.
ثلاثة معابر
يمر النجار خلال تلك الرحلة، ومعه الآلاف من الذين حصلوا على تصاريح العمل، عبر ثلاثة معابر لثلاث سلطات، أولها معبر يتبع لسلطات حركة حماس ويعرف بمعبر (4,4) وثانيها يتبع للسلطة الفلسطينية، التي يترأسها محمود عباس، ويعرف محلياً أيضاً بمعبر ( 5,5) وثالث تلك المعابر وآخرها هو المعبر الإسرائيلي الذي ينطلق بعده محمد متجهاً صوب مكان عمله.
يقول محمد النجار، وهو متزوج ويعيل أسرة من ستة أفراد، إنه كان يحلُم بالحصول على تصريح للعمل في إسرائيل وقد حاول منذ سنوات مراراً وتكراراً تقديم طلبات للجهات المسؤولة عن إصدار التصاريح وقد غمرته السعادة عندما استلم التصريح، لكنه عبر عن حزنه لما يكابده من معاناة في طريقة السفر واضطراره للغياب عن أسرته، هذا علاوة عن مخاوفه من احتمالية التعرض لأي إصابة أثناء العمل وهو يدرك تماماً أنه لن يحصل على أي مساعدة أو تعويض أو حتى علاج على نفقة مشغله.
تصاريح العمل تمنحها إسرائيل تحت مسمى” احتياجات اقتصادية”
المعضلة هنا هي أن إسرائيل تقوم بإستصدار تصاريح العمل لعمال قطاع غزة ليس تحت مسمى عامل وهو بالطبع ما يعني تمتعه بكافة الحقوق التي يكفلها القانون في بلد المشغل لهذا العامل، وإنما غيرت صفة العامل في تصريح العمل إلى صيغة استحدثتها في الآونة الأخيرة وهي “احتياجات اقتصادية ” وهو الأمر الذي فسرته نقابة العمال بأنه عبارة عن تنكر واضح وتملص من قبل أرباب العمل في إسرائيل لحقوق العمال ولا سيما في حال تعرض أي منهم لحادث عمل، إذ أن عمالاً كثيرين تعرضوا فعلا لحوادث عمل هناك وفي آخر تلك الأمثلة تعرض أحدهم لحادث سير ما أدى لوفاته وأبلغ مشغله السلطات الأمنية عنه، وما قامت به هو فقط ترحيل جثة العامل إلى قطاع غزة دون أن تحصل عائلته على أي حقوق كتعويض مادي أو ما شابه ذلك، وفقا لما أكده سامي العمصي رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في قطاع غزة في حديثه مع بي بي سي نيوز عربي.
يقول العمصي وقد بدت عليه علامات اليأس والإحباط “إنه لا توجد فرص عمل حقيقية في غزة للعمال والشباب، وهو ما يجعلهم يهرولون نحو العمل في إسرائيل بسبب الفارق الكبير في الأجور بين الجانبين، إذ أن العامل في القطاع إذا وجد فرصة للعمل فإن أجره لا يتعدى ال 20 شيكلاً بالعملة المحلية أو ما يساوي قرابة 7 دولارات بينما يتقاضى في إسرائيل ما يقارب ال100$ في اليوم الواحد .
30 ألف تصريح ولكن ..
عاد عمال القطاع للعمل في إسرائيل خلال العام الماضي بعد توقف لسنوات وذلك ضمن اتفاق سياسي بين سلطات حماس التي تسيطر على غزة وإسرائيل عبر وسطاء من أبرزهم الجانب المصري، وجاء هذا الاتفاق ضمن صيغة توصلت لها الأطراف في اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين عقب الهجوم الإسرائيلي الأخير في مايو أيار من العام الماضي والذي استمر أحد عشر يوماً.
وكان من ضمن مطالب حركة حماس التي نص عليها الاتفاق هو السماح لعمال غزة بالعودة للعمل في إسرائيل وبأن يتم إصدار ما مقداره 30 ألف تصريح عمل، وبدأت إسرائيل فعلا في تنفيذ هذا البند لكن بشكل تدريجي وبطيء إذ أن مجموع ما تم إصداره حتى اليوم وصل ل12 ألف تصريح وذلك لأن اتفاق وقف إطلاق النار ظل هشاً ودخل الطرفان في موجات تصعيد وتوتر محدودة .
مناكفات سياسية
تُعد وزارة الشؤون المدنية التابعة للسلطة الفلسطينية هي الجهة المباشرة التي تتعامل مع إصدار التصاريح وتقوم بتنسيق ذلك مع الجانب الإسرائيلي ويوجد لها مقر في قطاع غزة رغم غياب السلطة الفلسطينية فعلياً عقب سيطرة حركة حماس على القطاع، وهذا الأمر لم يرق كثيرا للحركة والتي طالبت بضرورة مشاركتها في عملية إصدار التصاريح، وقد جرى بالفعل التوافق وتم تشكيل لجنة مشتركة بين وزارة السلطة الفلسطينية ووزارتي العمل في كل من رام الله وغزة، ولكن وزارة العمل التي تديرها حماس اتهمت مفوض عام وزارة الشؤون المدنية بالفساد في هذا الملف ومحاباة عناصر حركته التي يتبع لها وهي حركة فتح على حساب الآخرين وهو الأمر الذي نفاه.
وفي آخر فصول تلك المشلكة بين حماس وفتح اتهمت وزارة العمل التي تتبع لحركة حماس وزارة الشؤون المدنية بالمساعدة في إصدار 1000 تصريح عمل لموظفين يعملون في السلطة الفلسطينية وذلك على حساب آلاف العمال الذين تقدموا للوزارة للحصول على تلك التصاريح.
تبادل للاتهامات
يقول رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في قطاع غزة، سامي العمصي إن “حصول ألف موظف من موظفي السلطة على تصاريح عمل في داخل إسرائيل جريمة جديدة، تضاف إلى سلسلة من الجرائم التي ترتكبها السلطة الفلسطينية في رام الله بحق غزة”.
وأكد العمصي لبي بي سي، أن “ما جرى هو ضربة للعمال، وجهتها السلطة الفلسطينية والشؤون المدنية، بأمر من رئيسها حسين الشيخ، عبر استصدار تصاريح لشراء ذمم قيادات فتحاوية داخل غزة، وتحقيق مكاسب سياسية على حساب العمال” على حد تعبيره.
أما إياد نصر وهو مفوض عام وزارة الشؤون المدنية في قطاع غزة فقد نفى جملة وتفصيلا الأنباء التي تحدثت عن إصدار وزارته تصاريح عمل في إسرائيل لموظفي السلطة الفلسطينية في غزة.
وقال نصر إن هذه الأنباء تشير إلى “وجود حملة منظمة لاستهداف الشؤون المدنية وموظفيها في غزة، والتي وصلت إلى حد التحريض ضدهم, وهذه الحملة لا أساس لها من الصحة وهي توظيف لحالة المناكفة السياسية ضد مصالح العمال”, على حد قوله .
استخدام موضوع العمال كورقة ضغط
يؤكد قياديون في حماس أن إسرائيل تستخدم ملف إصدار التصاريح لعمال القطاع كورقة ابتزاز وضغط ضد الحركة، إذ أنها تماطل في تنفيذ البند المتعلق بهذا الموضوع وتؤخر، بشكل متعمد، إصدار باقي التصاريح، وتٌغلق ما بين الفينة والأخرى معبر إيرز / بيت حانون المخصص لعبور العمال وذلك كرد على أي أعمال تصفها إسرائيل بالعدائية تجاهها كإطلاق القذائف الصاروخية، حيث أنه وخلال الأيام الماضية جمدت السلطات الإسرائيلية قرار إصدار 2000 تصريح جديد كرد على إطلاق قذيفة صاروخية من القطاع وحدث تصعيد محدود بين الطرفين، وعادت إسرائيل مجددا وأعلنت أنها رفعت قرار التجميد ليضاف العدد 2000 إلى مجموع التصاريح ليرتفع مجملها إلى 14 ألف تصريح .
وقد تقدم ما يقارب 100 ألف عامل بطلبات للحصول على تصاريح للعمل داخل إسرائيل رغم أن المتفق عليه هو فقط 30 ألفا، ويأمل هؤلاء في أن تتحسن أحوالهم سواء ممن تمكنوا من الوصول إلى إسرائيل أو ممن ظلوا دون تصاريح في ظل تعقيدات جمة تلف هذا الموضوع، وفي ظل تفاقم معاناة الناس في القطاع مع غياب أي أفق سياسي يمكن أن يسهم في حل مشكلاتهم .
[ad_2]
Source link