التحرش الجنسي: كيف ثار طلاب في مدينة طرابلس اللبنانية ضد أستاذ متهم بالتحرش؟
[ad_1]
- كارين طربيه
- مراسلة بي بي سي عربي – بيروت
“في مرة كنت أكتب على اللوح. جاء من خلفي وبدأ يضمني إليه بطريقة غير مريحة أبدا. وفي مرة أخرى كنت أقدم امتحانا في المدرسة، اقترب مني ووضع يده على ساقي. لم أكن وقتها في موقع يسمح لي بالدفاع عن نفسي. هو هكذا؛ يختار التوقيت الذي تكون فيه الفتاة غير قادرة على مواجهته. وكلما صدّته الفتاة، كلما أصبح أكثر إصرارا”
هكذا تفصل ليندا، وهي طالبة في المرحلة الثانوية، ممارسات أحد الأساتذة في مدرستها تجاهها، وما تقول إنه محاولاته المتكررة للتحرّش الجنسي بها.
وتؤكد أن ما روته هو ليس سوى النزر اليسير من تجارب طويلة تقول إن طالبات غيرها مررن بها مع الأستاذ ذاته.
“شفتاك جميلتان”
تتحدث ليندا وصديقات أخريات لها عن تجاربهن بثقة. يردن فضح ممارسات يقلن أن أستاذهن كان يقوم بها، بينما كان، بحسبهن، يستغل نفوذه لتهديد الطالبات بأنه قادر على التأثير على تحصيلهن الدراسي ومستقبلهن. يقلن أنهن يحتفظن برسائل أرسلت لهن من قبله عبر التطبيقات الإلكترونية.
“يكفي أن نطرح سؤالا متعلقا بالدراسة على واتساب، ليأتيَ الجواب بعبارات من نوع: “اشتقت لك. أنت جميلة”.
في بعض المحادثات التي قامت طالبات ويبدو فيها اسم الأستاذ مسجلا كمرسل للرسائل، تظهر رسائل من نوع “شفتاك جميلتان” مرفقة بصورة قبلة٬ أو “تعاليَ إليَ”،مرفقة بصورة إيحائية لموزة مقشرة.
طالبات أخريات قلن أن الأستاذ المعني “كان يطلب من فتيات أن يشغلن كاميرات هواتفهن كي يراهنّ”.
كل ذلك كان يجري برغم شكاوى، تقول طالبات إنهن تقدمن بها للقيّمين على المدرسة دون أن يتحرك هؤلاء ضد الأستاذ، على حد قول الطالبات.
لأجل كل هذا، قرر الطلاب -فتيات وشبانا- أن يتحركوا بأنفسهم.
لست المخطئة
البداية كانت بمنشور وضعته إحدى الطالبات على صفحتها على موقع فايسبوك تحدثت فيه عما قالت إن الأستاذ كان يقوم به.
“ما قمت به أنا ليس خطأ أبدا. لا يجب أن نستحي مما حدث”، تقول الفتاة.
وتضيف: “وضع مرة يده على كتفي٬ فقمت بدفعه. وكنت أراقب كيف يتصرف مع طالبات أخريات ويقترب منهن، ويتحدث بشكل غير لائق”.
وتؤكد الطالبة إن والدتها ساندتها: “أمي فهمتني؛ وأتمنى أن يكون جميع الأهل قد فهموا أولادهم”.
بعد انتشار المنشور٬ اعتصم طلاب أمام المدرسة في محاولة للضغط على الإدارة وفضح الممارسات التي يقولون إن الأستاذ كان يقوم بها.
وقد وصل الأمر حد استدعاء الإدارة للقوى الأمنية، بعد أن اقتحم عشرات الطلبة مبنى المدرسة، ودخلوا مكتب المدير. كانوا يهتفون: “ثورة وثورة” ويتهمون المدير بالذكورية وبالتستر على الأستاذ المتحرش.
ومنذ ذلك الحين لم تُعد المدرسة المعنية فتح أبوابها. أما وزارة التربية فقد أوفدت مفتشا إليها على وجه السرعة وأعلنت أنها أجرت تحقيقات أولية مع الأستاذ المتهم.
وبحسب المسؤولين، تم وقف الأستاذ عن التدريس وإحالة ملفه إلى الهيئة العليا للتأديب، فضلا عن مصلحة حماية الأحداث التابعة لوزارة العدل اللبنانية.
حتى اللحظة٬ لم يصدر أي تعليق عن الأستاذ أو عن إدارة المدرسة، في حين لا تزال التحقيقات في القضية مستمرة.
حصل كل ذلك في مدينة طرابلس شمالي البلاد، لكن أصداءه ترددت في كل أنحاء لبنان. حيث انهالت التعليقات المثنية على جرأة الفتيات، والمساندة لهن، والمشجعة على “فضح كل متحرش وتلقينه درسا”.
جهد تراكمي
اعتبرت ناشطات نسويات أن ما حدث في طرابلس، والتي تضم بيئات مُحافِظة٬ هو مؤشر على تغير طرأ على المجتمع اللبناني. الأمور تتغيّر في المجتمع.
“أن تقوم فتيات بكسر جدار الصمت والحديث عن موضوع بهذه الحساسية، وأن يفضحن شخصا في السلطة هو الأستاذ، وأن يواكبهن طلاب شباب يعايرون المدير بأنه ذكوري٫ كل هذا ليس تفصيلا بل هو نتيجة تراكم العمل النسوي على الأرض من عقود بل قرون”، تقول ميريام صفير من المعهد العربي للمرأة في الجامعة اللبنانية الامريكية.
وترى صفير أن الانتفاضة الشعبية التي شهدها لبنان في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 أسهمت في طرح القضايا النسوية في المجال العام جنبا إلى جانب مع بقية القضايا التي يعاني منها اللبنانيون.
وتضيف: “السنوات الماضية والجهود التوعوية النسوية كرست واقعا جديدا في البلاد، حيث باتت الحقوق الجندرية تحتل مكانة رئيسية في المجتمع. بات فضح العنف ضد النساء والتحرش الجنسي أمرا طبيعيا في البلاد”.
وقد شهدت الفترة الأخيرة إطلاق حملات توعية متعددة ضد العنف الجندري بكل أشكاله، وانتشرت معها بشكل كبير وسوم على تويتر تشجع النساء على مواجهة المعنفين، منها وسما: افضح متحرش، ونصدق الناجيات.
في الأسابيع القليلة الماضية عادت هذه الوسوم بزخم كبير بعد الحكم الفرنسي على أحد اشهر الكهنة المسيحيين في البلاد، والذي أدين بالتحرش بفتيات على مدى عقود، وشكلت قضيته مادة جدل ونقاش واسع في لبنان.
أما من الناحية القانونية، فقد أقر البرلمان اللبناني، وللمرة الأولى، منذ عام قانونا يعاقب على التحرش الجنسي. وقد رفعت بالفعل قضية أمام المحاكم اللبنانية بموجب هذا القانون، لكن الحكم فيها لم يصدر بعد.
[ad_2]
Source link