أخبار عاجلةأخبار عربيةأخبار متنوعةمقالات

الواقع المأمول للتربية المهنية…. بقلم الدكتور محمد حسن العرجا

إيسايكو: الواقع المأمول للتربية المهنية…. بقلم الدكتور محمد حسن العرجا

إن الحضارة الإنسانية منذ القدم قامت على الإنسان فعمل بالزراعة, والصيد, ورعي الغنم, ومع تقدم الزمن والإكتشافات زادت الحاجة الى تعلم العلوم فظهرت الكتابة, الترجمة, والتعليم, والصناعة, وحينها أبدع الإنسان حيث كان, وحيثما كانت طبيعة عمله. وقد حث الفيلسوف والعالم الامريكي جون ديوي على تعلم الموضوعات المهنية وجعل أهميتها تكافئ تعلم الموضوعات العلمية مكانة, وأهمية. فالدولة تحتاج العامل والمزارع والطبيب والفلاح والمهندس,…الخ.
وقد نرى الكثير من العلماء القدماء وحتى النماذج المعاصرة قد تعرضوا للفشل في حياتهم المدرسية. ومنهم من ترك المدرسة ولكنهم نجحوا في مجالات اخرى وأبدعوا.
نظرة المجتمع للمهن الأخرى
إن المتأمل في (البيئة العربية) ليجد إزدراءاً كبيرا من قبل البعض لأصحاب هذه المهن أي نظرتهم تجاه عامل النظافة, الحداد, النجار, السباك.إن هذا الشعور ينم عن ضعف التربية الاجتماعية وضعف النظرة التكاملية والشمولية لدور الانسان في بناء الأمم. ولعلنا طالعنا بعض التجارب الفريدة في هذا العالم أو سمعنا عنها فمثلا الصين اليوم واليابان وماليزيا لن تنكر دور أي فرد فيها فكيف قامت الحضارات السابقة وكيف نشأت وتقدمت تلك البلاد.
القضية اليوم ان الحالة العربية ونظرتها الضبابية لأصحاب هذه المهن حتى وصل الحال في طريقة التعايش والتقارب أو النسب أو الزواج, فمثلا العديد من العائلات تفضل ذوي الموهلات العلمية والكفاءات وأصحاب الأموال كنوع من التشريف والفخر وأصبح أصحاب هده المهن (عامل النظافة, الحداد,……) هو الخيار الاخير للزواج. فهذا المثال البسيط قد ينعكس سلبا على المجتمع مما يولد حالة من الطبقية والكراهية والحسد.
إن البلدان المتطورة لن تنكر المهن الأخرى وأصحابها ودورهم البناء, بل قامت بانشاء المدارس الصناعية, والورش التدريبية الخاصة بهم وتمكينهم اجتماعيا داخل الدولة وبين أفراد المجتمع. فمثلا قامت الصين بتصميم نصب تدكاري لمجموعة من عمال النظافة تخليدا لدورهم البناء والايجابي في الدولة مما انعكس ذلك على المجتمع, وما سمعناه عن العمال في ماليزيا أن كل عامل يتطوع ساعتين إضافيتين لصالح وطنه الأم مساهمة في البناء والإعمار.
أنظمة التعليم والتربية المهنية
من الملاحظ أن أنظمة التعليم العربية تعاني من بعض الأزمات مثل تكدس أعداد الطلاب في المدارس على اختلاف مراحلهم التعليمية مما يشكل عبء كبيراً على أنظمة التعليم, فبداية بأعداد الطلاب داخل الفصل الواحد قد تتجاوز الثلاثين طالبا, ثم ما يسمى بالترفيع الآلي إي منع الرسوب في المدارس الا بنسب ضئيلة ودلك للحد من نسبة الرسوب تلك هي السياسات المعمول بها, وحينها يستمر الترفيع اي ينجح وينتقل الى الصف الذي يليه وحتى لو لم يجد القراءة والكتابة فلا يشعر الطالب بشفافية النجاح الا بنهاية المطاف في ختام المرحلة الثانوية العامة وان رسب الطالب فانه يهوي كمن وقع من علو أو ظهر جبل. وحينها لا يرحمه المجتمع. نحن هنا لا نبرئ الطالب لانه قد اجبر على الدراسة أو ولي أمره يطلب من الادارة المدرسية راجيا ان يستمر في المدرسة.
تعتبر وزارة التربية والتعليم العمود الفقاري للدولة, وكذلك دورها الهام والأساسي الذي لا ينكره أحد, فعلى هذه الأنظمة (التعليم القائمة في البيئة العربية), ايجاد الية حل متكاملة للحد من الزيادة في اعداد الطلاب داخل الفصول, والعمل على انشاء المدارس الصناعية والتدريبية والحرفية لاعداد جيل نافع ومتكامل, وطرح برامج خاصة ومتنوعة للمهن البديلة في المنهاج المدرسي حتى في سنوات مبكرة من التعليم الابتدائي, والحث على أهمية ومكانة العاملين في المجتمع سواء المزارع أو الشرطي أو الطبيب.ثم منح أصحاب المهن درجة الدبلوم وتخريج بعض المهنيين كالكهربائي, والميكانيكي, والنجار…الخ.
الاسرة والتربية المهنية
تعتبر الأسرة البذرة الأولى والمحضن التربوي الأول في تربية الأبناء على احترام الكبير والعطف على الصغير وحثهم على احترام فئات المجتمع والكل سواء, وأيضا لأولياء الأمور الدور البناء والفاعل في توجيه أبنائهم فنحن أمام نموذجين , النموذج الأول موفق في دراسته فيجب على الأسرة مد يد العون والرعاية والدعم الكامل لهذا المتعلم, والنمودج الثاني إن كان الطالب لم يوفق في حياته التعليمية ولم تجد عنده الميول الكافية للتعلم في المدرسة, فليس عيب أن يوجه لمهنة ما أو يلتحق بحرفة يرغب بها دون ازهاق سنوات من عمره في المدرسة بدون جدوى. ولكن احيانا المجتمع لايرحم يريد ان يكون ابن المعلم معلم وابن الطبيب طبيبا ….الخ.
فهده ليست قاعدة تعمم فهناك ما يسمى الفروق الفردية, التوجهات والميول والدافعية وغيرها من العوامل التى توثر على الرغبة في التعليم ام لا.
نخلص إلى أن جميع المهن وأصحاب الحرف في المجتمع سواء والكل يساهم في البناء والرقي بطريقته الخاصة, ويعزز ذلك بالنظرة الايجابية والاحترام المتبادل بين الجميع, والدور الراعي لأنظمة التعليم في مراعاة الحلول بمزيد من السياسات الجديدة والخطط التعليمية التي تناسب الجميع.

الدكتور محمد حسن العرجا

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى