أخبار عاجلة

لهذه الأسباب تسعى دول للتحرر من | جريدة الأنباء


  • انخفاض قيمة عملة دولة يعني انخفاض أسعار صادراتها للمستوردين.. وزيادة الطلب على السلع

محمود عيسى

قالت مجلة الايكونوميست البريطانية إن صناع القرار حول العالم يتوقون للتحرر من قبضة الدولار، حيث يضر انهيار عملات الدول باقتصاداتها، لأنه يجعل الواردات أكثر تكلفة فضلا عن تقليص ميزانيات الأسر ورفع تكاليف الأعمال.

لكن خبراء الاقتصاد يعتقدون منذ فترة طويلة أن هذا الألم يحمل معه بلسما خاصا به، حيث إن ارتفاع تكلفة الواردات سيعزز الطلب على السلع البديلة المحلية، وبالتالي على العمال الذين يصنعونها، مما يؤدي إلى تحسين الاقتصاد، وعلاوة على ذلك، فإن انخفاض قيمة عملة دولة ما يعني أن صادراتها أصبحت أرخص للمشترين والمستوردين في الخارج، وينعكس هذا في زيادة الطلب على السلع.

وساقت المجلة مثالا على ذلك بانهيار قيمة العملة الكولومبية «البيزو» في صيف 2014، عندما رحب وزير المالية الكولومبي بتدهور البيزو معتبرا إياه «نعمة مقنعة» استنادا للافتراضات السابقة، وتشير مجموعة متزايدة من الأدلة إلى أن بروز الدولار في التجارة العالمية يقوض المزايا المتوخاة من مرونة أسعار الصرف، وعندما ترتفع قوة الدولار، تميل التجارة العالمية إلى الانكماش.

ولعقود من الزمان، كان تفكير الاقتصاديين بشأن التجارة العالمية والعملات يتلخص في نموذج وضعه روبرت مونديل، وجيه ماركوس فليمنج الباحثان في صندوق النقد الدولي في ستينيات القرن الماضي، ولم يكن ثمة أي دور مفترض خاص بأي عملة ذات هيمنة على غيرها، ولكن بدلا من ذلك يتعين على المتداولين والتجار الاتفاق على الأسعار بعملة الدولة المصدرة.

وقد علق الأوروبيون الآمال – عندما انشأوا وحدة العملة الأوروبية – اليورو على أن تحل محل الدولار.

ولكن على الرغم من أن حوالي 50% من العمليات التجارية تحرر فواتيرها باليورو، إلا أن هذا يرجع في الغالب إلى حجم التجارة التي تشمل البلدان التي تستخدم العملة الأوروبية، وقد بلغ حجم التجارة المقومة باليورو بين عامي 1999 و2014 حوالي 1.2 ضعف حصة منطقة اليورو من الواردات العالمية.

عملة عالمية بديلة

ويبدو أن المنافسين المحتملين الآخرين قد فشلوا بشكل أكبر في تكريس للدولار. وتشير البيانات الصينية الضئيلة المتوافرة إلى أنه في عام 2013، تمت تسوية 17% فقط من التجارة الصينية بالعملة الصينية الرنمينبي، أما في العام الذي سبقه، فقد تمت تسوية نصف هذه التسويات بالرنمينبي. ومن أجل تجنب العقوبات المالية، أحجمت روسيا مؤخرا عن استخدام الدولار لدفع ثمن وارداتها من الصين.

ولكن اليورو، وليس الرنمينبي، كان هو المستفيد الأكبر.

ولايزال خبراء الاقتصاد منشغلين بمحاولة معرفة سبب استخدام المصدرين للعملات المهيمنة. ومن التبريرات أن استخدام نفس العملة عند تحديد الأسعار لسوق معين يتيح للشركات تجنب تحركات الأسعار غير المنتظمة بالنسبة لمنافسيها.

ويعلل آخرون ذلك بالقول أن تعاظم دور سلاسل التوريد العالمية أدى إلى قيام المصدرين باستيراد بعض مدخلات الإنتاج، ومن شأن إصدار فواتير للواردات والصادرات بنفس العملة أن يحافظ هؤلاء على هوامش الربحية لديهم في حالة تخفيض قيمة العملة.

ان استخدام عملة رئيسية لا يعني بالضرورة أن تكون هي الدولار. ولكن لم لا؟ فالدولار بالفعل يهيمن على عالم المال اليوم، وتحتفظ البنوك المركزية بنسبة 58% من احتياطياتها الرسمية من العملات الأجنبية بالدولار حيث انه العملة العالمية المفضلة عند إصدار الأوراق المالية.

كما تستخدمه البنوك لنحو نصف مطالباتها عبر الحدود. وتقول swift لنظام الدفع السريع ان الدولار يستخدم في خمسي المدفوعات الدولية.

عالم متشابك

ويشير الواقع الى أن عالم المال والتجارة متشابك، وبالتالي فإن المصدرين الذين يقترضون بالدولار يفضلون تسعير مبيعاتهم الأجنبية بنفس العملة للحماية من الانخفاض المفاجئ في قيمة العملة، ما قد يزيد من قيمة ديونهم، بينما توفر الأصول المقومة بالدولار لأصحابها مزيدا من الأمان، لأنها ستحتفظ بقيمتها مقارنة بالواردات المسعرة بالدولار.

وخلال أزمة شرق آسيا في 1997-1999، شهدت كل من كوريا الجنوبية وماليزيا وتايلند انخفاضا في قيمة عملاتها بنسبة 60% على الأقل مقابل الدولار – وشهدت صادراتها ركودا كبيرا.

ولكن لما كانت الأسعار مقومة بالدولار فإن تخفيض قيمة العملات لم يضر بقدراتها التنافسية التصديرية داخل المنطقة. كما انخفض الطلب على الواردات من أماكن أخرى في المنطقة بسعر الدولار أيضا.

وانتهت الايكونوميست الى القول بأن صانعي السياسات حول العالم يميلون للتحرر من قبضة الدولار لكن ذلك غير مرجح، لأن هيمنة الدولار هي نتاج ملايين القرارات الفردية التي تبدو في غالبها مثالية.

إن كل تراجع في قيمة الدولار يثير موجة من الصخب والحديث حول زوال الدولار، ولكن طالما استمرت الميول في صالح الدولار، فمن الصعب أن نرى كيف يمكن أن تتحقق الرغبات بزواله، على الأقل، لفترة من الوقت، وسيؤدي ضعف الدولار الى تحفيز الثرثرة التي بدورها ستكون عاملا مساعدا على تعزيز العمليات التجارية.





Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى