أخبار عربية

فيروس كورونا: تأشيرات جديدة تشجع الناس على الإقامة والعمل عن بُعد من بلدان أجنبية

[ad_1]

مصدر الصورة
Sadie Millard

Image caption

قدمت سادي ميلارد، ابنة حي “مانهاتن” في نيويورك – مثلها مثل أكثر من 130 شخصا آخر – طلبات للحصول على تأشيرة للإقامة لمدة عام في برمودا، بحيث يتسنى لها “العمل عن بعد” من هناك

في مطلع مارس/آذار الماضي، كانت سادي ميلارد، ابنة حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأمريكية، تزور شريك حياتها في أرخبيل برمودا الواقع في المحيط الأطلسي، وذلك بالتزامن مع بدء سريان إجراءات الإغلاق في مدينتها، للحد من تفشي وباء كورونا.

وأدى بدء تطبيق هذه التدابير، إلى ألا تعود ميلارد إلى ديارها، وحملتها على استئناف عملها ككبيرة للمسؤولين الإداريين في شركة للوساطة المالية ببورصة وول ستريت، من على بعد، ومن داخل منزل حبيبها أيضا.

الآن، تأمل هذه السيدة، في ألا تضطر للعودة إلى نيويورك، على الأقل لفترة ما، دون أن يؤثر ذلك على مواصلتها لعملها. ولذا قدمت طلبا للحصول على تصريح للإقامة والعمل في هذا الأرخبيل، في إطار برنامج يحمل اسم “العمل من برمودا”، بدأ تطبيقه في الأول من أغسطس/آب الجاري.

ومن شأن حصولها على هذا التصريح أو التأشيرة، تمكينها من الإقامة والعمل بشكل قانوني لمدة 12 شهرا، في تلك المنطقة، التي تشكل أحد الأقاليم البريطانية الواقعة في ما وراء البحار. ويقع هذا الإقليم في شمال المحيط الأطلسي، على بُعد يقارب 1050 كيلومترا من سواحل ولاية نورث كارولينا الأمريكية.

وتوضح ميلارد أسباب رغبتها في البقاء في برمودا بالقول: “فكرت إذا ما خُيّرت أن أمكث هنا أو هناك، سأفضل أن أبقى في برمودا، حيث أشعر بقدر أكبر من الأمان، بالنظر إلى القواعد والقوانين القوية التي تطبقها السلطات في هذا الأرخبيل، فيما يتعلق بإجراء اختبارات الكشف عن وجود فيروس كورونا المستجد، والسيطرة على تفشيه. أما إذا كان عليّ في وقت ما، التوجه إلى نيويورك لحضور أي اجتماع، فسيستغرق توجهي إليها جوا من برمودا وقتا أقل تقريبا، من ذهابي لهذه المدينة بالسيارة، من منتجع أتردد عليه مثل `ذا هامبتون` التابع لولاية نيويورك نفسها”.

وتندرج برمودا على قائمة تضم عددا محدودا من الدول والأقاليم صغيرة المساحة حول العالم؛ تعكف حاليا – بعد نجاحها في السيطرة على الموجة الأولى من الوباء – على إطلاق تأشيرات عمل يستمر سريانها عاما واحدا، أملا في أن يؤدي تدفق الأجانب الموسرين عليها، والعمل عن بعد منها، إلى تخفيف الخسائر التي تعاني منها اقتصادياتها.

وتطرح برامج منح التأشيرات هذه، نسخة ثورية ومختلفة من نمط عمل وحياة يعيشه من يُعرفون بـ “العمال المتنقلين”، وهم أولئك الأشخاص الذين يستخدمون وسائل الاتصال الحديثة لكسب المال عبر العمل عن بعد من خارج بلدانهم الأصلية.

لكن هذه النسخة تتسم بأنها أبطأ ومحسوبة ومدروسة بشكل أكبر من نظيرتها التقليدية، وتستهدف في بعض الحالات جمهورا مختلفا تماما، وذلك بعد أن أصبح “العمل عن بعد” من بين التوجهات السائدة، في عالم الشركات والمؤسسات في الوقت الحاضر.

تحول في غمار الوباء

المعروف أن عالم المؤسسات والشركات التجارية الذي كان يقاوم – بشكل تقليدي – نمط “العمل عن بعد”، أصبح يحتفي به الآن بشكل أكبر بكثير نتيجة لتفشي كورونا. وقد أظهر استطلاع للرأي، أُجري على مستوى العالم، من جانب شركة غارتنر للأبحاث والاستشارات، وشمل 127 من مديري الشركات، أن 80 في المئة منهم قالوا إنهم يعتزمون السماح لموظفيهم بالعمل عن بعد، على الأقل لبعض الوقت، حتى بعد أن يصبح من الآمن عودة العاملين إلى مقار الشركات لممارسة مهامهم منها كالمعتاد.

ويشكل ذلك خبرا مبهجا بالنسبة لكثير من العاملين الذين قضوا فترة الإغلاق، في تصور السبل التي تكفل لهم مواصلة العمل من المنزل، دون أن يضطروا لمزاحمة زوجاتهم على طاولات المطبخ!

ولعله يجدر بنا هنا الاستعانة برؤية ديف كوك، الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في قسم الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) بكلية لندن الجامعية والمتخصص في الدراسات الخاصة بنمط “العمل المتنقل باستخدام وسائل الاتصال الحديثة”. إذ يقول كوك في هذا الصدد “أمضى الناس العقود الأربعة الماضية، وهم يطلبون نيل قدر أكبر من المرونة كي يتسنى لهم العمل من المنزل، وقد أنجز لهم الوباء في هذا الإطار، ما لم تتمكن من تحقيقه، عقودٌ من المساومات والمفاوضات التي انخرطت فيها النقابات العمالية”.

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

يسمح برنامج “العمل من برمودا”، للأشخاص الذين يعملون عن بعد، بالحصول على تصريح للإقامة في الجزيرة لمدة عام

ويمثل ذلك السبب، في أن “العمل عن بعد” من منطقة مثل برمودا، لا يشكل خيارا جذابا فحسب، وإنما أسلوبا واقعيا أيضا. وقد نجم إطلاق برنامج “العمل في برمودا”، عن عدة عوامل، من بينها أن الحكومة المحلية في هذه المنطقة – التي أعادت فتح حدودها في الأول من يوليو/تموز – لاحظت أن السائحين الموجودين على أراضيها، صاروا مهتمين بالتعرف على الطريقة، التي يُمكنهم من خلالها، تمديد فترة سريان تأشيرة الدخول الحاصلين عليها، والتي تستمر 90 يوما. كما رصد العاملون في مجال السياحة في الجزيرة، إقدام الزوار على القيام بأشياء لم يكن قد سبق لهم فعلها من قبل، مثل الانضمام إلى صالات الألعاب الرياضية، وحجز فيلات للسكن لشهور متتالية.

ويقول غلين جونز الرئيس التنفيذي المؤقت لهيئة السياحة في برمودا، إن ذلك بدا بمثابة “لحظة التنوير بالنسبة لنا”، قادت لإطلاق نظام التأشيرات الجديد. اللافت أن غالبية الأشخاص الـ 131، الذين تقدموا بطلبات للحصول على تصاريح من خلال هذا النظام حتى الآن، ليسوا من “رواد الأعمال من أبناء جيل الألفية” ممن تدفقوا خلال العقد الماضي، على مراكز “العمل المتنقل” منخفضة التكاليف، مثل بالي وميديلين ولشبونة، بل كانوا أشبه بميلارد، أي من فئة المديرين التنفيذيين الأثرياء القادمين من أمريكا الشمالية، تحديدا من المؤسسات الكبرى الواقعة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وهم أولئك الأشخاص الذين اعتادوا – ولسنوات طويلة – قضاء عطلات نهاية الأسبوع في برمودا.

ولا تفرض سلطات برمودا، سوى اشتراطات محدودة نسبيا، على الراغبين في الحصول على هذا النوع الجديد من تأشيرات الإقامة، والتي تسري الواحدة منها لمدة عام، ويُتاح للحاصلين عليها دخول الجزيرة والخروج منها لعدة مرات، خلال تلك الفترة. ولا تتجاوز هذه الشروط، دفع رسوم استصدار التأشيرة، البالغة 263 دولارا أمريكيا، وإثبات أن لديك تأمينا صحيا ساريا، وأن بحوزتك موارد مالية “كافية”، دون أن يكون مطلوبا منك، البرهنة على امتلاكك مبلغا محددا من المال. أما بالنسبة للطلاب، فيتوجب عليهم تقديم إثبات على أنهم مسجلون في برنامج للدراسة الجامعية، وإلا سُمِح لهم بالبقاء في الجزيرة، كمقيمين بشكل مؤقت.

ويقول جونز إن السلطات في برمودا تأمل في أن يمثل ذلك النظام الجديد لمنح تأشيرات الإقامة، وسيلة لتعريف رجال الأعمال والمديرين التنفيذيين بالجزيرة “فربما سيقع هؤلاء في حب المكان، ويرغبون في جعله مقرا دائما لأنشطتهم التجارية والاقتصادية”.

فرصة فريدة

وفي الوقت الحالي، لا تقتصر مسألة منح تأشيرات للإقامة والعمل عن بعد، على برمودا وحدها. فمن بين البقاع الأخرى، التي تقدم الخدمة نفسها باربادوس؛ وهي دولة جزيرة تقع في منطقة الكاريبي، بدأت في المضي على هذا الدرب، في 24 يوليو/تموز الماضي. ورغم أن سلطات باربادوس تقدم لزوارها تأشيرة سارية لـ 12 شهرا مثل برمودا، فإن رسوم استصدار هذه التأشيرة لديها أغلى بكثير. إذ تصل إلى ألفيْ دولار للفرد وثلاثة آلاف للأسرة. كما تشترط سلطات هذا البلد، أن يكون الدخل السنوي لطالبي الحصول على تلك التأشيرة، 50 ألف دولار على الأقل.

وفي الشهر الماضي كذلك، أعلنت جورجيا – وهي دولة أخرى تعتمد في إيراداتها على السياحة – مبادرة مماثلة، لاجتذاب الراغبين في “العمل المتنقل”، وذلك برغم أن سلطاتها لم تكشف سوى عن تفاصيل شحيحة في هذا المجال.

وقد برزت غالبية هذه البرامج، كوسائل علاج سريعة، تستهدف تخفيف الصدمات، التي لحقت بقطاع السياحة المتضرر بشدة، من تفشي وباء كورونا، وذلك عبر اجتذاب زوار، يرغبون في الإقامة لمدد طويلة في المقاصد التي يذهبون إليها. ويشكل هؤلاء الزوار خطرا أقل على صعيد إمكانية نشرهم لفيروس كورونا، مقارنة بأقرانهم ممن لا يمكثون كثيرا في المناطق التي يقصدونها.

من ناحية ثانية، ثمة دول أخرى قضت وقتا ليس بالقصير في التحضير لإطلاق برامج التأشيرات الجديدة هذه، مثل ما حدث في إستونيا، ذلك البلد الذي لا تشكل السياحة فيه سوى ثمانية في المئة من حجم اقتصاده.

ويقول أوت فاتر، مسؤول بارز في برنامج “إي ريسيدنسي” الذي كانت إستونيا قد أطلقته أواخر عام 2014، لمنح رواد الأعمال الأجانب، حق الإقامة في أراضيها والانتفاع ببعض خدماتها، إن إطلاق نظام التأشيرات الجديد، جاء بعدما اكتشفت السلطات في بلاده “فرصة لم تغتنمها من قبل أي دولة أخرى، تتمثل في وجود عدد لا يُستهان به من الزوار الأجانب، الذين يعملون فيها بشكل غير قانوني، نظرا لأنهم حصلوا على تأشيرات سياحة لا عمل، لذا تساءلنا عن السبب الذي يمنع الحكومة من حل هذه المشكلة والاستفادة منها في الوقت ذاته”.

وفي يوليو/تموز الماضي، موّلت الحكومة الإستونية دراسة أُجريت في الولايات المتحدة، لتقييم مدى الاهتمام القائم هناك، بالحصول على تأشيرات تتيح للحاصلين عليها فرصة الإقامة و”العمل عن بعد” انطلاقا من أراضي هذا البلد الأوروبي، في ظل الظروف الحالية. وأظهرت الدراسة أن 57 في المئة من أفراد العينة على استعداد للتفكير في الإقامة ببلد آخر، بغرض العمل من هناك عن بعد. وأشارت نتائجها إلى أن أبرز دوافع التفكير في هذا الخيار، تمثلت في تقليل تكاليف المعيشة، ومعايشة تجارب ثقافية جديدة ومختلفة. وكانت النسبة أكبر بكثير بين من يندرجون في الشريحة العمرية من 18 إلى 34 عاما، إذ وصلت إلى 63 في المئة، مقارنة بنسبتها بين من بلغت أعمارهم 55 عاما فيما فوق، حيث لم تتجاوز 38 في المئة.

ورغم أن السنوات القليلة الماضية، شهدت إطلاق دول مثل جمهورية التشيك والمكسيك والبرتغال، برامج لمنح تأشيرات تستهدف من يعملون بشكل مستقل، فإن فاتر يرى أن البرنامج الذي دشنته السلطات الإستونية في هذا الصدد، يتميز بأنه ذو نطاق أوسع بكثير، من البرامج الأخرى المماثلة له، إذ يسمح بـ “العمل عن بعد” من داخل إستونيا، لمجموعة واسعة من المهنيين، ممن لا يرتبط أداؤهم لمهامهم الوظيفية بموقع بعينه. ويشمل ذلك موظفين أجانب يعملون خارج إستونيا حاليا، بدوام كامل.

ويتعين على كل من يرغب في الاستفادة من هذا البرنامج، دفع رسوم تصل إلى 100 يورو (120 دولارا أمريكيا)، وتقديم ما يثبت أن لديه تأمينا صحيا ساريا، وأن دخله الشهري في الشهور الستة السابقة لوصوله إلى إستونيا، لم يكن يقل عن 3504 يورو (4180 دولارا). ولا يفرض البرنامج أي قيود تتعلق بطبيعة القطاع المهني الذي يرغب صاحب الطلب في العمل فيه، أو الدولة القادم منها.

ويشير فاتر إلى أن برنامج التأشيرات الجديد يستهدف اجتذاب 1800 متقدم على الأقل، سيكون بوسعهم – بسهولة – أن ينعموا بالعزلة الاجتماعية إذا رغبوا في ذلك لدى وصولهم إلى إستونيا، في ضوء أن الغابات تغطي 60 في المئة من مساحة هذا البلد. ومثله مثل المسؤول البارز عن السياحة في برمودا غلين جونز، يأمل هذا الرجل في أن تنجح سلطات بلاده، في إغراء من سيعملون من على بعد انطلاقا من أراضيها، في البقاء فيها لأجل غير مسمى، إما عبر تجديد فترة سريان تأشيراتهم، أو عبر تشجيعهم على التقدم بطلب، للحصول على حق الإقامة.

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

في الأول من أغسطس/آب، دشنت السلطات الإستونية برنامجا لمنح تأشيرات الإقامة والعمل عن بعد من على أراضيها، وذلك بعد تحضيرات استمرت عامين، ما يعني أن هذا البرنامج غير مرتبط بوباء كورونا

ويقول فاتر في هذا الشأن: “إستونيا بلد صغير للغاية، وليس لدينا الكثير من الموارد الطبيعية، لكي يكون لنا تأثير كبير على صعيد الاقتصاد العالمي. ما نجيده هو الاتصاف بالكفاءة والفعالية، والقدرة على الانتفاع بالتكنولوجيا، لذا نعتقد أن ذلك يشكل ميزة لنا؛ نستخدمها لمنافسة الدول الأخرى، ولاجتذاب أفضل المواهب” للقدوم إلى بلادنا”.

اللافت أن كل الدول والمناطق، التي تصدر هذا النوع الجديد من التأشيرات، شهدت تسجيل عدد محدود من حالات الإصابة بفيروس كورونا، وتتبع كل منها بروتوكولات صارمة للحد من تفشي الوباء؛ تبدأ من فرض حجر صحي إلزامي لمدة 14 يوما بعد الوصول إلى أراضيها، وتصل إلى إجراء اختبارات محكمة، للكشف عن وجود الفيروس لدى الزوار قبل الوصول وبعده. ويستهدف ذلك الحيلولة دون حدوث أي تفش للوباء في تلك البلدان والمناطق، وتجنب إثارة استياء المواطنين حيال القادمين إلى بلادهم من الخارج.

رغم ذلك، ففي ضوء عدم إجراء دراسات بشأن الأثر الاقتصادي المحتمل لبرامج من هذا القبيل، سيتعين علينا التريث لرؤية ما إذا كانت هذه البرامج، ستُخلّف أثرا على اقتصاديات الدول والمناطق التي توفرها لزوارها المحتملين، وكذلك تحديد طبيعة هذا الأثر، حال وجوده من الأصل.

نمط جديد لثقافة “العمل عن بعد”

لكن هذا الغموض لا يكتنف على أي حال، حقيقة واضحة، تتمثل في أن عدد الأشخاص القادرين على التقدم بطلبات للحصول على ذلك النوع الجديد من التأشيرات ربما يكون في ازدياد، على الأقل بين من تضررت وظائفهم بنسبة أقل من غيرهم، جراء الانكماش الاقتصادي الذي يسود العالم حاليا.

وتقول مارلين ديفونيش، خبيرة استراتيجية في نظم “العمل المرن”، إن هناك “تحولا زلزاليا في الطريقة التي يعمل بها الناس في مختلف أنحاء العالم، إذ بات من المرجح أن تصبح أنماط مثل العمل المرن والعمل عن بعد، هي القاعدة في فترة ما بعد انتهاء الوباء، وذلك بمجرد أن تتعلم الشركات والمؤسسات كيف يمكنها أن تدير – على نحو كفء – موظفيها الذين يعملون فيها عن بعد، وكيف يمكنها تحفيز هؤلاء أيضا”.

وتضيف ديفونيش – التي وُلِدَت في باربادوس وتعمل من لندن – أن نجاح هؤلاء الموظفين في “العمل من بعد” انطلاقا من دول أجنبية، يمكن أن يجعل مسقط رأسها الواقع في منطقة الكاريبي، نموذجا تحتذي به دول أخرى، قائلة: “عادة ما كان الناس يحلمون بالعمل عن بعد من دول مثل تايلاند، لكنني أتوقع أن تصبح باربادوس والجزر الأخرى التي تستوفي المعايير الضرورية (لكي تكون مكانا للراغبين في ذلك) نسخا كاريبية من تايلاند، بمجرد تطبيق الإجراءات المطلوبة لهذا الأمر”.

لكن دايف كوك، الباحث في الأنثروبولوجيا والذي تحدث لنا في مكان سابق من هذه السطور، غير واثق من حتمية حدوث ذلك، إذ يتشكك في مدى جدوى بعض البرامج، التي أُعدِت على عجل في دول ومناطق مختلفة، لمنح تأشيرات للراغبين في “العمل عن بعد” من خارج بلادهم. ويقول إن مسألة “العمل المتنقل باستخدام وسائل الاتصال الحديثة”، لا تحظى بكثير من النجاح عندما يتم تسويقها، رغم أنها تستحضر عادة في الذهن، صورا جذابة لأشخاص ينجزون مهامهم الوظيفية، باستخدام حاسباتهم المحمولة، وهم جلوسٌ على الشواطئ.

ويشير كوك في هذا السياق إلى أن بعض الدول “تفكر فقط في وسائل تكفل زيادة عدد زوارها، دون أن تدرك حقا المنظور الخاص بفكرة `العمل المتنقل` هذه، ودون أن تفهم أن المهتمين بهذا الأسلوب، يريدون الذهاب إلى أماكن توجد فيها `مساحات عمل مشتركة مجهزة بالمستلزمات اللازمة لأداء عملهم، وأن تكون البقاع التي يقصدونها لممارسة هذا النمط من العمل، تشهد فعاليات تكفل لهم نسج صلات وعلاقات مهنية مع المقيمين الآخرين فيها، وتنعم أيضا بضرب من ضروب البنية التحتية، التي لا تنشأ بالضرورة بين عشية وضحاها”.

لكن كوك يرى أن إصدار ذلك النوع الجديد من التأشيرات، يشير إلى أننا “بصدد المزج بين هذه الثقافة الفرعية المرتبطة بـ `العمل المتنقل باستخدام وسائل الاتصال الحديثة` وما يشهده العالم حاليا من نقاشات بشأن مسألة `العمل عن بعد`”.

على أي حال، قد يعني ظهور تلك التأشيرات التي تحض الأجانب على الإقامة والعمل من بلدان تختلف عن دولهم الأصلية، أن شريحة جديدة تماما من القوى العاملة، التي لم يسبق لها التفكير في العمل من خارج بلادها، ستدرك الآن الجاذبية الكامنة في هذه الفكرة.

أما بالنسبة لأولئك الأشخاص، الذين يعملون بالفعل الآن عن بعد من خارج أوطانهم، فستكون برامج مثل هذه، كما يقول دايف كوك، عاملا مشجعا لهم على الإبطاء من وتيرة تنقلاتهم بين هذه الدولة وتلك، ما قد يدفعهم للاستقرار في مكان واحد لفترة ما، واغتنام فرصة ذلك، لرؤية ما إذا كان سيروق لهم البقاء في ذلك المكان، بشكل دائم أم لا.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Worklife

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى