لماذا تتحمل السويد نصف فاتورة العمالة المنزلية للمواطنين؟
[ad_1]
عندما استعانت غليندا فورس، مستشارة في مجال تكنولوجيا المعلومات في استوكهولهم، بعاملة نظافة قبل أربع سنوات، لاحظت انخفاضا كبيرا في الخلافات بينها وبين زوجها حول تقاسم الأعمال المنزلية.
ورغم أن فورس تصف توزيع المهام المنزلية في بيتها بأنه عادل، إلا أنها تقول إنها كانت كثيرا ما تضطر لتأدية الحصة الأكبر من مهام التنظيف لأنها لا تتحمل الفوضى. وتشعر الآن براحة نفسية منذ أن عينت عاملة نظافة تعمل خمس ساعات كل أسبوعين. ويقضي الزوجان وقتا أطول الآن مع أطفالهما.
وأشارت دراسات إلى أن النساء ما زلن يضطلعن بالحصة الأكبر من الأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر، حتى في المجتمعات التي تسودها المساواة بين الجنسين، مثل السويد التي تتصدر دول الاتحاد الأوروبي في مؤشر المساواة بين الجنسين، وتنخرط 80 في المئة من النساء بها في سوق العمل.
ووضعت السويد سياسة خصم ضريبي من الدخل، تدفع بموجبها الدولة نصف فاتورة العمالة المنزلية، من تنظيف وكي وغسيل الملابس، بحد أقصى 5,170 دولار سنويا. وتخصم مكاتب تشغيل عمال النظافة المبلغ عند إعداد الفاتورة.
وتقول فورس، إنها لولا هذه السياسة لما استطاعت توفير نفقات العمالة المنزلية. إذ يتراوح أجر عامل التنظيف في السويد بين 250 و400 كرونة سويدية في الساعة (بين 26 دولار و42 دولار)، قبل الخصم الضريبي.
وأصدر مكتب المراجعة الوطني السويدي دراسة موسعة الشهر الماضي عن سياسية الخصم الضريبي منذ تدشينها في عام 2007. وخلصت الدراسة إلى أن الرجال والنساء الذين استفادوا من هذا الخصم الضريبي ذكروا أنهم عملوا لساعات أطول مدفوعة الأجر وزاد دخلهم في المتوسط بنحو 2,015 دولارا سنويا.
وخلص بحث آخر أجراه باحثون من جامعة استوكهولم في عام 2014 إلى أن الموظفات المتزوجات اللائي استأجرن عمال نظافة، كرسن نحو 60 في المئة من الساعات التي وفرنها لمهام وظيفية مدفوعة الأجر. وعلق الباحثون بأن توسيع نطاق خدمات العمالة المنزلية قد يسهم في تقليص فجوة الأجور بين الجنسين في السويد.
وتأتي هذه الدراسة مكملة لبحث آخر من بلجيكا، التي تعد واحدة من الدول القليلة التي توفر إعانات للأسر للمساهمة في دفع أجور العمالة المنزلية. وخلص الباحثون إلى أن معدل انخراط النساء في سوق العمل زاد منذ وضع خطة إيصالات العمالة المنزلية في عام 2004.
يرى مؤيدو نظام خصم نفقات العمالة المنزلية من الدخل الخاضع للضريبة أنه يتيح للآباء قضاء وقت أطول مع أطفالهم، ويسهم في زيادة الوظائف ويضع بعض الرقابة على العاملين بقطاع الخدمات المنزلية الذين يتقاضون أجورهم نقدا.
وأشار تقرير نشرته هيئة “ألميغا” لأصحاب العمل بقطاع الخدمات السويدي، إلى أن سياسة الخصم الضريبي ساهمت في خلق 13,000 فرصة عمل جديدة في سوق العمل الرسمي، وخفضت الأنشطة غير المعلنة في قطاع الخدمات المنزلية، ما أسهم في زيادة العوائد الضريبية بنحو 53 مليون دولار سنويا.
وأشار تقرير مكتب المراجعة الوطني السويدي إلى أن عمال المنازل المسجلين في نظام الخصم الضريبي، زاد دخلهم بنحو 136 دولارا شهريا.
ويستفيد عمال النظافة وموفرو خدمات العمالة المنزلية المسجلون في السويد من خدمات الرعاية الاجتماعية التي توفرها الدولة، مثل الرعاية الصحية المدعومة من الدولة وإجازات رعاية الطفل مدفوعة الأجر للأبوين التي تصل إلى 480 يوما، ومِنح الطلاب والمعاشات.
لكن المعارضين لسياسة خصم نفقات العمالة المنزلية من الدخل الخاضع للضريبة يقولون إن المستفيدين الوحيدين منها هم أصحاب الدخول العليا، بينما لا يكاد يستخدمها منخفضو الدخل.
ويقول نيكو بافاسوفيتش، مهندس إنتاج في استوكهولم، إن هذا الخصم الضريبي يحتاجه أصحاب المنازل الكبيرة أو الذين يشعرون أنهم يستحقون أن يخدمهم الآخرون.
ويقول إنه يؤدي حصة أكبر من المهام المنزلية مع شريكة حياته، وكلاهما يعارضان فكرة استئجار شخص لتنظيف المنزل. ويقول إن أبويه كانا يعملان بدوام كامل، وكانت أمه توزع المهام المنزلية على جميع أفراد الأسرة في عطلة نهاية الأسبوع.
ويرى أن أموال دافعي الضرائب من الأفضل أن تنفق في خدمات عامة أخرى، مثل زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية المنزلية لكبار السن أو المرضى الذين يحتاجون لرعاية طويلة الأمد.
وتوافقه الرأي سولفيتا غابريونا، عاملة النظافة، التي ترى أن أغلب زبائنها لديهم ما يكفي من المال لدفع أجر تنظيف المنزل دون الاعتماد على المساعدات الحكومية.
وأشار بعض المحللين إلى أن النساء يمثلن الغالبية العظمى من عمال النظافة، ويرى بعض النقاد أن هذا يكرس للتقسيم التقليدي للمهن بين الجنسين في سوق العمل.
وخلصت دراسة أجرتها بيرغيتا جوردانسون وليندا لين، الأخصائيتان الاجتماعيتان من جامعة غوتنبرغ، إلى أن أعمال الخدمة المنزلية ارتبطت بالنساء منذ عهد بعيد، وهذا أدى إلى توسيع الفجوة بين النساء من مختلف الفئات الاجتماعية والأعراق.
في حين يرى آخرون أنه من الأفضل تحسين أوضاع عمال النظافة بدلا من انتقاد الأشخاص الذين يستأجرون آخرين لمساعدتهم.
وتنتقد أنّا كويت كومهيدين، الموظفة الحكومية، الانتقاص من قدر بعض الوظائف والاعتقاد أنها أقل من غيرها. وتشير إلى أن نفقات أعمال إصلاح المنزل وتجديده تختصم أيضا من الدخل الخاضع للضريبة في السويد منذ سنوات، لكن لم تثر نقاشات حول إلغائها.
وأثير نقاش واسع النطاق حول النتائج التي حققتها سياسة الخفض الضريبي بالنظر إلى تكلفتها. إذ كلفت السياسة السويد 570 مليون دولار في عام 2019.
وقد ظن مؤيدو السياسة في البداية أن مساهمات الحكومة ستعوضها العوائد الضريبية من توظيف العمال في قطاع العمالة الرسمي، وأشارت تقديرات هيئة “ألميغا” لأصحاب العمل إلى أن الحكومة تستعيد 90 في المئة من تكاليف تطبيق سياسة الخصم الضريبي.
لكن الباحثين الذين أعدوا دراسة أخيرة لمكتب المراجعة الوطني السويدي يقولون إن السياسة لا تزال تحتاج لدعم مالي حكومي.
وتقول أنّا برينك، مديرة المشروع المسؤولة عن الدراسة، إن سياسة الخصم الضريبي شجعت هجرة العمال من البلدان الأفقر في الاتحاد الأوروبي إلى السويد، في حين أن الهدف الرئيسي منها كان توظيف السويدين.
وذكرت وزيرة المالية السويدية، مغدالينا أندرسون، في إحدى الصحف الكبرى أن السياسة لم تحقق الآثار الإيجابية المأمولة، وحثت على إجراء بعض التعديلات عليها.
وقد حققت التجربة البلجيكية في خصم نفقات العمالة المنزلية من الدخل الخاضع للضريبة، نجاحا كبيرا، إذ يستفيد من هذه السياسة التي تطبق منذ أكثر من 15 عاما ما يربو على مليون مستخدم في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 11.5 مليون شخص.
وتقول إيف ماركس، أستاذة بجامعة أنتويرب، إن خطة التخفيض الضريبي تحظى بشعبية كبيرة في بلجيكا، ولاسيما بين أفراد الطبقة الوسطى، الذين يمثلون كتلة تصويتية مؤثرة، ولا يجرؤ الساسة الآن على إلغائها أو تغييرها.
لكن ماركس لا يرجح أن تسير أي دولة أوروبية أخرى على درب السويد وبلجيكا في وضع أنظمة للمساهمة في دفع أجور العمالة المنزلية، نظرا لتكاليف هذه الأنظمة على المدى الطويل.
غير أن بعض مؤيدي هذه السياسات يرون أن الآثار الإيجابية لا تقاس بالتكاليف المالية فحسب. وتقول أنّا كويت كومهيدين إن استئجار عامل نظافة جنبها وزوجها الخلافات حول تقاسم المهام، وأتاح لهما الفرصة لقضاء وقت أطول مع أطفالهما. وهذا سبب مقنع في دولة مثل السويد التي تولي أهمية كبيرة لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Worklife
[ad_2]
Source link