أخبار عربية

مقتل قاسم سليماني: من هم الرابحون والخاسرون في الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران؟


الاحتجاجات في إيران تحولت إلى حشود مناهضة للولايات المتحدة بعد مقتل قاسم سليماني

مصدر الصورة
NurPhoto

Image caption

الاحتجاجات في إيران تحولت إلى حشود مناهضة للولايات المتحدة بعد مقتل قاسم سليماني

أجج مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في عملية أمريكية ورد إيران باستهداف مواقع أمريكية بصواريخ مخاوف من اندلاع صراع تكون له تبعات واسعة المدى.

ولعل تحديد من الرابح أو الخاسر في هذه الأزمة قد يتغير بسرعة كبيرة تبعا لما ستفعله الولايات المتحدة وإيران في الخطوة القادمة.

فمن الخاسرون ومن الرابحون؟

إيران

على الرغم من خسارة إيران لمثل هذه الشخصية العسكرية الكبيرة، إلا أنها قد تكون المستفيدة من مقتل سليماني على المدى القصير.

فمقتل سليماني، ومراسم الجنازة المهيبة التي تلته، ساعدت إيران في تحويل الأنظار عن قمع الاحتجاجات التي خرجت في نوفمبر/تشرين الثاني ضد زيادة أسعار الوقود.

كما أنها تُظهر قدرة إيران على التحشيد في أوقات الأزمات، مع تكاتف القوى السياسية المنقسمة في مواقفها.

وتعاني إيران من ضغوط اقتصادية بعد تجديد العقوبات الأمريكية إثر انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاقية النووية بشكل أحادي عام 2018.

وتصاعدت التوترات العام الماضي بعد أن أسقطت إيران طائرة أمريكية مُسيرة، وأسرت ناقلة نفط . كما اتُهمت بالوقوف وراء عدة هجمات بالصواريخ، مثل استهداف مصفاة نفط سعودية في سبتمبر/أيلول الماضي، وهو ما أنكرته إيران.

وردت إيران على مقتل سليماني باستهداف مواقع للقوات الأمريكية في العراق. وقد تستفيد البلاد إذا تجنبت تنفيذ المزيد من ردود الفعل، واستمرت في استغلال التعاطف العام والخوف مما يأتي فيما بعد.

لكن إذا نفذت إيران ردود فعل أخرى، يمكن ألا تصبح في نفس الموقف الرابح، إذ يمكن أن تجد نفسها (وهي قوة عسكرية أضعف نسبيا من الولايات المتحدة) عالقة في سلسلة من الأفعال وردود الأفعال مع الجانب الأمريكي.

كما أن استمرار التصعيد قد ينتهي بإيران إلى المزيد من العزلة، وهي بالفعل واقعة تحت وطأة عقوبات صارمة، وضغوط قوية للالتزام بالاتفاق النووي.

الولايات المتحدة

نجحت الولايات المتحدة بالفعل في تقليم أظافر القوة العسكرية الإيرانية، وفي غضون ذلك، من المحتمل زيادة فرص الرئيس ترامب في إعادة انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

كما أرسلت رسالة قوة وتضامن إلى حلفائها، أمثال إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

ترامب يقول إن إيران تبدو وكأنها “تراجعت” بعد هجمات بالصواريخ على مواقع قوات أمريكية في العراق

لكن إذا استُدرجت الولايات المتحدة إلى أفعال مواجهات عسكرية متبادلة مع إيران، يمكن أن ترتفع أسعار النفط، وتؤدي إلى المزيد من الخسائر في أرواح الأمريكيين، وتؤجج حرب إقليمية جديدة طويلة المدى.

وقد يكون لذلك تبعات في الكثير من الدول في الشرق الأوسط، وخارجه.

القوات الشيعية في العراق

يُمكن أن تستفيد المجموعات الشيعية المسلحة التي تدعمها إيران على المدى القريب من هذه الأزمة.

وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، خرج الكثير من المظاهرات ضد الحكومة العراقية احتجاجا على النفوذ الإيراني في البلاد، فضلا عن سوء الإدارة والفساد.

مصدر الصورة
Reuters

Image caption

الاحتجاجات في العراق تشمل جميل أطياف المجتمع

وتستخدم هذه المجموعات، وبقية المؤسسة السياسية الحاكمة في العراق، مقتل سليماني لاسترجاع نفوذها المفقود وشرعنة حاجتها للبقاء في البلاد.

وطالما كان التعهد بطرد القوات الأمريكية هو الدعوة التي تحشد بها هذه المجموعات مقاتليها، والورقة السياسية التي يلعب بها قادتها.

كما أن الموقف الحالي يخلق فراغا أمنيا يمكن للجماعات المتطرفة، مثل تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، أن تستغله.

إسرائيل

ظلت إيران وإسرائيل دائما في صراع دائم بسبب أهداف كل منهما ومصالحهما في الشرق الأوسط، ورغبة إيران في القضاء على الدولة اليهودية.

وبالنسبة لإسرائيل، ما زال الكثير من التهديدات قائما. وتشمل هذه التهديدات الدعم الإيراني لأعداء إسرائيل، مثل حزب الله في لبنان، والرئيس السوري بشار الأسد.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

قوات أممية انتشرت على الحدود بين لبنان وإسرائيل بعد مقتل قاسم سليماني

بيد أن مقتل سليماني يشي بنية الولايات المتحدة المطردة لاحتواء إيران.

وفي إسرائيل، يُرجح أن ينظر إلى هذه العملية بوصفها خطوة إيجابية ستفيد مصالحها الأمنية ضد إيران والمجموعات التي تدعمها.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بعد مقتل سليماني إن بلاده “تقف مع الولايات المتحدة في كفاحها من أجل السلام والأمن والدفاع عن نفسها”.

المحتجون في الشرق الأوسط

يعطي الخطر المتنامي من نشوب صراع ذريعة لحكومات الشرق الأوسط لقمع المتظاهرين في عموم المنطقة.

ويمس الأمر بشكل أساسي الاحتجاجات التي خرجت في العراق ولبنان وإيران ضد قضايا مثل البطالة والفساد، التي ستتعرض للقمع بحجة الأمن القومي.

مصدر الصورة
Reuters

Image caption

الاحتجاجات في لبنان خرجت بسبب عدم المساواة والفساد

ويمكن أن تتمادى الحكومات وتستخدم الأزمة كذريعة لتبرير حملاتها لاستهداف النشطاء السياسيين وكبح جماح أي إصلاح سياسي.

السعودية والإمارات

إن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في موقف خطر.

فكلتاهما تضررتا بشكل مباشر العام الماضي بعد استهداف ناقلات نفط في مضيق هرمز، وضرب منشأتي نفط سعوديتين، وهي عمليات نُسبت لإيران وحلفائها، في حين نفت إيران أي علاقة لها بأي من هذه العمليات.

مصدر الصورة
Reuters

Image caption

الولايات المتحدة اتهمت إيران بالوقوف وراء عدد من الهجمات على ناقلات نفط في خليج عمان العام الماضي

وفي المقابل، حاولت الإمارات تهدئة الوضع مع طهران، في حين واصلت السعودية دعمها للضغط الشديد الذي تمارسه واشنطن.

وبعد مقتل سليماني، نادى البلدان بالتهدئة ووقف التصعيد، وسافر وزير الدفاع السعودي إلى واشنطن لعقد محادثات مع إدارة ترامب.

لكن موقع البلدين الجغرافي بالقرب من إيران، وتاريخ الصراعات معها، يجعلهما أكثر عرضة لهجمات محتملة.

أوروبا

تجاهد أوروبا من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي الهش، وتقف في موقف وساطة صعبة بين الولايات المتحدة وإيران.

ولم تتلق المملكة المتحدة تحذيرا مسبقا من الولايات المتحدة قبل الضربة التي استهدفت سليماني، ما يشي إما بوجود خلافات، أو على الأقل سوء تواصل وعدم تنسيق.

وفي الوقت ذاته، أصبحت قوات العديد من الدول الأوروبية التي شاركت في قتال تنظيم الدولة الإسلامية في العراق عرضة لأن تصبح عالقة بين خطوط القتال إذا لجأت إيران للرد العسكري.

وفي النهاية يجب أن يذكرنا مقتل سليماني بأن قضايا المطالبة بالحكم الرشيد والاستقرار الإقليمي التي أججت احتجاجات الربيع العربي قبل نحو عِقد ما زالت قائمة.


عن هذاالمقال

هذه قطعة تحليلية طلبتها بي بي سي من أحد الخبراء الذين لا يعملون لديها.

والدكتورة سنام وكيل هي كبير باحثين ونائب رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، الذي يصف نفسه بأنه معهد مستقل لدراسة السياسات، يساعد في بناء عالم مستدام ومزدهر وعادل. ويمكن متابعتها عبر تويتر على @SanamVakil



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى