المرزوق البرد القارس انتهى وهذه | جريدة الأنباء

أكد الخبير الفلكي عادل المرزوق أن هناك عدة عوامل أدت إلى «إفساد» المربعانية هذا العام، لافتا الى أن هذه العوامل تسببت في ارتفاع درجات الحرارة بالمنطقة. وأشار الى أن البرد في المنطقة يعتمد على هبوب الرياح الشمالية الباردة. وفيما يلي التفاصيل:

فساد المربعانية

يتساءل كثير من الناس عن الأسباب التي أدت إلى عدم البرودة في الجو خلال هذه الفترة التي من المفترض أن تكون باردة وهي الفترة التي يعرفها الجميع بالمربعانية والتي قاربت على نهايتها وكثير من الناس لا يزالون يلبسون الملابس الصيفية والسؤال الذي يتردد بينهم: هل المربعانية أفسدت في هذه السنة؟

هل انتهى البرد القارس في منطقتنا؟

هناك برد راح يقبل علينا ولا نرد الملابس الشتوية الى الخزانة؟

ولكن وقبل الإجابة عن هذه التساؤلات عزيزي القارئ أود أن نشير هنا إلى أننا الآن في فترة نوء الشولة، وهو النوء الثالث والأخير في المربعانية، حيث يبدأ نوء الشولة في يوم 2/1 من كل عام وهو من الأنواء الباردة في السنة وبنهاية نوء الشولة في يوم 14/1 تدخل علينا فترة برد البطين في يوم 15/1 حيث يبدأ نوء النعايم (الذي يوقظ فيه البرد العجوز النايم).

وكما هو معروف فإن فترة برد البطين مدتها 52 يوما تبدأ من يوم 5/ 1 وتستمر إلى يوم 7/3 حيث تحل بعدها فترة الربيع.

ونقول وبصورة واضحة جدا إن البرد في المنطقة يعتمد اعتمادا كليا على هبوب الرياح الشمالية الباردة، فإذا هبت هذه الرياح يأتينا البرد، ولكي نجيب عن هذه الأسئلة التي يطرحها الكثير من الناس، نشير إلى أن هناك عدة عوامل تؤثر على طقس المنطقة وهي كما يلي:

1 – أن منطقة شمال شبه الجزيرة العربية هي منخفضة الارتفاع وتخلو من الجبال الشاهقة الارتفاع.

2 – أن المنطقة تقع في النطاق الصحراوي الذي تقل فيه الأمطار بصورة كبيرة الأمر الذي يجعل الغطاء النباتي شبه منعدم

3 – أن قلة الأمطار في شبه الجزيرة العربية أدت إلى عدم وجود مسطحات مائية مثل الأنهار في المنطقة ووجود الكثبان الرملية فيها.

4 – تتميز سماء المنطقة بوجود شمس مشرقة وحارقة لفترة طويلة، بالإضافة إلى ندرة السحب، مما يسمح لأشعة الشمس الساطعة والحارة بالوصول لسطح الأرض وارتفاع الحرارة فيها.

5 – من المعروف أن البرودة في شمال شرق الجزيرة العربية تعتمد على هبوب رياح الشمال والشمالية الشرقية التي عادة يكون منبعها المرتفع السيبيري المتمركز في شمال روسيا الذي أصبح أقل برودة مما سبق بسبب الاحتباس الحراري.

6 – أن رياح الشمالية التي عادة تكون باردة هي في العادة تهب علينا من المرتفع السيبيري الذي انخفضت برودته وقلت نسبيا بسبب الاحتباس الحراري الذي صنعه الإنسان، حيث تمر هذه الرياح الشمالية وهي تخرج من منبعها في منطقة سيبيريا في روسيا تمر على منطقة جبال زاجروس في غرب إيران وهي في طريقها إلى منطقتنا فتنحدر هذه الرياح إلى مناطق الوديان المنخفضة وعندما تنحدر الرياح من أعالي الجبال متجهة إلى سفوح الوديان فإنها تحتك بالجبال فترتفع درجة حرارتها.

7 – منطقة شبه الجزيرة العربية تقع تحت تأثير منخفض الهند الموسمي الذي يتمركز في وسط المحيط الهندي، حيث تدور رياح المنخفض الهندي بعكس اتجاه عقارب الساعة فتتحرك رياح المنخفض وتتوغل في شبه القارة الهندية وكذلك في جنوب شرق آسيا وأثناء دورانها في تلك المنطقة فإنها تصطدم بسلاسل الجبال الموجودة في هذه المناطق مثل سلسلة جبال الهندكوش وعقدة البامير وسلسلة جبال تيان شان وجبال سليمان وجبال زاجروس، حيث تمنع هذه السلاسل الجبلية وصول تأثير رياح منخفض الهند الموسمي إلى المنطقة.

8 – تصل الرياح الشمالية الشرقية المؤثرة على منطقة شمال شرق شبه الجزيرة العربية وهي قد فقدت برودتها ورطوبتها وأصبحت بعد عبورها سلسلة هذه الجبال رياح حارة وجافة تماما من بخار الماء وتكون غير باردة حسب ما اعتدنا عليه في السابق

9 – تهب في أغلب الأوقات الرياح الجنوبية الشرقية التي تعرف محليا باسم رياح (الكوس) وهذه الرياح هي رياح دافئة ويكون عادة منبعها منخفض الهند الموسمي المتمركز فوق المحيط الهندي هذه الرياح تكون محملة ببخار الماء، ولكن عند دخولها إلى أراضي شبه الجزيرة العربية من الجنوب تصطدم مع سلسلة الجبال الموجودة في جنوب شبه الجزيرة العربية وتسقط أمطارها في جنوب شبه الجزيرة العربية، وتتوغل هذه الرياح الى داخل شبه الجزيرة العربية وهي جافة ودافئة ترفع من درجات الحرارة في المنطقة.

10 – أضف إلى ذلك أن الرياح النفاثة (Jet Stream) التي تسير في طبقات الجو العليا والتي تسير من الغرب إلى الشرق قد تزحزح مسارها إلى الشمال قليلا والتي أصبح مسارها حاليا شمال الخليج.

11 – كذلك عندما يتمركز المرتفع الجوي بصورة عامة فإنه يتسبب بهبوط التيارات الهوائية الهابطة المسببة للضغط العالي للهواء في طبقات الجو المنخفضة التي تحبس هذه التيارات الهابطة التيارات الصاعدة من سطح الأرض على الارتفاع الى طبقات الجو العليا فترتفع بسبب ذلك درجات الحرارة.

12 – يبقى المرتفع الجوي فوق المنطقة لفترة من الزمن وتصبح المنطقة وكأنها منطقة تصدير للرياح، حيث يمنع هذا المرتفع من وصول الرياح الى المنطقة بعكس المنخفض الجوي الذي يجلب الرياح ويجعلها تدخل الى المنطقة، ولهذه الأسباب التي ذكرناها فإنه من غير المستبعد أن تبقى الموجة الحارة في فترة المربعانية لعدة أسابيع في المنطقة.

كل هذه العوامل السابقة هي التي أدت إلى ارتفاع درجات حرارة الجو في المنطقة وأصبحت وكأن المربعانية أفسدت في هذه الفترة.