د خالد المذكور الفقهاء مختلفون في | جريدة الأنباء
[ad_1]
- يحرم إذا ثبت ضرره للناس سواء في العقل أو البدن أو المال
- عادة خبيثة عند ذوي الطباع السليمة لطعمه الرديء ورائحته المنفرة المؤذية
- لا يجوز شرب الدخان ثم الدخول للمساجد باتفاق الفقهاء قياساً على منع أكل الثوم والبصل
هناك من يقول أن التدخين ليس بحرام، ذلك أن الله أطلع النبي صلى الله عليه وسلم على كل شيئ، فلو كان حراما لأخبر عنه أو أشهد إليه، فهل التدخين حلالا أم حرام؟
يجيب عن هذه التساؤلات عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية ورئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي د.خالد المذكور فيقول:
لم يرد نص في القرآن أو السنة بخصوص التدخين بأسمائه المختلفة وطريقة تناوله ومنذ ظهور الدخان – وهو تعاطي نبات «التبغ» وقد يسمى في بعض البلاد «النتن» و«التنباك» والفقهاء يختلفون في حكم تعاطيه سواء عن طريق السعوط أو المضغ أو النارجيلة او اللفائف «السجائر» فمنهم من رأى إباحته ومنهم من رأى كراهية، ومنهم من رأى حرمته، وكل ساق دليلا لقوله.
الإباحة
أوضح د.المذكور كل رأي على حدة: من قال بإباحته بنى ذلك على عدم ثبوت ضرره او اسكاره او تفتيره، ورأى ان الحرمة والكراهة حكمان شرعيان لابد لهما من دليل وليس هناك دليل لا من الكتاب ولا من السنة على تحريم او كراهة التدخين.
واستدل القائلون بإباحة التدخين بقوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) وهذه الآية تفيد الانتفاع بجميع الأشياء التي لم يقم دليل على منعها بخصوصها ومنها التدخين.
كما استدلوا بقوله تعالى (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) وهذه الآية تفيد إباحة الانتفاع بكل المستطابات والدخان مستطاب عند بعض الناس.
ومن السنة استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم «إن الله عزّ وجلّ فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها»، وهذا الحديث يفيد بأن ما سكت الله سبحانه عن بيان حكمه فهو مما عفا الله عنه والدخان مما سكت الله عنه، فهو مما عفا عنه وهو حلال.
وأضاف، والقاعدة الفقهية «الأصل في الأشياء الإباحة» وهذه القاعدة يندرج تحتها الدخان، حيث كان حادثا غير موجود زمن التشريع، وبناء على ادلتهم ينبغي للمرء إذا سئل عن التدخين ان يقول هو مباح لكن رائحته تستنكرها الطباع فهو مكروه طبعا لا شرعا.
واستدل القائلون بكراهته في القياس على البصل والثوم من حيث الرائحة وذلك بطريق الأولى، وأيضا استدلوا بالتشبه بأهل النار الذين يظهر الدخان من افواههم وأنوفهم.
أدلة التحريم
واستدل القائلون بتحريمه الى انه مضر بالصحة بإخبار الثقات من الأطباء والمجربين وما كان ضارا حرم تعاطيه لعموم قوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) والمدخن يتعاطى أسباب الهلاك ويعرض نفسه للإصابة بكثير من الأمراض ولعموم قوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) والمدخن يتناول ما كان سببا في القتل سواء كان بطريق مباشر او غير مباشر سواء كان ذلك بشكل سريع او بطيء لأن النتيجة واحدة، إذ في الدخان سموم كثيرة اشهرها القطران والنيكوتين والمدخن يدخلها في جوفه، وكون اضرار الدخان تدريجية هو الذي جعل بعض الناس يغفلون عن اخطاره ويشككون فيها، يقول الشيخ عليش من شيوخ المالكية المتأخرين: اخبر بعض مخالطي الانجليز انهم ما جلبوا الدخان لبلاد الاسلام الا بعد اجماع اطبائهم على منعهم من ملازمته وأمرهم بالاقتصار على اليسير الذي لا يضر لتشريحهم رجلا مات باحتراق كبده وهو ملازمه فوجدوه ساريا في عروقه وعصبه ومسودا مخ عظامه وقلبه مثل اسفنجة يابسة، فمنعوه من مداومته وأمروه ببيعه للمسلمين لإضرارهم.
ثم يقول الشيخ عليش: فلو لم يكن فيه الا هذا لكان باعثا للعقل على اجتنابه وقد نص الفقهاء على تحريم اكل السموم وكل ما فيه ضرر حفاظا على الصحة.
التدخين من الخبائث
وأكد د.المذكور ان التدخين خبيث عند ذوي الطباع السليمة، فالدخان طعمه رديء مستكره ورائحته منتنة منفرة مؤذية، وكل رائحة مؤذية فهي ممنوعة والدخان اشد رائحة من البصل والثوم ولو ادخلت عليه المحسنات، وقد ورد منع متناول البصل والثوم من دخول المسجد، وفرق بين الرائحة المنتنة والرائحة الكريهة والبصل والثوم ريحها مكروه وليس منتنا، والدخان ريحه منتن، ولذلك لا يجوز شرب الدخان في المساجد باتفاق الفقهاء قياسا على منع اكل الثوم والبصل في المساجد حتى تزول رائحة فمه، لأن المساجد انما بنيت لعبادة الله فيجب تجنيبها المستقذرات والروائح الكريهة.
يصد عن ذكر الله
وأشار د.المذكور الى ان التدخين صد عن ذكر الله وعبادته، فالمدخن يجد الصيام في رمضان ثقيلا على نفسه، وكم يحمل المدخن في نفسه همّ شهر رمضان، ويتثاقل منه لأنه يمتنع فيه عن التدخين مدة الامساك وهو غير قادر على ذلك، اما صيام النفل فلا تسأل عنه، كما يثقل عليه الاعتكاف في المسجد والتبكير الى الصلاة وأكثر المدخنين يلقون السيجارة على باب المسجد ويدخلون بعد ان يسحب منها سحبات.
وأكد د.المذكور ان في التدخين ضررا على الاخلاق، فالمدخن يكون غضبا، يثور لأبسط الأسباب فلا يكون فيه سمت المؤمن بضبط الأعصاب والتصرف بحكمة وروية، كما ان في التدخين اضرارا اقتصادية، فكم أحرقت اموال كثيرة بسبب سيجارة مشتعلة ألقاها مدخن او نسيها بين اصابعه ونام عنها فوقعت على ثيابه واحترق هو بها، وأيضا ان في التدخين تفتيرا وخدرا لشاربه فيشارك أولية الخمر في نشوته، وقد قالت ام سلمة رضي الله عنها: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر».
وقال العلماء: المفتر كل ما يورث الفتور والخدر في الاطراف.
وأضاف: ولا شك ان هناك ادلة للقائلين بالتحريم وأدلة للقائلين بالإباحة وبناء على ذلك فقد جاء في الموسوعة الفقهية التي تصدرها وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت الجزء العاشر ما يلي: ترى لجنة الموسوعة الفقهية ان الدخان يحرم إذا ثبت ضرره لبعض الناس ضررا صرفا خاليا من المنافع، سواء أكان الضرر في العقل او البدن او كان شاربه مضطرا الى صرف ثمنه في حاجاته وحاجات عياله الأساسية فإن لم يكن كذلك فهو مكروه لأن رائحته كريهة منتنة ولأنه لا يخلو من نوع ضرر ولاسيما الاكثار منه فإن ضرره الصحي والمالي حينئذ محقق والقليل منه يجر الى الكثير وخبث رائحته التي لا يشبهها سواها هو اهون مضاره الصحية والنفسية والمالية التي لا تحصى، مبتدئة من دخانه الذي يزعج من حول الشخص المدخن ويفسد هواء البيوت والأمكنة المغلقة الى التهابات قصبات الرئة والسعال الشديد بفعل التسمم البطيء الذي يحدثه في الجسم بفعل ما فيه من القطران وبالمادة السمية التي كشفها التحليل الكيماوي فيه المسماة بـ «النيكوتين» الى سرطان الرئة، هذا المرض الشنيع المميت الذي يقف الطب حتى اليوم تجاهه عاجزا حيران، هذا بالإضافة الى غلاء أثمانه بسبب تركيز الحكومات عليه بالضرائب الباهظة التي قد تبلغ اضعاف قيمته الاصلية وكانت قد وضعته اصلا بغية صرف الناس عنه، لكن الحكومات استمرأت جباية المال عن طريق انتشاره فنشرت بذلك آفة التدخين بين الناس وما فيها من ضراوة لا يتمكن معها المعتاد من ترك التدخين إلا نادرا حتى لقد يبلغ الامر ببعض المدخنين ان ينفق احدهم على التدخين ما يكفي اعاشة اسرة متوسطة. وانتهى كلام الموسوعة ج10، ص107، 108 بالهامش.
اقتراحات
وقال د.المذكور ان بعض العلماء نصوا على منع التدخين في الاماكن العامة غير المساجد نظرا لتأذي الناس برائحته ولإصابتهم بأمراضه مثل مدخنه.
وللإقلال منه تمهيدا لمنعه ضرورة تكثيف التوعية بمضار التدخين والإرشاد الى طرق التخلص منه خاصة بما يتعلق بالجانب الشرعي والصحي، ومنعه منعا باتا في المواصلات والطائرات وفي الأماكن العامة والمحافل ومجامع العلم والذكر ومجالس القضاء وقراءة القرآن، كما يجب منع الإعلان عنه في الصحافة فلا يفيد خط هزيل نحيل لا يرى وسط صفحة كاملة او نصف صفحة ملونة مغرية بالتدخين.
كما يجب ان يضع كل منا في منزله او مكتبه او سيارته عبارة «شكرا لعدم التدخين» مع بعض الآيات القرآنية او الأحاديث النبوية ومراقبة ما يصل من بضائع على شكل سيجارة كأنواع الحلوى والميداليات، وأيضا يجب بيان ان التدخين ليس دليلا على اثبات الشخصية او استقلالها بل هو دليل قوي على ضعف النفس البشرية واستغلالها.
قال تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة). وقال (ولا تقتلوا أنفسكم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار».
[ad_2]
Source link