أسرة فلسطينية لا تتحدث إلا اللغة العربية الفصحى
[ad_1]
بينما كان الأب الدكتور عثمان أبو زنيد عائدا إلى منزله من الجامعة الأردنية خلال تحضيره درجة الدكتوراه، وجد ابنه “أبان” (ثلاثة أعوام ونصف العام) يستخدم حاسبه المحمول فسأله بغضب: أبان، ماذا تفعل؟ فأجابه الابن: أفعل أشياء طيبة.
فأعجب الأب من الإجابة، واحتضن ابنه وقربه إليه وشجعه على التحدث بالعربية الفصحى.
لم يكن يعلم الدكتور عثمان -وهو من سكان ريف الخليل، بالضفة الغربية- في حينه أن ذلك الموقف المفاجئ والعابر سيُحدث تغييرا جذريا في حياة العائلة، ويكون بداية لتنشئة أسرة مختلفة عن محيطها، ليس في أسماء بعض الأبناء فحسب، بل في حديثها داخل المنزل ومع المجتمع المحيط أيضا.
عاهد أبان أباه على الحديث باللغة الفصحى، واستمر عليها حتى باتت لغته الأم، وهذا ما جرى مع باقي أشقائه، وحتى شقيقته التي تكبره “آن”، حيث تأثرت بالبيئة المنزلية وأصبحت تتحدث الفصحى.
بيئة مساعدة
خلال حديثه للجزيرة نت التي نشرت التقرير في منزله المحاط بشجر الزيتون، يؤكد الأكاديمي الفلسطيني أن تعلم اللغة الفصحى لم يكن صعبا، إنما الصعب الآن هو التخلي عنها، باعتبارها باتت لغتهم الأم.
ودرس أبو زنيد اللغة العربية في جامعة بيت لحم بفلسطين، ثم أكمل الماجستير والدكتوراه في الجامعة الأردنية، وعمل في جامعات فلسطينية وسعودية، ويستقر حاليا بمسقط رأسه ببلدة دورا (غرب الخليل).
ويقر الأكاديمي الفلسطيني بالعلاقة بين رحلته في اختصاص اللغة العربية منذ نهاية التسعينيات وتوجه أسرته لهذه اللغة؛ كون تلك اللغة تحتاج دراية وإصرارا وعزيمة وتحصينا من الانهيار أمام المجتمع، مبينا أن اللغة الفصحى اختصار للمسافة بين اللغة العلمية والمستعملة.
وربط أبو زنيد بين عزلته خلال الدراسة ومحدودية علاقاته الاجتماعية مع زملائه الأكاديميين وذوي الاختصاص من جهة ونجاح الأسرة في إتقان اللغة الفصحى من جهة ثانية.
هروب من اللهجات
يقول الأكاديمي الفلسطيني إن ما ساعد أبناءه أيضا اختلاف اللهجة العامية بين منشأ كل من الوالد والوالدة، معتبرا اللغة السليمة ملجأ آمنا للأبناء في ظل هذا التباين.
ويصف أبو زنيد اللغة العربية الفصحى بأنها “لغة الأناقة والجمال والتعبير والحب، فضلا عن أنها لا تضيق عن شيء، وتبعد الفروق اللهجية بين القرى والمدن، بعكس اللغة المحكية الفقيرة والمحدودة”.
مع ذلك، لا يخفي رب الأسرة وجود مشكلات مع بعض أبنائه كالأخطاء النحوية والصرفية في شواذ اللغة العربية؛ كالممنوع من الصرف، “حيث يتفاوت الاتقان ويتم تصحيح الأخطاء والاستفادة منها”.
ويخلص الدكتور عثمان إلى أنه غير نادم على التجربة، التي أكد أنها نالت إعجاب المجتمع المحلي والأصدقاء والمثقفين.
اختلاف إيجابي
ورغم اعتزازهم بفصاحتهم، لا يتطفل الأشقاء الثلاثة على غيرهم؛ فلا يصححون لأحد، ولا يلزمون إلا أنفسهم بالفصحى، وبات احتمال تخلصهم من لغتهم الأم صعبا، وأشبه بتخلي الآخرين عن لغتهم العامية.
وحققت اللغة السليمة للأبناء تفوقا دراسيا، فضلا عن منحهم فرصة للمشاركة في مختلف الأنشطة.
يقول أبان (13 عاما) إنه يشعر باختلاف إيجابي عن باقي زملاء الدراسة الذين اعتادوا عليه، وباتوا يرجعون إليه عند البحث عن مرادفات فصيحة للكلمات العامية.
أما حسين (11 عاما) فيؤكد تعرضه لمضايقات في بداية التحاقه بالمدرسة، مضيفا أنه تغلب عليها بتجاهلها وتشجيع زملائه والمعلمين والعائلة له.
ويقول “ألان” ذو الثمانية أعوام عن تجربته ببساطة؛ “كبرت ووجدتهم (الأشقاء) يتحدثون الفصحى وصرت أتحدث مثلهم”.
[ad_2]