أخبار عربية

“تحيا إسرائيل تحيا تونس” فيديو لفوج سياحي يهودي يثير جدلا واسعا


رغم اختلاف الدين وتداعيات الصراع العربي الإسرائيلي، يواظب قطاع واسع من يهود تونس المقيمين في الخارج على زيارتها لرؤية أقاربهم الذين ما زالوا متشبثين بالبقاء داخل بلدهم الأم.

مصدر الصورة
facebook

وتستقبل جزيرة جربة كل عام آلاف اليهود من شتى أنحاء العالم لأداء طقوس دينية في “معبد الغريبة” الواقع في شرق البلاد.

وتعد هذه المناسبة فرصة لليهود والمسلمين للقاء أصدقاء قدامى أو للتعرف على ديانة الآخر.

وقد شهد عدد الزوار اليهود لكنيس “الغريبة” هذا العام ارتفاعا ملحوظا مقارنة بالسنوات السابقة، في حركة تعكس حنينهم لمسقط رأسهم، الذي غادروه عبر موجات متلاحقة.

لكن زيارة هذا العام لم تمر مرور الكرام، إذ أيقظت جدلا قديما حول استغلال هذه الاحتفالية لاستقبال الحاملين للجنسية الإسرائيلية.

“تحيا تونس وتحيا إسرائيل”

فقبل أيام، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي على وقع خبر يفيد بدخول فوج من السياح الإسرائيليين إلى تونس ليتجولوا قرب المنزل الذي اغتيل فيه السياسي الفلسطيني خليل الوزير.

وكان خليل الوزير، المعروف باسم أبو جهاد، أحد أهم قيادات حركة فتح. وقد اغتيل في عام 1988 في تونس بالتزامن مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى.

وكانت قناة ناطقة بالعبرية قد نشرت تقريرا يظهر مجموعة من الإسرائيليين في تونس وهم يرددون أهازيج وأدعية للجيش الإسرائيلي.

وتظهر سائحة وهي تقول بلغة عربية ركيكة: “فليبارك الله لجميع جنود الجيش الإسرائيلي” وتضيف أخرى: ” تحيا تونس وتحيا إسرائيل”.

وقد سارعت قنوات عربية، من بينها قناة الميادين، إلى تناقل الفيديو.

وشكل الفيديو صدمة لمرتادي مواقع التواصل الاجتماعي التونسيين لما رأوا فيه من استهانة واضحة بتونس وبشعبها وقيمها.

واعتبر تونسيون الفيديو “استعراضا استفزازيا لبطولات الجيش الإسرائيلي”، مطالبين الحكومة بتوضيح.

ووجه نشطاء أصابع الاتهام لوزير السياحة روني الطرابلسي، اليهودي الديانة، بتأمين رحلات لإسرائيليين للمشاركة في موسم “حج الغريبة”.

نفي وتوضيح

من جهته، رفض الطرابلسي “الزج باليهود في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي”، ونبه في تصريح إذاعي من “فبركات إعلامية تقودها جهات في إطار حملة منظمة ضده منذ توليه منصب وزير السياحة”.

لم تطل سهام الانتقادات وزير السياحة فحسب، إذ يرى نشطاء أن هذا الحدث أبرز “قوة الاختراق الإسرائيلي للمجال السياسي والأمني في تونس وفضح تماهي وتواطؤ الحكومة معه”.

هذه الاتهامات فندتها وزارة الداخلية التونسية، إذ نفت قطعا دخول سواح بجواز سفر إسرائيلي.

وأوضحت الوزارة في بيان لها أن المنزل الذي ذكرته قناة الميادين ملك لرجل أعمال تونسي، مضيفة بأن المنزل يبعد قرابة 4 كيلومترات عن المنزل الذي اغتيل فيه أبو جهاد.

لكن يبدو أن توضيح وزارة الداخلية لم يلق آذانا صاغية، إذ يقول مدونون ونشطاء إن الحكومة حاولت التملص من المسؤولية، مشيرين إلى أن السياح المعنيين قد يحملون جنسيات أخرى بالإضافة للجنسية الإسرائيلية.

واستند المشككون في رواية وزارة الداخلية إلى حوادث سابقة قالوا إنها تثبت دخول صحفيين يعملون في قنوات إسرائيلية للتراب التونسي.

قانون يجرم التطبيع

ودعا العديد، من بينهم الصحفي حبيب بوعجيلة، إلى إقالة وزير السياحة لـ “حفظ كرامة الوطنية التونسية”، على حد قولهم.

وقال الصحفي إن الوزير حاول بشكل “خطير قلب الحقائق واللعب على نعرات طائفية باتهامه قناة “الميادين” بتحريف الدبلجة من العبرية للعربية”.

وأدرج نشطاء الحدث في سياق “سياسية عربية أمريكية تهدف إلى تمرير صفقة القرن”.

فعلق نور الدين الموسوي قائلا: “هناك تناغم بين الحكومة التونسية وبين المحور السعودي الأمريكي وكأنهم نسوا الدماء العربية والفلسطينية التي أهدرتها إسرائيل.. وكأنهم جعلوا ترامب شيخهم”.

من جانبه، دعا مرصد “الهيئة الوطنية لدعم المقاومة ومناهضة التطبيع” إلى التسريع في سن قانون يجرم التطبيع، ورفض “تقديم مصالح حزبية واقتصادية ضيقة على حساب الثوابت الوطنية الداعمة للقضية الفلسطينية”.

كما طالب حزب التيار الديمقراطي بـ”فتح تحقيق جدي حول حقيقة دخول حاملي الجنسية الإسرائيلية للتراب التونسي”.

سياسة المحاور

في المقابل، يؤيد تونسيون ما خلص إليه وزير السياحة ويحذرون من توظيف الحج لتصفية حسابات سياسية داخلية.

ويتهم هؤلاء أحزابا سياسية يسارية باستغلال هذا الحدث للتشكيك في التزام التحالف الحاكم بالقضية الفلسطينية.

فعلقت جميلة الدريدي: “توظيف هذا الحدث من قبل قناة الميادين المحسوبة على تيار الممانعة الخيالي هدفه أساسا ضرب الثورة التونسية لإيصال رسالة مفادها: ‘انظروا لهذه الثورة التي تخلت عن فلسطين’. حبنا وتمسكنا بالقضية الفلسطينية ليس محل توظيف وعلى اليساريين العروبيين في تونس أن يفهموا ذلك جيدا بدل التخندق وراء نظام ديكتاتوري”.

في حين يدعو فريق آخر، على قلته، إلى تقديم المصالح الاقتصادية ومد جسور التواصل مع اليهود التونسيين في إسرائيل، قائلين إن ذلك لا يتعارض مع موقف التونسيين الداعم لقضية الشعب الفلسطيني.

وتخوف البعض من أن ينعكس هذا الحدث بالسلب على اليهود داخل تونس، وذكّروا بمواقفهم الوطنية التي رفضت إغراءات إسرائيل وأكدت على تشبثهم بجذورهم التونسية.

تاريخ ضارب في القدم

مصدر الصورة
Anadolu Agency

لم يبق اليوم في تونس سوى نسبة قليلة من اليهود، يتمركز أغلبهم في جزيرة جربة، حيث كنيس “الغريبة” الذي يعد أقدم معبد يهودي في إفريقيا.

وتفيد مراجع تاريخية إلى أن اليهود كانوا يمثلون قرابة 20% من الشعب التونسي قبل الحرب العالمية الثانية.

كما ترجع هذه المصادر التاريخية تاريخ وجود اليهود في تونس إلى القرن الثاني قبل الميلاد، عندما اعتنق بعض السكان المحليين اليهودية بحكم العلاقات التجارية مع المشرق.

وكان لليهود حضور بارز في الحياة السياسية التونسية والثقافية، وتقلدوا مناصب قبل وبعد استقلال تونس من المستعمر الفرنسي عام1957.

ويرجع البعض تقلص عدد اليهود في تونس إلى الغضب الشعبي الذي يربط عادة اليهود بدولة إسرائيل في كل مرة يتصاعد فيها التوتر في الشرق الأوسط.

وتعارض فئات واسعة من المجتمع المدني والأحزاب والنقابات جميع مظاهر التطبيع مع إسرائيل، غير أن الحديث عن توسع الشبكة المؤيدة لإسرائيل داخل البلد بدأ في التزايد.

وفي أبريل/ نسيان الماضي، قضت محكمة تونسية بحظر مشاركة أربعة لاعبين إسرائيليين في مسابقات رياضية داخل أراضيها.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى