الأزهر والإبراهيمية: ما هو “الدين الجديد” الذي رفضه الإمام أحمد الطيب؟ وما علاقته بإسرائيل والإمارات؟
[ad_1]
قبل يومين، وفي كلمته في إطار الاحتفال بالذكرى العاشرة لتأسيس “بيت العائلة المصرية”، تحدث شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب عن “الديانة الإبراهيمية” وهاجمها ووصفها بـ”أضغاث الأحلام”، ليحيي بذلك جدلا يثار ويخبو منذ أكثر من سنة عبر وسائل التواصل. فما القصة؟
ما هي الديانة الإبراهيمية؟
ليس هناك إعلان رسمي حتى الآن لقيام ما يعرف بـ”الديانة الإبراهيمية الجديدة”، إذ ليس لها أسس أو أتباع أو كتاب.
وإنما هي مشروع بدأ الحديث عنه منذ فترة، أساسه العامل المشترك بين الديانات الثلاث، الإسلام والمسيحية واليهودية، باعتبارها أديان إبراهيمية، نسبة إلى النبي إبراهيم.
الهدف المعلن للمشروع هو “التركيز على المشترك بين الديانات والتغاضي عن ما يمكن أن يسبب نزاعات وقتالا بين الشعوب”.
وقد بدأ الترويج للفكرة فعلا في إطار “إقامة السلام بين الشعوب والدول بغض النظر عن الفروقات”.
لماذا الآن؟
ومنذ ذلك الحين أثار المصطلح جدلا يظهر على السطح ويخبو منذ أكثر من عام.
لم يفهم كثيرون لماذا تحدث الإمام عن هذا الأمر، والبعض لم يسمع بهذا المصطلح قط قبل حديث الطيب.
الإطار العام للكلمة التي ألقاها شيخ الأزهر هو التعايش بين معتنقي الأديان المختلفة.
إذ أن بيت العائلة المصرية، جاءت فكرة تأسيسه بعد حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية في مصر، في حديث بين البابا شنودة الثالث ووفد من الأزهر.
فمن المنطقي والمتوقع أن يكون الحديث عن التعايش والتسامح بين الأديان.
ويبدو أن شيخ الأزهر رأى هذا الإطار ملائما للتعليق على مشروع ما يعرف بالديانة الإبراهيمية الجديدة.
بدأ الطيب الحديث عن الأمر بالقول إنه يريد “التنبيه قطعا للشكوك التي يثيرها البعض بغرض الخلط بين التآخي بين الدينين، الإسلامي والمسيحي، وبين امتزاج الدينين وذوبان الفروق والقسمات الخاصة بكل منهما، خاصة في ظل التوجهات والدعوة إلى الإبراهيمية”.
وقال إن هذه الدعوات تطمح فيما يبدو إلى “مزج المسيحية واليهودية والإسلام في دين واحد يجتمع عليه الناس ويخلصهم من بوائق الصراعات”.
لماذا هاجمها الطيب؟
أعلن الطيب رفض الدعوة إلى “الديانة الإبراهيمية الجديدة” وتساءل في خطابه عما إذا كان المقصود من الدعوة “تعاون المؤمنين بالأديان على ما بينها من مشتركات وقيم إنسانية نبيلة أو المقصود صناعة دين جديد لا لون له ولا طعم ولا رائحة” حسب تعبيره.
وقال الطيب إن الدعوة لـ”الإبراهيمية” “تبدو في ظاهر أمرها دعوة للاجتماع الإنساني والقضاء على أسباب النزاعات والصراعات، وهي في الحقيقة دعوة إلى مصادرة حرية الاعتقاد وحرية الإيمان والاختيار”.
ويرى الطيب أن الدعوة إلى توحيد الدين دعوة “أقرب لأضغاث الأحلام منها لإدراك حقائق الأمور وطبائعها”، لأن “اجتماع الخلق على دين واحد أمر مستحيل في العادة التي فطر الله الناس عليها”.
و قال الطيب إن “احترام عقيدة الآخر شيء والإيمان بها شيء آخر”.
إشادات بموقف شيخ الأزهر
قوبلت كلمة الطيب وموقفه من الإبراهيمية بإشادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من مغردين ومن شخصيات معروفة، مثل الداعية عبدالله رشدي الذي قال إن كلمة الطيب “قتلت فكرة الإبراهيمية في مهدها”.
بينما قال آخرون إنه “لا مانع من تحقق هذه الدعوة إذا كانت ستنهي القتال والصراعات وتحل السلام” كما هو معلن من أهدافها.
“حق أريد بن باطل”
لم يذكر شيخ الأزهر أي بعد سياسي للدعوة للديانة الإبراهيمية الجديدة.
لكن غيره عبر عن رفض لهذه الدعوة، باعتبارها “سياسية مغلفة بغطاء ديني”.
ومن بينهم رجل الدين القبطي المصري، الراهب القمص بنيامي، الذي قال إن “الديانة الإبراهيمية دعوة مسيسة تحت مظهر مخادع واستغلال للدين”.
ومن بين الرافضين للديانة الجديدة من يعتبر أن أساس الفكرة لا بأس به إذا كان الهدف فعلا التسامح وإزالة الخلافات القائمة على الاختلافات والفروق الدينية”، لكنهم يرون أن مشروع الدين الإبراهيمي، “سياسي بحت هدفه دعم وتوسيع دائرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل في المنطقة العربية خاصة”.
ما علاقتها بإسرائيل والإمارات؟
تداول مصطلح “الإبراهيمية” والجدل حوله انطلق مع توقيع الإمارات والبحرين اتفاق تطبيع مع إسرائيل في سبتمبر أيلول العام الماضي.
الاتفاق، الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها حينها دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنير، يسمى “الاتفاق الإبراهيمي”.
وفي نص إعلان الاتفاق، المنشور على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية، يرد ما يلي: “نحن نشجع جهود دعم الحوار بين الثقافات والأديان للدفع بثقافة سلام بين الديانات الإبراهيمية الثلاث والإنسانية جمعاء”.
هذه الفقرة، هي منطلق ومركز مبادرات كثيرة صاحبت اتفاق التطبيع وتبعته، فتطبيع العلاقات مع إسرائيل لم يكن صفقة سياسية أو اقتصادية بحتة وإنما انعكس على جوانب ثقافية في حياة كل الأطراف.
وهكذا بدأ الحديث عن التسامح والتواصل والحوار بين البلدان والشعوب والملل والأديان ليتحول فيما بعد إلى حديث عما يعرف بـ”الديانة الإبراهيمية الموحدة”.
وقد كان هذا الارتباط بين مشروع الديانة الإبراهيمية والتطبيع مع إسرائيل سببا لرفض المعارضين للتطبيع للمشروع الديني الجديد، حتى قبل أن تتكشف تفاصيله الكاملة.
دولة أخرى اتهمها رواد مواقع التواصل الاجتماعي المتفاعلون مع الأمر بالترويج للديانة الإبراهيمية الجديدة هي الإمارات، التي وقعت على اتفاق التطبيع مع إسرائيل وبدأت بالفعل في تفعيل تبادل مع إسرائيل في مختلف المجالات، منها الثقافية، وشهد المشهد الديني فيها تغيرا يلائم علاقتها الجديدة مع إسرائيل.
وربط كثيرون بين الدعوة “للإبراهيمية”، وبين “بيت العائلة الإبراهيمية” الذي أمر حاكم دبي محمد بم زايد بتأسيسه في أبوظبي “تخليداً لذكرى الزيارة التاريخية المشتركة للبابا فرنسيس وفضيلة الإمام أحمد الطيب” بداية عام 2019، أي قبل توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل بأكثر من من سنة ونصف.
وسيفتتح “بيت العائلة الإبراهيمية”، الذي يضم مسجدا وكنيسة وكنيسا يهوديا، في عام 2022.
ومن بين المروجين له في الإمارات وسيم يوسف، خطيب جامع الشيخ سلطان بن زايد الأول.
لكن الداعية الكويتي الشهير عثمان الخميس، انتقد “مشروع البيت الإبراهيمي” في الإمارات، واعتبره “كفرا”.
جدل قديم
الجدل حول “الإبراهيمية” ليس وليد كلام شيخ الأزهر.
وكان وقوده في شهر مارس آذار من هذا العام، تغريدة لقائد التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، قال فيها إنه “لا تناقض” بين أن يكون “الدين عند الله الإسلام” وبين “وحدة الأديان”.
وبعد توقيع “الاتفاق الإبراهيمي” وتداول الحديث عن “الديانة الجديدة”، بادر رجال دين ودعاة إلى الإسلام برفض الدعوة، ومنهم من قال إنها “كفر”. ومنهم الداعية طارق السويدان.
وفي شهر فبراير من هذا العام، عقد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء المسلمين، ورابطة المغرب العربي مؤتمرا عنوانه: “موقف الأمة الإسلامية من الديانة الإبراهيمية”.
بينما دافع آخرون عن الفكرة واعتبروها سبيلا للسلام.
[ad_2]
Source link