مجمع سجون وادي النطرون الجديد في مصر: احتفاء بـ”فرصة حياة” وسخرية من “تناقض حكومي” فما القصة؟
[ad_1]
في مشهد بدا غريبا للبعض، احتفلت وزارة الداخلية المصرية بافتتاح أكبر مجمع سجون بمصر في منطقة وادي النطرون، بأغنية أثارت موجة من الانتقادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي بيان على موقع فيسبوك، ذكرت الوزارة بأن السجن مجهز بوسائل حديثة ومريحة تضمن الكرامة للنزلاء، مضيفة بأن الهدف من تدشينه هو “تطوير منظومة التنفيذ العقابي وفقا لثوابت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا”.
ولم يغفل نشطاء ومدونون الحدث، فتلقفوه بشيء من التندر والكثير من التحليل والنقاش حول أوضاع السجون والحريات العامة في مصر.
من جهة أخرى، أفردت وسائل إعلام المصرية جزءا من فقراتها لتغطية افتتاح مجمع السجون الذي فضلت تسميته بـ”مركز الإصلاح والتأهيل”.
كما أشارت صحف مصرية إلى أن وزارة الداخلية دعت عددا من البعثات الدبلوماسية وممثلي المنظمات الحقوقية ولجان حقوق الإنسان بمجلسي النواب والشيوخ، إلى زيارة السجن.
قوبلت تلك الخطوة بسخرية البعض ممن رأوا فيها دليلا على “تناقض الدولة المصرية التي تعلن من جهة عن استراتيجية وطنية للنهوض بحقوق الإنسان وتمضي من جهة أخرى في تدشين سجون جديدة”، وفق تعبيرهم.
على النقيض، يجادل البعض الآخر بأن تدشين سجون جديدة ومتطورة سيعمل على توفير بيئة ملائمة لتأهيل المساجين وإعادة دمجهم في الحياة العامة.
ولدعم كلامهم استدل هؤلاء المغردون بمجموعة صور كانت قد نشرتها وزارة الداخلية تبرز فيها حالة “الرفاهية” التي يقدمها مجمع السجون الجديد.
وكانت وزارة الداخلية المصرية قد أعلنت في وقت سابق عن تغيير مصطلح قطاع السجون في الوزارة إلى قطاع “الحماية المجتمعية”، واستبدال كلمة “السجين” بـ”نزيل”، وهو ما أثار حفيظة نشطاء ممن وصفوا تلك الإجراءات بـ”الشكلية والاستهلاكية”.
وانتقد مدونون ما وصفوه بـ”تجاهل الحكومة المصرية لتطوير البنية التحتية للمستشفيات والمدارس التي تعاني من مشاكل جمة”.
وكالعادة، يجد نشطاء حقوقيون في الدعايات الحكومية حول قطاع السجون فرصة لتسليط الضوء الحديث على أوضاع المعتقلين السياسيين.
إلا أن المدافعين عن الحكومة استنكروا تركيز البعض على السلبيات وتجاهل الجانب الجيد من المبادرة التي تمنح السجين، خاصة المتهمين في قضايا جنائية، “فرصة حياة جديدة”.
“مغازلة للغرب” أم “مباردة حقيقية للإصلاح؟”
و”فرصة للحياة” هو أيضا عنوان فيديو ترويجي أطلقته وزارة الداخلية للتعريف بالسجن الجديد، مرفقا بأغنية من أداء الفنان مدحت صالح والمطربة مي فاروق.
وقد استوقفت الأغنية التي عنوانها “الحق في الحياة” رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ودفعت بالبعض إلى عقد مقارنات بين واقع السجون، الذي وصف بالكارثي، والمشاهد التي نشرت في الفيديو الترويجي لمجمع السجون.
فمن المغردين من يرى أن “المشكلة لا تتعلق بالسجون أو تطويرها بل في العقلية التي تدار بها السجون”.
ومنهم من يرى أن “الغرض من بناء سجن على الطراز الأمريكي هو مغازلة الغرب وتخفيف الضغوط الدولية بشأن ملف حقوق الإنسان في مصر”.
في حين يخشى آخرون من أن تكون “الغاية من افتتاح مجمع السجون الجديد هو إبعاد المعتقلين عن رقابة المنظمات الحقوقية وعزلهم عن أهاليهم نظرا لتواجده في منطقة صحراوية بعيدة عن المناطق السكانية”.
في المقابل، يتهم آخرون من سموهم “المغرضين” بـ”تأليب المجتمع وقلب الحقائق”، قائلين إن المجمع “يعكس حرص الرئيس السيسي على تغيير وجه مصر للأفضل”.
كما يرجع البعض الآخر بناء مجمع السجون في قلب الصحراء إلى “نية الحكومة نقل المساجين من سجن طرة وإخلاء المساحة الضخمة التي يحتلها على ضفاف النيل وسط العاصمة القاهرة للاستفادة منها في بناء مشاريع استثمارية توفر مواطن عمل جديدة”.
أكبر سجن في مصر
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أعلن في مداخلة هاتفية مع التلفزيون المصري، في 15 سبتمبر/أيلول الماضي، عن تدشين مجمع جديد للسجون في وادي النطرون يهدف إلى “توفير سبل الإعاشة والرعاية الطبية والإنسانية للمحتجزين ومعاملة المحتجزين بطريقة آدمية”.
هذا المجمع الواقع عند طريق مصر-الإسكندرية، سيكون واحدا من بين 7 أو 8 سجون في مصر ستصمم وفقا للطراز الأمريكي، بحسب ما قاله السيسي.
وتم تشييد مجمع السجون الجديد أو “مركز الإصلاح والتأهيل” في مدة لا تتجاوز 10 أشهر. وتبلغ مساحته مليون و700 ألف متر مربع، مما يجعله أكبر سجن تم بناؤه في مصر.
وله مدخل ومخرج واحد، ويتكون من عدة مبان، ويضم مركزا للتأهيل والتدريب على الحرف، بالإضافة لمستشفى مركزي.
وعقب تشغيله، ستغلق السلطات 12 سجنا يمثلون 25 % من إجمالي عدد السجون في البلاد، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية.
ويأتي افتتاح المجمع الجديد بعد شهر من إخلاء سبيل نشطاء وصحفيين، ووعود من الحكومة بمزيد من الإفراجات لمعارضين سياسيين وتحسين ظروف المعتقلات.
ولطالما اتهمت منظمات حقوقية ودول غربية أجهزة الأمن المصرية بـ”ترهيب ومضايقة” المدافعين عن حقوق الإنسان وبسوء معاملة المعتقلين السياسيين.
وتقدر منظمات حقوقية عدد الموقوفين السياسيين في مصر بنحو 60 ألف محتجز، منذ تولي السيسي منصبه في 2014.
عادة ما تنفي القاهرة صحة الانتقادات الموجهة إلى سجلها الحقوقي، مؤكدة أنه لا يوجد سجناء رأي أو معتقلون سياسيون في البلاد.
وبعد سنوات من الانتقادات الداخلية والدولية، أصدرت الحكومة المصرية “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان” وتبعها قرار بإلغاء حالة الطوارئ.
وفي الوقت الذي يستبشر فيه البعض بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية مؤخرا ويعتبرونها “بادرة إصلاح حقيقي”، يرى آخرون أنها لن تحرز تقدماً في أوضاع حقوق الإنسان في مصر.
[ad_2]
Source link