طالبان: ما هي أوجه الشبه والاختلاف بين الحركة وتنظيم الدولة الإسلامية؟
[ad_1]
انتشرت مقاطع فيديو حول سيطرة طالبان على العاصمة كابل، وهروب الأفغان بشكل جماعي نحو المطار، كالنار في الهشيم في مواقع التواصل الاجتماعي. وانقسم الشارع العربي بين مهنئ ومعارض، حيث عبّر الكثيرون عن تضامنهم مع الأفغان، في حين أشاد البعض الآخر بانتصار طالبان ووصفوه بـ “انتصار المسلمين على الغرب” موضحين أن طالبان ليست كتنظيم ما يسمى بـ “الدولة الإسلامية” الذي أساء للإسلام بممارساته الوحشية.
إذاً، ماهي نقاط الالتقاء والاختلاف بينهما، وهل يشكل أحدهما خطراً على الآخر؟
العقيدة
ولدت كل من حركة طالبان وتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية من رحم التنظيمات السلفية الجهادية التي سبقتها.
نشأت طالبان في أوائل التسعينيات، وبرز نجمها في عام 1994، في شمالي باكستان، عقب انسحاب قوات الاتحاد السوفيتي السابق من أفغانستان.
وعلى الرغم من نفي باكستان ضلوعها في تأسيس طالبان، إلا أنه يُعتقد على نطاق واسع بأن الحركة بدأت في الظهور لأول مرة في المعاهد الدينية التي تتبنى نهجاً دينياً محافظاً في باكستان، والتي تُمول في الغالب من مصادر خارجية غير مصرح بها.
وحينما وصلت طالبان إلى السلطة في أفغانستان في منتصف التسعينيات وحتى عام 2001، لم تعترف بها سوى ثلاث دول وهي: باكستان والسعودية والإمارات.
وتولى زعامتها الملا عمر، وخلّفه الملا منصور، الذي قتل في غارة أمريكية عام 2016 ليحل محله نائبه المولوي هبة الله أخوند زاده، المعروف بتشدده أيضاً.
أما تنظيم “الدولة الإسلامية”، فيعزو بعض الخبراء بحسب دراسة لمؤسسة كارينغي لشؤون الشرق الأوسط، سبب صعوده، إلى عدة أسباب منها “الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، ودعم إيران للميليشيات الشيعية في المنطقة، ووجود تيار الإسلام السياسي الذي يعتبر الحاضنة لتعصّب تنظيم الدولة الإسلامية”.
ووفرت الحرب الأهلية السورية، بيئة خصبة لنمو التنظيم وتوسعه في المنطقة بوتيرة سريعة.
وعموماً، يرى كل من تنظيم الدولة وطالبان نفسه ممثلاً للإسلام الحقيقي الذي كان يُتبع من قبل المسلمين الأوائل “السلف”، كما يتبنون أفكاراً متشددة تختلف عن تيار الإسلام السائد.
ويعتمد الاثنان في تبرير ممارساتهما العنيفة، على مرجعيات ومؤلّفات رجال دين متشددين أمثال ابن تيمية، عن طريق الأخذ بالقصص والأحاديث التي تُنسب إلى بداية التاريخ الإسلامي.
سياسة التخويف ورفض ثقافة الغرب
تعتمد المجموعتان على ممارسة العنف وأساليب وحشية في الإدارة، لأنه من وجهة نظرهما، الغاية تبرر الوسيلة والحرب خدعة.
ويعتقدان أنهما على حق تماماً، وأنهما يطبقان ما جاء في “كتاب الله وسنة رسوله”، وبالتالي، فإن أي معارضة لهما، هي بمثابة معارضة الله ورسوله. وعلى هذا الأساس، يمنحون أنفسهم الحق في اتباع كافة الأساليب لقمع أي شخص أو فرد أو جماعة مخالفة لرأيهما، مثل الإعدامات العلنية للمدانين بجرائم القتل، أو مرتكبي الزنا أو بتر أيدي من تثبت إدانتهم بالسرقة، أو الرجم بالحجارة وغيرها من الأساليب.
كما يكنّان العداوة للمفاهيم الديمقراطية الغربية، كالمساواة بين الرجل والمرأة، والتعددية، وحقوق الإنسان، وحرية التعبير وغيرها من المفاهيم العصرية، ويتبعان ممارسات صارمة لوأد أي معارضة أو تمرد ضدهما في مهده.
ويرى الاثنان أنهما يحاربان معسكر الكفرة والمنافقين، ويعتمدان في ممارساتهما على الكتب والمرجعيات الدينية المتشددة.
وعلى الرغم من التشابه الكبير بين طالبان وتنظيم الدولة، إلا أنه ثمة اختلافات بارزة.
الحياة الاجتماعية والمرأة
يرى الاثنان أن دور المرأة يقتصر على الإنجاب ورعاية الأطفال والقيام بالأعمال المنزلية. وبالنسبة للنساء، يُجبرن على ارتداء الحجاب والنقاب، أما الرجال فيطلب منهم إطلاق لحاهم.
كما يحظّر الاثنان مشاهدة البرامج التلفزيونية الترفيهية والاستماع إلى الموسيقى وارتياد دور السينما.
وألزم تنظيم “الدولة الإسلامية” وطالبان، أصحاب المحلات التجارية بعدم عرض أزياء النساء، وبتغطية وجوه دمى العرض في واجهات المحلات. ومنعت طالبان ذهاب الفتيات إلى المدرسة عند بلوغهن سن العاشرة.
لكن، وعلى العكس من سياسة طالبان تجاه النساء، عرف تنظيم الدولة كيف يحسن استغلال النساء وقدراتهن في خدمة التنظيم. وتم تدريبهن (وخاصة اللواتي انضممن إليه من أوروبا) على كيفية نشر الدعاية وتجنيد الفتيات عبر الإنترنت، كما سُمح لهن بالعمل طبيبات وممرضات ومعلمات وموظفات، ولعبت بعضهن دوراً في مراقبة النساء الأخريات الأقل التزاما بنظام التنظيم في منازلهن والإبلاغ عنهن.
ولم يتوقف التنظيم عند هذا الحد، بل أنشأ كتيبة شرطة نسائيةحملت اسم “كتيبة الخنساء”، بعد أن بسط التنظيم سيطرته خلال زمن قياسي على مدينتي الموصل في العراق والرقة في سوريا.
هل العدو مشترك؟
لا، لأن التنظيم يرى أن ألدّ أعداء الإسلام هم أعداء الداخل قبل الخارج. ويرون أنه بإمكانهم استدراج عدو الخارج (البعيد) إلى المنطقة عن طريق ضرب أعداء الداخل (الحكومات في البلدان المسلمة التي لها علاقات مع الغرب، وطوائف الإسلام الأخرى).
وهذا ما حدث بالفعل في سوريا والعراق، حيث جرّ التنظيم عشرات الدول الأوروبية إلى الحرب هناك.
علاوة على ذلك، فإن تنظيم الدولة توسعي لا يعترف بالحدود، وينظر إلى العالم أجمع كعدو ما “لم يؤمن ويحكم بكتاب الله وسنة رسوله”، كما فعل “السلف الصالح” على حد زعمه.
وصنفت الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى، تنظيم الدولة ضمن قائمة الإرهاب، في حين لم تُصنف طالبان كحركة إرهابية.
أما طالبان فتحصر نشاطها ضمن حدود دولة افغانستان.
وتركز الحركة، التي غالبية أعضائها من قومية البشتون، على مناطق معينة، حيث يعيش البشتون، مثل باكستان وأفغانستان. فهي ذات توجه قبلي منذ نشأتها.
لكن تنظيم الدولة، وعلى عكس طالبان، سعى منذ البداية إلى جذب أعراق وجنسيات مختلفة من جميع أنحاء العالم، وعينهم قادة وضباط في صفوفه، مثل العرب والأكراد والتركمان والشيشان والأوزبك والكازاخ والطاجيك والإيغور وغيرهم.
وكثيرا ما انتقد التنظيم من خلال تصريحات قاداته، القاعدة لالتزامهم بالقبلية، بينما تفاخروا بفكرهم ونهجهم “العابر للحدود” بحسب وصفهم.
المدارس والتعليم
كانت طالبان معادية بشدة للتعليم الحديث خلال فترة حكمها، فقد ألغت المدارس تماماً في بعض الأحيان، وفي حال المعارضة الشديدة من قبل السكان، كانوا يسمحون بالمدارس ولكن يقللون من مواد علمية كالفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية، ويدخلون بدلاً من ذلك مواد دينية مثل الفقه والأحاديث النبوية وغيرها.
أما تنظيم الدولة، فلم يعارض التعليم الحديث ولم يلغيه، بل ألغى بعض المواد التي لا تناسب أفكارهم مثل الموسيقى وأبقى على المواد الضرورية كالعلوم واللغة وغيرها، وأضاف المزيد من المواد الدينية إلى المناهج التعليمية.
من أين يتلقون الدعم؟
ليست هناك قوة إقليمية أو دولية تدعم تنظيم الدولة بشكل رسمي وعلني، ومسألة الجهات الداعمة للتنظيم معقدة وشائكة، كما أنهم استولوا على الكثير من المعدات العسكرية الأمريكية والأوروبية أثناء سيطرتهم على مناطق عدة في العراق وتجارتهم بالنفط حينما سيطروا على الآبار في سوريا والعراق.
أما طالبان فعدا عن زراعة الخشخاش التي انتشرت في معظم ولايات أفغانستان، لديها صلات واضحة بباكستان منذ البداية ولم تتغير علاقتها بها أبداً، كما جاء ذلك في خطب وزير الداخلية الباكستاني السابق ناصر الله بابار ورئيس المخابرات الباكستانية السابق أسد دوراني وبرويز مشرف الرئيس السابق للدولة.
هل يشكل تنظيم الدولة الإسلامية خطراً على طالبان؟
رغم انهيار التنظيم في العراق وسوريا، إلا أنه لا يزال صامداً في “ولاية خراسان” في أفغانستان، التي تأسست من قبل مجموعة من المسلحين والمنشقين عن حركة طالبان باكستان (يُعرفون أيضاً باسم طالبان البنجاب) وطالبان أفغانستان في عام 2015.
وتشمل “ولاية خراسان” حسب ادبياتهم كل من أفغانستان وأجزاء من باكستان وإيران وأزبكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان، لكن التنظيم لا يزال يُعرف باسم “داعش” في أفغانستان.
وانضم إلى هذا التنظيم الكثير من السلفيين المختلفين مع قادة طالبان، متهمين الأخيرة بأنها عميلة للاستخبارات الباكستانية، ويهدف التنظيم إلى محاربة جميع الحركات المسلحة في “ولاية خراسان” مثل طالبان والقاعدة، إلى جانب حكومات المنطقة. وقد تبنى التنظيم عدة عمليات عسكرية في أفغانستان راح ضحيتها المئات حتى الآن.
ولا تزال “ولاية خراسان” تتوعد منافستها طالبان، وغيرها من الجماعات المسلحة في المنطقة بفعل المزيد. ويبقى السؤال الملح: هل سيشتد عود التنظيم بعد أن فرغت الساحة من الوجود الأجنبي والأسلحة الثقيلة ويندلع صراع دام بين الطرفين على الساحة الأفغانية أم سيتعايشان مع بعضهما؟
[ad_2]
Source link