الروح والريه يعالج قضايا حساسة | جريدة الأنباء
[ad_1]
مفرح الشمري
المتابع لأعمال الكاتبة أنفال الدويسان الدرامية يلاحظ أن أعمالها نابعة من الواقع الذي نعيشه حيث يشعر من يتابعها بأن فيها روح أهل الكويت والخليج بعاداتهم وتقاليدهم بخلاف الكثير من الأعمال الدرامية التلفزيونية الأخرى.
أنفال عندما تكتب عن العلاقات الأسرية والصداقات البريئة والحب العفيف تحترم في كتابتها المتلقي في تناول مثل هذه الموضوعات حتى لا تخدش حياءه وهو يشاهدها مع أفراد أسرته، وهذا ما شعرت به وأنا أتابع مسلسلها الجديد «الروح والريه» المعروض على شاشة تلفزيون الكويت، عمل مليء بالواقعية وبعيد عن «العقد الدرامية» التي يتبعها بعض الكتاب، يجذبك منذ الوهلة الأولى وتحديدا من عنوانه «القريب من القلب» باللهجة المحلية، والذي يحمل بين طياته معاني جميلة لعمل راقٍ شكلا ومضمونا.
المسلسل من إخراج منير الزعبي وبطولة نخبة مميزة من الفنانات والفنانين منهم: هبة الدري، وريم ارحمه، وشيماء علي، وعبدالله التركماني، وفهد البناي، وإيمان الحسيني، وفاطمة الحوسني، وصمود المؤمن، وفيصل فريد، ونواف العلي، وإبراهيم الشيخلي، شهاب حاجية ومحمد الحملي وعبدالله الفريح وغانم العلي، والأطفال جنى الفيلكاوي، وأحمد بن حسين، والزين بوراشد وآخرون.
ثنائي ناجح
استطاع الثنائي الدويسان والزعبي من خلال هذا العمل أن يعودا بنا إلى أجواء مسلسلات الثمانينيات والتسعينيات، لأن أحداثه تدور في تلك الحقبتين، ويحمل طابعا اجتماعيا بحتا، وتدور أحداثه حول أسرة متماسكة لأبعد الحدود أو مثل ما نقول «أسرة شايلين بعض» بالسراء والضراء، وتنطلق الأحداث بوفاة أم هذه الأسرة (فيّ الشرقاوي) لتقوم البنت الكبرى «آمنة» (هبة الدري) بمساندة والدها (عبدالله التركماني) في تربية اخوتها «هنادي» (ريم أرحمه) و«نادية» (إيمان الحسيني) و«مشاري» (فهد البناي) و«سند» (فيصل فريد) حتى يكبروا ويتزوجوا دون اهتمامها بنفسها وحياتها الشخصية، ومع مرور الوقت يتزوج أخوها «مشاري» من «سجى» (صمود المؤمن) وتنجب توأما، ومن بعدها تطلب الطلاق لأنه لم ينفذ طلباتها المتكررة، ومع مرور الوقت يُسجن «مشاري» بسبب قضية رفعتها عليه «سجى»، لتقوم «آمنة» مرة أخرى بتربية «عيال أخوها» بعد ان رزقها الله بالزواج من «مشعل» (يعقوب عبدالله) الرجل الطيب، لكن اخته «عفاف» (فاطمة الحوسني) لا تسمح لـ «آمنة» بأن تعيش بأمان، فتختلق المشاكل معها حتى تجعلها تترك البيت وتذهب إلى بيت أهلها، ولكن «مشعل» لم يتحمل غيابها فأعادها إلى البيت، لتتزوج لاحقا «عفاف» (فاطمة الحوسني) من «سعد» (شهاب حاجية) ويعود الاستقرار للبيت.
الطيبة والحبوبة
أما الأخت الوسطى «هنادي» (ريم أرحمه) فتتزوج من «رياض» (محمد الدوسري) الذي كان متزوجا من «خلود» (شيماء علي)، وطلقها بأمر والدها بعد ان كان سببا في خسارة أموال الشركة.
«هنادي» تحملت الكثير في تربية أولاد «خلود»، ولكن قلب زوجها ظل معلّقا بزوجته الأولى التي قامت بتأجير منزل أمام منزله حتى تكون قريبة منه، لعل وعسى يعيدها الى عصمته بعدما طلبت من أولادها عدم سماع كلام «هنادي» في أي شيء تطلبه منهم، الأمر الذي جعل «هنادي» تغادر إلى بيت أهلها حتى يحسم زوجها «رياض» الأمر بينها وبين «خلود» زوجته السابقة، خصوصا بعد ان اكتشف أنها كانت سببا في المشاكل التي حدثت بينه وبين «هنادي» التي يحبها أطفاله «شيخة» (جنى الفيلكاوي) و«حصة» (الزين بوراشد) و«فهد» (أحمد بن حسين)، وبعد محاولات نجحت شيخة بعودة زوجة أبيها «هنادي» إلى البيت لأنها تحبها هي وإخوتها أكثر من أمها «خلود» (شيماء علي) المثيرة للمشاكل والتي تتصرف بطريقة غريبة مع هنادي الطيبة والحبوبة، كما يصفونها.
الأخت الصغرى «نادية» (إيمان الحسيني) تعشق الرومانسية، لذلك تزوجت «ناصر» (نواف العلي) بعد قصة حب لتكتشف انه عاجز جنسيا، فتعيش في حيرة مع نفسها بعد رفضه طلبها بأن يتعالج، ومع مرور الوقت تقرر نادية العيش في بيت أهلها حتى يحدد زوجها مصيره بالعلاج أو بالانفصال عنها، ولكن «ناصر» يقتنع بكلامها ويذهب للعلاج ليعود إلى حبيبته نادية.
أما الأخ الأصغر «سند» (فيصل فريد) المحب للرياضة ولمن حوله فهو يساعد الجميع دون مقابل، بذل قصارى جهده لإنقاذ صديقه «يوسف» (إبراهيم الشيخلي) من الإدمان ونجح في ذلك لكن صديقه لم يتحمل العيش وسط أسرته فسافر، ومع ذلك ظل «سند» يسأل عنه ويتابع أخباره، مُعطيا أنموذجا للصديق الوفي الذي يقف مع صديقه حتى النهاية من دون مقابل.
عنوان موفق
«الروح والريه» عنوان موفق لهذا المسلسل الاجتماعي الذي يتماشى مع أجواء الشهر الفضيل، عنوان تم تجسيده من خلال علاقة أسرة «عبدالله التركماني» المتماسكة مع بعضها البعض، وهو تعبير عن شدة الحب والإعجاب، فالروح هنا معناها الحياة والتعّلق بمن نحب، ومصدر هذه الحياة التي تعيشها هذه الأسرة والدهم المتعلق بروح والدتهم «سعاد» (فيّ الشرقاوي) التي كانت بالنسبة له كل شيء، فهي روحه والرئة التي يتنفس من خلالها، ولا شعوريا انتقل هذا الإحساس والعشق إلى أولادهما الذين لم تفرقهم الدنيا على الرغم من المصاعب التي مروا بها، وهم عندما يجتمعون ينسون الدنيا وهمومها.
سر النجاح
الرؤية الإخراجية التي قدمها منير الزعبي جيدة، وهو يحافظ على رتم الأحداث وشكل الأعمال الدرامية التي كانت تقدم في الثمانينيات والتسعينيات من خلال اختياره للوكيشن التصوير والإضاءة التي تصدى لها محمد صالح والأزياء التي صممتها د.ابتسام الحمادي، حيث شعرنا من خلالهما اننا بالفعل في حقبة الثمانينيات والتسعينيات، بالإضافة إلى الموسيقى التصويرية المتماشية مع أحداث العمل، وتذكرنا بموسيقى أعمال تلك الحقبة، حيث برع المايسترو جمال القايد في تلحينها مضيفا جمالية على المسلسل ساعدت كثيرا في جذب المشاهد لعمل يمكن أن نصفه بـ «النظيف» من جميع النواحي ويتطرق بمسؤولية وتهذيب لقضايا حساسة مثل إدمان المخدرات والعنف الأسري والعجز الجنسي.
نجاح الزعبي في رؤيته الاخراجية يدل على التفاهم الكبير بينه وبين أعمال أنفال الدويسان، التي تعاونت معه في أكثر من عمل، وهذا هو سر نجاح مسلسل «الروح والريه»، ومن الواضح ان المخرج منير الزعبي أخرج هذا العمل «بنفس حلوة» لأن بين يديه نصا متكاملا، وهذا من الأمور المهمة لأي مخرج حتى يرسم رؤيته الإخراجية بارتياح.
الأداء التمثيلي
الطاقم التمثيلي للعمل نجح في توصيل رسالته، ولا تشعر على مدى الحلقات بأي إيقاع هابط في أي مشهد إلا ما ندر، وهذا ان دل فإنه يدل على حسن إسناد الأدوار، لذلك نجد الأداء التمثيلي يتصاعد حلقة بعد أخرى خصوصا في مشاهد هبة الدري ويعقوب عبدالله ومشاهد ريم ارحمه مع زوجها محمد الدوسري وطليقته شيماء علي ومشاهد فهد البناي مع زوجته صمود المؤمن تحديدا بعد دخوله السجن، حيث أثبت انه يستطيع تمثيل أدوار جادة والمطلوب منه الغوص فيها اكثر، بالاضافة إلى ايمان الحسيني وفيصل فريد الذي تحمل المسؤولية لتلبية احتياجات والده المسن عبدالله التركماني الذي بدوره اجاد شخصية الرجل المسن والمحب لزوجته التي توفيت، وذلك بطريقة جميلة أظهر فيها قدراته الفنية العالية، ولا أنسى أداء الفنان شهاب حاجية «العفوي» خصوصا انه كان ضيف شرف في العمل، بالاضافة إلى أداء الأطفال جنى الفيلكاوي والزين بوراشد وأحمد بن حسين، فقد كانوا أيضا في غاية الروعة خصوصا جنى والزين.
أخيرا، يبقى أن نقول ان مسلسل «الروح والريه» صالح لأي زمان لأن مشاكله واقعية وتحدث في أي بيت خليجي وعربي، وتناول مثل هذه المشاكل من قبل الكاتبة أنفال الدويسان يحسب لها لأنها تضعها تحت المجهر حتى يتفاداها الجميع للعيش بحب وأمان واستقرار.
اقرأ أيضاً
[ad_2]
Source link