الحرب في سوريا: “هذا هو الثمن الذي كان علينا دفعه مقابل الحرية”
[ad_1]
- مروة ناصر
- بي بي سي نيوز عربي
خرج السوريون في مارس/آذار 2011 بعد أن انتقلت شرارة الربيع العربي إلى بلدهم، مطالبين بالحرية والديمقراطية والإطاحة بنظام بشار الأسد من الحكم. لكن هذا الحلم تحول إلى كابوس حرب اشتعلت ولم تنطفئ نارها حتى الآن، وأزمة لاجئين وقودها ملايين السوريين الفارين من الحرب، وأزمات اقتصادية متعاقبة تعتصر من بقي في البلاد.
وبعد عشر سنوات من عصف الربيع العربي بسوريا، نرصد شهادات من سوريين يروون لنا ما أزهرته ثورة الياسمين.
“لا ألوم الثورة على خساراتي”
غياث أبو أحمد – 30 سنة – صحفي حر
كنت أهوى التصوير، فالتقطتُ الكاميرا أراقب المظاهرة التي انطلقت من أمام منزلي في داريا عام 2011. كنت أسجل من بعيد لحظات أشاهدها لأول مرة في حياتي.
تابعنا الحراك في تونس ومصر، لكننا لم نتوقع أبدا أن نخرج نحن أيضا في تجمعات كبيرة. ما لبثتُ أن شاركت في التنسيق للمظاهرات متمنيا أن ننعم بحرية كتلك التي حققها التونسيون والمصريون.
لكن سرعان ما تغير كل شيء، وشهدت بلدتي داريا مجزرة في أغسطس/آب عام 2012 قُتل فيها المئات. فقدت الكثير من جيراني وأصدقائي في يومين فقط، هما أصعب وقت مررت به خلال السنوات العشر الماضية. كان هذا هو الحد الفاصل، إذشعرت بخوف وحزن شديدين ولم أجرؤ على الخروج من بلدتي بعدها للمشاركة في أي مظاهرات.
تعرضت داريا لحصار طويل تركني أشعر بالمرارة، كنت أنظر على مدى الأفق لأرى دمشق مضاءة بالأنوار، في حين نعيش نحن في ظلام دامس. أناس تنعم بحرية التنقل ورغد العيش، في حين نجد أنفسنا في دمار وحصار.
كنت أشعر بالضياع التام حين هُجّرت قسرا من داريا إلى إدلب في عام 2016، كالسمك بدون ماء.
كل خططي في الحياة دُمرت في لحظة. لكني لم أندم أبدا. لو خيروني أن يرجع بي الزمن إلى 2011، لاخترت أن تصير الثورة وشاركت فيها مرة ثانية رغم ما خسرته. فقد أُعتقل والداي وقُتل أخي، لكن هذا ثمن الحرية. ولا ألوم الثورة على خساراتي، بل ألوم إجرام النظام السوري.
من رُزق الحرية لا يستطيع العودة إلى العبودية. كنت قبل الثورة شابا لا يكترث بالسياسة ولا بالتغيير، أطمح فقط إلى الانتهاء من دراستي والزواج والعمل بالتجارة، لكن عشر سنوات من الصراع جعلتني شخصا آخر يريد تغيير أوضاع مجتمعه، وأصبحت شخصا مؤثرا في من حولي، أنقل لهم أفكاري بالكتابة والتصوير.
صحيح لم تنتصر الثورة بعد، لكننا حصلنا على مساحة من الحرية لم تكن هناك من قبل. كان هناك صوت واحد لا يجرؤ أحد على أن يعارضه، وكان يستحيل أن أعمل بالصحافة لولا الثورة”.
“لا أخبر ابني أي شيء عن الحرب”
نور الشام – 28 سنة – متطوعة بالإغاثة
كنت أعيش مع عائلتي في ريف إدلب الجنوبي في منزل كبير، والآن نعيش في خيمة.
في عام 2019، بدأ النظام حملته على ريف إدلب الجنوبي ما اضطرنا للهروب من القصف والنزوح إلى مخيمات ريف إدلب الشمالي.
فقدت ابن عمي وبنت خالي في قصف على منازلهم. واعتُقل أخي عام 2012، ولا نعلم أين هو حتى الآن.
لم ينقصنا شيء في بلدتنا سوى الحرية، نزحنا عن بيتنا وصرنا نعيش في مخيمات بدائية عبارة عن قطعة أرض تنتشر بها مئات الخيام، وغرف صغيرة مسبقة الصنع.
في الشتاء، يتحول المخيم إلى مستنقع يغمره الماء والطين. وفي الصيف يكسوه الغبار الكثيف وتنتشر به الحشرات. جو المخيمات غير صالح للعيش وتأمين كافة احتياجات الحياة… مأساة!
أعيش مع أمي وطفلي في خيمة صغيرة، واضطر زوجي أن يتركنا وذهب إلى تركيا للعمل هناك. لا أخبر ابني أي شيء عن الحرب، ولا أحكي له ما يدور حولنا حتى لا يترسب الحزن في نفسه.
كنت أدرس في جامعة حلب، لكنني اضطررتُ إلى ترك الجامعة بعد عدة أشهر من نشاطاتي بالمظاهرات المناهضة للحكومة بسبب المضايقات الأمنية.
التحقت بالعمل الإنساني عام 2014 مع عدة جمعيات خيرية وفرق إغاثية. فقدت فرصتي في التعليم. أحلم بإكمال دراستي، لكنه أمر شبه مستحيل.
لا يفكر أحد في المستقبل، وأصبح هم كل منا بالمخيمات هو البحث عن مصدر عيش فقط من أجل البقاء.
“كل سوري اليوم يعاني في أي مكان”
فادي موصلي – 40 سنة – – – – – – – –موظف في الصليب الأحمر
أعيش في ألمانيا جسدا بلا روح. أنظر إلى صور الشام حيث عشت وأبكي. أحن دائما إلى حياتي في سوريا، فالغربة أكثر ما يؤلمني الآن. أحيانا أشتاق إلى الحجر والشجر في سوريا. أشتاق إلى الشارع الذي كنت أعيش فيه، وإلى أهلي وأصدقائي. ماتت أمي ولم أستطع حتى أن أزور قبرها.
في نهاية عام 2012 علمت أنني لا أستطيع البقاء في سوريا. كنت أشعر بالتهديد طوال الوقت، خاصة بعد أن أُلقي القبض على الكثير من أصدقائي في دمشق ممن شاركوا في المظاهرات المطالبة بالحرية والعدالة.
اضطررت للرحيل خوفا على أطفالي، ولو بقيت لأصبحت مجرد رقم مثل سجناء قيصر. ولعل كوني في ألمانيا يساعدني على إيصال صوت باقي السوريين إلى العالم. تمكنت هنا من الانضمام لحزب سياسي، والمشاركة في العملية السياسية في مناخ ديمقراطي أتمنى أن تنعم به بلادنا يوما ما.
يحزنني أن أرى صور الشعب السوري وآلة الحرب الممنهجة من النظام السوري تفتك بهم، ولم يحرك أحد ساكنا ليوقف مشاهد القتل كل هذه السنين.
تحزنني محاولات إخراج الثورة عن مسارها وترويج أنها حرب طائفية أو أزمة أو حرب بالوكالة. يحزنني تشريد السوريين بالمخيمات ودول الجوار. كل سوري اليوم يعاني في أي مكان يعيش به ويعتصره الحنين والشوق إلى بلده.
خرجنا نطالب بالحرية فقابلنا النظام بالرصاص. كنا نحلم بالكرامة التي لم ننعم بها قبل الثورة السورية.
أحلم بأن تنجح الثورة وأن يجمعنا الحب والحرية والديمقراطية، وأن تتفق جميع مكونات الشعب السوري على حل سياسي واحد، ويحاسب كل من أجرم بحق الشعب السوري سواء من النظام أو المعارضة.
“نحن من يدفع الثمن دائما”
سارة رامي – 40 سنة – معلمة
عندما انطلقت المظاهرات، كنت أشعر بخوف شديد دفعني للبقاء في المنزل معظم الوقت.
خرج أناس بسطاء يطالبون بالحريات، وكانت مظاهراتهم عفوية، لكن مطالبهم لم تكن منظمة ولم يكن لهم قائد.
رأيت لافتات تحمل مطالب طائفية وتنادي بالفرقة بيننا. كنت أتمنى أن تخرج المظاهرات من المراكز الثقافية أو من الجامعة وليس من المساجد، حتى لا تكون للمطالب صبغة دينية ولا تكون خاصة بطائفة معينة.
نحن نعيش معا بدمشق، ولا يفرقنا اختلاف الأديان. أعيش جوار عائلات مسيحية ومسلمة من السنة والشيعة والعلوية. قبل الثورة، لم نشعر باختلافنا أبدا. لكن بعد هذه الأزمة، انتشر في جامعتي سؤال “إلى أي طائفة تنتمين وفي أي منطقة تسكنين؟” فخسرت بسببه عددا من أصدقائي.
كانت القذائف تُلقى علينا ولا نعلم من يطلقها. قُتلت شقيقتي عام 2016 بسبب إحدى هذه القذائف، أُطلقت من منطقة بها مسلحون.
لا ألوم المتظاهرين من الناس البسطاء الذين خرجوا يطالبون بحقوقهم، لكن هناك من تكسّب من الحراك واتجه إلى التسليح والإرهاب والتطرف الديني. صارت هناك فصائل مسلحة بعدد شعر رؤوسنا، وانتشرت لهم أسماء عجيبة. وصار كل خمسة أشخاص عصابة تستهدف الناس حسب هوياتهم. وفي النهاية، حدثت أخطاء من الدولة ومن المتظاهرين، في وجود فريق ثالث عمل على الإيقاع بينهما.
قُتل أشخاص لمجرد كونهم موظفين بالحكومة. لا أعلم من كان يقتلهم. وكنا نسمع بعصابات ومسلحين من عشرات الفصائل واتجاهات مختلفة كل يوم. كنت أخشى على سلامة والدتي إن خرجت من المنزل لأنها موظفة بالدولة. تعرضت حافلة تقل والدتي إلى القنص في طريقها من ريف دمشق بعد مهمة عمل هناك.
تسببت سنوات الحرب بإصابتي برهاب من أي صوت عال. يصيبني الهلع وأرتجف وتتسارع دقات قلبي إذا سمعت صوت الرعد. وأصبح يسيطر علي هاجس أن هناك انفجارا قد يحدث في أي لحظة، خاصة وأنا بداخل سيارة الأجرة في طريقي إلى المنزل.
بعد عشر سنوات من هذه الأزمة، أصبح الوضع الأمني داخل المدن أفضل، لكن الوضع الاقتصادي مازال سيئا. نأمل أن تدفع الحكومة الجديدة أمريكا إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا. المواطنون هم من يعانون تحت وطأة العقوبات وليس المسؤولين.
نحن من يدفع الثمن دائما. وبالحرب يضيع كل شيء، القبيح والجميل.
“الثورة السورية انتصرت لأن الشعب واجه النظام”
هارون الأسود – 33 سنة – صحفي
كنت أشاهد التلفاز يوم 24 يونيو/ حزيران 2012 وأتابع بفخر انتصار المصريين في ثورتهم يوم أعلنوا فوز محمد مرسي رئيسا للبلاد. خرجت من البيت للتظاهر يغمرني الحماس بالتجربة المصرية، لكن قوات الأمن ألقت القبض علي يومها.
ذقت جميع أنواع العذاب الجسدي والنفسي في السجن مدة عام كامل. حُرمت من الطعام والماء والخروج إلى دورات المياه. كنت أتمنى الموت، لكن الأمل في خروجي من السجن أعطاني القوة لأعيش.
وبعد شهر من إطلاق سراحي، استدعتني المحكمة مرة أخرى. لم يكن أمامي خيار بعدها غير الخروج من دمشق أو تسليم نفسي إلى المحكمة بلا ضمان بإخلاء سبيلي مرة ثانية.
أعيش الآن في تركيا بعد أن ضجرت من الفساد الذي حل بالمعارضة، وبعد أن صعُب عليّ العمل في الصحافة من داخل سوريا. لكني أشعر أني ما زلت أعيش في سوريا لقربي جغرافيا وتواصلي المستمر بالناس هناك.
المظاهرات انطلقت من المساجد، لكنها لم تكن أبدًا ثورة إسلامية ولا حراكا إسلاميا. تجمُع الناس للصلاة يوم الجمعة أعطاهم قوة وجعلهم يشعرون بوحدتهم، ومحى ما تسرب في نفوسهم من خوف. لم ننادِ أبدا بأي مطالب طائفية أو دينية. كنا نطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية وإيقاف حالة الطوارئ.
شُردت من بيتي منذ تسع سنوات، وأواجه اتهامات بالإرهاب والتواصل مع جهات خارجية عقابًا على مشاركتي بالمظاهرات، لكني أتمنى أن يأتي اليوم الذي أعود فيه إلى بيتي.
لدي أمل أن ينتصر الحق بالنهاية ويحاسب بشار الأسد وحكومته على جرائمهم بحق الشعب السوري.
بعد عشر سنوات من الثورة، نستطيع أن نقول إننا نجحنا في كسر حاجز الصمت والخوف في سوريا بعد أن امتد لعقود طويلة من القمع. كشفنا حقيقة النظام الذي ارتكب انتهاكات لا تغتفر بحقنا.
الثورة السورية انتصرت لأن الشعب السوري واجه النظام الذي يحكمه بقبضة من حديد، لكن ثلاث دول أخرى سيطرت على ساحات القتال وتسببت في تشريد السوريين.
“كان يحز في نفسي أن يستيقظ طفلي ويطلب مني شطيرة فلا أجد ما يسد جوعه”
صافية – 45 سنة – ربة منزل
هربت أنا وزوجي وأطفالنا الأربعة من حمص بعد عام من بداية الثورة، على أمل العودة عندما يكف النظام هجومه. لكننا لم ننعم بالاستقرار أو الأمان طوال السنوات التسعة الماضية.
غامرنا في عام 2018 بالنزوح من بلدة لبلدة باتجاه الشمال السوري، بعيدا عن قبضة النظام. تتحرك سيارتنا المكشوفة وسط القذائف. فالموت أهون عندنا من الاعتقال.
كنا كالجماد، لم ينبس أحد منا بكلمة. لم يقو أحد على الكلام. كنا كلما ظننا أننا بأمان، أعادنا صوت قصف جديد إلى أرض الواقع.
عشت أصعب أيام حياتي أثناء حصار الغوطة الشرقية الذي استمر خمسة أعوام منذ عام 2013. لم يُسمح لنا بالدواء ولا بأي مواد غذائية كالأرز والدقيق. لم نجد ما نسد به رمقنا غير أوراق الملفوف. كان يحز في نفسي أن يستيقظ طفلي الصغير ليلا ويطلب مني شطيرة فلا أجد ما يسد جوعه. هناك أشياء كثيرة مررت بها لا أنساها وأتمنى أن تنمحي من ذاكرتي.
تعرض زوجي وأبنائي للتعذيب من قبل قوات الأمن التركية بعد وصولنا للمعبر ونحن نحاول الهروب من إدلب قبل عامين.
عُذبوا بسبب اكتشاف رجال الأمن التركي أن زوجي وثلاثة من أبنائي يعملون بالصحافة. كنت أصرخ بالضابط التركي “بأي حق تفعل ذلك! اتركوهم. ما ذنبهم؟” لا أعرف من أين أتيت بهذه القوة. قبل ذلك، كان الرعب يتملكني من أي شخص ينتمي للأمن، ربما انفجرت فيه بسبب كل ما رأيت من ظلم وإهانة وذل.
تواصلت معنا السلطات التركية بعد أن تحدث زوجي عن الحادث واعتذروا لنا، وأكدوا أنه تصرف فردي وسمحوا لنا بدخول تركيا. لكننا لم نبق فيها غير شهور قبل أن ننتقل إلى فرنسا.
أفتقد أهلي وإخوتي وجيراني، لكن لم يعد عندي أمل في أن أرى أحدا منهم. تتوارد الأخبار إلي بوفاة أحدهم، فينعدم عندي الأمل في رؤية من بقي منهم على قيد الحياة. توفي والدي ولم أستطع أن أراه للمرة الأخيرة.
ورغم بعدي عن أهلي وبلدي، أعلم جيدا أن الثورة كانت حدثا لابد منه. أنا مجرد شخص من ملايين في سوريا فقدوا بيوتهم وحُرموا من لقاء ذويهم. أنا مثلي مثلهم.
كان جواسيس النظام مزروعين في كل الشوارع والأماكن التجارية. كان الناس يخشون من الكلام حتى داخل بيوتهم. الجميع صمت طويلا حتى انفجروا بالخروج ضد فساد النظام.
طفح الكيل بنا.
“كأني ورقة شجر سقطت على أرض لا تتقبلها”
يونس الكريم – 40 سنة – محلل اقتصادي
قبل الثورة كنت مستشارا اقتصاديا لرجال أعمال بارزين، وكان لدي مكتب دراسات اقتصادية بسوريا. لكنني الآن أعمل في فرنسا بمهنة تؤرقني نفسيا، فرغم كل معرفتي ودرجة الماجستير التي أحملها، اضطررت أن أحصل على قوت يومي كعامل نظافة بمطعم.
اعتُقلت لبضعة شهور عام 2014 بسبب محاولتي تأسيس حزب سياسي وتخطيط السياسات الاقتصادية له. وبعد خروجي من السجن، شعرت أن حياتي في خطر، فنزحت أنا وأسرتي إلى لبنان ومنها إلى فرنسا.
شاركت في بداية المظاهرات كمسعف، وكنت أرى دائما أن الخروج بأعداد كبيرة إلى الشارع غير كافٍ بدون خطة اقتصادية. كان على المتظاهرين الضغط على الحكومة بطرق أخرى، كسحب العملات الصغيرة من السوق وشل حركة الاقتصاد.
تضطر زوجتي للعمل بالطبخ وتحضير الوجبات، وهي حاصلة أيضا على ماجستير في الاقتصاد. أتعس سؤال يسأله أحدهم لي:
“ماذا تعمل؟” ماذا أقول! إنني اقتصادي كنت أحاضر في الجامعة؟ أم أقول إني عامل بمطبخ أحد المطاعم؟
فقدنا الأمل في أن نعيش حياة أفضل أو أن نعود إلى بلدنا. أحيانا أتساءل ماذا أفعل هنا؟ وكأني ورقة شجر سقطت على أرض لا تتقبلها. فرنسا لا ترحب بالأجانب، فنلقى هنا عنصرية وسوء معاملة وكسرة نفس لم نشعر بها من قبل. أشعر دائما أني غريب رغم مرور ستة أعوام.
مثلا كنت أسير أنا وزوجتي في الشارع، فصرخ بنا أحد الفرنسيين “عودوا إلى بلدكم” ونعتنا بالإرهابيين. لم يتدخل أحد لحمايتنا.
“كنت أتمنى ألا تبدأ هذه الأزمة”
أكرم راجي – 27 سنة – كاتب
لا أؤمن بثورة اشتعلت من الخارج، الحراك يجب أن يكون من الداخل.
ما حدث في سوريا قبل عشر سنوات كان تقليدا لما كان يحدث في دول عربية أخرى. المظاهرات اتخذت اتجاها مذهبيا كاملا. سعى بعض الأشخاص لحريات ودولة مدنية علمانية، لكن المظاهرات انطلقت من المساجد وكان هذا أمرا معيبا.
لم يكن هناك وعي عند الناس ولا دراية بكيف يتحركون بعد ذلك، وهو ما قد يؤدي إلى الخراب.
كان على الناس البعد عن الأيديولوجية الدينية وعدم إقصاء الطرف الآخر. كان هناك شعار يُرفع في المظاهرات سمعته بنفسي في حمص، يقول “العلوي على التابوت والمسيحي على بيروت”.
كانت هناك مطالب محقة، لكنها لم تُطرح بطريقة منظمة. كي تنجح الثورات يجب أن تحدث من الداخل، ويجب أن يكون هناك فهم أكبر للعملية السياسية. كان على المتظاهرين المطالبة بإصلاحات دستورية أو إقالة مسؤولين.
كنت أتمنى ألا تبدأ هذه الأزمة منذ عشر سنوات. لم تلب المظاهرات طموحاتي، لم تكن منظمة ولم تطالب بمجتمع مدني يتسع للجميع.
لو أن من خرجوا في بداية الأزمة لم يحملوا السلاح، ولم ينادوا بشعارات طائفية، لكان الموضوع مختلفا. وهو ما أدى بنا بعد عشر سنوات إلى دولة متهالكة اقتصاديا.
تم تغيير أسماء بعض من أجريت معهم المقابلات لحماية هوياتهم.
[ad_2]
Source link