نهر صناعي في الكويت ممكن فنيا ولكنه مكلف
[ad_1]
- المطيري: الفكرة متداولة منذ سنوات ويجب عمل دراسة تفصيلية حول الإيجابيات والسلبيات والتحديات
- الكندري: لم يطرح علينا مشروع مماثل و«البيئة» تدعم المشاريع التنموية والبيئية
- خريبط: الفكرة ذات مخاطر بيئية وتكلفة مادية يجب التنبه إليها
- بهزاد: نهر صناعي في بيئة صحراوية جافة يسبب مشاكل للتربة
دارين العلي
تداولت مختلف وسائل التواصل الاجتماعي صورة مقترحة لفكرة إنشاء نهر صناعي على امتداد الكويت من الشمال إلى الجنوب لاستغلال مياه شط العرب بهدف محاربة الجفاف والتصحر.
هل هذه الفكرة مطروحة؟ وهل هي ممكنة التطبيق؟ وما الإجراءات والمعايير والشروط الواجبة لتطبيقها؟ وهل هي ذات جدوى اقتصادية وبيئية؟
أسئلة كثيرة تترتب على إمكانية تحويل هذه الفكرة إلى حقيقة، توجهت بها «الأنباء» إلى المعنيين لاستطلاع الآراء علميا وبيئيا ورسميا.
في البداية، قال مدير عام معهد الكويت للأبحاث العلمية السابق د.ناجي المطيري ان هذه الفكرة متداولة منذ سنوات ولكن يجب عمل دراسة تفصيلية عنها خصوصا فيما يتعلق بالإيجابيات والسلبيات والتحديات.
ولفت إلى انها كفكرة، تجذب الانتباه ولها فوائد كثيرة من ناحية خلق أنشطة متعددة على ضفاف النهر من الجهتين وعلى مسافة أكثر من ضعفي سواحل الكويت الحالية.
وأشار الى ان التحدي الأكبر هو ضمان تدفق النهر بكمية كافية ومناسيب المياه بين الشمال والجنوب وكذلك حمايته من الرمال المتحركة بحيث لا تعوق حركته في أي وقت، مشددا على أنه من الضروري عمل دراسة متكاملة عن مسارات الرياح والأتربة ومناسيب المياه بين الشمال والجنوب وكيفية ضمان تدفق المياه بشكل مستمر.
وبيئيا أكدت مديرة إدارة التخطيط وتقييم المردود البيئي في الهيئة العامة للبيئة م.سميرة الكندري بأنه لم يتم عرض أمر مشابه على الهيئة كمشروع لدراسة تأثيراته السلبية والإيجابية.
ولفتت الكندري إلى أن جميع المشاريع التنموية يجب أن تعرض على الهيئة بناء على القرار رقم 2 لسنة 2015 ولا بد من أخذ موافقة الهيئة عليها، مؤكدة ان الهيئة دائما مع المشاريع التنموية ولا تعتبر حجر عثرة أمامها بل تؤيدها بما يتوافق مع التشريعات واللوائح البيئية الخاصة بالهيئة وتعطي موافقتها على كل مشروع يتوافق مع هذه المعايير والاشتراطات.
ولفتت إلى أن مسألة إنشاء نهر في الكويت من الأمور البيئية أكثر منها تنموية لأنه يساهم بتقليل الجفاف والتصحر وفي حال أثبتت الدراسات العلمية أن المشروع ذو مردود إيجابي على البيئة فيمكن تطبيقه بتضافر جهود الدولة وأبرزها البلدية المعنية بتخصيص مسار النهر ومن ثم اعتماده من الجهات المعنية لتبدأ بعدها الدراسات البيئية التفصيلية التي تحكم إمكانية التطبيق من عدمه.
ولفتت إلى ان هناك 19 جهة مشاركة في اللجنة الفرعية للخدمات والمرافق العامة وهي المعنية بالمصادقة على مسارات هذا المشروع في حال تم العمل عليه، مؤكدة ان الدراسات الخاصة به بيئيا يتم العمل بها بعد اعتماد هذه المسارات.
وأكدت الكندري ان الهيئة طورت الأنظمة الخاصة بدراسات المردود البيئي منذ 2015 مما حقق نقلة نوعية في الدراسات التي باتت أكثر تفصيلا ووضوحا في الإجراءات لتأمين سهولة تنفيذ خطة المشاريع التنموية في هذه المرحلة بما يتناسب مع المعايير البيئية الدولية.
أبعاد مختلفة
ومن الناحية الاستشارية العلمية، قال رئيس شركة ايكو للاستشارات البيئية د.علي خريبط ان هناك الكثير من المشاريع العملاقة والتي تطرح في دول مجلس التعاون الخليجي أو في العديد من دول العالم والتي لها أبعاد إعلامية وسياسية واقتصادية واجتماعية سواء طبقت أو لم تطبق، فهذا المشروع العملاق فنيا ومن الناحية الإعلامية مشروع جيد من حيث الفكرة، وقد يكون قابلا للتطبيق ولكن مخاطره أكثر من منافعه.
وأوضح انه وعلى المدى القصير والمتوسط هو هدر للمال العام والخاص وأي استثمار فيه هو خسارة على المدى المتوسط والبعيد، وله أضرار بيئية واجتماعية وسياسية واقتصادية أكثر من فوائده.
وأضاف ان كل شيء جميل على الورق والمخططات ولكن التطبيق وما بعد التطبيق يظهر المشاكل والمشاكل الكارثية، لأن التعامل مع الطبيعة بعكس ما هو عليه يخلق مشاكل لا حصر لها.
واعتبر ان شق مثل هذه القناة من شمال لجنوب الكويت وعلى أعماق متفاوتة هو أمر مكلف جدا، ويحتاج لفترة زمنية طويلة، وله تبعات من ناحية إثارة الغبار، وزحف الرمال على القناة، ودخول مسار القناة لمناطق مخصصة للقطاع النفطي الحكومي.
المخاطر البيئية
كما لفت الى ان دخول المياه وخروجها من القناة فيه مخاطر على البيئة البحرية الكويتية، فالبيئة البحرية الشمالية قليلة الملوحة وعكرة، والبيئة البحرية الجنوبية أكثر ملوحة نسبيا من الشمال وقليلة العكارة مما يؤدي إلى مشاكل بيئية بحرية من ناحية الترسبات البحرية، ومشاكل التبخر وملوحة الأرض، ومشاكل ضمان عدم ركود المياه، والحاجة إلى مضخات لضخ المياه لأنه لا يمكن الاعتماد على منسوب الجاذبية لتغيير المياه فيها لأي اتجاه، معربا عن اعتقاده ان صرف الأموال على تطوير التعليم وخلق بنية تحتية أفضل للأجيال القادمة هو أفضل استثمار للكويت من تنفيذ هذه القناة.
معايير الاستدامة
ومن جهتها، قالت نائب رئيس مجلس إدارة جمعية المياه الكويتية د.منى الرزان إن ما يتم تداوله أقل ما يطلق عليه أنه مشروع جريء، ولكنه يحتاج إلى دراسة متعمقة جدا؛ لأنه يتوقف على التفكير باستمرارية تدفق المياه وليس فقط الجوانب الفنية لإقامة النهر.
ولفتت إلى أن الأمر يتعلق بمستوى مياه البحر وكيفية ضمان تدفق المياه باستمرار، مؤكدة ان الاستدامة هو المعيار الأول والأخير لأي مشروع يجب دراسته.
وقالت ان البحث يجب ان يتوسع في معايير الاستدامة وفي نوعية المياه ومدى ملوحتها ومدى القدرة على الاستفادة منها في الزراعة والري دون معالجتها.
وشددت على أهمية النظر في دراسة الجدوى البيئية والاقتصادية، مشككة بأن يتمكن مشروع كهذا من التأثير على المناخ في البلاد.
وقالت إن الأمر يختلف فيما اذا كان النهر سيأخذ مياها مالحة او عذبة، مشيرة الى إمكانية الاتفاق مع العراق للاستفادة من مياه دجلة والفرات قبل ان تصب في البحر وهذه دراسة مختلفة كليا عن مشروع النهر المقترح.
وقالت ان المياه المالحة من شط العرب لن تكون مفيدة للكويت بغض النظر عن التكلفة المرتفعة وعرض النهر ومناطق سيره وكلها من الأمور التي يجب ان تخضع لدراسات معمقة وجدية.
الاتزان الحيوي
بدورها، قالت أمين عام الجمعية الكويتية لحماية البيئة جنان بهزاد إن الأفكار والحلول التي يطرحها العالم لحل مشاكل ارتفاع درجات الحرارة ولإعادة الاتزان الحيوي في شتى البيئات الطبيعية كثيرة ومتنوعة، إلا أن البعض منها يشكل خطرا على البيئة، وتنتهي في نهاية المطاف بتدمير البيئة الطبيعية وتهدد الحياة.
ولفتت إلى أن مثل هذه المشاريع غير المدروسة وغير الواقعية في ظروف المنطقة والبيئة السائدة تهدد سلامة النظام البيئي الايكولوجي في البيئة البحرية والبرية كل على نطاقات واسعة ومتعددة. وأوضحت أن إدخال نهر صناعي في بيئة صحراوية جافة قد يسبب مشاكل للتربة ويزيد من ملوحتها، ويقلل من خصوبتها، وهذا بالأساس تغيير جذري للموائل الطبيعية التي يجب دراستها بشكل موسع لمعرفة مدى قدرتها على تحمل التغيير.
واعتبرت ان من المشاكل، ترسيب النهر لرواسب الطمي المنتقلة وما تحوي من تلوث قد تنتقل معها مشكلة، كما ان ارتفاع منسوب مياه البحر وتأثيره على المنطقة كأحد الاحتمالات المؤكدة للتغيرات المناخية في العالم وتغيير الحياة الطبيعية للأسماك والتي تعتبر في قمة الأهمية الغذائية للكويت.
ولفتت الى ان هناك أفكارا كثيرة تطرح يوميا ولكنها لا تعتبر حتى حلما فهي غير قابلة للتطبيق، وفي المقابل هناك الكثير من المشاريع الرائدة والناجحة في منطقة الخليج العربي، والتي تعتبر مثالا يحتذى به لتطوير البيئة، وهي في الاهتمام بالمحميات الطبيعية، والزراعة المائية للأمن الغذائي، وسد حاجة الدولة من المنتجات العضوية والطبيعية وغيرها، ولا تقل أهمية مشاريع الكويت في المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة عن غيرها، فهناك الكثير من المشاريع التي لم تحصل على الحظ الجيد في الانتشار، كمحطة الشقايا لتوليد الطاقة البديلة، ومتحف الشيخ عبدالله السالم الطبيعي بما يحوي من كنوز علمية والمحميات الطبيعية التي تزدهر بالحياة، والمشاريع الشبابية في القطاع الخاص لتدوير النفايات كشركة أمنية لتدوير البلاستيك، وغيرها مما تعمل في المنتجات صديقة البيئة.
الفكرة لن تحد من التصحر وتضر المياه الجوفية
أكد عضو لجنة حماية الحياة الفطرية بالجمعية الكويتية لحماية البيئة د.رأفت ميساك أن التصور بأن قضية التصحر مرهونة بترعة او نهر غير صحيح، فأرض الرافدين من اشد المناطق تصحرا، ومصر اكثر دول العالم صحراوية على الرغم من ان نهر النيل العظيم يجري في وسطها، وكذلك الحال بالنسبة للسودان الذي يعاني من التصحر على الرغم من جريان نهر النيل في أراضيه.
صحراء الكاراكوم بها أطول ترعة والتصحر على جانبي الترعة قائم.
ولفت الى ان القناة المقترح شقها تقطع مسارها فوق حقل مياه الروضتين، وهو حقل المياه الجوفية العذبة الوحيد بالكويت، متسائلا: عما يمكن ان يحدث عندما تتسرب المياه من الترعة لخزان المياه الجوفي.
وأكد ان الحد من التصحر ممكن اذا نجحنا في التحول من مرحلة الرعي التقليدي الى الرعي المستدام.
[ad_2]