قاموس شعارات “الثورة”: من “شلع قلع” إلى “كلن يعنى كلن”
[ad_1]
تتعدد ساحات التظاهر وتباعد بينها الجغرافيا وتختلف الأوضاع السياسية والاقتصادية بينها، كما تتنوع الهموم التي يحملها المتظاهرون في مختلف الدول العربية، لكن الشعارات تتوحد.
ففي لبنان والعراق والجزائر يتمسك الكثير من المتظاهرين بمطلب واحد ألا وهو إنجاز تغيير حقيقي، وإن اختلفت لهجات المطالبين به.
فـ”يتنحاو قاع” فى ساحة البريد المركزي في الجزائر العاصمة، هي نفسها “كلن يعنى كلن”، التى تتعالى بها الأصوات في ساحة رياض الصلح في بيروت، و”شلع قلع ” في ساحة التحرير في العراق.
ويقول الدكتور عمار على حسن، الباحث والكاتب في الشؤون السياسية في مصر، إن هذا التشابه يرجع إلى أن الأنظمة السياسية في العالم العربي، وإن كانت تبدو مختلفة في ظاهرها فهي تتشابه في أدائها وسلوكها، كما أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والنظم القانونية في هذه البلدان تقريبا واحدة.
ويضيف أن ثورة الاتصالات وتطور وسائل الإعلام الجديد دعمت أواصر التواصل بشكل كبير حتي أصبحت أشبه بالجسور التي تعبر عليها شعارات ومطالب وأهداف الشعوب حدود الجغرافيا.
شعارات قديمة جديدة
ويبدو أن هذه الشعارات ليست جديدة، فـ”شلع قلع” والذي يعني اقتلاع الشيء من جذوره، ليس بالشعار الجديد على الساحة السياسية العراقية، بحسب وداد حمادي، وهي ناشطة في التظاهرات في بغداد، والتي تقول إن الشعار استخدم للمرة الأولى من قبل أنصار رجل الدين الشيعي مقتدي الصدر خلال تظاهرات ضد الفساد عام 2015.
وتؤكد وداد أن بعض التيارات “المدنية والليبرالية والعلمانية” تتجنب استخدام هذا الشعار خوفا من أن تحسب على تيارات أخرى، رغم الاتفاق على معناه وضرورة “تطهير البلاد بالكامل من الفساد، فضلا عن محاسبة كل من تورط فيه”.
وتشير إلى أن هذا الشعار يشمل كل من شارك في العملية السياسية التي قادت البلاد إلى هذه الأوضاع “المزرية” بلا استثناء، فضلا عن ضرورة السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية والاهتمام بالبني التحتية وتحسين الخدمات وتحقيق الأمن والاستقرار.
كذلك يبدو أن شعار “كلن يعنى كلن”، والذي يستخدم في لبنان لتعميم النقد بحق جميع الساسة، ليس بالجديد.
حيث يقول محمد نحلة، وهو ناشط مشارك في التظاهرات في لبنان، إن هذا الشعار أطلق قبل أربع سنوات خلال احتجاجات كانت قد انطلقت في أغسطس/ آب 2015 في بداية أزمة النفايات التي كانت تتكدس في البلاد في ظل غياب بنية تحتية وآليات مناسبة لجمع القمامة، ولكنها سرعان ما تطورت لتشمل مطالب أوسع لمحاربة بمكافحة الفساد.
ويقول نحلة إن مجموعة “لأجل الجمهورية”، وهى إحدى المجموعات التي نشطت خلال تظاهرات 2015، هي أول من طرح هذا الشعار، وأثار وقتها جدلا كبيرا لأنه كان يتم تذييل هذا الشعار بذكر أسماء سياسيين بعينهم، وبالتالي كان يتم استخدامه على أساس طائفي، وكل طائفة تستثني زعماءها.
وحتى هذه اللحظة يرفض البعض استعمال هذ الشعار باعتباره سياسيا أكثر من دلالته على المطالب، أما ما يريده المتظاهرون، بحسب نحله، فهو مطالب حياتية، “بدي شغل، بنزين، إصلاحات، بدي محاسبة كل الفاسدين طبعا، لكني غير مهتم بتغيير سياسي بعينه”.
من التلفزيون كانت البداية
بعكس “شلع قلع”، و”كلن يعنى كلن”، استخدم شعار “يتنحاو قاع”، والذي يعني “فليتنحوا جميعا”، للمرة الأولى خلال تظاهرات انطلقت في 22 فبراير/ شباط الماضي في الجزائر احتجاجا على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة.
وخرج البعض، بحسب منال بخوش، وهي إحدى الناشطات خلال التظاهرات في الجزائر، للاحتفال بإعلان بوتفليقة نيته عدم الترشح لولاية خامسة، وخلال مقابلة تلفزيونية أطلق الشاب بكير تركي سفيان صرخته الأولى “يتنحاو قاع” ليرددها من بعده مئات الآلاف حتى هذا اليوم.
وتقول منال إن بوتفليقه استمر في الحكم لمدة 20 عاما و”أتباعه منتشرون في كل مؤسسات الدولة: القضاء، والصحافة، والإعلام والبرلمان”.
وتضيف أن هذا الشعار “لا يعنى فقط تنحية كل المرتبطين بنظام الحكم السابق، وإنما يشمل أيضا محاسبتهم جميعا”. وهذا هو السبب الأساسي “في تباطؤ السلطة الحاكمة الآن في تنفيذه خوفا من أن يتعرضوا هم أنفسهم للمحاسبة”، بحسب قولها.
وبرغم تعدد البدايات بالنسبة للشعارات الثلاثة والخوف من استخدامها فى بعض الأحيان، فإن محاسبة “الفاسدين جميعا” هو الهدف الأساسي للمتظاهرين فى العراق ولبنان والجزائر، كما يؤكد الناشطون في هذه الدول.
ويري محللون أن المظاهرات التي تشهدها عدة دول عربية مؤخرا تشكل موجة ثانية من مظاهرات ما يعرف بـ”الربيع العربي”، التى انطلقت من تونس عام 2011 لتنتقل بعدها إلى مصر واليمن وليبيا، وأن هذه الموجه استفادت بشكل أساسي من “الأخطاء” التي وقع فيها المتظاهرون خلال الموجة الأولى للمظاهرات في 2011.
ويختلف الدكتور عمار علي حسن مع هذا الرأي، إذ يرى أن “الربيع العربي” لا يزال مستمرا وأن هذه التظاهرات الأخيرة جزء من الموجه الأولى.
ويضيف “تأخر العالم العربي كثيرا عن الاستجابة لرياح التغيير التي شهدها العالم، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، فالتحول الديمقراطي طال، منذ ذلك الحين، العديد من الدول في أوروبا الشرقية، وآسيا، ماعدا الدول العربية، الأمر الذى يجعل التغيير يحتاج إلى وقت طويل قد يمتد لعقود”.
الدروس المستفادة من الثورة
يقول محمد نحلة إن المتظاهرين في لبنان استفادوا من تجربة “الثورة المصرية”. وأضاف “نخاف يروح واحد ويجي واحد مثله … نريد تغيير النظام بالكامل والضغط من أجل إصلاحات حقيقية تترجم على أرض الواقع وليس فقط تغيير الوجوه”.
ومن هنا، وبحسب نحلة، فـ”كلن يعنى كلن” هو المطلب الوحيد والأساسي الذى لا تنازل عنه، لأن “تغيير رأس السلطة في مصر مثلا لم يؤد إلى تغيير النظام”، وهذا ما يخشاه اللبنانيون.
ويؤكد الدكتور عمار علي حسن أنه طالما استفادت الثورات من بعضها، فكما تعلم المصريون من الثورة التونسية، تعلم السودانيون من المصريين، وتجنبوا الفوضى كما أرسوا دعائم حكم مدني، وهكذا تحاول الشعوب مراكمة خبراتها والاستفادة من تجارب السابقين عليها.
وأضاف حسن أن ثورات التحرر الوطني في العالم العربي استلهمت من تجارب بعضها في أوائل القرن العشرين. لكن المختلف هذه المرة، هو أن وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت للشعوب أن تتواصل مباشرة مع بعضها البعض، بعد أن كان التواصل يتم على المستوى الرسمي بين رؤساء بعض الدول والنخب المقاومة للاحتلال في دول أخرى، كما حدث بين الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر والنخب المقاومة في الجزائر على سبيل المثال. وكانت النظم الحاكمة تتحكم بالتالي في الأمر، أما الآن فالشعوب تتواصل رغم محاولات منعها من ذلك.
نعمة أم نقمة ؟
يرى حسن، في نفس الوقت، أن التواصل الدائم بين الشعوب يمكن أن يكون سلاحا ذا حدين، فأحيانا تستغل النظم الحاكمة تفاعل الشباب العابر للحدود لإذكاء النعرات الوطنية والدفع بأن هناك مؤامرة خارجية تحاك على البلاد.
كما يقود أحيانا إلى التشفي والشماتة. ففي البلدان التي “أجهضت” فيها الثورات، كاليمن وليبيا وسوريا، يتندر الشباب على المتظاهرين في البلدان الأخرى بأنهم لن يصلوا إلى أي شيء كما فعل سابقوهم.
وبصرف النظر عن الدور الذى يلعبه الإعلام والاتصال في نقل شعارت المتظاهرين من مكان إلى آخر، ومن بلد إلى آخر، تبقي مطالب الشعوب ومدى تمسكها بها هي الفيصل في كل حراك.
[ad_2]
Source link