أخبار عربية

مظاهرات العراق: لماذا تستدعي بعض الدول العربية فكرة “المؤامرات الكونية”؟


مظاهرات العراق

مصدر الصورة
Reuters

Image caption

44 قتيلا ومئات الجرحى سقطوا جراء الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين

لا تزال المظاهرات المستمرة في العراق محط اهتمام الصحف العربية بنسختيها الورقية والإلكترونية، بعد أن خرج الآلاف للتظاهر في العاصمة بغداد ومدن أخرى، للتعبير عن غضبهم إزاء ارتفاع معدلات البطالة ونقص الخدمات وانتشار الفساد.

وهذه الاحتجاجات، التي لا يبدو أن لها قيادة واضحة، هي الأكبر التي يشهدها العراق منذ تولي رئيس الوزراءعادل عبد المهدي، منصبه منذ عام.

وحتى الآن تزايدت أعداد الضحايا لتصل إلى عشرات الضحايا، ومئات الجرحى جراء الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في العاصمة ومدن أخرى.

“المؤامرات الكونية”

وتعليقا على هذه الأحداث ترى جمانة فرحات، في العربي الجديد اللندنية أن هذه المظاهرات ليست “ليست مؤامرة”.

وتقول في مقالها إن “كل موجة حراك احتجاجي في بلد عربي منذ 2011 تستدعي معها أصواتا مشككة، تارّة يحضر حديث المؤامرات الكونية، وتارة أخرى يتم التذرّع بمؤامرة داخلية من طرف محدد”.

وتضيف أن “التعامل مع احتجاجات العراق الأيام الماضية أحدث نموذج بعدما ظهر هذا التشكيك في سوريا ومصر وليبيا وتونس واليمن، وشكَل الرافعة التبريرية لكل عملية قتل للمتظاهرين واعتقالهم وتعذيبهم”.

وتوضح الكاتبة أن المتشككون دعموا مواقفهم “بعدم وجود محرك معروف للاحتجاجات التي خرجت، وكأن المطلوب أن يظهر هؤلاء علانية، لتتم تصفيتهم على غرار ما حدث في البصرة والنجف. ويتناسى هؤلاء أن إرهاصات انفجار الغضب ظهرت مبكراً، عندما بدأ العراقيون الخروج على مدى السنوات الماضية إلى الشوارع، للمناداة بأبسط حقوقهم، التوظيف العادل في مؤسسات الدولة، تحسين ساعات التغذية بالكهرباء، ضمان وصول مياه الشرب، وقف الهدر والفساد وثراء المسؤولين على حساب شعبٍ يئن من وطأة الفقر”.

قتلى جدد في العراق مع استمرار الاحتجاجات لليوم الثالث

صحيفة أي: “العراق على شفا انتفاضة شعبية”

هل تعكس تظاهرات العراق “تذمرا شعبيا” من النفوذ الإيراني؟

على المنوال ذاته، تقول رأي اليوم في افتتاحيتها “عندما يدرك المواطن العراقي المسحوق أن دخل بلاده من العوائد النفطية يزيد عن ستة مليارات دولار شهريا، ورغم ذلك لا يجد لقمة العيش، ويشاهد الانهيار شاملًا في جميع مؤسسات الدولة، والخدمات العامة من تعليم وطب ومواصلات وماء وكهرباء في أسوأ أحوالها، بل أسوَأ من أكثر بلدان العالم فقرًا، فلماذا لا يثور هذا المواطن”.

وتضيف الصحيفة: “لا تقولوا لنا إنها مؤامرة أمريكية ردا على فتح معبر البوكمال مع سوريا، أو سيطرة النفوذ الإيراني، في محاولةٍ لحرف الأنظار عن السبب الرئيسي الذي كان هو عود الثّقاب الذي أشعل هذه الانتفاضة الشعبية المباركة، ألا وهو الفساد، وعلى مستوى الحكومة ورجال الدين وقادة الأحزاب، وكل أعضاء النخبة الحاكمة في البِلاد، وخاصة أولئك الذين جاءوا على ظُهور الدبابات الأمريكيّة وسهلوا له مهامه في تدمير العراق واغتيال علماءه، ونهب ثرَواته”.

من جهته، يرى طالب سعدون في الزمان العراقية إن الحياة الكريمة للمواطن حق دستوري أيضا عند كل تلك المسميات. فما كان للمواطن أن يمارس الحق الأول (التظاهر) لولا أن سلب منه الحق الثاني (الحياة الكريمة). وعندما لا تعي الحكومات هذه الحقيقة وتعمل بها يحصل التصادم، وتراق الدماء، وتزداد الهوة أكثر بينها وبين الشعوب، ويحصل الانفصال بينهما فيما بعد، وتفقد الحكومات شرعيتها، لأنه ليس هناك شيء أغلى من الانسان وكرامته”.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

الشباب شكلوا الغالبية العظمى من المحتجين في هذه المظاهرات

ويضيف الكاتب أن “الشعب العراقي ليس استثناء من تلك القاعدة الديمقراطية فهو لم يشارك في التظاهر من أجل أن يمارس رياضة المشي، والهرولة أمام الأجهزة الأمنية عندما تستخدم القوة المفرطة مع المتظاهرين، وإنما من أجل أن ينتزع حقه في الحياة، بعد أن عجزت السلطات المختلفة، بما فيها السلطة الرابعة من مساعدته في الحصول على هذا الحق فلجأ الى الاحتجاج وأعلى درجاته التظاهر والاعتصام”.

“انتفاضة الشباب العفوية”

يري يحيى الكبيسي في القدس العربي، أن “الغضب والاحساس باللاعدالة شكل العامل الحاسم في حركة الاحتجاج الحالية، والملاحظة الأساسية هنا، هي الفئات العمرية التي تشكل نواة هذا الحراك، على عكس الحركات السابقة. فالغالبية العظمى من المحتجين ينتمون إلى فئة الشباب (17 – 29 سنة)، ومعظمهم يعاني من البطالة، أو بصورة أدق من عدم الحصول على فرصة التوظيف في الدولة. وهم يرون أن فساد الطبقة السياسية، والفساد البنيوي عموما، يؤدي إلى حرمانهم، من دون وجه حق، من المشاركة في الريع الذي يستحوذ عليه الآخرون”.

ويتحدث مشاري الذايدي في الشرق الأوسط اللندنية، عن “الروح التي تحرك الشباب العراقي الثائر اليوم ضد تردي الحال في العراق، ويأسهم من إصلاحه بحلول ترقيعية”.

يقول الكاتب: “هي تراكمات من الغضب والإحباط، وعادل عبد المهدي الذي بالكاد أمضى عاماً في ولايته، لم يصنع سوى تأجيل الانفجار، وعجز عن انتشال الدولة من مخالب الميليشيات الفاسدة غير الوطنية”.

ويتساءل الكاتب “هل تنجح انتفاضة الشباب العفوية، أم تكون جرس إنذار فقط، أم ينقضّ عليها تلاميذ قاسم سليماني والعالم يتفرج، وأولهم الأمم المتحدة والعالم الغربي؟”



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى