أخبار عربية

قلق بين خريجي جامعات اليابان بسبب تغيير نظام التوظيف


قلق بين خريجي جامعات اليابان بسبب تغيير نظام التوظيف

مصدر الصورة
Alamy

في مطلع أبريل/نيسان من كل عام باليابان يجوب آلاف الطلبة الموشكين على التخرج المدن مرتدين بدلات العمل السوداء الرسمية وحاملين حقائب تضم سيرتهم الذاتية، أملا في الحصول على وظيفة بكبرى الشركات بالبلاد.

ويحدث ذلك بدءا من العام الثالث بالجامعة حين يترك الطلبة بعض الدروس لحضور منتديات التوظيف التي تنظمها الجامعات. وفي العام الأخير من الدراسة يتقدمون بطلبات للعمل ويخوضون عملية محددة لاختيار الموظفين الجدد من بينهم تزامنا مع انتهاء دراستهم.

يعرف ذلك التقليد في اليابان بالـ”شوشوكو كاتسودو” أو “الشوكاتسو” اختصارا، ويجري في طول البلاد وعرضها ليستفيد به الطلبة والشركات، والجامعات أيضا التي من مصلحتها إبراز قدرتها على توفير عمل لخريجيها.

بدأ هذا النظام عام 1953 من قبل اتحاد الأعمال الياباني، الذي يضم أكثر من 1300 مؤسسة وشركة يابانية كبرى فضلا عن مئة مجموعة صناعية. ففي فترة ما بعد الحرب عانت اليابان من نقص العمالة مع تنامي الاقتصاد بوتيرة متسارعة، ومن ثم احتدم السباق على تشغيل خريجي الجامعات. وقدم نظام الشوكاتسو ضمانا وظيفيا مدى الحياة للخريجين الجدد الذين ساهموا بدورهم في إرساء وضع الشركات اليابانية الكبرى.

لكن بدءا من العام المقبل ستتغير القواعد، إذ أعلن اتحاد الأعمال الياباني في أكتوبر/تشرين الأول عن نيته التخلي عن نظام الشوكاتسو التقليدي للتوظيف وتعديل لوائح تشغيل الشركات للخريجين الجدد. ولأول مرة بعد ستة عقود سيكون خريجو هذا العام والعام المقبل آخر دفعة بنظام الشوكاتسو وما له من ضغوط نفسية مضنية.

لقد تدنى عدد سكان اليابان خلال العقد الماضي جراء انخفاض المواليد وتقلص معه عدد الموظفين الجدد الذين تتنافس الشركات على توظيفهم. في تلك الأثناء تمكنت الشركات من خارج اتحاد الأعمال الياباني، وغير الملتزمة بلوائحه، من اقتناص الطلاب الواعدين قبل الشركات المنضوية تحت مظلة الاتحاد.

ومع عرض الشركات الأجنبية رواتب أعلى وترقيات أسرع لموظفيها عن الشركات اليابانية، اضطرت الأخيرة لإعادة التفكير في أسلوبها في ظل التهافت العالمي على الموظفين المؤهلين.

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

دأب طلاب الجامعات اليابانية المقبلون على التخرج على حضور ندوات تنظمها الشركات خلال موسم الشوكاتسو

“لم أتوقع أن يطرأ التغيير بهذه السرعة”

تقول أكيكو ناكا، رائدة في مجال الأعمال وتبلغ من العمر 34 عاما: “ظننت أن تغيرا قد يطرأ خلال عشرين عاما ولم أتوقع أن يطرأ بهذه السرعة”. وقبل أن تبدأ تلك التغيرات في مجال التوظيف كانت ناكا قد أسست في عام 2011 أحد المنتديات التوظيفية باسم “ونتيدلي” بعد عملها بشركة غولدمان ساكس لأربع سنوات – وهي الوظيفة التي حصلت عليها من خلال نظام الشوكاتسو.

وبدلا من سرد متطلبات الوظيفة والراتب المتوقع كما الحال في إعلانات الشوكاتسو، يركز منتدى “ونتيدلي” على التوفيق بين المتقدمين للعمل والشركات عبر الاشتراك في الاهتمامات والقيم. وقد نجح ونتيدلي في تعريف أشخاص بأعمال عن طريق الإعلان عن وظائف بشركات أصغر خارج اتحاد الأعمال الياباني، وكثير منها خارج المدن الكبرى. وكان المرشحون للعمل فيها من أصحاب الأفق الواسع والمستعدين للخروج عن السائد والمجازفة بالعمل في شركات قد لا تمنح استقرارا كالشركات الكبرى.

تقول ناكا: “كثيرا ما لا يستطيع الطالب أثناء الدراسة رؤية الصورة كاملة، وقد وقعنا جميعا في فخ السير مع الركب دون استكشاف الجديد من الفرص، وكثيرا ما حرم نظام الشوكاتسو المتقدمين من العمل بوظائف بمجال تخصصهم. لذا، فبدلا من التقدم للعمل بشركة لمجرد اسمها الكبير، يتعين البحث عن شركات أخرى ممتازة ربما ليست بنفس الشهرة”.

وقد كانت شركة غاياكس للسوشيال ميديا من الشركات التي استفادت من وجودها خارج اتحاد الأعمال، بالتحلي بمرونة توظيفية أكبر، وذلك منذ عام 2013. ورغم أن الشركة مازالت من بين الشركات القليلة التي خرجت عن إطار التوظيف التقليدي، إلا أن مرونتها أتاحت لها تعيين موظفين أكثر جرأة.

وبدلا من السعي وراء “خريجين جدد” تعلن الشركة عن حاجتها لمن يشغل وظائف من الشباب بغض النظر عن العمر. ويقول تاكومي ناغاري، مدير التوظيف بالشركة: “نقدم الوظائف على أساس إمكانات المتقدم” بغض النظر عما إذا كان قد أنهى دراسته الإعدادية أو الثانوية أو الجامعية.

وتقول الشركة إنها تجتذب أشخاصا تخلوا عن فكرة الوظيفة المستقرة مدى الحياة، وهي الفكرة المتعلقة بثقافة الشوكاتسو؛ إذ يترك ما بين 60 و70 في المئة من المعينين الشباب الشركة بعد بضع سنوات ليبدأوا عملهم الخاص.

ويقول ناغاري: “لا نرى ضيرا في التنقل من عمل لآخر، ولا أن يبدأ المرء عمله الخاص”، إذ يتطلب مجال التكنولوجيا مرونة كبيرة، وبالتالي فإن التوظيف غير التقليدي يوافق الشركات وشباب الموظفين الباحثين عن مسار وظيفي أقل تقيدا.

ويضيف: “في نفس الوقت باستطاعة من يجد في نفسه ما يتفق والرؤية البعيدة للشركة البقاء فيها حتى بلوغه الستين أو السبعين عاما”.

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

تختلف طريقة توظيف بعض الشركات وبالتالي تجتذب موظفين غير تقليديين يسعون لاحقا لبدء عملهم الخاص

“لابد من التغيير”

وقد أقلق الإعلان عن التخلي عن نظام الشوكاتسو الكثير من الطلبة ممن كانوا يعولون عليه.

وتقول يوجي كادونو، ممثلة لهيئة إنكوريدج غير الربحية إن “عدم وجود نظام بعينه يوسع الخيارات المتاحة وظيفيا أمام الطلاب، ما يجعلهم في بعض الأحيان يشعرون بالقلق”.

وتنظم الهيئة اجتماعات للطلبة المتقدمين لنظام الشوكاتسو، بالإضافة إلى عدد من الموظفين الذين حصلوا على وظائف بموجب هذا النظام. وتقول إن المسار التقليدي ما يزال متاحا للطلبة حتى الآن، لكن قريبا سيتعين على الخريجين بذل جهد أكبر للبحث عن وظيفة.

وتضيف: “رغم القلق هناك شعور بالأمل في أن يؤدي التغيير لمزيد من الفرص مستقبلا”، كأن تساعد تلك المرونة الطلبة الدارسين بمجالات تستغرق أمدا أطول من الدراسة مثل مجالات العلوم والتربية البدنية.

وتشبه ناكا، مؤسسة ونتيدلي، التغيير الحاصل في المجال الوظيفي بتغير طريقة الزواج، وتقول: “حين كان الزواج يأتي بترتيب الأسرة كان العريس والعروس يعملان على التكيف مع الاختيار المطروح لإنجاح الزواج. والآن وبعد أن أصبح الناس يختارون من يريدون للزواج باتت لديهم حرية أكثر ونطاق أوسع، وصعوبة أكثر في الوقت نفسه في العثور على الشخص المناسب. وبالمثل يلزم أن تتكيف الشركات والأفكار لتيسير المجال الوظيفي”.

وربما يجد البعض صعوبة في التجربة، لكن يوريكو ياماغوتشي، 30 عاما، ترحب بهذا التغيير وتعرب عن اعتقادها بأنه يساعد الطلاب على النضوج واتخاذ قرارات أكثر وعيا.

وكانت ياماغوتشي من بين عدد قليل من طلبة دُفعتها ممن بحثوا عن وظيفة خارج إطار الشوكاتسو، وتقول: “كان من الصعب جدا أن أمثل صف التخرج دون عرض وظيفي أو مكان بمدرسة للخريجين. كانت ضغوط المجتمع المحيط هائلة، وهو ما جعل أسرتي تشعر بقلق بالغ”.

ورغم ذلك تمكنت ياماغوتشي من العمل في وظيفة مربحة كباحثة بفرع طوكيو لشركة إيديو الاستشارية الدولية للتصميمات.

وتقول: “لابد من التغيير، حتى لو اعترى القلق جيلا من الشباب. لكني أرى، وقد عايشتُ زمنا لم يكن فيه من دعم للتفكير خارج العرف السائد، أن ثمة سبيلا للنجاح”.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Worklife



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى