هل أزمة المياه في مدينة جاكسون الأمريكية نتاج إرث من العنصرية البيئية؟
[ad_1]
- تشي تشي إزوندو ومحمد مادي وتشيلسي بايلي
- جاكسون – ميسيسبي
يعيش مارشال في غرب مدينة جاكسون بولاية ميسيسيبي الأمريكية، وهو جزء من المدينة تقطنه أغلبية من المواطنين السود والفقراء. يقول إنه ليس لديه أي خيار آخر سوى الشرب من مياه الصنبور التي نُصح سكان جاكسون بتفاديها. عندما يفتح الصنبور، تنزل منه مياه بنية اللون.
يقول إن المياه ظلت على هذا الوضع منذ ثمانية شهور، وإن ما من خيار آخر أمامه سوى شربها.
“نعم يا سيدتي، أنا أشرب من هذه المياه”. يبتسم عندما أسأله عما إذا كان يشعر بالقلق، ويجيب: “سوف أبلغ السبعين من العمر في وقت لاحق من هذا الشهر”.
ليس لدى مارشال سيارة، لذا لا يستطيع الذهاب إلى المواقع التي يقوم فيها الحرس الوطني بتوزيع المياه النظيفة. كما أنه ليس لديه غاز أو كهرباء بسبب حريق شب مؤخرا في المنزل المجاور لمنزله، ما يعني أنه لا يستطيع أن يغلي المياه للمساعدة في جعلها أكثر أمانا.
“نادرا ما تكون [المياه] صافية. أحيانا يكون لونها أفتح قليلا، أو أغمق قليلا. وعندما أفتح صنبور حوض الاستحمام، دائما ما تكون مختلطة بالصدأ في البداية، ثم تصبح أفتح قليلا. لكن في كل مرة، يأتي الصدأ أولا”.
عاش عضو مجلس مدينة جاكسون، أرون بانكس في عاصمة ولاية ميسيسيبي أغلب حياته، وهو الآن يمثل دائرة أكثر من 90 في المئة من سكانها من السود.
يقول بانكس إنه يعتقد أن مزيجا مدمرا من البنية التحتية المتهالكة والتغير المناخي أدى في نهاية المطاف إلى انهيار إمدادات الماء في جاكسون.
في عام 2020، عندما أسفرت درجات الحرارة المنخفضة إلى أقل من صفر درجة مئوية عن إغلاق محطة تحلية المياه في مدينة جاكسون، يقول بانكس إن دائرته ظلت بدون مياه على مدى نحو ستة أسابيع – وهي الفترة الأطول مقارنة بالمناطق المجاورة. وقد وجدت البنية التحتية للمدينة صعوبة بالغة في التكيف منذ ذلك الحين.
يقول بانكس: “لم يمض علينا شهر واحد بدون استلام إشعار يخبرنا بغلي المياه، أو بدون انخفاض ضغط المياه أو انعدامه تماما خلال العامين الماضيين..للأسف، هذا شيء اعتدنا عليها كمواطنين أمريكيين – لكن لا يجب أن يضطر أحد إلى التكيف مع نوعية حياة كهذه”.
يقول السيد بانكس إنه مرارا وتكرارا، هؤلاء الذين يضطرون إلى التكيف مع هذه الظروف هم بالأساس أشخاص ملونون. ويضيف عضو المجلس المحلي أنه شهد على مدى أعوام طويلة ضخ الاعتمادات المالية إلى البنى التحتية للمدن والمناطق المجاورة لجاكسون، ولكن لم يتم توجيه أي أموال لترميم وتحديث المنشآت التي هي في أمس الحاجة إليها، بما في ذلك محطة تحلية المياه بالمدينة.
يشار إلى أن خطة البنية التحتية التاريخية للرئيس جو بايدن خصصت أموالا للمجتمعات المحرومة التي تفتقر إلى الخدمات مثل جاكسون، التي كان يبلغ عدد سكانها في عام 2020 نحو 163 ألف نسمة. ولكن الاعتمادات المالية يخصصها مشرعو الولاية الذين عادة ما يستسلمون للاعتبارات السياسية، بحسب بانكس، ويعطون الأولوية لمشروعات تخدم سكان دوائرهم الانتخابية بدلا من التركيز على معالجة المشكلات المتراكمة في جاكسون.
يقول البروفيسور إدموند ميريم، أستاذ التخطيط الحضري والدراسات البيئية بجامعة ولاية جاكسون: “لدينا محطة تحلية مياه عتيقة لم يعرها أحد اهتماما منذ سنوات”.
“أعتقد أن المشكلة أن الاستجابة عادة ما تكون مرتجلة”.
لكن البروفيسور ميريم يرى أيضا أن ثمة عاملا آخر أدى إلى تحويل الاعتمادات المالية بعيدا عن بنية جاكسون التحتية المتهالكة – ألا وهو العامل العنصري.
يقول خبراء ومراقبون إن ما يحدث في جاكسون، وفي مدن أخرى مثل مدينة فلينت بولاية ميشيغين التي تلوثت مصادر مياهها بالرصاص، هو إرث مباشر للتفرقة والفصل العنصري على مدى أجيال.
تقول أرييل كينغ المحامية والمدافعة عن العدالة البيئية: “إنه موقف مترسخ ومستمر منذ عقود من الزمان”.
“أعتقد أن تاريخ التفرقة العنصرية ورفض منح الرهانات العقارية في هذا البلد أسهم بشكل هائل في الظلم البيئي الذي نشهده الآن.”
بدأت ممارسة ما يعرف بالـ”redlining”، أو رفض البنوك منح رهانات عقارية لغير البيض، بمباركة من الحكومة خلال أربعينيات القرن الماضي، لأنه كان ينظر إلى إقراض الأشخاص الملونين على أنه يشكل مجازفة كبيرة.
استمر البرنامج لأكثر من 40 عاما، ونتيجة لذلك، بحسب كينغ، تركزت المجتمعات منخفضة الدخل التي تهيمن عليها أغلبية من السود في المناطق التي بها صناعات ملوثة للبيئة مثل مصافي النفط ومصانع تحلية مياه الصرف ومكبات النفايات.
وتضيف أن تلك المناطق لا تزال موجودة إلى يومنا هذا.
تعطي كينغ بعض الأمثلة على مناطق أمريكية مثل المنطقة التي يطلق البعض عليها اسم “طريق السرطان”. كانت تلك المنطقة المحاذية لنهر الميسيسيبي في وقت من الأوقات تضم عددا كبيرا من المزارع الشاسعة بولاية لويزيانا، ولكنها أصبحت الآن تحتوي على 150 من مصانع البتروكيماويات ومصافي النفط.
على مدى عقود، يعانى السكان – وأغلبيتهم من السود – من واحد من أعلى معدلات الإصابة بالسرطان في البلاد بسبب التلوث.
تقول كينغ إن إرث ذلك النوع من العنصرية البيئية، فضلا عن عقود من ضعف الاستثمار في المناطق منخفضة الدخل، تظهر آثاره الآن في جاكسون.
وتضيف: “يستطيعون أن يقولوا إن هناك عوامل مختلفة تؤدي إلى الفيضانات، لكن الناس لم يكونوا ليجدوا أنفسهم مضطرين إلى العيش في مناطق عرضة للفيضانات لو لم تكن هناك ممارسة رفض منحهم رهانات عقارية من الأساس”.
“وهكذا، تعود المشكلة إلى العرق والعنصرية البيئية في كل مرة، مع الأسف”.
تدرس سارينا لارسون في كلية الحقوق، وتعيش على بعد بضعة منازل من مارشل. انتقلت إلى جاكسون من مدينة ساكرامنتو، وترغب في أن تصبح محامية دفاع عام. تلقي سارينا أيضا باللوم في المشكلات التي تعاني منها المنطقة على سياسة رفض منح الرهانات العقارية للسود.
في مطبخها، هناك أوعية مختلفة المقاسات على الأرض، وضعتها لتجميع مياه الأمطار، ثم تستخدم جهازا لتنقية المياه.
تقول سارينا: “المواسير في جاكسون تحتوي على مادة الرصاص، ولذا لم أكن أبدا لأشرب كأسا واحدا من مياه الصنبور، كما أنني لا أستخدمها في تنظيف أسناني”.
لكنها تقر بأن غالبية الأشخاص هنا لا يستطيعون تحمل تكلفة جهاز تنقية المياه التي تبلغ 300 دولار كذلك الذي اشترته.
تضيف: “أزمة مياه كهذه لا تصبح مشكلة إلا إذا أثرت على الناس الذين ينتمون لطبقة أرقى. إنها مستمرة في جاكسون وتقدم مثالا على ذلك. صحة الناس تعتبر شيئا ثانويا بالنسبة إلى الولاية”.
التقينا إيماني أولوغبالا-عزيز في أحد المراكز المجتمعية المحلية، حيث تقوم هي وآخرون من جماعة Jackson Cooperation التطوعية بتوزيع زجاجات المياه المعبئة. نفدت الكمية التي كانت لديهم في أقل من نصف ساعة. تخبرنا إيماني بأن المياه تكاد تكون منعدمة في بيتها.
“إنها أزمة آراء وقيم ، وهناك الكثير من العنصرية البيئية المتواصلة. إننا ندفع ضرائبنا للحكومة لكي تنجز ما يتعين عليها إنجازه، بيد أنهم لا يفعلون ذلك”.
“إننا محرومون من الخدمات الأساسية. الأشخاص الملونون محرومون من الخدمات الأساسية. ونحن نقيم في أسوأ مناطق المدينة فقط لكي نتمكن من مواصلة الحياة”.
“إننا لا نطلب قصورا، فقط نريد أن نعيش وأن تتوافر لنا الأشياء الطبيعية مثل المياه الجارية، المياه النظيفة”.
تقول إن المنطقة المحلية بها نسبة عالية من المشردين، كما أن المحال التجارية أغلقت أبوابها ما يجعل من الصعب على الناس شراء المياه.
“إشعار غلي المياه مفعّل منذ نحو شهر. المياه غير صالحة للشرب، فماذا عسانا أن نفعل؟ كيف نطعم أطفالنا، كيف نطبخ الطعام ونأكل؟”
تقول إيماني إن الناس يدفعون فواتير مياه مرتفعة، بعكس الأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات أغلبية من السكان البيض.
“إنه ليس أمرا بدأ في الحدوث للتو، بل هو وضع يزداد سوءا مع مرور الوقت ولم يعد من الممكن أن يستمر على ما هو عليه. إننا نعاني هنا”.
[ad_2]
Source link