مشروع دستور تونس 2022: ما الفروقات بين وثيقة اللجنة الدستورية وما يطرحه قيس سعيد للاستفتاء؟
[ad_1]
- بسام بونني
- مراسل بي بي سي لشؤون شمال أفريقيا
كان مبنى عمادة المحامين بتونس العاصمة شبه خال.
في يوم رطب حارّ، بدا العميد، إبراهيم بودربالة، يصل الاجتماع بالاجتماع، قبل استقبالي.
الرجل حذر في تلقّيه النسخة النهائية من مشروع الدستور الذي سيُطرح على الاستفتاء الشعبي، نهاية الشهر الجاري.
بودربالة، الذي شارك في اللجان الاستشارية التي صاغت نُسخة أوّلية سُلّمت للرئيس، قيس سعيد، يقول إن “النصّ قد تغيّر، رغم وجود تقاطعات عدّة”. يجترّ الرجل كلامه، على عكس الصادق بلعيد، الذي ترأّس هيئة صياغة الدستور.
“التأسيس لديكتاتورية”
ونشر بلعيد النسخة الأصلية على أعمدة جريدة “الصباح”، مرفقة برسالة أعلن فيها أن هيئته “بريئة تماما من المشروع” الذي نُشر بالجريدة الرسمية ليُصبح موضوع الاستفتاء، مشدّدا على أنّ “النصّ الصادر عن رئاسة الجمهورية ينطوي على مخاطر ومطبّات جسيمة من مسؤوليتي التنديد بها”.
وبين نسختي سعيّد وبلعيد بون شاسع، إذ تمنح نسخة سعيّد رئيس الدولة صلاحيات مُطلقة ولا يُتاح لأيّ مؤسّسة من مؤسّسات الدولة محاسبته أو مراقبة عمله، على عكس الثانية التي تفتح الباب حتّى أمام عزله في حال “ارتكاب خرق جسيم للدستور”.
واشترك النصّان في التأسيس لنظام رئاسي ينقل البلاد من النظام شبه البرلماني، الذي أرساه دستور عام 2014. لكن، بدا النصّ الذي نشرته الرئاسة التونسية أقرب للـ”رئاسوي”، باستحواذ أعلى هرم السلطة على مقاليد الحكم كافّة.
وردّ سعيّد على خصومه في رسالة نشرتها الرئاسة التونسية، صباح الثلاثاء، بأن نفى أن يكون مشروعه تهيئة لعودة الاستبداد، بل قال إنه “يعبر عن روح الثورة”.
“تقزيم” البرلمان
واتّفق النصّان على استبدال عبارة “سلطة” بـ”وظيفة” لكنّهما اختلفا في ترتيب صلاحيات البرلمان، إذ أضاف نصّ سعيّد غرفة ثانية أسماها المجلس الوطني للجهات والأقاليم. كما فتح الباب أمام سحب الوكالة من النوّاب وإمكانيّة رفع الحصانة في “جرائم القذف والثلب وتبادل العنف المرتكبة داخل المجلس”.
ولم يوضح نصّ الرئيس التونسي الطريقة التي يُنتخَب بها النوّاب، مثيرا مخاوف من إمكانية مضيّه قُدما في إرساء نظام قاعدي، يُختار فيه ممثّلو الشعب بطريقة غير مباشرة.
وحسب مشروع بلعيد، بإمكان مجلس النوّاب إسقاط الحكومة بلائحة لوم يطرحها ثلث أعضائه وتصادق عليها الأغلبية المطلقة، بينما تُحدّد النسبة في مشروع سعيّد بنصف أعضاء المجلسين لعرضها وثلثي الأعضاء لنجاحها.
وفي حال الشغور الدائم لمنصب رئيس الدولة، أحال النسخة الأولية لمشروع الدستور الصلاحيات إلى رئيس مجلس النوّاب، بينما تؤول إلى رئيس المحكمة الدستورية، في المشروع الثاني الذي نشر في الجريدة الرسمية.
جدل الهويّة
وبينما خلت النسختان من الإشارة للإسلام دينا للدولة، نصّ الفصل الخامس في النصّ الذي سيُستفتى عليه الشعب التونسي على أنّ “الدولة وحدها تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف”.
وحذّر مرصد الدفاع عن مدنيّة الدولة من إمكانيّة أن يقود النصّ إلى “إقامة دولة دينية على هيئة دولة الخلافة”، مضيفا أنّ المشروع لم يتضمّن أيّة إشارة إلى المبادئ الكونية لحقوق الإنسان كأساس لأيّ جمهوريّة مدنية.
ويرى الرئيس التونسي أنّ الدولة ذات معنويّة لا يمكن أن يكون لها دين. لكنّ النصّين احتفظا بالديانة الإسلامية كشرط للترشّح لانتخابات الرئاسة، رغم أنّ كليهما ينصّ على المساواة بين جميع المواطنين.
قلب التبويب
وعبّر عميد المحامين، إبراهيم بودربالة، عن امتعاضه، بعد استغناء النسخة الرسمية لمشروع الدستور عن الباب الأوّل الذي كان مخصّصا للجانب الاقتصادي، في سابقة فريدة من نوعها، منذ إصدار أوّل دستور في البلاد، عام 1861.
وكان بلعيد قد انتقد بحدّة دستور عام 2014 لخلوّ معظم فصوله من الإشارة للاقتصاد، معتبرا أنّ المشروع الذي تقدّم به، الشهر الماضي، للرئيس التونسي يهدف أساسا إلى إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية.
ولم يتضمّن نصّ سعيّد عبارة “اقتصاد” سوى في مناسبتين، مقابل استخدام عبارة “التنمية” في سبع مناسبات.
ما بعد الاستفتاء
وأثار الفصل 139في المشروع المقرّر طرحه على الاستفتاء جدلا واسعا، إذ نصّ على أنّ الدستور الجديد سيدخل حيّز التطبيق “ابتداء من تاريخ الإعلان النهائي عن نتيجة الاستفتاء”، دون أدنى إشارة واضحة وصريحة إلى ضرورة موافقة أغلبية المصوّتين على المشروع، على عكس النصّ الذي تقدّم به الصادق بلعيد وزملاؤه.
ودعا سعيّد التونسيين، في رسالته، إلى التصويت بـ”نعم” حتّى “لا يصيب الدولة هرم وحتّى تتحقّق أهداف الثورة”.
واستحوذ الرئيس التونسي، العام الماضي، على السلطة وحلّ البرلمان وعلّق العمل بالدستور، قبل أن يطرح خارطة طريق تنطلق بالاستفتاء على دستور جديد للبلاد، الشهر الجاري، لتنتهي بإجراء انتخابات برلمانية، في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
[ad_2]
Source link