الحمى النزفية: هل يتوقف العراقيون عن تناول اللحوم الحمراء مع اقتراب عيد الأضحى؟
[ad_1]
- عمر عبد الرازق
- بي بي سي عربي
في متجره الفسيح بحي اليرموك في وسط بغداد، يقدم القصاب حسن الطيب خدماته لعدد ضئيل من الزبائن، بينما يشير العدد الكبير من الذبائح المعلقة من البقر والضأن إلى بضاعة لا تجد من يشتريها، رغم علاقة الحب الشديد التي تربط المطبخ العراقي باللحوم الحمراء.
يحكي حسن الطيب عن الكساد الذي أصاب اللحوم الحمراء على مدى الشهور الماضية “مثل ما تقول اللحم يبور عندنا”. لكنه، وكعدد غير قليل من العراقيين الذين تحدثنا إليهم لم يصلوا إلى درجة اليقين بعد من أن الخوف من الحمى النزفية هو السبب في هذا الكساد الذي يضرب قطاعات تجارة الماشية واللحوم في العراق.
“احنا نسمع بهذا الشيء، نسمع أكو إصابات لكن ما شايفين حالة بعيوننا” هكذا يصف حسن الطيب حالة الذعر التي أصابت المجتمع العراقي من جراء ما يعرف علميا باسم “حمى القرم والكونغو النزفية” وإعلاميا باسم الحمى النزفية، وهي المرض الذي يصيب الحيوانات دون أن يظهر عليها وينتقل منها إلى البشر عن طريق حشرة القراد أو ملامسة سوائل الحيوانات المصابة كالدماء وما تحتويه الأنسجة. كما ينتقل عبر سوائل الشخص المريض؛ ما يعني أن القصابين مثل حسن، ومربي الماشية والبيطريين هم الفئات الأكثر تعرضا للإصابة.
وقد أدت موجة المرض الراهنة في العراق منذ يناير/ كانون الثاني الماضي إلى 27 حالة وفاة وأكثر من 212 إصابة، حسب الدكتور عدنان نوار مسؤول منظمة الصحة العالمية للأمراض الانتقالية في العراق.
ورغم قلة عدد الوفيات وتركزها في المناطق الريفية بين مربي الماشية، فإن الخبير الدولي يحذر من خطورة الحمى النزفية “بسبب عدم وجود لقاحات مضادة لها وعدم وجود علاج تخصصي للمصابين بها ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الوفيات بينهم لتصل إلى 40 %”.
ومع اقتراب موسم الأضاحي في يوليو تموز المقبل، حيث يعمد كثيرون في العراق إلى ذبح أضاحيهم بأنفسهم داخل بيوتهم، تتزايد المخاوف من ارتفاع نسبة الإصابة بين الأشخاص العاديين بدلا من اقتصارها على الفئات التي تتعامل مع الماشية حاليا.
خسارة وإنكار
على بعد 25 دقيقة من وسط العاصمة وفي منطقة حزام بغداد جنوب غرب المدينة، تمتد منطقة المزارع التي تشتهر بتربية الأبقار. يتفقد سعدون عباس أبقاره التي تقترب من العشرين بدأب وسط الحرارة الشديدة وطنين الذباب الذي يحلق على حيواناته كمن يدفع اتهاما لا يعرف مصدره يقول سعدون “ما يقال عن انتشار هذه الحالة كذب بكذب، وماكو هالشيء”. يقول سعدون إنه يربي الأبقار ويرعاها من صغره، ولم يحدث أن أصيبت الحيوانات بهذا المرض.
يتفق مع هذا الكلام مربي أبقار آخر في مزرعة مجاورة هو رسول أبو زياد، الذي يؤكد عدم تسجيل إصابة واحدة بالحمى النزفية في منطقة حزام بغداد. ضمنيا يعني هذا الكلام أن مربي الماشية يتوقعون أن تصاب حيواناتهم بالمرض، وهو الأمر الشائع لدى كثيرين، بينما تقول المصادر الطبية إن الإصابة لا تظهر عليها.
لكن أبا زياد يقر بالخسارة الجسيمة التي لحقت بأسعار الماشية خاصة الجاموس والأبقار (رغم أن المرض ينتقل أيضا من الأغنام المصابة)، مشيرا إلى أن “أسعار الحلال ما تسوى تعب التربية والعلف، ييجي القصاب ياخد منك بسعر أقل مما تكلفت بكثير رغم عدم وجود إصابات.
لعبة سياسية ؟
يتحدث محمد سالم الذي يمتلك مزرعة لتربية المواشي عن أن ما يثار بالأساس عن الحمى النزفية هو في الأساس “لعبة سياسية”؛ دون أن يسمي أطراف هذه اللعبة أو من يقفون وراءها. يمضي محمد سالم إلى القول بوجود “مؤامرة” لضرب الاقتصاد العراقي، ولضرب مناطق دون غيرها في العراق ” ليش حلالهم ومزارعهم سليمة ومزارعنا تنضرب؟”.
لكن الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة العراقية ومنظمة الصحة العالمية تشير إلى أن حالات الوفاة والإصابة لا تستثني أيا من مناطق الوسط والجنوب في العراق، أي أن فرضية الشائعات ذات الصبغة الطائفية مستبعدة.
رغم ذلك، من الموضوعي الاعتراف أن هناك من راكم الأرباح من جراء هذا الوباء ومن راكم الخسائر، فأسواق الأسماك والدواجن تكتظ بالمشترين، وهو ما ينعكس بالتأكيد على جيوب أصحاب مزارع الدواجن والأسماك، بينما تتراكم خسائر مربي الماشية بأنواعها بعدما تراجع استهلاك اللحوم الحمراء إلى أقل من النصف.
دور الحكومة
تتوقف إصابات الحمى النزفية في العراق منذ سبعينيات القرن الماضي، لكنها كانت في الغالب بأعداد ضئيلة ولم يصاحبها الاهتمام الإعلامي الذي يحدث هذه المرة. ومن الواضح أن مبعث الاهتمام اقتصادي رغم عدم تدخل الحكومة بخطة لدعم قطاع غذائي وزراعي مهم حتى الآن.
لكن الدكتورة ربى الفلاح، عضو الفريق الإعلام بوزارة الصحة العراقية، تقول إن دور وزارتها يتمثل في الكشف المبكر عن الإصابة من خلال مختبراتها، وتقديم الرعاية الصحية للمصابين ومتابعة الحالات المشتبه بها. وترى الفلاح أن العبء الأكبر في مكافحة المرض يقع على عاتق وزراة الزراعة في متابعة الحيوانات المصابة بالمرض وعلاجها إضافة إلى مكافحة الحشرة الناقلة للمرض وهي حشرة القراد.
رغم ذلك تتزايد المخاوف من استمرار موجة الإصابة الحالية بسبب ممارسات من غير المتوقع توقفها قريبا، وهي الذبح العشوائي خارج المذابح و”السلخانات”، وتربية الحيوانات داخل مقار السكن.
[ad_2]
Source link