إضراب البدون في الكويت: انتقادات للسلطات والمنظمون مصرون “إما أن تنفذ الحكومة مطالبنا أو يأخذونا إلى المقبرة”
[ad_1]
- زياد غندور
- بي بي سي نيوز عربي
في 28 من مارس/آذار، أعلن محمد البرغش ومجموعة من رفاقه بدء إضراب مفتوح عن الطعام للمطالبة بـ”الحقوق الإنسانية الأساسية” للبدون في الكويت. وأثار الإضراب موجة تعاطف واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت وكانت له أصداء لدى المنظمات الحقوقية.
سبب الإضراب
نصب الناشطون خيمة الإضراب في ساحة “الصليبية” بمحافظة الجهراء، مقابل مركز الشرطة لأن “مخفر الشرطة يمثل الحكومة في الكويت”، بحسب البرغش منظم الإضراب.
بدأ محمد البرغش، الناشط والمدافع عن حقوق مجتمع البدون، الإضراب بنفسه، وبعد ذلك انضم إليه عدد من الناشطين الآخرين، وقد دخل الإضراب يوم الثلاثاء يومه السادس عشر.
“ما جاء ليس وليد اللحظة بل هو نتيجة عملية تراكمية،” بحسب ما أخبرنا محمد والي العنزي، مؤسس حركة الكويتيين البدون، الذي أضاف: “نحن كناشطين حاولنا بشتى الطرق حل الأمر بطريقة سلمية، لكن هناك تعنت من قبل الحكومة لإقصاء البدون، لذلك يحاول الناشطون عبر إضرابهم دفع الملف إلى الأمام من أجل الحل”.
تمكنا بعد عدة محاولات من الوصول إلى محمد البرغش، الذي لم يتسن له الرد في بادئ الأمر بسبب الإرهاق الناتج عن إضرابه عن الطعام.
لكنه أخبرنا، عندما تمكن من الحديث، أن إعلانه الإضراب المفتوح يأتي جراء “الظلم وقطع الأرزاق وإهانتنا وكرامتنا التي نازلة في هذا البلد. اعترضنا على هذا الأمر لأن قضيتنا صار لها 70 سنة. طلعنا في مسيرات سلمية، فلم تلتفت لنا الحكومة وتجاهلتنا، فاضطررنا لاستخدام هذا الأسلوب السلمي المحترم للفت الانتباه لقضيتنا ولإيجاد حل. فعملنا هذا الإضراب السلمي عن الطعام، صار لنا تقريباً 16 يوما”.
المسيرات السابقة التي أشار لها البرغش هي الاعتصامات شبه الأسبوعية التي بدأت قبل شهرين تقريباً في ساحة تيماء بمحافظة الجهراء، والتي كما قال البرغش، “لم تلتفت لها الحكومة ولم تسفر عن أي تقدم في قضية البدون”.
لماذا في “الصليبية”؟
اختار محمد موقع خيمة الإضراب لأنها أولاً أمام مخفر الشرطة الممثل للحكومة، وثانياً لأنه يوجد فيها مركز للإسعاف “في حال سقط من عندنا أحد ليتم إسعافه، وفعلاً كان في حالات سقطت من عنا وراحت للمستشفى”.
السبب الثالث، كما شرح محمد، أن “الغالبية العظمى في منطقة الصليبية من الكويتيين بدون جنسية”. لذلك اختار نصب الخيمة في “ساحة ترابية بعيدة عن إزعاج أي أحد، لكي نرفع صوتنا بكل سلمية وبكل احترام”.
توقيت الإضراب
أتى الإعلان عن الإضراب المفتوح عن الطعام قبل خمسة أيام من بدء شهر رمضان، لكن بحسب البرغش فإنهم لم يخططوا لذلك.
لكن محمد والي العنزي، يقول إن تزامن الإضراب مع الصيام في شهر رمضان كان مكسباً للناشطين، “لأن نسبة التعاطف عند الناس تكون أعلى في هذا الشهر خاصة مع الكويتيين البدون الذين يعيش معظمهم تحت خط الفقر، ولذلك لقي الإضراب صدى في المجتمع الكويتي”.
المطالب
يقول منظم الإضراب: “نحن طالبين العدل والإنصاف. نحن طالبين إذا لنا حقوق في هذا البلد أن يعطونا إياها. إذا ليس لنا حقوق، ودونا المحاكم والقضاء وهي تنصفنا. نحن أبناء هذه الأرض. الحكومة طلعت في التلفزيون الرسمي الكويتي وقالت إن هناك تقريباً 34 ألف من البدون تنطبق عليهم شروط التجنيس، لكننا لم نر شيئا. نحن نطالب بحل قضيتنا حلاً عادلاً ومشرفاً”.
ويتابع البرغش بالقول إن المسؤولين “لا هم راحمينا ولا تاركين رحمة الله تنزل. سبعين سنة مش عارفين مصيرنا. يعني نحنا الحين كرامتنا تهان، أرزاقنا تقطع، أطفالنا قاعدة تنتحر بسبب سياسيات حكومية. هم يدفعونهم إلى ذلك. طيب وبعدين؟”.
ولم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من الحكومة الكويتية حول إضراب البدون في منطقة الصليبية.
وقد وصف البرغش موقف الحكومة بالـ”التجاهل التام”، وقال: “صار لنا 16 يوماً أمام مخفر الشرطة ممثل للحكومة الكويتية، والله متجاهلينا بالتمام. نحن ناس جياع، في صحراء، وأنت عارف الجو الكويتي حار جداً والرمل والغبار على طول”.
وأضاف: “نحن ناس مضربين عن الطعام لا نأكل، ما شفنا إنسانية”.
تهديدات بإزالة الخيمة
يقول البرغش إنهم تعرضوا لتهديدات بإزالة الخيمة: “حتى الخيمة يلي قاعدين فيها يهددونا ويقولون ممنوع تحط خيمة. كل يوم تجينا سيارات البلدية، الشاحنات الصفراء، يريدون إزالة الخيمة”.
يقول محمد البرغش إنه، في اليوم الثالث عشر للإضراب، تلقى اتصالاً هاتفياً ممن عرف نفسه بأنه “موظف في بلدية الكويت” وقال له إن “وضع الخيمة في هذا المكان ممنوع وإن البلدية سترسل آليات لكي يهدموها”.
ورد عليه الناشط والمدافع عن حقوق البدون بالقول: “أرفض أن أزيل الخيمة، وإذا أردت هدمها فاهدمها فوق رأسي. لن أتحرك من هنا حتى آخذ حقي”.
وبالفعل أرسلت البلدية، بحسب محمد، في صباح اليوم التالي شاحنة لإزالة اللافتات أمام الخيمة، لكنهم تراجعوا عن ذلك بعد اعتراض الناشطين.
منظمات حقوقية
إضراب البدون عن الطعام كانت له أصداء لدى المنظمات الحقوقية.
فقد أصدرت الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان بياناً أعلنت فيه دعمها لإضراب البدون ومطالبتها بإنصافهم والتوقف عن “إرهابهم”.
كما انتقدت “الصمت الرسمي تجاه المطالب التي طالما نادوا بها، لا سيما رفضهم للممارسات التعسفية التي يتخذها بحقهم الجهاز المركزي لمعالجة شؤون المقيمين بصورة غير قانونية”.
واستنكرت الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان “بأشد العبارات الاتصال الذي تلقاه الناشط والمدافع عن حقوق مجتمع البدون محمد البرغش من أحد الموظفين في بلدية الكويت الذي قام بإنذاره ورفاقه بإزالة خيمة الأمعاء الخاوية كونها غير مرخصة، وهو ما تعُّده الجمعية “محاولة إرهاب” للمطالبين السلميين بحقوقهم المشروعة”.
كما أصدر المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان بيانا حول وضع البدون في الكويت.
ومن جهتها قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية: “ما يزال مجتمع “البدون” (عديمو الجنسية المطالبين بالجنسية الكويتية) في مأزق قانوني يحرمهم من الوثائق وتلقي الخدمات الاجتماعية ويضر بحقوقهم في الصحة والتعليم والعمل. بينما تقمع السلطات نشاطهم السلمي وتعاقبه”.
لكن محمد البرغش يعتبر موقف الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان “سلبيا للغاية، فهم لم يصدروا تقريرهم إلا بعد 14 يوماً على الإضراب. ونحن بيننا وبينهم نصف ساعة. لم يأتوا لزيارتنا. خاطبنا منظمات الأمم المتحدة في الكويت، لم يلتفت لنا أحد. التقارير الحقوقية حتى من هيومن رايتس ووتش أخذوها من النت. لم يأت أحد لزيارتنا”.
تعاطف عبر مواقع التواصل
أثار إضراب البدون موجة تعاطف واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت، وتصدر وسم اضراب_البدون قائمة المواضيع الأكثر تداولا في البلاد على مدار الأيام الماضية.
خلال حديثنا لم يبدُ البرغش متفاجئاً من التعاطف الواسع مع الإضراب.
وقال: ” نحن جزء من أبناء الشعب. يلي أخوه كويتي أخوه الثاني بدون، يلي عمه كويتي عمه الثاني بدون. يعني نحن من ضمن شرائح وفئات الشعب الكويتي، فلذلك تلقى تعاطف كثير من إخواننا في الوطن. وأخرين متعاطفين معنا إنسانيا ومع عدالة قضيتنا”.
الإضراب إلى أين؟
لدى سؤال محمد البرغش عن رؤيته لما سيؤول إليه الإضراب الذي ينظمه، قال لي إنه “لا يملك أية خيارات أخرى”.
وأضاف: “الحكومة تجاهلتني، أنا وإخواني الكويتيين البدون في وضع سيء جداً. لا يُسمح لنا بالدراسة، لا يُسمح لنا العمل، لا يُسمح لنا بالتطبب. أنا رجل فوق الخمسين ولا يسمح لي بالذهاب للعمرة. لا يمكنني فعل شيء سوى هذا الإضراب، وأنا مستمر فيه حتى آخذ حقوقي”.
وعندما سألناه: ألا تخش على حياتك؟ أجاب: “الله يفعل ما يريد. إما أن تأتي الحكومة وتنفذ مطالبنا أو يأخذونا إلى المقبرة”.
من هم البدون؟
- يعيش أكثر من 100 ألف من البدون حالياً في الكويت.
- أطلقت عليهم هذه التسمية منذ سنوات لكونهم لا يحملون أية وثائق تثبت انتمائهم للكويت.
- تعود أصول هؤلاء في الغالب إلى قبائل بدوية عريقة من مناطق رعي صحراوية تمتد من السعودية جنوبي وشرقي الكويت والعراق إلى الشمال.
- يعود بعضهم إلى بادية سوريا والأردن من قبائل عربية كبيرة مثل شمر وعنزة.
- يطالب البدون بالحصول على الجنسية الكويتية، لكن الحكومة تعتبرهم مقيمين بصفة غير شرعية.
[ad_2]
Source link