السويد: هل يعكس جدل “أخذ أطفال العرب” سوء فهم وفجوة ثقافية بين عالمين؟
[ad_1]
بين ما ينتشر على صفحات التواصل الاجتماعي، من أحاديث تأتي في الغالب من المنطقة العربية، بشأن سحب أطفال من أسرهم العربية والمسلمة، من قبل هيئة الخدمة الاجتماعية في السويد، وبين ما تقوله السلطات السويدية، في سعيها لتفنيد تلك “المزاعم”، هناك فجوة واسعة، ربما تعكس الاختلاف الكبير بين ثقافتين.
فالمتابع لما يصدر عن الجانبين، يمكنه بسهولة أن يدرك، أنهما على طرفي نقيض، وأن من تصدوا للحديث عن القضية في المنطقة العربية، ربما لم يكون على إلمام بكل تفاصيلها، وهو ما كررته السلطات السويدية المسؤولة على مدى الأيام الماضية.
وبداية فإن السويد نفسها، لم تنف أنها أخذت أطفالا من أسر عربية ومسلمة تعيش على أراضيها، وهي تقول إنها فعلت ذلك مثلما تفعله تماما مع عائلات من أصول سويدية، لاعتبارات تتعلق بتأمين بيئة أفضل للأطفال، وفي حالات يتعرض فيها الطفل لانتهاكات داخل أسرته، تحتم تسليمه إلى أسر جديدة أو نقله إلى مركز لرعاية الأطفال.
ووفقا لأرقام مركز المعلومات السويدي، فإن حالات سحب الأطفال من أسرهم، في كافة أنحاء السويد، لأسباب تتعلق بالحفاظ على سلامتهم النفسية والجمسية، بلغت 7900 حالة خلال العام 2019 ، منها 4800 حالة تخص أطفالاً من أصول سويدية، ومنها 3100 حالة تشمل أطفالاً من أصول مهاجرة.
وباعتبار أن نسبة المهاجرين في المجتمع السويدي، تبلغ حاليا نحو 20 في المئة، فهذا يعني أن نسبة أطفال المهاجرين من جميع الجنسيات، ممن أخذوا من أسرهم مقارنة مع نسبة الأطفال السويديين من المجموعة نفسها، هو في حدود خمسة أضعاف.
ويمنح القانون السويدي هيئة الخدمات الاجتماعية التي تعرف اختصارا بـ (السوسيال) الحق في انتزاع الأطفال من آبائهم، إذا أثبتت التحقيقات أن الآباء غير مؤهلين لتربيتهم، ومن ثم يتم إيداعهم في مؤسسة للرعاية الاجتماعية لحين نقلهم إلى عائلة جديدة.
الناشطون العرب وحديث المؤامرة
على الجانب العربي فإن كافة الحوارات الدائرة، على وسائل التواصل الاجتماعي، وصلت إلى حد تصوير الأمر على أنه مؤامرة، تستهدف أطفال المسلمين، وأن السلطات السويدية ضالعة في تلك المؤامرة، بهدف أخذ أطفال المسلمين وتحويلهم دينيا، وبدا ذلك واضحا عبر هاشتاج “أوقفوا خطف أطفالنا” وهو الذي مايزال نشطا بجانب هاشتاجات أخرى عن القضية.
ويتهم ناشطون عرب ومسلمون، على وسائل التواصل الاجتماعي ،الخدمات الاجتماعية السويدية، بانتزاع الأبناء من اللاجئين السوريين. ووصل الأمر بالبعض، إلى القول بأن هؤلاء الأطفال، يُوضعون مع أسر حاضنة غير مسلمة ، ويُجبرون على أكل لحم الخنزير وشرب الكحول.
وبدت الاتهامات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، من المنطقة العربية والإسلامية، ككرة ثلج تتدحرج وتكبر، وبدا أن كثيرا ممن يشاركون فيها يضيفون إليها المزيد من العناصر، كي يزيدونها سخونة، ووصلت الحملة على إلى أبعد من السويد، إذ رأى المشاركون فيها من المنطقة العربية أن “الغرب مثل السويد والدنمارك يريدون ترحيل الكبار والاحتفاظ بالصغار”.
وقد دفع ذلك الانتشار الواسع للحملة، السلطات السويدية للتصدي بالرد، على ما قالت إنه مغالطات على نطاق واسع، وقد خرج وزير الاندماج والمهاجرين في السويد أندريه يغيمان، ليفند ذلك وينفي صحة مايتم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي، من أن بلاده تقوم بانتزاع أطفال الأسر المسلمة والمهاجرة.
وقال يغيمان إن هذه المزاعم غير صحيحة، لافتاً إلى وجود حوار بينهم وبين منظمات المجتمع المدني المسلم، حول زيادة الوعي فيما يتعلق بكيفية عمل المؤسسات في السويد.
من جانبها شددت وزارة الخارجية السويدية، عبر عدة تغريدات على تويتر على أن “جميع الأطفال في السويد يتمتعون بالحماية والرعاية على قدم المساواة بموجب التشريعات السويدية، واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل”. وقالت إن “الخدمات الاجتماعية السويدية تسعى لضمان أن يتمتع جميع الأطفال بطفولة آمنة”، مبينة أن “الحالات التي يتم فيها إبعاد الطفل مؤقتا عن والديه تضع دائما سلامة الطفل ورفاهه أولا”. وأنه “لا يجوز إبعاد الطفل عن والديه إلا بأمر من المحكمة وتحت رعاية وإشراف متخصصين مدربين”.
وكانت صحف سويدية، قد نقلت خلال الأيام الماضية عن السلطات، قولها إن عائلة مستهدف ترحيلها ساهمت في إثارة “بلبلة ونشر نظرية مؤامرة حرّضت على كراهية السويد، بادّعاء أنه يجري حبس الأطفال المسلمين احتياطياً لإجبارهم على التحوّل إلى المسيحية”. وأشارت صحيفة “إكسبرسن” إلى أنّ التضخيم وصل إلى حدّ “بث أخبار عن مؤامرة سويدية تستخدم فيها سلطة الشؤون الاجتماعية في البلاد كجزء من الحرب ضد الإسلام. وتُنشَر هذه الشائعات شفهياً وتجري مناقشتها في المساجد وبعض الجمعيات”.
وتؤكد وسائل إعلام سويدية على أن السويد، تعد من أكثر الدولة الأوروبية احتراماً للإسلام والمسلمين، وانفتاحاً عليهم، وقبولاً بهم؛ ويتجلى ذلك من خلال وجود المساجد والجمعيات الإسلامية، التي تحصل على المساعدة من الحكومة السويدية. كما أن السويد تتميز بمراعاة الطلاب المسلمين في الطعام المدرسي، واحترام الحجاب في المدارس والجامعات وأماكن العمل.
الاندماج وتباين الرؤى
ويبدو التباين واضحا هنا بين رؤيتين، أحدهما شرقية والأخرى غربية، فيما يتعلق بالجدل الأخير حول قضية الأطفال في السويد، لكن الأمر ذو صلة وثيقة بقضية أخرى، هي قضية مدى اندماج الجاليات العربية والمسلمة، المهاجرة إلى دول غربية وخاصة أوربا، وهي القضية التي كانت موجودة دوما وساهم في زيادة الجدل بشأنها، موجة المهاجرين الأخيرة من المنطقة العربية باتجاه أوربا، بفعل الحروب التي مرت بها المنطقة.
وتتفاوت دول أوربا في سياساتها بدمج الجاليات العربية والمسلمة، وإن كانت الدول الاسكندنافية هي من أفضلها في هذا الشأن وفقا لتقارير، ويعتبر ناشطون في الجاليات المسلمة والعربية في أوربا، أن أبناء الجاليات يفعلون كل ما يتطلبه الاندماج، من عمل وتعلم للغة، ومشاركة في أنشطة مجتمعية لكن الأمر يتعلق برؤية تيار معين،هو اليمين المتطرف، والذي يشكك دوما في ملائمة الإسلام للديمقراطية في المجتمعات الغربية، والذي لايسعى إلى دمج هؤلاء وإنما إلى تذويبهم بشكل كامل في هذه المجتمعات.
كيف رأيتم الجدل الأخير بشأن ما سمي بقضية “أخذ أطفال العرب” في السويد؟
وبرأيكم ما الذي يعكسه هذا الجدل؟
هل ترون أن كل من تصدوا للحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي كانوا على دراية ووعي كامل بالقضية؟
كيف ترون رد السلطات السويدية بأن الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي كانت مليئة بالتضليل؟
وهل يعكس الخلاف عدم استيعاب من المهاجرين لثقافة بلد مختلف؟
إذا كنتم ضمن الجالية العربية في السويد حدثونا عن حقيقة الموقف؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 21 شباط /فبراير.
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب
[ad_2]
Source link