أخبار عاجلةمقالات

القرنقعو بين الواقع والحقيقة … بقلم الدكتورة هلا السعيد

إيسايكو: القرنقعو بين الواقع والحقيقة … بقلم الدكتورة هلا السعيد

القرنقعوه عادة قديمة جداً، يحتفلون بها في منتصف شهر رمضان، وكان الأهل في الماضي يقومون بها للأطفال تشجيعاً لهم على الصيام واستمرت هذه العادة التي كان الأطفال يحملون أكياسهم من الخيش أو الورق وهم يطوفون في الأحياء ويغنون أغنيتهم المشهورة (قرنقعوه قرقعوه – عطونا الله يعطيكم -بيت مكة يوديكم -يا مكة يا المعمورة – عطونا من مال الله يسلم لكم عبدالله -عطونا دحبة ميزان يسلم لكم عزيزان وهكذا دواليك)، وكان الأطفال يطوفون من العصر حتى المغرب لعدم وجود كهرباء وإضاءة من قبل، وكل بيت يعطونهم الحلويات والمكسرات وخاصة الجوز والنقل) ليفرحوا ويتسابقوا من يحصل على الكمية الأكبر، وكانت فرحة الأطفال ما لها حد.
ومع الأيام والسنوات تطورت العادة وزادت كمية الحلويات وتنوعت وأصبح الأطفال يتجولون من المغرب حتى العشاء بين الفرجان والنساء في البيوت والنساء يعطونهم الحلويات والمكسرات والفرحة تكسو ملامحهم، والهدف في النهاية فرحة للأطفال.
ولكن …….. هذه السنوات ابتدع الناس طرقا حديثة وجديدة على هذه العادة فبدأوا بوضع القرنقعوه في أكياس وعلب خاصة وأضيفت لها اللعب وأنواع من الحلوى جديدة، ولم يعد الأطفال يخرجون إلى الفرجان ويطوفون بالبيوت بل أصبح الاحتفال داخل البيوت بتوزيع العلب التي تتميز بالأشكال والألوان، وتتزين النساء والبنات الصغيرات بالذهب والحلي والملابس التراثية، وتظل فرحة الأطفال موجودة، ولكن الأمر زاد إلى شيء من التبذير والإسراف حيث تحتم على الكثير من البيوت إقامة الولائم بعد وقت القرنقعوه وتوزيع السلال والعلب بأشكالها المتنوعة المتزينة بصور الأطفال على الأصدقاء والأقارب وكل باسم أولاده، بالإضافة إلى الحرص على لبس الذهب التراثي الذي أصبحت الكثير من الفتيات والنساء يحرصن على اقتنائه لمثل هذه المناسبات ومناسبات (حناء العروس).
أصبحت هذه العادة الجميلة التي تسعد الأطفال قد يختفي وجودهم فيها بسبب تلك الولائم التي تقام للنساء والأمهات!.
إن هذه العادة التي نحرص عليها من الماضي بشكلها القديم تعطي معاني البساطة والتآلف وجنة القلوب وتعريف الأطفال على الصيام وتشجيعهم عليه.
أنها عادة جميلة لم تؤثر على معتقداتنا الدينية اللهم إلا بعد ما اصبحت احتفالات للتباهي والتفاخر من حيث مبالغات بكل شئ قد تتحول إلى بدع وهذا ما لا يرضاه الله ولا رسوله من المبالغة والإسراف والتباهي على الغير،

وإن إدخال الفرح والسرور في قلب الإنسان المسلم من أحب الأعمال إلى الله عز وجل ولكن يجب ان لا نسرف فان الله يكرة المسرفين والمبذرين بغير وجه حق .

والان جاء دور ان نسأل انفسنا سؤال هام….،.،،،
لماذا اصبحت الناس تنتظر اي مناسبه تراثيه مثل القرنقعو لعمل الحفلات المبالغ فيها ؟؟؟؟؟؟
وحقيقه ما جعلني اكتب بهذا الموضوع ما اشاهده علي السوشيال ميديا التباهي والتفاخر بالاحتفالات الخاصه بالقرنقعو اصبحت حفالات علي مستوي عالي جدا وكانها اعراس التباهي والتفاخر احتفالات عديدة في الفنادق والبيوت ولم تعد للاطفال بل اصبحت للنساء من اجل التباهي بالماكولات والملابس والذهب والماركات ونسو الهدف من ليلة القرنقعو ونسو الهدف الاساسي من رمضان (الاحساس بالفقير )
وانا اقول جميل ان نحافظ علي تراثنا ونحتفل بالمناسبات التراثية مثل “القرنقاعو” وغيرها من المناسبات التقليدية ، جميل ان نتوارثها اجيال بعد اجيال ، ولكن بسبب التغير اقول يمكن أن يكون هذا التغير له عدة أسباب تتعلق بتطور المجتمع وتغير ثقافته.
في بعض الحالات، يمكن أن يكون هذا النوع من الاحتفالات وسيلة للناس للتمسك بهويتهم الثقافية والتراثية وسط التغيرات السريعة التي يشهدها العالم من حيث العولمة والتقنيات الحديثة. كما أن الاحتفالات بمثل هذه المناسبات قد تصبح وسيلة للترابط الاجتماعي، حيث يجتمع الأفراد في جو من الفرح والترفيه.
ولكن انا ضد ما نراه علي السوشيال ميديا حيث قد تُغذي هذه الحفلات المبالغ فيها رغبة بعض الأشخاص في إبراز مستوى معيشتهم أو لتحقيق الترفيه الشخصي. يمكن أن تكون هذه الحفلات بمثابة فرصة للتفاخر بالمكانة الاجتماعية والاقتصادية أو لتقديم أنفسهم بشكل معين أمام المجتمع. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً في تعزيز هذه الثقافة، حيث يتم مشاركة الصور والفيديوهات التي تظهر مثل هذه الحفلات بشكل واسع، مما يزيد من الضغط الاجتماعي ليشارك الجميع في هذه المناسبات بشكل مبالغ فيه. من اجل العرض اكثر من اجل احياء المورثات

وفي النهاية، قد يكون هذا مجرد تحول في طريقة الاحتفال بالموروثات الثقافية، حيث أصبح الاحتفال أكثر تجارياً ومتنافساً في بعض الأحيان
تذكرو اخوتي بالله ….. لن يدوم لك سواء العمل الصالح

 

الدكتورة هلا السعيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى