تدخل الآباء في اختيار التخصص الجامعي للأبناء صح ام خطأ … بقلم الدكتورة هلا السعيد
إيسايكو: تدخل الآباء في اختيار التخصص الجامعي للأبناء صح ام خطأ … بقلم الدكتورة هلا السعيد
ان غاية الأبناء من الحياة هي أن يصبحوا ما يريدون، لا ما يريد لهم آبائهم أو أمهاتهم
لا أحد يختلف على حب الأهل لأبنائهم، ومدى حرصهم على متابعتهم، ولا يوجد شك أن كل أب أو أم لا تكتمل سعادتهما إلاّ وأبناءهما في أفضل المستويات التعليمية والوظيفية والاجتماعية، غير أن بعض أولياء الأمور يتجاهلون حقوق فلذات أكبادهم ويهمشون حريتهم في اتخاذ مساراتهم وقراراتهم، بل ويصرون على تحديد شخصياتهم، من خلال فرض قراراتهم على أبنائهم من دون أن يتركوا لهم حرية اتخاذ القرار بما ينسجم مع قدراتهم ورغباتهم، مع التوضيح لهم بطبيعة الخيارات المتاحة، وما نهاية المسارات التي من الممكن أن تنتهي بهم من خلال تحصين فكرهم بما قد يجهلهم، وبالتالي تكون لديهم القدرة على فرز خياراتهم بشكل أفضل، ويمنحهم قدرة أكبر على العطاء والشعور بالمسؤولية ، بعيداً عن اتخاذ مسارات غير مناسبة بحجة عشان رغبة الوالد.
السلطه الابويه:
في الأسرة العربية يخضع أفراد الأسرة لحكم الوالد (الاب) وهو ما يقصد به (السلطة الأبوية)، فيكون الأب هو المتحكم الأول والأخير وصاحب السلطة المطلقةِ بكل ما يتعلق بحيوات أبنائه وهو ما يمتد إلى رفيقة حياته أيضاً.
وهو بهذا يمس الحق الفردي للأبناء وهو حق الاختيار، ويتعدى الأب في غالب الأحيان على المسار الوظيفي لأبنائه فيحدده لهم مبرراً بأنه الأعلم بما يصلح لهم ولمستقبلهم، وتحت تأثير ممارسة هذه السلطة يخضع الكثير من الأبناء، أما الفتيات فقد يضحين بمستقبل كامل لتتقلص أحلامهن وطموحاتهن إلى ما لا يرغبن فيه!
احلام تتضارب بين ما يريده الابناء وما يريده الاباء:
يحلم الآباء والأمهات بتخصص معين لأبنائهم بصرف النظر أحيانا عن مدى قدرتهم على النجاح في هذا التخصص ، وفي مقابل ذلك يرغب الابن في تحقيق أحلامه وفق ما يناسب ميولاته وقدراته، وهنا يبدأ الخلاف بين الطرفين حيث يرى الوالدان أنهما أكثر خبرة وقدرة على تحديد مستقبل أبنائهما في حين يعتبر الأبناء أنهم الأقدر والأحق باختيار مستقبلهم.
وهنا تدفع سلبية الأبناء في زمننا هذا وتواكلهم على الآباء والأمهات في تسيير كافة شؤون حياتهم وفي متابعتهم اللصيقة لهم في جميع مراحلهم التعليمية، تمنعهم من تحمل المسؤوليه المجتمعيه نحو انفسهم ونحو اتخاذ القرارات المتعلقه بحياتهم ومستقبلهم وتجعل الآباء إلى التدخل بصفة آلية في اختيار التخصص الجامعي.
هذه المشكلة وما ينجر عنها من انعكاسات سلبية على نجاحهم الجامعي والوظيفي تكون لدى أغلب الأسر التي لديها أبناء على مشارف الجامعة، حيث تؤثر الاختيارات غير المناسبة خاصة في أحيان كثيرة على الأبناء وعلى نجاحهم في المستقبل
المشكله ان الاباء نسو ان ابائهم هم من حددوا مسارهم بالتعليم وهم كانو غير راضين والان يفعلون نفس الشي باختيار حياة ابنائهم .
وأكدت دراسات عربية
أن نسبة كبيرة من الطلبة يعتمدون على اختيارات أسرهم في توجيههم الجامعي، وأن الأسرة تلعب دورا كبيرا في إثارة الطموح لدى أبنائها، وتحديد نوعه ومستواه، لأن هناك فـرقا بين ما يطمح إليه الإنسان وما هو حاصل عليه أو ما يستطيع تحقيقه في الواقع، فكلّ إنسان يطمح ويخطط ويضع نصب عينيه الآمال الكبيرة ثم يسعى لتحقيقها.
وهنا يظهر دور الوالدين الكبير في الكشف عن استعداد أبنائهما وتهذيب ميولهم ورعايتها، وللأسرة هنا دور فعال في تربية الاختيارات والمسارات الدراسية والمهنية التي يبدأ التلميذ في رسمها منذ اكتشافه الاختيارات، ويتجلّى ذلك من خلال النتائج الدراسية والتناغم الحاصل بين الميل والاستعداد لدى الطالب في بداية مرحلة التعليم الثانوي. هذه المرحلة الهامة في حياة الفرد والتي تظهر فيها أهمية تحديد الاتجاهات بخصوص المهنة المختـارة التي سيضطلع بها مستقبلا.
وتعتقد الكثير من الأسر أن التخصصات الصعبة هي المعيار التي تجعل الأبناء ناجحين مهنيا وهذا الاعتقاد يضع الابن أو الابنة في صندوق مغلق مليء بالحِمل والثقل والصعوبات، مما يؤدي إلى التدني الواضح في المستوى التعليمي لديهم.
وانا كمتخصصة اقول لكم اعطو ابنائكم مساحه من الاختيار وحيث يكون دور الاباء ياتي في التدخل في تحديد مستقبل الأبناء وذلك يبدأ منذ الطفولة وذلك انطلاقا من السؤال التقليدي “ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟”، الذي يطرح على جميع الأطفال تقريبا، لافتين إلى أن الطفل يأخذ منذ صغره توقعات الأهل حول مستقبله، ويصبح ملزما أمامهم وأمام الجيران والمقربين والأصدقاء بهذه التوقعات مما يجعله في حالة صراع بين نفسه وبين قدراته وطموحاته.
أن الطلاب في جميع مراحل حياتهم حائرون ومشتتون، ويرون أن توقعات الأهل هي الأساس في تحديد توجهاتهم الجامعية والوظيفية، مع تغييب رأيهم في كيفـية رؤية مستقبلهم.
وأوضح هنا أن توقعات الأهل تجعل الأبناء لا يعرفون ما يريدونه، مشددين على أن الأطفال والمراهقين اليوم لا يعلمون ما الذي يريدونه رغم الخيارات الكثيرة المتاحة أمامهم، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى الأهل لأنهم لا يناقشون خيارات أبنائهم وتستهزئ الكثير من الأسر من رغبات أطفالها في الحصول على وظائف ومهن لا ترقى إلى مستوى طموحاتهم الاجتماعية، حيث ترتبط الكثير من الوظائف التي يشغلها الأبناء بالوجاهة الاجتماعية للعائلات.
و في الكثير من الأحيان لا ينجح الوالدان في اختيار التخصصات التي تتناسب مع مؤهلات الأبناء الفكرية والعلمية، مما يؤدي حتما حينما يرغمون أبناءهم على دراسة التخصص الذي لا يتناسب مع قدراتهم إلى انعكاس النتائج السلبية على مستقبلهم ككل. فلا شك بأن التخصص الجامعي يرتبط بالوظيفة والمهنة المستقبلية.
وانا اقول لكم هذا الاختيار من قبلكم هو انعكاس لرغباتكم وليس رغبات الابنا
ويرى الكثيرون أن من بين أسباب تدخل الآباء والأمهات في تحديد الاختيار الجامعي لأبنائهم:
١-عدم ثقتهم في قدراتهم على اختيار الاختصاصات
٢-الرغبة الدائمة في التباهي والتفاخر أمام المقربين والأصدقاء
٣- في أغلب الأحيان يسعى الأهل إلى تحويل مستقبل أبنائهم إلى نسخة من أحلامهم التي لم يحققوها في حياتهم.
لذلك اشدد على ضرورة أن يحدد الطالب بنفسه المجال أو التخصص الذي يتناسب مع قدراته التفكيرية ومع ميوله العلمي حتى لا يواجه صعوبات قد تهدد مسيرته الدراسية في المستقبل، إذ ينبغي على اولياء الامور أن يفتحوا مجال التحاور والتشاور مع ابنائهم في أمورهم حتى يتم اختيار التخصص الذي يتناسب معهم، وهنالك الكثير من الطلاب يكونون على قناعة تامة بتخصص معين منذ وقت طويل ويعملون على تحقيقه وتكون أسرهم على علم برغبة أبنائها ولا تعترض وتعمل على تشجيعهم بكافة السبل حتى يحققوا أهدافهم.
أن الطالب يمكن أن يستجيب لوالديه في دراسة تخصص معين ثم تواجهه بعض الصعوبات التي قد تهدد مستقبله لأنه يدرس ما هو بعيد عن رغبته وحتى إذا أكمل الدراسة يمكن أن يكون غير ناجح مهنيا، لذا يجب ألا يتدخل الآباء في تخصصات أبنائهم سوى بالنصح فقط وألا يكون النصح بمثابة قرارات غير قابلة للنقاش.
لذالك من الضرورة :
– أن يتمتع الأبناء بحرية اختيار التخصص الذي يناسبهم لأنهم الأدرى بقدراتهم الفكرية والمعرفية، ويجب أن يقتصر دور الأهل في التوجيه والاقتراح.
– ان يكون بين الابن ووالديه الحوار الذي يبنى على تقبل اختيار الأبناء واحترام رغبتهم في تحديد تخصصاتهم
– عدم ممارسة السلطة الأبوية لإجبارهم على تخصصات لا يرغبون في دراستها مما يؤثر سلبا على حياتهم الوظيفية وبالتالي على مستقبلهم وحياتهم بصفة عامة
اذا لا بد من:
تغيير أفكار الآباء القائم على صناعة الأهداف والقرار للأبناء إلى إعطائهم الفرصة لكي يعيشوا حياتهم بطريقتهم الخاصة؛ وذلك بوضع هذا التدخل في إطار صحي تقف حدوده عند بناء الثقة بالنفس لدى أبنائهم ومراقبة تصرفاتهم في مختلف المواقف، فيعملوا على الصواب ويصححون الخطأ، وعند اتخاذ القرارات الصعبة يتم مناقشتها وأخذ رأيهم فيها ومساعدتهم من دون التدخل في وضع القرار، بل إعطاؤهم مفاتيح المسارات، وترك القرار النهائي بين يديهم.
أن الحل الوحيد والذكي لتعليمهم كيفية صناعة القرارات ( فن اتخاذ القرار ) يبدأ منذ الصغر، ومن خلال أمور صغيرة مثل كيفية اختيار الملابس، ومن ثم التدرّج في اختيار المدرسة عند الكبر، ومن ثم اختيار الأصدقاء مع المراقبة من قبل الأهل والتوجية بطريقة غير مباشرة.
الفرق بين تدخل الاباء في اختيار التخصص الدراسي قديما وحديثا:
أن تدخل الأسرة في اختيار التخصص الدراسي لم يعد كما كان في السابق حيث كانت الجامعات والكليات محدودة مما يجعل الاختيار محدودا وكانت مسؤولية الآباء تنحصر في تقديم المساعدة حتى يصل أبناؤهم إلى الاختيار التخصصي الصحيح، إلا أن الأمر اختلف كثيرا اليوم حيث الأبناء لديهم وعي كبير ويحددون رغباتهم منذ وقت طويل ويعرفون أهدافهم ويسعون إلى تحقيقها.
بالاضافه خبرة الابناء في التكنولوجيا لها أثرا إيجابيا على الناجحين حيث يمكن لهم تصفح كل المعلومات الخاصة بالتوجيه الجامعي عن طريق الإنترنت، كما أنها ساعدتهم في معرفة تفاصيل التخصصات التي يختارونها والجامعات التي يرغبون في الالتحاق بها
اثار من تدخل الاباء بتحديد مسارات التعليميه لابنائهم:
ومعظم الآباء والأمهات يستخدمون مبدأ الأوامر مع أبنائهم في تحديد مصيرهم، وهو من الأساليب الخاطئة وله آثار سلبية خطيرة على الأبناء، ولا شك أن حرص الآباء والأمهات على أبنائهم وبناتهم يدفعهم إلى التدخل في عملية اختيار التخصص، لكن درجة التدخل هذه يجب أن تكون لها حدود واضحة، فمن الخطأ أن يلزم الآباء أبناءهم بتخصصات معينة أو أن يضغطوا عليهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من أجلها.
إن دفع الطالب إلى تخصص ليس من ضمن اهتماماته التي تؤثر على شخصيته سواء على المستوى النفسي أو الاجتماعي أو الدراسي والتعليمي.، ستكون له انعكاسات عديدة أهمها:
التأثيرات التعليميه:
– الإخفاق والتأخر الدراس
– يقتل الإبداع والتمييز لديهم.
– كره التعلم وممكن لا يكمل المرحله الجامعه
الاثار النفسيه والاجتماعيه:
أن تدخل الآباء لفرض مستقبل بعينه على الأبناء، من شأنه؛
– أن يعلم الابن التبعية والاعتماد على الآخرين في كل شيء
-يفقده الكثير من مقومات شخصيته بما في ذلك قدرته على اتخاذ القرارات
-كذلك قد يعود الأمر بالسلب على مستقبله الدراسي والعلمي ليفشل في النهاية بالدراسة.
– يشعر الابن بالقهر النفسي والاجتماعي عندما يقبل بالالتحاق بالكلية التي اختارها الأهل
وقد تسبب اضطرابات نفسيه واهتزاز بالشخصيه
– العناد
– عدم الثقه بالنفس
– فقدان الرابط العاطفي أو التواصل الفكري
– التمرد
– فشل بجوانب متعدده من حياته
-كره الوظيفه
أن غالبية الموظفين الذين لا يحبون أعمالهم هم أكثر عرضة للأمراض، بعد أن يتخرج ويحتك بسوق العمل يكتشف أنه غير قادر على مواجهة هذا العمل والتكيّف معه، وهو ما يجعله شخصا محبطا غير قادر على تحقيق ذاته ويتحطم مستقبله لمجرد انصياعه وراء رغبات الأهل. – يشعرون بالظلم والقهر من المحيط القريب تكون أكثر صعوبة وألما، فلن ينسوا أبدا أن الأهل هم سبب فشلهم.
يجب علي الوالدين في هذا الأمر هو :
– توجيه الطالب فقط على اختيار التخصص الصحيح وتشجيعه على اتخاذ القرار الصائب، وإدراكه الجيد لطبيعة التخصص الذي يريده ومميزاته وسلبياته ومستقبله.
ويجب أن يبتعدوا قدر الإمكان عن التدخل لاختيار التخصصات بصورة إجبارية وباستعمال سلطتهم على الأبناء لأن هذا الأمر يقود إلى الفشل حتما.
– ان يكون بين الابن ووالديه الحوار الذي يبنى على تقبل اختيار الأبناء واحترام رغبتهم في تحديد تخصصاتهم
– عدم ممارسة السلطة الأبوية لإجبارهم على تخصصات لا يرغبون في دراستها مما يؤثر سلبا على حياتهم الوظيفية وبالتالي على مستقبلهم وحياتهم بصفة عامة
-تغيير أفكار الآباء القائم على صناعة الأهداف والقرار للأبناء إلى إعطائهم الفرصة لكي يعيشوا حياتهم بطريقتهم الخاصة؛
-بناء الثقة بالنفس لدى أبنائهم -مراقبة تصرفاتهم في مختلف المواقف، فيعملوا على الصواب ويصححون الخطأ.
-عند اتخاذ القرارات الصعبة يتم مناقشتها وأخذ رأيهم فيها ومساعدتهم من دون التدخل في وضع القرار، بل إعطاؤهم مفاتيح المسارات، وترك القرار النهائي بين يديهم.
– يبدأ فن انخاذ القرار منذ الصغر، ومن خلال أمور صغيرة مثل كيفية اختيار الملابس، ومن ثم التدرّج في اختيار المدرسة عند الكبر، ومن ثم اختيار الأصدقاء مع المراقبة من قبل الأهل والتوجية بطريقة غير مباشرة.
الدكتورة هلا السعيد