أخبار عاجلةمقالات

التراحم الذاتي … بقلم الأستاذة مريم العتيبي

إيسايكو: التراحم الذاتي … بقلم الأستاذة مريم العتيبي

مصطلح شائع في الاوساط العاملة والمهتمة بالصحة النفسية وتحقيق الرفاه النفسي، يعني بذات النفس وهو قريب او يمثل معنى التعاطف، حيث أن التعاطف نهج، موقف او سلوك يشمل مشاعر وافكار بدوافع ورغبات ملحه تكون موجهه نحو كائن حي آخر، او نحو ذاته، في صفتها الفردية، نحو مجموعة اشخاص، ومجتمع وبيئة في صفتها الجماعية، فإذا اردنا ان نتحدث عن التراحم الذاتي فأننا نحدد بذلك الطريقة في التفكير والتصرف الموجه نحو انفسنا او الاخرين، سيتضح ذلك من استشهادي بكتابات الرائدين في مجال بناء الرحمة بالذات او “التراحم الذاتي” بول جيلبرت وكرستين نيڤ، حيث تعرف لنا كريسين التعاطف بانه: “الاعتراف والرؤية الواضحة للمعاناة، فمشاعر اللطف تجاه الاشخاص الذين يعانون والرغبة في مساعدتهم لتخفيف معاناتهم هي في جوهرها إدراك حقيقي لحالتنا الانسانية المشتركة، القاصرة والضعيفة بطبيعتها”…. ص 6 التراحم الذاتي

ايضاً بول يوافقها معرفاً التعاطف بانه: “قدر أساسي من اللطف مع ادراك عميق لمعاناة الذات، والاشياء الحية الاخرى مقروناً بالرغبة والجهد في تخفيفها”…. ص 6 التراحم الذاتي

⁃ فمن التعريفين السابقين لكرستين وجيلبرت يظهر ان جوهر او اصل التراحم الذاتي هو التعاطف، وهو يشمل اربعة محاور، هي الوعي بالمعاناة والاحساس بها، والإدراك لحقيقة الالم الذي يعانى منه والمشترك مع الاخر، واللطف في مواجهة المشاعر المؤلمة بالرعاية والاهتمام، ثم المحور الاخير وهو التخفيف بالتركيز على تخفيف المعاناة المؤلمة وتوفير سبل الراحة والرعاية في الالم الجسدي، والنفسي ويشمل اتخاذ القرارات من فكر يحمل القوة والشجاعة لمعالجة ذاك الالم، ففي تلك المحاور تكمن منظومة التراحم الذاتي لتحقيق التوازن النفسي والرفاه النفسي.
ظهرت دراسات عديدة وابحاث مؤكدة على ارتباط التراحم الذاتي بالتوازن النفسي والرفاهية النفسية وسلامة الصحة العقلية، حيث اثبتت تلك الدراسات ان الاشخاص الذين يمتلكون التعامل الرحيم مع انفسهم تكون الاضطرابات النفسية مثل التوتر والقلق والاكتئاب قليلة، ويتمتعون بجودة حياة افضل واحساس عالي بالرفاه النفسي، وتتسم علاقاتهم الاجتماعية بالإيجابية، حيث ربط العلماء بين التراحم الذاتي او التعامل الرحيم مع ذات النفس وبين هرمون الاوكسيتوسين او ما يسمى “بهرمون الحب”، حيث يعزز من التقارب والترابط مع الاخرين.
يوضح بول جيلبرت فكرته ان التراحم الذاتي او الرحمة بذات النفس تساهم في موازنة العواطف لدى الشخص الذي يمتلكها، فالكائن الحي يمتلك ثلاثة انظمة تنظم عواطفة هي التهديد، القيادة، والتهدئة حيث يلعب كل نظام دوراً هاماً وحاسمًا في التفكير المسؤول عن ناتج العواطف من موقف ما او مثير ما، فمروره بهذا الموقف المهدد يتطلب قدرات فكرية عالية لتقود نفسه في ذاك الوضع المهدد له، فمن خلال قدراته الفكرية يصل للمنطقية في قيادتة واستيضاح الحقيقة للموقف المهدد، حيث يعزز النظام الثالث التهدئه في الوصول للمنطقية الفكرية، متجاوز ذلك، فمن يمتلك التعامل الرحيم مع ذات نفسه تنتظم عواطفه وتتزن.

الأستاذة مريم معيض العتيبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى