ما هي “كنيسة التوحيد”؟ وما علاقتها باغتيال شينزو آبي؟
[ad_1]
- سناء الخوري
- مراسلة الشؤون الدينية – بي بي سي نيوز عربي
اشتهرت “كنيسة التوحيد” خلال العقود الماضية، بتنظيم أعراس جماعية ضخمة، كانت تجمع بين عشرات آلاف أتباع مؤسس الكنيسة الكوري سون ميونغ مون.
تصاعد الاهتمام مجدداً بالكنيسة، المعروفة أيضاً باسم “اتحاد الأسرة من أجل السلام العالمي والتوحيد”، مع ارتباط اسمها بالمتهم باغتيال رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي.
وقالت الشرطة اليابانية إن المتهم تيتسويا ياماغامي يحمّل مجموعة دينية مسؤولية أزمات واجهتها عائلته، بعدما تبرّعت لها والدته بمبالغ مالية كبرى. ويُعتقد أن ياماغامي استهدف آبي لأن الأخير كان على علاقة بتلك المجموعة.
ورغم أن الشرطة لم تعلن رسمياً بعد عن اسم الجماعة المقصودة، عقد رئيس الفرع الياباني لـ”كنيسة التوحيد” توميهيرو تاناكا مؤتمراً صحافياً الاثنين، قال فيه إن والدة المتهم منضوية في الكنيسة، ولكنه رفض التعليق حول التبرعات التي قيل إنها قدمتها.
وأكد تاناكا أن المتهم لم يكن عضواً في الكنيسة، وأن شينزو آبي كذلك، لم يكن منضوياً فيها ولا مستشاراً لها.
ما هي “كنيسة التوحيد”؟
يختلف تصنيف “كنيسة التوحيد” بين مؤيديها ومعارضيها، ففي حين تعرّف نفسها عبر موقعها الرسمي بأنها “حركة دينية وجمعية دينية غير ربحية”، يصنفها آخرون بأنها “طائفة دينية خطرة”.
تأسست الحركة عام 1954 على يد سون ميونغ مون (1920-2012)، باسم “جماعة الروح القدس لتوحيد المسيحيين في العالم”، ولكن تغيّر اسمها مع السنوات لتصير اليوم “اتحاد الأسرة من أجل السلام العالمي والتوحيد”، وتنشط خصوصاً في كوريا الجنوبية، واليابان، والولايات المتحدة. وتلقّب الجماعة باسم “مونيز” نسبة إلى الكلمة الإنكليزية المستخدمة لوصف أتباع مون.
بحسب موسوعة بريتانيكا، يؤمن أتباع الحركة بأن الخالق أراد للإنسان اختبار سعادة الحب. لكن آدم وحواء فشلا في تحقيق ذلك الهدف، فساد الحب الأناني الأرض. أراد الخالق ترميم ما تخرّب، بإرساله مخلّصين كثر للبشرية، من بينهم المسيح الذي لم يستطع إكمال مهمته لأنه لم يتزوج.
بحسب معتقدات “كنيسة التوحيد” فإن مون هو “المسيح الجديد” الذي سيكمل المهمة، لأنه تزوّج وأسس عائلة مثالية. وبالنسبة لأتباعها، يعدّ مون “الأب الحقيقي”، وزوجته هاك جا هان، “الأم الحقيقية”.
ويرى المؤمنون بعقيدة مون، أنهم قادرون على إرساء ملكوت الله على الأرض من خلال “النعمة” أو الزواج، ولذلك يحتفلون بأعراس جماعية، كانت تضم عشرات الآلاف في بعض الأحيان، حين بلغت الحركة ذروة شعبيتها في الثمانينيات.
تقول الحركة إنها تضم ثلاثة ملايين عضو، ولكن المختصين يعتقدون أن الأرقام أقلّ من ذلك بكثير.
من هو المؤسس سون ميونغ مون؟
ولد مون لعائلة كونفشيوسية تعمل في الزراعة، في مقاطعة بيونغان الشمالية التي تقع حالياً في كوريا الشمالية.
حين كان طفلاً، اعتنقت عائلته المسيحية البروتستانتية. وخلال شبابه وجّهت له تهمة التجسس لصالح كوريا الجنوبية، فحكم عليه بالعمل لخمس سنوات في معسكر أشغال شاقة، ما يُعتقد أنه أثّر على تبنيه توجهاً كارهاً للشيوعية.
يقول مون إنه كان في الخامسة عشرة من عمره حين كلفه المسيح بإتمام مهمته على الأرض، وقد لخّص تعاليمه ومعتقداته في كتاب أسماه “المبدأ المقدس”. ويرى أتباع الحركة في الكتاب أنه استكمال للعهدين القديم والجديد من الكتاب المقدس.
على مر الأعوام استقطب مون الأتباع، وصار مالكاً لإمبراطورية تجارية تتنوع بين البناء، والغذاء، والتعليم، والإعلام، وكرة القدم.
انتقل مون إلى الولايات المتحدة في مطلع السبعينيات، حيث أسس صحيفة واشنطن تايمز المحافظة، وأدين وسجن بتهمة التهرب الضريبي، ما يعدّه أتباعه نوعاً من الاضطهاد الديني.
بعد وفاته، باتت هان هي القائدة الفعلية للحركة، بالرغم من انشقاق ابنها هيونغ جين مون (معروف باسم شون) عنها، وتـأسيسه حركة دينية أخرى في الولايات المتحدة تسمّى “رعايا طريق الحديد”.
عرف عن مون نشاطه السياسي في مناهضة الشيوعية، ويعتقد أن حركته بنت علاقات جيدة مع نخبة من السياسيين ذوي التوجه اليميني في العالم، من بينهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي.
وألقى آبي كلمات في مناسبات لمجموعات مرتبطة بالحركة، ما جعله في مرمى نيران منتقديها.
والعام الماضي، تقدّم عدد من المحامين برسالة احتجاج بعدما ألقى آبي خطاباً في حفل لمجموعة على صلة بكنيسة التوحيد.
كما سبق للمحامين الذين أكدوا أنهم يمثّلون موكّلين خسروا أموالاً بسبب الكنيسة، انتقاد آبي على خلفية توجيهه برقية تهنئة لأزواج اقترنوا خلال زفاف جماعي عقدته عام 2008.
ما علاقة الكنيسة بمقتل آبي؟
بقيت العلاقة بين “كنيسة التوحيد” وشينزو آبي محط أسئلة خلال سنوات، خصوصاً أنه كان من بين السياسيين الذين اهتموا ببناء علاقات جيدة مع الجماعة.
يقول الطبيب النفسي الأمريكي والمختص بالطوائف ستيفن حسن لبي بي سي نيوز عربي، إن حركة “كنيسة التوحيد” لديها تاريخ طويل في “دفع الأموال لسياسيين نافذين ولأكاديميين لكي يروجوا أفكاراً إيجابية عنها”، كما أنها ترفع دعاوى تشهير ضد وسائل إعلام تنتقدها، أشهرها دعوى تشهير ضد صحيفة “ديلي مايل”، خسرتها الحركة.
من بين هؤلاء السياسيين، إلى جانب آبي، عدد من السياسيين المحافظين في الولايات المتحدة، وعلى رأسهم دونالد ترامب. ويلفت حسن إلى أن شون مون، كان من بين الشخصيات المؤثرة في الهجوم على مقرّ الكونغرس (مبنى الكابيتول)، في أحداث 6 يناير/ كانون الثاني 2021.
ويقول إن الابن الأصغر لمون أسس طائفة تؤمن “أن على الناس استخدام بندقيات AR-15 لعبادة الله بشكل جيد، في حين أن شقيقه الآخر هو صاحب مصنع لإنتاج ذلك الطراز من البندقيات”.
بحسب حسن فإن الحركة ليست مجرد مجموعة دينية، بل هي “شبكة معقدة من المصالح والعلاقات التي تستخدم الأفكار الدينية كستار لها”.
وفي السياق الياباني، قد يكون تورط الحركة في ما يُعتقد أنه عملية غش كبرى، من الدوافع التي مهدت لاغتيال شينزو آبي.
يقول حسن إن “الحركة تسببت بالأذى لعشرات آلاف الأشخاص في اليابان، من خلال عملية غش موسعة”، سميت “شراء الأرواح”، انتهت بشكاوى في المحاكم، ومطالبات للكنيسة بتعويضات ضخمة.
ويقول: “كان أعضاء الحركة يقرأون صفحات الوفيات في الصحف، ويذهبون إلى أهل الشخص المتوفى حديثاً، ويقولون لهم إنه تواصل معهم، وإنه غير سعيد بمكانته في عالم الأرواح، وأن على العائلة شراء مكان أفضل له، وكانوا يطلبون مبالغ توازي خمسين ألف دولار للمساعدة على ما يسمونه “ترقية المتوفى في عالم الأرواح”.
وبحسب حسن، ربما تكون والدة المتهم بقتل آبي، تيتسويا ياماغامي، واحدة من أولئك الذين خسروا أموالهم بطريقة مماثلة.
كيف “يجندون” الأتباع؟
حسن في الـ 68 من عمره اليوم، ولكنه كان في السبعينيات أحد المنضوين في طائفة الـ”مونيز”، حين كان لا يزال طالباً في الجامعة.
يخبرنا: “عند تجنيدي في الجماعة عام 1974، قدم لي أعضاؤها أنفسهم كطلاب مثلي، يهتمون بالبيئة ومحاربة الفساد والمجاعة. وبعد أسابيع من عزلي، وحرماني من النوم، واستخدام تقنيات تنويم مغناطيسي علي، آمنت فعلاً بأن مون هو المخلص، وأنه خال من الخطيئة، وأن حرباً عالمية كبرى ستقع عام 1977. قيل لي إنني إن كنت أحب الله فعلاً، عليّ أن أترك الجامعة، وعملي، وأتبرع بحسابي المصرفي، لصالح أعظم رجل في تاريخ البشرية، السيد مون”.
يتحدث حسن عن تجربته مع الحركة، التي بلغ مراتب قيادية فيها، بحسب ما يخبرنا، وكيف أنه خلال أشهر، بات جاهزاً “للقتل أو الموت” إن طُلب منه ذلك.
تمكنت شقيقة حسن من إنقاذه عبر طلب مساعدة أعضاء سابقين في المجموعة، وذلك بعد تعرضه لحادث سير كاد يودي بحياته.
يؤلف حسن منذ عقود كتباً حول طرق الطوائف الدينية في تجنيد الأتباع، ويعتقد أن حركة “كنيسة التوحيد” كغيرها من الطوائف الدينية، تستخدم طرقاً مثل الحرمان من النوم، والطعام، والتلاعب بالعقول، وقطع صلات الشخص مع عائلته ومحيطه، لإحكام قبضتها عليه.
يخبرنا: “لم أخطط لقضاء حياتي في محاربة الطوائف المتطرفة، أردت أن أكون شاعراً، ولكني أمضيت السنوات الـ46 الماضية في محاولة فهم الدماغ البشري، وتفكيك طرق قرصنته”.
في هذا السياق، يربط حسن بين طريقة عمل طوائف مشابهة لـ”كنيسة التوحيد”، وجماعة “كيو آنون” التي استخدمت في حشد أتباعها الطرق ذاتها “لإعادة برمجة الأدمغة”، كما يقول، ولكن عن طريق الإنترنت ومواقع التواصل.
* طلبت بي بي سي نيوز عربي تعليقاً من المكتب الإعلامي لـ”اتحاد الأسرة من أجل السلام العالمي والتوحيد” ولم يصل ردّ إلى حين نشر هذا التقرير.
[ad_2]
Source link