الوساطات القطرية: الغايات والأهداف والتكاليف
[ad_1]
فشلت المحادثات غير المباشرة التي استضافتها قطر والتي جمعت الولايات المتحدة وإيران مؤخراً في تحقيق اختراق أو تقدم لإطلاق المفاوضات بين ايران والمجتمع الدولي حول إعادة العمل بالاتفاق النووي بين ايران ومجموعة خمسة زائد واحد الذي تم التوصل إليه في عام 2015.
وهذه ليست المرة الأولى التي تستضيف فيها قطر المفاوضات أو الوساطات بين أطراف الخلافات والنزاعات في الشرق الأوسط وغيرها من المناطق.
فعلى مدى أكثر من عقد من الزمن دأبت قطر على لعب دور الوسيط في مختلف نزاعات وصراعات الشرق الأوسط وحققت جهودها نتائج متباينة تراوحت ما بين النجاج النسبي إلى الفشل الذريع.
ومن أبرز الملفات التي توسطت فيها الدوحة:
- الإفراج عن الممرضات البلغاريات في ليبيا عام 2007
- اتفاق الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين عام 2008
- التوسط بين الحكومة اليمنية والحوثيين لوقف القتال عام 2008
- الهدنة بين حماس واسرائيل في أعوام 2009 و2012 و2014 و2021
- وثيقة السلام دارفور عام 2011
- المصالحة بين جيبوتي واريتريا 2011
- المصالحة بين حركتي حماس وفتح 2012
- اتفاق دارفور 2013
- الإفراج عن راهبات محتجزات في شمال سوريا 2014
- تبادل أسرى بين طالبان والولايات المتحدة 2014
- الإفراج عن جنود لبنانيين أسرى لدى جبهة النصرة السورية 2015
- اتفاق التبو والطوارق في ليبيا 2015
- مفاوضات الحكومة الأفغانية وحركة طالبان 2015
- اتفاق بين حكومة السودان وحركة “جيش تحرير السودان- الثورة الثانية” 2017
- محادثات الولايات المتحدة مع طالبان للخروج من أفغانستان 2019
حيوية جديدة
بدأت قطر باتباع سياسة خارجية أكثر حيوية ونشاطاً في اعقاب استلام الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني السلطة بعد الإطاحة بوالده الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني عام 1995، مستفيدة من القدرات المالية الهائلة التي باتت تملكها بفضل عائدات الغاز الضخمة.
وترافقت تلك الفترة مع تحقيق قطر المزيد من النمو الاقتصادي المدفوع بتطوير حقول غاز عملاقة في مياه الخليج والبدء بتصدير الغاز الى الأسواق العالمية في عام 1997.
وخلال أقل من عشر سنوات تحولت قطر إلى أكبر مصدر للغاز في العالم حيث نما إجمالي الدخل القومي بمتوسط سنوي بلغ 13 في المئة خلال الفترة ما بين عامي 2000 و2011 وبلغ متوسط دخل المواطن القطري اكثر من مئة ألف دولار بحلول عام 2015.
وقد وفرت قناة الجزيرة الإخبارية التي أبصرت النور في أواسط تسعينيات القرن الماضي أداة مثالية بيد الحكومة القطرية لزيادة نفوذها على الساحة العربية حيث أعطت تغطيتها الإخبارية الحية لمختلف النزاعات والأحداث الساخنة في العالم العربي الفرصة لملايين المشاهدين العرب للاطلاع المباشر على ما يجري في المنطقة والعالم.
كما لعبت القناة دوراً في صياغة توجهات الرأي العام العربي الأمر الذي أزعج الكثير من حكومات المنطقة عند تناول قضايا وشؤون تلك الدول وبالتالي منحت القناة قطر المزيد من النفوذ والوزن في المنطقة.
وبغية تعزيز مكانتها وموقعها أكثر على الصعيد الدولي والإقليمي قامت قطر بلعب دور الوسيط في العديد من ملفات وصراعات الشرق الأوسط إلى أن اندلعت انتفاضات الربيع العربي عام 2010.
وعبر لعب هذا الدور سعت قطر الى تأسيس سمعة لنفسها كصانعة سلام وتعزير نفوذها وقوتها في المنطقة في وجه قوى إقليمية أكبر سبق أن أثبتت قوتها ومكانتها مثل المملكة العربية السعودية ومصر لكنها تورطت سابقا في صراعات وحروب أفقدتها ميزة الحيادية إلى حد ما وبالتالي افتقرت للشروط الواجب توفرها للعب هذا الدور.
كما أن اضطلاع قطر بهذا الدور وبناء علاقات مستقرة ومثمرة مع مختلف الأطراف في المنطقة من دول ومنظمات وقوى سياسية حد من حجم التهديدات والمخاطر الخارجية التي تواجهها كالإرهاب.
اتفاق الدوحة مثالاً
ففي لبنان نجحت الوساطة القطرية في تجنب حرب أهلية جديدة في عام 2008 حين اعلنت حكومة فؤاد السنيورة أن شبكة اتصالات حزب الله غير قانونية واندلعت مواجهات في الشارع بين مختلف الفصائل السياسية والطائفية المتصارعة.
لم يكن من الممكن أن تلعب السعودية دور الوسيط في الأزمة بسبب عدم حياديتها في الصراع اللبناني. فكانت قطر الوسيط المناسب حيث تمتعت بعلاقات جيدة مع كافة اطراف الصراع اللبناني وسوريا وإيران.
وأحضرت قطر ممثلين عن مختلف الأطراف المتصارعة إلى العاصمة القطرية الدوحة وتم التوقيع على اتفاق الدوحة في أعقاب خمسة أيام من المباحثات المكثفة.
ولعب رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم دوراً مباشرا في المفاوضات وكان يتدخل فيها عندما تظهر العراقيل والمواقف التي يمكن ان تنسف المفاوضات.
وذكرت بعض المصادر أن الشيخ حمد اتصل بالرئيس السوري بشار الأسد ليشتكي له من أطراف موالية لسوريا تعرقل المفاوضات وفي عضون ساعات وافق ممثلو حزب الله على بنود الاتفاق وربما تم استخدام الشيخ حمد ملف الاستثمارات القطرية الضخمة في سوريا وقتها كورقة ضغط على الأسد حيث أعلن في بداية 2008 عن زيادة القطريين حجم استثماراتهم في سوريا لتصل إلى 12 مليار بطلب من الأمير نفسه.
في نهاية عام 2010 كانت قطر قد توسطت في عدد كبير من النزاعات الاقليمية حيث باتت محط اهتمام دبلوماسي وإعلامي دولي كبير وبلغت الأمور ذروتها عندما فازت بتنظيم كأس العالم لكرة القدم عام 2022.
لكن ربيع الثورات العربية الذي انطلقت شرارته مع إضرام البوعزيزي النار في نفسه أطاح بكل الإنجازات التي حققتها قطر على الصعيد الاقليمي حيث باتت قناة الجزيرة منبر القوى الثائرة على أنظمة الحكم في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا.
ورأت قطر أن موجة ربيع الثورات العربية توفر لها فرصة جديدة ومواتية لتوسيع نفوذها وتعزيز مكانتها في العالم العربي عبر الوقوف إلى جانب المعارضين والمحتجين. لكن مع انتهاء هذه الموجة وفشل القوى التي دعمتها قطر وعلى رأسها قوى الإسلام السياسي في الوصول إلى الحكم في أي من هذه البلدان دفعت قطر ثمناً باهظاً لمواقفها حيث ساءت علاقتها بمصر والسعودية والإمارات والبحرين وبلغت مرحلة القطيعة والحصار عام 2017.
[ad_2]
Source link