روسيا وأوكرانيا: هل يمكن أن تنضم أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، وكيف سيكون رد فعل موسكو؟

ويجري تداول السلع والخدمات والأموال بحرية بين الدول الأعضاء، كما يستطيع مواطنو دول الاتحاد الأوروبي العيش والعمل في أي مكان داخل التكتل.

ويستخدم الاتحاد عملة أوروبية موحدة هي اليورو، يتداولها ما يزيد على 340 مليون شخص في 19 دولة من دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة.

كما تُطبق معايير مشتركة بين الدول الأعضاء في عدد من المجالات، من بينها سلامة الغذاء والزراعة وحقوق العمل.

ويقدم الاتحاد الأوروبي منحا وإعانات لدول أوروبا الفقيرة بغية المساعدة في تقوية اقتصاداتها.

طلب زيلينسكي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعد خمسة أيام من غزو روسيا لبلاده في فبراير/شباط 2022.

كما طالب بالانضمام فورا، بيد أن العملية قد تستغرق سنوات، وسوف تتمتع أوكرانيا بمزايا مالية حال انضمامها.

ويقول زاك بايكين، من مركز دراسات السياسة الأوروبية في بروكسل، إن الدافع الرئيسي لانضمام أوكرانيا ليس اقتصاديا.

ويضيف: “إن عضوية الاتحاد الأوروبي سترسخ قدم أوكرانيا بقوة كدولة أوروبية مستقلة تتمتع بسيادة، وليس مجرد جزء من العالم الروسي”.

في البداية تجري المفوضية الأوروبية، المعنية بالشؤون المدنية في الاتحاد الأوروبي، عمليات تقييم لتحديد إذا كانت الدولة مناسبة للترشح أم لا.

كما تدرس المفوضية إذا كانت الدولة لديها حكومة مستقرة وديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان وتتمتع باقتصاد السوق الحر.

ويتعين اتفاق جميع الدول الأعضاء الحاليين في الاتحاد الأوروبي قبل أن تصبح دولة جديدة مرشحة للانضمام.

وفي حالة نجاح الخطوة، لابد أن تعتمد الدولة جميع قوانين ولوائح الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يستغرق سنوات في العادة.

وفي النهاية توقّع الدولة على اتفاقية الانضمام، التي لا بد أن يصدّق عليها جميع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.

استغرقت العملية برمتها فترة بين 10 و 12 عاما بالنسبة لدول انضمت مؤخرا للاتحاد، مثل بلغاريا ورومانيا وكرواتيا.

وكانت ألبانيا ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود وصربيا دول مرشحة رسميا لسنوات، بيد أن طلباتها للانضمام توقفت.

كما كانت تركيا مرشحة في عام 1999، وعلى الرغم من ذلك توقفت محادثات الانضمام بسبب مخاوف تتعلق بسجل البلاد في مجال حقوق الإنسان.

وقَبِل الاتحاد طلب ترشيح مولدوفا، المجاورة لأوكرانيا، كما تقدمت جورجيا بطلب، لكن قيل لها إن عليها إجراء مزيد من الإصلاحات.

استطاعت أوكرانيا، منذ عام 2017، إبرام صفقات تجارية مع دول الاتحاد الأوروبي دون دفع رسوم جمركية، بموجب ما يعرف باسم اتفاقية الشراكة.

كما دفعت الدولة بالفعل تعريفات جمركية أقل بعد انضمامها إلى منطقة التجارة الحرة العميقة والشاملة للاتحاد الأوروبي في عام 2016.

أدخلت أوكرانيا العديد من التغييرات على قوانينها ولوائحها تلبية لمعايير الاتحاد الأوروبي، كإجراء تمهيدي لتقديم طلب العضوية.

تقول أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية: “أُنجزت أعمال جيدة”، لكن يتعين على أوكرانيا إجراء المزيد من “الإصلاحات المهمة”.

وتشمل هذه الإصلاحات تعزيز سيادة القانون، وتحسين مجال حقوق الإنسان، والحد من سلطة الأوليغارشية الروسية، والتصدي للفساد.

ويقول زاك بايكين: “تحتاج أوكرانيا أيضا إلى بناء اقتصاد سوق متكامل، وهو أمر صعب بالنسبة لجمهورية ما بعد الاتحاد السوفيتي”.

ويتمثل التحدي الآخر في تطهير نظام المحاكم الأوكراني، الذي تعرض لانتقادات واسعة النطاق.

تضاعف الدخل القومي لرومانيا، التي انضمت قبل 15 عاما، ثلاث مرات، كما تضاعف دخل بلغاريا.

قدم الاتحاد الأوروبي للدولتين مساعدات بعشرات المليارات من خلال الصناديق الهيكلية والاستثمارية الأوروبية، فضلا عن دعم التنمية الاقتصادية من خلال بناء طرق وموانئ جديدة، على سبيل المثال.

خلال الفترة بين عامي 2014 و2020، حصلت بلغاريا على 11.2 مليار يورو، كما حصلت رومانيا على 35 مليار يورو.

وعلى الرغم من ذلك تقول منظمة الشفافية الدولية إن الكثير من هذه الأموال أُهدرت بسبب الفساد.

ولا تزال بلغاريا في مركز متأخر على قائمة الاتحاد الأوروبي من حيث الأجور والصحة والتعليم، بيد أن رومانيا ارتقت من ثاني أفقر الدول إلى سادس أفقر دول الاتحاد.

ويستفيد نحو 1.5 مليون بلغاري و4 ملايين روماني من سياسة “حرية التنقل” التي يطبقها الاتحاد الأوروبي للسفر إلى الخارج، بحسب البنك الدولي.

بيد أن معارضين يعربون عن مخاوفهم من أن تلحق “هجرة ذوي الكفاءات” ضررا بمستقبل البلدين.

على الرغم من أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يعارض بشدة رغبة أوكرانيا القوية في الانضمام إلى حلف الناتو العسكري، إلا أنه يؤكد على أنه “لا يعارض” انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.

بيد أن دميتري بيسكوف، المتحدث باسمه، قال إن الكرملين سيولي “اهتماما متزايدا” حيال طلب الانضمام نظرا لأن الاتحاد الأوروبي يفكر في تشكيل قوة دفاع خاصة به.

وأضاف: “تجرى مناقشة العناصر العسكرية والدفاعية والأمنية. نحن نراقب بالطبع كل شيء بمنتهى الدقة”.

وكان الرئيس الأوكراني زيلينسكي قد حذر من أن روسيا قد ترد على اتخاذ تلك الخطوة.

وقال: “من الواضح أننا يجب أن نتوقع نشاطا عدائيا أكبر من روسيا، ليس ضد أوكرانيا فحسب، بل ضد دول أوروبية أخرى”.