الذكاء الاصطناعي: هل أصبحنا على أعتاب رؤية توائم رقمية للبشر قبل نهاية العقد الجاري؟
[ad_1]
- جين وايكفيلد
- محررة التكنولوجيا
من منا لم يسمع يوما من صديق أو أحد المعارف أنه يشبه شخصا ما؟ ربما شخص غريب مر في الشارع وكان يشبهنا شبها كبيرا.
لكن تخيل لو كان بإمكانك خلق توأمك الخاص، نسخة طبق الأصل عن نفسك، لكنها تعيش حياة رقمية بحتة!
نحن نعيش في عصر يتم فيه استنساخ كل ما هو موجود في العالم الحقيقي رقميا، مدننا وسياراتنا ومنازلنا وحتى أنفسنا.
وتماما مثل تقنية ميتافيرس، التي هي عبارة عن خطط لعالم افتراضي رقمي تتجول فيه الصورة الرمزية الرقمية للشخص، أصبحت التوائم الرقمية توجها تقنيا جديدا يتم الحديث عنه بكثرة.
التوأم الرقمي هو نسخة طبق الأصل من شيء ما في العالم المادي، ولكن مع مهمة فريدة – ألا وهي المساعدة في تحسين، أو تقديم ملاحظات، لنسخة الحياة الواقعية.
في البداية كانت هذه التوائم مجرد نماذج حاسوبية ثلاثية الأبعاد متطورة، لكن الذكاء الاصطناعي (AI) جنبا إلى جنب مع شبكة من التقنيات – تستخدم أجهزة استشعار لربط الأشياء المادية بالشبكة – بصورة بات معها يمكن إنتاج نسخة رقمية تتعلم من نظيرتها الحقيقية وتساعدها باستمرار على التحسين والتطوير.
يعتقد المحلل التكنولوجي روب إندريل أنه سيكون لدينا الإصدارات الأولى من التوائم الرقمية البشرية المفكرة “قبل نهاية العقد”.
ويضيف: “إن ظهور هذه الأمور سيحتاج إلى قدر هائل من التفكير وأخذ الجانب الأخلاقي بعين الاعتبار، لأن نسخة رقمية مفكرة مطابقة تماما لنا يمكن أن تكون مفيدة بشكل لا يوصف لأصحاب العمل”.
ويتابع إندريل: “ما الذي سيحدث لو أن شركتك أوجدت توأما رقميا لك، ومن ثم قالت: لدينا هذا التوأم الرقمي الذي لا ندفع له أي راتب، فلماذا ما زلنا نوظفك؟”.
يعتقد إندريل أن ملكية مثل هذه التوائم الرقمية ستصبح أحد الأسئلة المُحددة لعصر ميتافيرس الذي بات وشيكا.
لقد بدأنا بالفعل رحلتنا نحو توأمة البشر – في شكل الصور الرمزية المسماة أفاتار- لكنها حاليا بدائية وغريبة إلى حد ما.
في منصة الواقع الافتراضي هورايزون ورلدز Horizon Worlds التابعة لـ ميتا Meta (المعروفة سابقا باسم فيسبوك Facebook) على سبيل المثال، قد تتمكن من إعطاء صورتك الرقمية وجها مشابها لوجهك، ولكن لا يمكنك حتى تزويدها بأي أرجل، لأن التكنولوجيا مازالت في المراحل المبكرة .
تتفهم البروفيسورة ساندرا واتشتر، الباحثة البارزة في مجال الذكاء الاصطناعي بجامعة أكسفورد، جاذبية خلق توائم رقمية للبشر، “إنها تذكرنا بروايات الخيال العلمي المثيرة، وفي الوقت الحالي، هذه هي المرحلة التي وصلت إليها”.
وتضيف أن نجاح شخص ما في كلية الحقوق أو إصابته بمرض ما أو احتمال ارتكابه جريمة، تعد بمثابة أمور تتعلق بالسؤال الذي لا يزال موضع جدل حول ما إذا كان للطبيعة التأثير الأكبر على الشخص أم أن الأمر منوط بالتنشئة.
يعتمد ما يؤول إليه شخص ما على حسن أو سوء الحظ، فضلا عن الأصدقاء والعائلة وخلفيته الاجتماعية والاقتصادية وبيئته، إضافة إلى اختياراته الشخصية”.
لكن البروفيسورة واتشتر توضخ أن الذكاء الاصطناعي ليس جيدا بعد في التنبؤ بهذه “الأحداث الاجتماعية الفردية، نظرا لطبيعتها المعقدة.. لذا أمامنا طريق طويل قبل أن نتمكن من فهم وصياغة حياة الشخص من البداية إلى النهاية، إذا افترضنا أن ذلك ممكن أصلا”.
و تستخدم التوأمة الرقمية حاليا بشكل متطور وواسع النطاق في مجالات تصميم المنتجات والتوزيع، والتخطيط الحضري.
في سباقات الفورمولا 1، يستخدم فريقا ماكلارين وريد بول التوائم الرقمية لسيارات السباق الخاصة بهم.
وفي الوقت نفسه، تعمل شركة DHL، العملاقة لخدمات التوصيل، على إنشاء خريطة رقمية لمستودعاتها وسلاسل التوريد الخاصة بها بغية جعلها أكثر كفاءة.
كما أن توأمة المدن في العالم الرقمي آخذة في الازدياد؛ فلدى كل من شنغهاي وسنغافورة توائم رقمية، تم إنشاؤها للمساعدة في تحسين تصميم وتشغيل المباني وأنظمة النقل والشوارع.
في سنغافورة، تتمثل إحدى مهام التوأم الرقمي في المساعدة في إيجاد طرق جديدة للتنقل للأشخاص، وتجنب مناطق التلوث. وتستخدم أماكن أخرى التكنولوجيا لاقتراح أماكن لإقامة بنية تحتية جديدة مثل خطوط مترو الأنفاق. كما يتم بناء مدن جديدة في الشرق الأوسط بشكل متزامن في العالم الحقيقي والرقمي.
تقول شركة البرمجيات الفرنسية، داساولت سيستمز Dassault Systemes، إن آلاف الشركات باتت تبدي اهتمامها بتكنولوجيا التوائم الرقمية الخاصة بالشركة.
وقد شمل عملها حتى الآن استخدام التوائم الرقمية لمساعدة شركة عناية بالشعر على تصميم زجاجات شامبو أكثر استدامة رقميا، بدلاً من تصنيع عدد كبير من النماذج الأولية في الحياة الواقعية، الأمر الذي من شأنه أن يقلل من النفايات.
كما تُمكّن شركة التكنولوجيا الفرنسية أيضا الشركات الأخرى من تصميم مشاريع مستقبلية جديدة – من الأجهزة النفاثة التي تساعد الأشخاص على الطيران، إلى الدراجات النارية ذات العجلات العائمة، وحتى السيارات الطائرة. لكل من هذه الاختراعات الواعدة نموذج مادي أيضا، لكن تنقيح هذا النموذج الأولي يحدث في الفضاء الرقمي.
غير أن القيمة الحقيقية لعملية التوأمة الرقمية تكمن في مجال الطب والرعاية الصحية.
فقد أنشأ مشروع داساولت للقلب الحي، نموذجا افتراضيا دقيقا لقلب الإنسان يمكن اختباره وتحليله، مما يسمح للجراحين بتنفيذ سلسلة من سيناريوهات “ماذا لو” على القلب، باستخدام إجراءات وأجهزة طبية مختلفة.
وأسس المشروع الدكتور ستيف ليفين، الذي كان لديه أسباب شخصية لرغبته في إنشاء توأم رقمي، إذ ولدت ابنته بمرض خلقي في القلب، وبعد سنوات قليلة، عندما كانت في أواخر العشرينات من عمرها وكانت معرضة لخطر الإصابة بقصور القلب، قرر إعادة إنشاء قلبها في الواقع الافتراضي.
يستخدم مستشفى بوسطن للأطفال الآن هذه التقنية لرسم خريطة لأمراض القلب الحقيقية للمرضى، بينما في مستشفى غريت أورموند ستريت في لندن، يعمل فريق من المهندسين مع الأطباء لاختبار الأجهزة التي قد تساعد الأطفال الذين يعانون من حالات قلبية نادرة وصعبة العلاج.
كما أن إجراء التجارب على القلب الرقمي له تأثير غير مباشر يتمثل في تقليل الحاجة إلى الاختبار على الحيوانات – وهو أحد الجوانب الأكثر إثارة للجدل في البحث العلمي، كما تقول سيفيرين ترويليت، مديرة الشؤون العالمية في شركة ديساولت Dessault.
وتخطط الشركة الآن لتوأمة المزيد الأعضاء رقميا، بما في ذلك العين وحتى الدماغ.
تقول ترويليت: “في مرحلة ما، سيكون لدينا جميعا توأم رقمي، بحيث يمكن للمرء الذهاب إلى الطبيب، وبذلك تعزيز الطب الوقائي، والتأكد من تخصيص كل علاج”.
وربما يكون السباق لخلق نسخة رقمية لكوكبنا بأكمله أكثر طموحا من استنساخ الأعضاء البشرية.
تدير شركة البرمجيات الأمريكية نفيديا، Nvidia، منصة تسمى أومنيفيرس Omniverse، مصممة لإنشاء عوالم افتراضية وتوائم رقمية.
أحد أكثر مشاريعها طموحا هو بناء صورة رقمية شبيهة بالأرض، والتقاط صور عالية الدقة لسطحها بالكامل.
وسيستخدم المشروع الذي يطلق عليه اسم Earth-2، مجموعة من نماذج التعلم العميق والشبكات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقليد البيئات المادية في المجال الرقمي، والتوصل إلى حلول لتغير المناخ.
في مارس/ آذار من هذا العام، أعلنت المفوضية الأوروبية، بالاشتراك مع وكالة الفضاء الأوروبية وجهات أخرى، عن خططها الخاصة لإنشاء توأم رقمي للأرض، أطلق عليه اسم ديستنيشن إيرث Destination Earth.
وبحلول نهاية عام 2024، يأمل المشروع في الحصول على بيانات كافية من عمليات المراقبة والمحاكاة للحصول على توأم رقمي يركز على الفيضانات والجفاف وموجات الحر، جنبا إلى جنب مع الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والانفجارات البركانية وأمواج تسونامي، وتزويد البلدان بخطط ملموسة لإنقاذ الأرواح في مواجهة هذه التحديات المتزايدة.
[ad_2]
Source link