أخبار عاجلةمقالات

مفهوم مشكلة البحث العلمي … بقلم الدكتورة نجوى المطيري

إيسايكو: مفهوم مشكلة البحث العلمي … بقلم الدكتورة نجوى المطيري

مفهوم المشكلة بوجه عام يتمثَّل في شيء أو أمر يصعب تفسيره؛ نظرًا لكونه غير نمطي، وهي عبارة عن عائق؛ من أجل تحقيق هدف معين، ويصاحب المشكلة قلق وتوتر، أما مشكلة البحث فهي عبارة عن قضية في مجال معين من التخصصات العلمية، ويترجمها الباحث في صورة تساؤلات أو فرضيات، ويسعى للإجابة عنها بشكل واضح دون التباس، ويُظهر ذلك في صورة نتائج أو خلاصة، وفي ضوء ذلك تتم صياغة مجموعة من التوصيات أو المقترحات التي تفيد الحل، ومما سبق من خطوات مجملة تتضح قيمة البحث العلمي الحقيقية، والتي تتمثل في التوصيف ووضع العلاج المناسب، والأمر له جانب آخر لا ينبغي أن نُهمله، وهو طرح النظريات والمسلمات العامة، والتي يمكن عن طريقها تحديد القواعد الأساسية، وفي ظل هذه القواعد يمكن التعامل بذات المقاييس مع الأنماط المثيلة.

مصادر الحصول على المشكلة:
يمكن تحديد المصادر التالية للمشكلات وهي:
1- الخبرة العملية:
يواجه الانسان في حياته اليومية سواء في البيت أو الشارع أو مكان العمل عدداً من المواقف والصعوبات التي تتطلب حلولاً. فعندما يقف الإنسان من هذه المواقف وقفة نقد وفحص وتساءل عن اسبابها ودوافعها وشعر بالقلق تجاهها فإنه يجد فيها مشكلات حقيقية تستحق الدراسة.
مثال على ذلك ” يواجه الموظف في عمله مواقف متعددة كزحمة العمل في يوم ما، وقلة العمل في يوم آخر.
فأذن: حياتنا العملية وخبراتنا والنشاطات التي نقوم بها هي المصدر الذي يزودنا بالمشكلات شرط توفر عناصر النقد والحساسية والحماس والاصرار لدينا، وتوفر الدافعية والرغبة في التعرف على الاسباب والعوامل التي تؤدي إلى هذه المشكلات.
2- القراءات والدراسات:
كثيراً ما نجد في قراءاتنا ودراستنا مواقف مثيرة لا نستطيع فهمها أو تفسيرها، وكثيراً ما نجد بعض القضايا تقدم إلينا كمسلمات صحيحة دون أن يقدم الكاتب عليها أي دليل.
فالقراءات الناقدة هي التي تكشف عن هذه المواقف، أما القراءات التي تهدف إلى حفظ المعلومات فإنها لا تكشف عن مثل هذه المواقف.
3- الدراسات والابحاث السابقة:
كثيراً ما يلجأ الطلاب في الجامعات أو الكليات والباحثون في مختلف المجالات إلى الأبحاث والدراسات السابقة يطلعون عليها ويناقشونها ويبحثون في نتائجها من أجل التوصل إلى مشكلة ما تثير اهتمامهم حيث تعتبر هذه الدراسات والأبحاث مصدراُ هاماُ يزود الباحثين بمشكلات تستحق الدراسة.

اختيار المشكلة:
وهو بمعنى كيف يختار الباحث مشكلة ما ليدرسها. وهناك معايير تساعد الباحث في اختيار مشكلته وهي:
1- معايير ذاتية:
وهي تتعلق بشخصية الباحث وخبرته وامكاناته وميوله، حيث لا يستطيع الباحث معالجة مشكلة ما إلا إذا كان يميل إلى هذه المشكلة ويمتلك الإمكانيات الكافية لحلها وهي:
أ‌- اهتمام الباحث:
أي يميل الباحث إلى اختيار المشكلات التي يهتم بها اهتماماً شخصياً.
ب‌- قدرة الباحث:
أي مع الاهتمام لابد من توفر القدرة الفنية والمهارات اللازمة للقيام بالبحث.
ت‌- توفر الامكانات المادية:
وهو لابد ان يراعي الباحث في اختياره المشكلة توفر الامكانيات المادية اللازمة لبحثة، فعلى الباحث إذا أراد أن يعمل بحثاً عن ذكاء الأطفال عليه أن يسأل هل يتوفر لدية مقياس للذكاء.
ث‌- توفر المعلومات:
وهو على الباحث أن يتأكد عند اختياره لمشكلة من توفر المراجع والمعلومات المتعلقة بمشكلة البحث.
ج‌- المساعدة الإدارية:
وهو على الباحث أن يتأكد عند اختياره لمشكلة من انه يستطيع الحصول على مساعدة المسؤولين الاداريين وتعاونهم معه، مثلاً يريد باحث دراسة أثر التلفاز على زيادة تحصيل الأطفال. فإنه يحتاج لتعديلات تتطلب الموافقة من المسؤولين.

2- معايير اجتماعية وعلمية:
وهي تتعلق بمدى أهمية المشكلة التي يختارها الباحث وفائدتها العملية وهي:
أ‌- الفائدة العملية للبحث:
على الباحث أن يسأل نفسه السؤال التالي: هل هذا البحث مفيد؟ ما الفائدة العملية له؟ ما الجهات التي تستفيد منه؟ فإذا وجد الإجابات الإيجابية الكافية فإنه سيشجعه على اختيار الموضوع. فلابد أن نضع الغايات العلمية للبحث الذي سنقدمه وإلا بقينا نتحدث في حدود الأفكار والنظريات لا في حدود الواقع العملي والتطبيقات، فالأفكار النافعة يفترض أن تؤدي وظائف عملية نافعة ومفيدة.
ب‌- مدى مساهمة البحث في تقدم المعرفة:
على الباحث أن يضيف شيئاً الى المعرفة الإنسانية، أي هل البحث الذي سيقدمه سيتوصل إلى حقيقة ليست معروفة؟ هل سيقدم شيئاً جديداً؟ وكذلك يستطيع الباحث أن يكرر بحثاً سابقاً ليؤكد نتائجه أو ينفي هذه النتائج بهدف الوصول إلى هذه الحقيقة في الموضوع وهو بذلك اضاف شيئاً جديداً.
ت‌- تعميم نتائج الدراسة:
وهو محاوله الباحث اختيار وتصميم بحثه بحيث يكون لها طابعاً عاماً ويسهل تعميم نتائجها على الحالات المشابهة “إلا أن التعميم أحياناً فيه خطورة ” ولذلك يجب أن يشتمل البحث على قطاع كبير من الأشخاص والمواقف ليعطيه أهمية وقيمة علمية واجتماعية أكبر. مثال على ذلك ” اننا إذا أخذنا موضوعاً عن المعلمين ومشكلاتهم فإننا لا نهتم بمعلمين في مدرسة معينة، بل نحاول اختيار مشكلة لها طابع معين ونصمم اجراءاتنا وادواتنا بحيث نكون قادرين على أن يركز بحثنا على المعلمين بشكل عام “.
ث‌- مدى مساهمته في تنمية بحوث أخرى:
وهو قدرة مشكلة البحث على إثارة اهتمام الباحثين الاخرين بمعالجة جوانب اخرى في الموضوع ” أي يوجه الباحث الى موضوع ما ويعالج جوانب هذا الموضوع، ولكنه يترك الباب مفتوحاً لعشرات الدراسات المكملة او الضابطة أو المصممة.

تحديد المشكلة:
وهي أصعب مراحل البحث العلمي، ونعني بها: صياغة المشكلة في عبارات واضحة ومفهومة ومحددة تعبر عن مضمون المشكلة ومجالها وتفصلها عن سائر المجالات الأخرى.
1- صياغة المشكلة:
هناك طريقتان لصياغة المشكلة:
أ‌- أن تصاغ المشكلة بعبارة لفظة تقديرية. مثال ” علاقة الذكاء بالتحصيل الدراسي “. أو صياغته بأكثر تحديداً فنقول ” علاقة الذكاء بالتحصيل الدراسي عند طلاب المرحلة الابتدائية “.
ب‌- يفضل أن تصاغ المشكلة بسؤال أو بأكثر من سؤال مثال ” ما أثر الذكاء بالتحصيل الدراسي عند طلاب المرحلة الابتدائية “. لأن صياغة المشكلة في سؤال تبرز بوضوح العلاقة بين متغيرين أساسيين في الدراسة وأنها تساعد في تحديد الهدف الرئيسي للبحث.

2- معايير صياغة المشكلة:
ونقوم بذلك من خلال المعايير التالية:
أ‌- وضوح الصياغة ودقتها: إن صياغة المشكلة بسؤال هو أكثر تحديداً ووضوحاً ودقة من صياغتها بشكل تقريري. أي نطرح المشكلة في سؤال مباشر.
ب‌- أن يتضح في الصياغة وجود متغيرات الدراسة: وهو كما في مثالنا السابق فالمتغيرات هي ” الذكاء والتحصيل الدراسي “.
ت‌- أن صياغة المشكلة يجب أن تكون واضحة يمكن التوصل إلى حل لها “أي تكون قابلة للاختبار المباشر ”

معايير تقويم مشكلة البحث:
يمكن تقويم مشكلة البحث من خلال المعايير التي بدورها يمكن الحكم على مدى أهمية المشكلة فإذا اتفقت مشكلة البحث مع كل هذه المعايير أو بعضها فإن اهميتها تزداد حسب اتفاقها مع أكبر عدد من هذه المعايير وهي:
1- هل تعالج المشكلة موضوعا حديثاً أم موضوعاً مكرراً؟
2- هل سيسهم هذا الموضوع في إضافة علمية معينة؟
3- هل تمت صياغة المشكلة بعبارات محددة واضحة؟
4- هل يمكن تعميم النتائج التي يمكن التوصل إليها من خلال بحث هذه المشكلة؟
5- هل ستقدم النتائج فائدة عملية للمجتمع؟

أهمية الدراسات والأبحاث السابقة:
إن الاطلاع على الدراسات والأبحاث السابقة قبل البدء في أول خطوات البحث يوفر للباحث ما يلي:
1- بلورة مشكلة البحث الذي يفكر فيه وتحديد ابعادها ومجالاتها.
2- إغناء مشكلة البحث الذي اختارها الباحث.
3- تزويد الباحث بالكثير من الأفكار والأدوات والإجراءات والاختبارات التي يمكن أن يفيد منها في اجراءاته لحل مشكلته.
4- تزويد الباحث بالكثير من المراجع والمصادر الهامة.
5- توجيه الباحث إلى تجنب المزالق التي وقع فيها الباحثون الآخرون وتعريفة بالصعوبات التي واجهها الباحثون.
6- الإفادة من نتائج الابحاث والدراسات السابقة وذلك في المجالين التاليين:
أ‌- بناء مسلمات البحث اعتماداً على النتائج التي توصل إليها الآخرون.
ب‌- استكمال الجوانب التي وقفت عندها الدراسات السابقة.

كتبته:
د. نجوى بنت ذياب المطيري
دكتوراه أصول تربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
مجلس شؤون الأسرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى