التصريحات “المسيئة” للنبي محمد تمثل اختبارا للعلاقات بين الهند والعالم الإسلامي
[ad_1]
- فيكاس باندي
- بي بي سي نيوز – دلهي
اضطرت الهند إلى السعي لتهدئة شركائها في العالم الإسلامي بعد تزايد الغضب من التعليقات المثيرة للجدل التي أدلى بها اثنان من كبار المسؤولين في الحزب الحاكم في البلاد بشأن النبي محمد.
وقد أدلت المتحدثة باسم حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم، نوبور شارما، بهذه التصريحات في مناظرة متلفزة الشهر الماضي، بينما قام نافين جيندال، الذي كان الرئيس الإعلامي لوحدة دلهي بالحزب، بنشر تغريدة حول هذه القضية. وأثارت التعليقات – وخاصة تعليقات السيدة شارما – غضب الأقلية المسلمة في البلاد، مما أدى إلى احتجاجات متفرقة في بعض الولايات. وتتحفظ بي بي سي عن تكرار تصريحات شارما كونها مسيئة بطبيعتها.
وأصدر الزعيمان اعتذارا علنيا وقام الحزب بإيقاف السيدة شارما وطرد السيد جيندال.
وجاء في بيان أن “حزب بهاراتيا جاناتا يدين بشدة إهانة أي شخصيات دينية تحظى بتقدير أتباع أي ديانة. كما يشدد الحزب على رفضه أي أيديولوجية تهين أو تحط من قدر أي طائفة أو دين. ولا يروج حزب بهاراتيا جاناتا لمثل هؤلاء الأشخاص أو لمثل هذه الفلسفة”.
ويقول النقاد إن تعليقات شارما وجيندال تعكس الاستقطاب الديني العميق الذي تشهده البلاد خلال السنوات الأخيرة. وقد ارتفع خطاب الكراهية والهجمات ضد المسلمين بشكل حاد منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة في عام 2014.
ويضيف الخبراء أيضا أن استجابة حزب بهاراتيا جاناتا قد لا تكون كافية بعد ما بدا أن الأمر قد اتخذ منحى دوليا، فقد استدعت الكويت وقطر وإيران سفراء الهند لتسجيل احتجاجهم يوم الأحد. كما نددت السعودية بالتصريحات يوم الاثنين.
وقالت قطر إنها تتوقع اعتذارا علنيا من الهند.
وقالت وزارة الخارجية القطرية: “إن السماح لمثل هذه التصريحات المعادية للمسلمين باستمرار دون عقاب، يشكل خطرا جسيما على حماية حقوق الإنسان وقد يؤدي إلى مزيد من التحيز والتهميش، والذي سيؤدي إلى حلقة من العنف والكراهية”.
كما استخدمت المملكة العربية السعودية بعض الكلمات القوية في بيانها. وأضافت أن “وزارة الخارجية أعربت عن إدانتها واستنكارها لتصريحات المتحدثة باسم حزب بهاراتيا جاناتا”.
وقال سفير الهند لدى قطر، ديباك ميتال، إن تصريحات بعض “العناصر الهامشية” لا تمثل وجهات نظر الحكومة الهندية. كما أدان كبار قادة حزب بهاراتيا جاناتا ودبلوماسيون آخرون البيان المثير للجدل.
كما انتقدت باكستان ومنظمة المؤتمر الإسلامي، التي تضم 57 دولة، الهند، لكن دلهي انتقدت كليهما، كما تفعل عادة، قائلة إن تعليقاتهما “غير مبررة وضيقة الأفق”.
ويقول المحللون إن القيادة العليا للحزب والحكومة قد تضطر إلى الإدلاء بتصريحات عامة حول هذه القضية. ويقولون إن عدم القيام بذلك ينطوي على مخاطر الإضرار بعلاقات الهند مع العالم العربي وإيران.
كثير من الأمور باتت على المحك
بلغ حجم تجارة الهند مع دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم الكويت وقطر والسعودية والبحرين وعمان والإمارات، 87 مليار دولار في عامي 2020-2021. كما يعيش الملايين من الهنود ويعملون في هذه البلدان ويرسلون ملايين الدولارات في شكل تحويلات مالية إلى أوطانهم. وتعد المنطقة أيضا أكبر مصدر لواردات الهند من الطاقة.
وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي زائرا منتظما للمنطقة منذ توليه السلطة في عام 2014. وقد وقعت البلاد بالفعل اتفاقية تجارة حرة مع الإمارات العربية المتحدة، وتجري محادثات مع دول مجلس التعاون الخليجي للتوصل إلى صفقة أوسع.
وقد حضر مودي حفل وضع حجر الأساس لأول معبد هندوسي في أبو ظبي في عام 2018 – ووُصف الحدث بأنه مثال على العلاقات المتنامية بين الهند والمنطقة.
في حين أن علاقات دلهي مع طهران كانت فاترة على مدى السنوات القليلة الماضية، فإن الجدل قد يلقي بظلاله على الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى الهند.
وقال الخبراء إن الجدل قد يلقي بظلاله على بعض النجاحات التي حققتها الهند في الآونة الأخيرة.
وقال الدبلوماسي الهندي السابق جيتندرا ناث ميسرا: “كانت جهود الحكومة الحالية لتحسين العلاقات مع دول الخليج حقيقية وبدأت العلاقات تتغير. كما أن تعامل الهند مع الأزمة الأوكرانية يشكل نقطة مضيئة أخرى”.
وأضاف: “ستحتاج وزارة الخارجية الهندية التي تعاني من نقص الموظفين إلى إنفاق موارد بشرية ثمينة للتعامل مع القضايا التي لا تخدم مصالح الهند. نحن الدبلوماسيون نبذل قصارى جهدنا لتوسيع دائرة الأصدقاء في الهند، وهذا نوع من مكافحة وإخماد الخلافات التي نحن بغنى عنها.” .
وقال الدبلوماسي السابق، أنيل تريغونايات، الذي سبق وأن عمل في العالم العربي، إن الهند كانت في وضع صعب وإن الجهود المخلصة على مستوى القيادة فقط هي التي يمكن أن تمنع أي تداعيات سلبية.
وأشار إلى أنه “يجب اتخاذ إجراءات نموذجية بموجب القانون حتى لا تتكرر مثل هذه العناصر الهامشية التي من شأنها أن تخلق فوضى مجتمعية وتضر بسمعة البلاد”.
ويقول محللون آخرون إن التكلفة الدبلوماسية للتداعيات قد تضر بشكل كبير بمصالح الهند في المنطقة.
قال مايكل كوجلمان نائب مدير برنامج آسيا في مركز ويلسون للأبحاث: “غالبا ما يتفاعل المسؤولون الهنود بشكل دفاعي عندما تنتقد العواصم الأجنبية، بما في ذلك الأصدقاء المقربون لنيودلهي، الشؤون الداخلية الهندية. لكن في هذه الحالة، يُتوقع أن يعمل الدبلوماسيون الهنود بسرعة لنزع فتيل التوترات، بالاعتذار وأشكال أخرى لاحتواء الأضرار”.
وتتطلع الدول العربية أيضا إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لتهدئة الغضب بين شعوبها، إذ انتشرت الوسوم التي تنتقد الهند في هذه البلدان، وتصدر هذا الحدث وسائل الإعلام التابعة لها.
وقد دعت بعض هذه الوسوم إلى مقاطعة المنتجات الهندية. كما كانت هناك أيضا تقارير عن قيام بعض المتاجر في قطر والكويت بإزالة المنتجات الهندية من على رفوف محالها التجارية.
وقال السيد كوجلمان إن العلاقة كانت مهمة لكل من دول مجلس التعاون الخليجي والهند على حد سواء، وسيبحث كلا الجانبين في التخفيف من المخاطر.
“بما أن دلهي تشعر بالقلق حيال هذا الرد الغاضب من منطقة مهمة استراتيجيا كهذه، فإن الهند محمية أيضا من المزيد من الضرر بسبب نفوذها. وبسبب مصالحها الاقتصادية، تحتاج دول الخليج إلى الهند لمواصلة استيراد طاقتها، كما أنها بحاجة إلى مواصلة العمالة الهندية للعيش والعمل هناك، وبشكل عام، عليهم الاستمرار في التعامل مع الهند”.
وأضاف أنه قد تكون هناك حدود للمدى الذي ستذهب إليه هذه الدول في الرد على هذه التعليقات المعادية للمسلمين.
تزايد الاستقطاب
يقول النقاد إن الاستقطاب الديني قد ازداد في الهند منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة. وكانت الأسابيع القليلة الماضية متوترة بشكل خاص بعد أن توجهت بعض الجماعات الهندوسية إلى محكمة محلية في فاراناسي للحصول على إذن للصلاة في مسجد عمره قرون، بدعوى أنه بني على أنقاض معبد مهدم.
وأجرت القنوات التلفزيونية نقاشات استفزازية، وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي انتشارا كبيرا لخطاب الكراهية بشأن هذه القضية. وغالبا ما يدلي العديد من الأشخاص المرتبطين بالمنظمات اليمينية بتصريحات مثيرة للجدل في البرامج التلفزيونية، لكن النقاد يقولون إن شارما لم تكن عنصرا هامشيا كما ادعى حزب بهاراتيا جاناتا. لقد كانت المتحدثة الرسمية باسم الحزب، أي المكلفة بتمثيل آراء حزب بهاراتيا جاناتا.
ويضيف المحللون أن التداعيات الدولية حول هذا الجدل يجب أن تكون دعوة لليقظة للهند.
ويخلص كوجلمان للقول: “باتت دلهي ترى أنه عندما يتعلق الأمر بالسياسات المؤذية المتنامية للدولة، فإن ما يحدث في الهند غالبا لا يبقى في الهند. ومع تنامي نفوذ الهند العالمي وازدياد قوة شراكاتها الدبلوماسية والاقتصادية في الخارج، يكون هناك المزيد على المحك عندما تتسبب سياساتها الداخلية بالمضايقة لدول أخرى”.
[ad_2]
Source link