سلوى بكر: تصريحات للروائية المصرية عن الحجاب و تعليم القرآن تصطدم بـ “ثوابت المجتمع”
[ad_1]
على خلاف الأحداث السياسية التي لم تلق اهتماما واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر وعدد من الدول العربية ، حظيت تصريحات أدلت بها الروائية سلوى بكر، بتفاعل كبير وأثارت الكثير من اللغط خلال الأيام الأخيرة .
وسلوى بكر هي روائية مصرية تدور معظم رواياتها حول النساء المهمشات في المجتمع المصري. ونالت جوائز دولية عديدة .
وقد حلت الكاتبة المصرية مؤخرا ضيفاً على برنامج “رأي عام” الذي يقدمه الإعلامي عمرو عبد الحميد على قناة “TeN ” التي تعرف نفسها بأنها قناة تنويرية.
“الدين أصبح مسألة شكلانية”
وخلال الحلقة التي دامت حوالي ساعة، تطرقت الكاتبة إلى مواضيع مختلفة، إلا أن التصريحات التي تلقفتها وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الصحفية المصرية سريعا، كانت تلك التي تحدثت فيها الكاتبة عن الحجاب وتحفيظ القرآن للأطفال.
وفي معرض ردها على سؤال المذيع حول “كيفية مواجهة الإرهاب”، قالت الكاتبة إن تلك المواجهة لاتزال مقتصرة على الجانب الأمني ويجب أن يمتد إلى التعليم مردفة ” عندما تسمح بفرض الحجاب على طفلات في المرحلة الإعدادية وعندما تلغي حصص الرياضة والموسيقى والرسم والرقص كل هذ أشياء تعد بنية ثقافية لإنسان يمكن أن يتحول لداعشي أو إرهابي”.
وتابعت أن المصريين بحاجة لاستراتيجية ثقافية جادة لمواجهة “الإرهاب تبدأ من التعليم، باعتباره أساس المواجهة”، متسائلة:”لماذا يقوم طفل في المرحلة الابتدائية بحفظ آيات قرآنية لن يفهمها، وليه نعمل مقرأة للقرآن ونصبغ الطفل بهذا الاختيار.. وهذه سرقة للطفولة”.
وأشارت الكاتبة إلى أن الدين أصبح بالنسبة للبعض “مسألة شكلانية تنحصر في الحجاب وغيره”، مشيرة إلى أن الدين جوهر في المقام الأول.
كما شددت على ضرورة إعادة النظر في التعليم مضيفة بأن في زمنها كان التعليم يعد الإنسان للاختيار.
وأكملت بأن التعليم بحاجة إلى إدارة “لايديرها موظف تكنوقراط ، بل قيادة لديها رؤية ثقافية وفكرية تبدأ من المنهج المدرسي وتنتهي باختيار المدرس والتعامل معه”.
“انتقائية أم تنويرية ؟”
كل ما طرحته الكاتبة من آراء كان السبب في الهجوم عليها. لكن تصريحاتها لاقت أيضا استحسان البعض ممن رأى فيها دعوة إلى” إعمال العقل والبحث عن جوهر التدين لا القشور الخارجية”.
الرافضون لتصريحات الكاتبة وصفوها بـ “المستفزة” وطالبوا بمنعها من الظهور الإعلامي بدعوى أنها تتحدث “بلا أدلة في أمور حساسة تتعلق بثوابت دين وقيم المجتمع”.
ولم تقتصر الانتقادات التي طالت سلوى بكر على رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بل شملت مفكرين وصحفين ورجال دين من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية.
فقد اتهم كثيرون الكاتبة بالانتقائية، وأنها غير مُلمّة بـ”علوم الدين”، ولذا فهي غير مؤهلة للحديث فيه، وامتد الأمر إلى حد اتهامها بالسعي إلى “تشويه وازدراء الدين”.
و “ازدراء الأديان” تهمة وجهت مؤخرا للعديد من الشخصيات الإعلامية التي تخالف أفكارها “السائد في المجتمع”.
ويرى مدونون أن المشكلة ليست في سلوى بكر كشخص، إنما في ظاهرة “التطاول على الدين”، قائلين إنها أصبحت “موضة” تسعى وراءها جل القنوات الإعلامية لرفع نسب المشاهدة بغرض إشغال الناس بـ”قضايا هامشية وتافهة” لصرف أنظارهم عن قضايا أكثر أهمية.
كذلك، حذر البعض الآخر من أن تعطي تصريحات سلوى بكر مبررات للتيارات المتطرفة للنيل من المجتمع.
ومن هذا المنطلق، دعا، عبد الغني هندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الكاتبة إلى مراجعة تصريحاتها لافتا إلى أن تاريخ الأزهر زاخر بأعلام وشخصيات تنورية كسعد زغلول، والمفكر رفاعة الطهطاوي، والمطرب سيد درويش.
ويكمل هندي في تصريح صحفي “لا بد أن نحافظ على اعتدال المجتمع ووسطيته ولا بد أن نحترم جميع الآراء، لكننا نتفاجأ بمثل هذه التصحريات التي تمس المجتمع في ثوابته، وفي الأمور المتفق عليها”.
لعل أكثر العبارات المتداولة في نقد تصريحات بكر هي أنها تهدد “ثوابت المجتمع وتهدم قيمه”.
لكن ثمة اختلافات كبيرة في تحديد مفهوم تلك الثوابت والقيم. ففي الوقت الذي يصر فيه البعض على احترام تلك “الثوابث”، يعتبرها البعض الآخر مجرد مصطلح فضفاض ومطاطي يستخدم لمحاربة أي شخص يحاول الخروج على الفكر السائد.
وخلافا للمنتقدين، يتفق المشيدون بالكاتبة على أنها سلطت الضوء على واقع المناهج التعليمية في مصر التي ظلت تخاطب الذاكرة، وتعتمد على الحفظ والتكرار.
لذا اغتنم البعض النقاش الدائر لتقييم أداء وزارة التربية والتعليم داعين القائمين عليها إلى فرض قوانين صارمة تمنع المعلمين من غرس معتقداتهم الشخصية الموروثة في تلاميذهم.
وثمة أيضا من وصف الكاتبة المصرية بالتنويرية الشجاعة لإثارتها مواضيع جدلية وثمة من شبهها بالكاتبة والناشطة النسوية الراحلة نوال السعداوي.
إلا أن آخرين اعترضوا على وصف الكاتبة بـ” التنويرية” بحجة أنها أغفلت الحديث حول القضايا المتعلقة بقيم الحرية. بالنسبة للكثيرين، فلإن الشروط الأساسية للتنوير الحقيقي هي حرية الإنسان والتعددية السياسية وتأسيس نظام ديمقراطي يكفل للمواطن جميع حقوقه.
ويرى هؤلاء أن النخبة والإعلام المصري على هيئته الحالية ليس مؤهلا للحديث في قضايا فكرية عميقة، كونه يميل بصورة كبيرة نحو الإثارة بدلا من استخدام أدوات علمية منهجية في نقد التراث، على حد قولهم.
لكن رغم الخلاف المنهجي والفكري مع أطروحات الكاتبة، يرفض آخرون منعها من الظهور لأن الفكر يواجه بالفكر.
ويرى هؤلاء أن الدعوات لمنعها ما هي إلا تكريس لـ”السلطوية المجتمعية” وفرض نوع من “الوصاية الأخلاقية والدينية على حرية التعبير”.
وتضج مواقع التواصل في مصر بين الفينة والأخرى بمثل هذه السجالات الالكترونية التي تنشب مع كل حديث إعلامي عن ضرورة تجديد الخطاب الديني.
يعتبر فريق من المعلقين أن تلك النقاشات المثارة على المنصات الإعلامية “صحية تندرج ضمن مشروع تنوير تتبناه الدولة لنفض الغبار عن الأفكار المغلوطة”، في حين يصف فريق آخر تلك النقاشات بالهدامة باعتبارها “تستهدف جوهر الإسلام وتقوض دور المؤسسة الدينية”.
في المقابل، يرى آخرون أن الفريقين يروجان لنفس المفاهيم السلطوية، فالأول يقمع الناس بحجة الدفاع عن الثوابت والآخر يقمعهم تحت راية التنوير.
[ad_2]
Source link