روسيا وأوكرانيا: هل يشكل انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو تهديدا لأمن أوروبا أم دعما للسلام في القارة؟
[ad_1]
- فرانك غاردنر
- مراسل بي بي سي للشؤون الأمنية
تشعر فنلندا والسويد، وهما دولتان محايدتان من بلدان الشمال الأوروبي، بقلق شديد إزاء الغزو الروسي لأوكرانيا، لدرجة أنهما تفكران بجدية الآن في الانضمام إلى حلف الناتو، في وقت مبكر من هذا الصيف.
وقد حذرتهما روسيا من مغبة المضي قدما في الأمر، وهددت “برد عسكري تقني” إذا فعلا ذلك.
والسؤال الملح هنا هو: بشكل عام، هل تغدو أوروبا مكانا أكثر أمانا أم أكثر خطورة في حال انضم أحد البلدين أو كليهما إلى الناتو؟
الناتو – منظمة حلف شمال الأطلسي – هو تحالف دفاعي يضم 30 دولة، وقد تأسس بعد وقت قصير من نهاية الحرب العالمية الثانية. ويقع مقره الرئيسي في العاصمة البلجيكية بروكسل، ولكن تهيمن عليه القوة الصاروخية العسكرية والنووية الهائلة للولايات المتحدة.
كل من فنلندا والسويد دولتان ديمقراطيتان حديثتان تستوفيان معايير عضوية الناتو. وقد قال رئيس المنظمة، ينس ستولتنبرغ، إنه سيرحب بهما ترحيبا حارا وسيكون هناك حد أدنى من التأخير في معالجة عضويتهما.
لا يساور الجنرال بالجيش الأمريكي (المتقاعد) بن هودجز، الذي قاد جميع القوات البرية الأمريكية في أوروبا، أدنى شك في فوائد ذلك بالنسبة للغرب:
“إن انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو يعد أمرا هائلا – إنه تطور إيجابي للغاية. فهما ديمقراطيتان قويتان للغاية، وجيشا البلدين يتمتعان بسمعة جيدة جيد جدا وقدرات كبيرة، مع أنظمة تعبئة رائعة”.
في حالة فنلندا، بدأ بالفعل شكل من أشكال التكامل العسكري، إذ شاركت أطقم الدبابات البريطانية مؤخرا في تدريبات مع لواء مدرع فنلندي، جنبا إلى جنب مع القوات الأمريكية واللاتفية والإستونية، كجزء مما يسمى بقوة المشاة المشتركة (JEF) التابعة للناتو. وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن الهدف هو “ردع العدوان الروسي في الدول الاسكندنافية ودول البلطيق”.
إذا ما هي المشكلة إذا أراد أي من البلدين أو كلاهما الانضمام؟
لا تعتبر روسيا، وبشكل أكثر تحديدا الرئيس فلاديمير بوتين، حلف الناتو تحالفا دفاعيا، بل على العكس تماما. إنه يعتبره تهديدا لأمن روسيا. لقد شاهد بذهول توسع الناتو بشكل مطرد شرقا – مقتربا من موسكو – بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991.
عندما كان بوتين ضابط مخابرات شابا في جهاز أمن الدولة السوفيتي، KGB، سيطرت موسكو على جميع بلدان أوروبا الشرقية، مع تمركز القوات الروسية في معظمها.
واليوم اختارت جميع تلك الدول تقريبا التوجه غربا والانضمام إلى الناتو. حتى دول البلطيق – إستونيا ولاتفيا وليتوانيا – الدول التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي بشكل مخالف لإرادتها ورغبتها، قد انضمت إلى التحالف.
ستة في المئة فقط من حدود روسيا الشاسعة تتشاركها مع دول الناتو، ومع ذلك يشعر الكرملين بأنه محاصر ومهدد. وقبل وقت قصير من إرسال الرئيس بوتين قواته إلى أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي، طالب بإعادة رسم الخريطة الأمنية لأوروبا. وأصر على أن قوات الناتو يجب أن تنسحب من كل دول أوروبا الشرقية هذه، ولا ينبغي السماح لأي دولة جديدة بالانضمام.
لكن غزو بوتين لأوكرانيا جاء بنتائج عكسية لما كان ينشده.
فقد عملت فنلندا والسويد على رعاية حيادهما والحفاظ عليه بشكل كبير ولعقود طويلة. ولطالما كان البلدان منتميان ثقافيا بثبات إلى المعسكر الغربي، لكنهما حتى الآن كانا حذرين من استعداء جارتهما العملاقة المسلحة نوويا، روسيا. بيد أن غزو موسكو لأوكرانيا قلب المعادلة ودفعهما إلى إعادة التفكير بشكل مغاير جذريا، حيث بدأت الحكومة والشعب على حد سواء في كلا البلدين بالتساؤل عما إذا كان من الممكن أن يكونوا أكثر أمانا “تحت مظلة الناتو” ، حيث يكفل البند الخامس من اتفاقية الحلف الحماية الجماعية، إذ بموجب هذا البند يعتبر الهجوم على أحد الأعضاء بمثابة هجوم على الجميع. وقد أظهر استطلاع رأي حديث في فنلندا أن 62 في المئة من الفنلنديين يؤيدون الانضمام للناتو.
وجهة النظر التي ترى الانضمام يصب في مصلحة أوروبا
من منظور عسكري بحت، فإن انضمام الجيوش الفنلندية و / أو السويدية الكبيرة سيكون بمثابة دفعة قوية لقوة الناتو الدفاعية في شمال أوروبا، إذ أن القوات الروسية تفوق قوات الحلف في شمال القارة الأوروبية عددا بشكل كبير.
ويقول بن هودجز إن انضمام فنلندا يعني جلب طائرات مقاتلة من طراز F35 ، بينما انضمام السويد يعني جلب بطاريات صواريخ باتريوت وإعادة تأمين جزيرة غوتلاند الكبيرة في البلطيق، حيث كانت روسيا تختبر الوضع في الآونة الأخيرة. كما أن القوات المسلحة لكل من فنلندا والسويد تمتلكان خبرة واسعة في حرب القطب الشمالي، وتتلقيان تدريبات مكثفة للقتال والصمود على قيد الحياة في الغابات المجمدة في الدول الاسكندنافية. وما زالت الذكرى حاضرة في الأذهان عندما غزت روسيا فنلندا في الحرب العالمية الثانية، إذ قاتل الفنلنديون بضراوة ضد الغزاة، مما تسبب في خسائر فادحة في صفوفهم.
أما جغرافيا فإن انضمام فنلندا يملأ فجوة كبيرة في دفاع الناتو، كونه يضاعف مساحة حدوده مع روسيا. يقول هودجز إن الأمن والاستقرار في بحر البلطيق سيتحسن بشكل كبير.
وسياسياً، سيضيف ذلك إلى تماسك الدفاع المتبادل الغربي، ويرسل برسالة إلى بوتين مفادها أن أوروبا بغالبيتها متحدة ضد غزوه لدولة ذات سيادة.
وجهة النظر التي ترى الانضمام يهدد أمن أوروبا
ببساطة، يكمن الخطر هنا في أن مثل هذا التوسع الكبير لحلف الناتو، على أعتاب روسيا مباشرة، ينذر ويثير غضب الكرملين لدرجة قد تدفعه للرد بالهجوم بصورة ما. عندما هدد بوتين باتخاذ “إجراءات فنية عسكرية” كرد على انضمام فنلندا و سويسرا في حال حصوله، كانت الآراء تتفق على نطاق واسع على أن هذا الرد سيكون على شاكلتين، أولا تعزيز حدود روسيا عن طريق تحريك القوات والصواريخ بالقرب من الغرب، وربما تصعيد الهجمات الإلكترونية على الدول الاسكندنافية.
لقد خدم البقاء على الحياد السويد بشكل جيد للغاية على مر السنين، وانطلاقا من ذلك لا ينبغي الاستخفاف بمغبة التخلي عن هذا الحياد. علاوة على ذلك ستكون هناك تكلفة اقتصادية على صناعة الأسلحة المحلية في السويد إذا اضطرت الدولة لشراء أسلحة الناتو بدلا من أسلحتها.
وقد سبق وأن شدد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف على التحذير من أن انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو مؤكدا أنه “لن يجلب مزيدا من الأمن لأوروبا”.
وبيدو أن فلاديمير بوتين يحب تذكير الناس بقصة حدثت معه حين كان يافعا عندما حاصر جرذا في غرفة فانقلب عليه الأمر وقام الجرذ بمهاجمته. ولطالما ألقى بوتين ومستشاروه باللوم على الناتو، في إحباط خطط موسكو للسيطرة على أوكرانيا. لذلك، إذا ما رأوا أن هذا التوسع المفاجئ على جانبهم الشمالي يمثل تهديدا وجوديا لأمن روسيا، فلا يمكن التكهن مطلقا بما يمكن أن تفعله موسكو ردا على هذا التوسع.
[ad_2]
Source link