ريتشارليسون: حكاية مهاجم إيفرتون الذي “تسري رغبة الفوز في دمه”
[ad_1]
- غاري ميناغان
- بي بي سي سبورت
شهدت في محطة الحافلات المتهالكة المبنية بالطوب الأحمر في بلدة نوفا فينيسيا البرازيلية الصغيرة قصة تستحق أن تُروى.
فمن تلك المحطة حيث الضباب والمطعم الصغير المفتوح، الذي يمكنك أن تأكل فيه قدر ما تشاء مقابل ما يعادل 2 جنيه إسترليني، كانت نقطة الانطلاق وبداية رحلة ريتشارليسون نجم فريق إيفرتون إلى الدوري الإنجليزي الممتاز.
كان يبلغ من العمر 17 عاما ويشعر باليأس بسبب الرفض المتتالي له، ومن هنا غادر بلدته في رحلة استغرقت 11 ساعة إلى مدينة بيلو هوريزونتي وهو يرتدي حذاء مستعارا ولم يكن يملك ثمن تذكرة العودة.
كان ذلك في عام 2014 حيث لم تثمر محاولاته للالتحاق بناديي إيفي وفيغيرينس، كما تعرض فريقه الوطني المحبوب للإذلال على أرضه في كأس العالم.
ووسط كل ذلك لم يلفت ريتشارليسون الانتباه على الرغم من كونه هداف نادي ريال نورويست لفريق الشباب تحت 20 عاما، وكاد المهاجم الشاب ان يفقد الأمل.
واعتبر ريتشارليسون رحلة الحافلة غرب للخضوع لاختبار مع فريق الدرجة الثانية أمريكا إم جي فرصته الكبيرة الأخيرة، وكان مصمما على عدم الاستسلام.
وقال بيدرو إيمانويل صديق طفولته لبي بي سي سبورت: “أتذكر ذلك اليوم حيث أخبرني أنه ذاهب، لكن لم يكن لديه حذاء رياضي. في الحقيقة، كان لديه حذاء أسود لكن كان مهترئاً. فقلت له: يا رجل .. هنا حذاء باللونين الأزرق والوردي يخطف الأنظار يجب أن تأخذه، نشكر الرب كل شيء سار على ما يرام”.
بالتأكيد سارت الأمور على مايرام وأفضت تلك التجربة في النهاية إلى 5 مواسم متتالية في الدوري الإنجليزي الممتاز مع واتفورد وإيفرتون.
وعلى الصعيد الدولي، فاز ريتشارليسون مع فريق البرازيل بكأس كوبا أمريكا وحصل على الميدالية الذهبية في أولمبياد 2020 وسيلعب مع فريق بلاده في كأس العالم هذا العام في قطر.
ومع ذلك، كان من الممكن أن يكون كل شيء مختلفا تماما.
فقد انفصل والدا ريتشارليسون عندما كان في السادسة من عمره وأمضى 3 سنوات يعيش مع والده أنطونيو حيث كان يعمل في مزرعة جده للمساعدة في قطاف حبوب البن، ويسافر في رحلات طويلة في نهاية كل أسبوع للعب مباريات كرة القدم.
وفي سن السابعة، طلب الناس من أنطونيو أن يستثمر في ابنه لأن لديه موهبة خاصة، وقد استجاب الأب بشراء 10 كرات قدم وإرسال نجله للعيش مع عمته في نوفا فينيسيا.
وقال أنطونيو، وهو يرتدي الزي التدريبي لنادي نوفا فينيسيا الذي يرأسه ويُعد ابنه سفيرا له، لبي بي سي سبورت: “كنا فقراء للغاية في ذلك الوقت” .
وأضاف قائلا: “لقد كانت طفولة صعبة للغاية بالنسبة له وصعبة بالنسبة لي أيضا لأننا كنا نعيش في الريف وكان علينا كل أسبوع الصعود على ظهر شاحنة للوصول إلى حيث تُقام مباريات كرة القدم، وقد ظل الناس يقولون إن لديه مستقبل في عالم الكرة رغم ذلك، لذلك عندما بلغ التاسعة من عمره تركته مع شقيقتي”.
وقد ساعد ريتشارليسون في شق طريقه عمله في بيع الآيس كريم والشوكولاتة في الشوارع، وغسل السيارات، والعمل في مقهى مع عمه إلتون، ومحاولة العمل كمساعد في مجال البناء.
وبينما يعترف أنطونيو بأن ابنه لم يكن أكثر الطلاب إقبالا على التعليم في مدرسته، يصف العاملون في مدرسة تيتو دوس سانتوس نيفيس، في حي روبييا الفقير، صبيا مهذبا ومحبا لكرة القدم وشعره أصفر مصبوغ مثل نجمه المُفضل نيمار.
ويتذكره حارس المدرسة أنه كان يجتاز البوابات الأمامية كل يوم ويركض مباشرة إلى الفناء الخلفي للعب كرة القدم بينما يتذكر المعلمون تواضعه وسلوكه الجيد.
وتقول إليسانغيلا مونتيرو غيدي، التي قامت بتدريس لريتشارليسون عندما كان في الحادية عشرة من عمره: “لم يكن يحب الدراسة، لكنه لم يكن غير منضبط”.
وأضافت قائلة: “كان دائما حسن التصرف، لم يكن فتى متمردا بأي شكل من الأشكال. كان يحترم معلميه وقد استمد ذلك من عائلته الطبية، وبالتأكيد، في ذلك الوقت وفي تلك المنطقة، ربما تورط في المخدرات والعنف لكنه تمكن دائما من تجنب ذلك”.
في الواقع لم يتمكن من تجنب ذلك دائما، فعندما كان ريتشارليسون يبلغ من العمر 14 عاما رفع تاجر مخدرات محلي مسدسا في وجهه وهو يعتقد أنه الفتى ريتشاليسون يحاول أن يتاجر بالمخدرات في منطقته.
ويتذكر أنطونيو أن المدرسة استدعته في مناسبة أخرى بعد أن ألقت الشرطة القبض على ابنه في الشارع.
ويقول أنطونيو: “كنا قلقين لأن المنطقة في ذلك الوقت كانت خطرة، كان الأمر أكثر من مجرد القبض عليه خطأ لوجوده في الوقت والمكان الخطأ، فلسوء الحظ، ابتعد الكثير من أصدقائه عن الطريق القويم”.
وينسب ريتشارليسون الفضل إلى فيديل كارفالو، أول مدرب شباب له وهو شرطي، في المساعدة في الابتعاد عن حياة الجريمة. وكان شعار كارفالو “لا تستسلم أبدا”.
ويتذكر ريتشارليسون قيام ذلك المدرب بشحن 8 من الفريق في سيارة فولكس فاغن لخوض مباراة نهائية خارج المدينة، وعادوا منتصرين.
وكان ريتشارليسون، في سن السادسة عشرة، يلعب كهاوٍ مع فريق ريال نورويست في فئة أقل من 20 عاما حيث أثبتت قوته وطريقته في اللعب أنه يمثل مشكلة حتى بالنسبة لمن هم أكبر منه بثلاث سنوات.
ومع ذلك، فقد انتهت الأمور بشكل سيء عندما باتت مفاوضات النادي لانتقاله في عام 2014 إلى نادي أمريكا إم جي على وشك الانهيار.
وبعد الكثير من المفاوضات، سُمح لفريق ريال نورويست بالاحتفاظ بنسبة من حقوقه، لكن موقف ذلك النادي أثر على الصحة العقلية لأنطونيو الذي كان يعاني بالفعل من الاكتئاب. وحتى يومنا هذا، لا يحب ريتشارليسون التحدث عن تلك الفترة من حياته المهنية.
وقد تكيف ريتشارليسون مع الحياة في نادي أمريكا إم جي بسهولة حيث انضم إلى فريق تحت 17 سنة قبل أن ينتقل بسرعة للعب في فئة تحت 20 عاما بعد إحرازه 4 أهداف في أول ظهور له في 4 مباريات.
ويتذكر أويلر دي ألميدا أراوجو مدرب فريق أمريكا إم جي إعجابه بقوة ريتشارليسون وتصميمه الذي صقله بالركض صعودا وهبوطا في شوارع نوفا فينيسيا المرصوفة بالحصى. وبعد أسابيع، كان يتدرب مع الفريق الأول.
ويقول أراوجو: “لقد لعب في مركز الجناح حيث أُرتكبت الكثير من الأخطاء ضده، لكنه نادرا ما كان يسقط”.
وأضاف قائلا: “كان المدافعون يصطدمون به ويسقط. كنت تعتقد أنه تعرض للأذى، لكنه كان يقف مجددا ويستمر في التقدم. لم يستسلم أبدا. كان مثل رونالدو في شبابه المبكر، تلك القوة الجسدية و التصميم في هذه السن المبكرة”.
ولم تكن تنافسية ريتشارليسون مقتصرة على مجال كرة القدم فقط. ويتذكر سيلفيو جونيو نونيس دا سيلفا، معالج التدليك في فريق أمريكا إم جي، أنه كان عليه أن يصطحب ابنه الصغير للعمل ذات ليلة قبل المباراة.
ويقول: “كان ريتشارليسون يلعب بلاي ستيشن، لذلك سأل ابني عما إذا كان يمكنه اللعب أيضا”.
وتابع قائلا: “تركتهما يلعبان، لكن عندما عدت كان ريتشارليسون قد فاز 11-0. قلت: كفى يا رجل.. لكنه كان لا يرحم.. أراد أن يستمر في التسجيل وأن يستمر في الفوز. كان عمره 17 عاما، وكان ابني في السابعة من عمره..وكانت تلك الرغبة في الفوز تسري في دمه”.
لقد لعب مارسيلو توسكانو في خط الهجوم مع ريتشارليسون في عام 2015 عندما تمت ترقية فريق أمريكا إم جي إلى دوري الدرجة الأولى في البرازيل.
إنه يتذكر لاعبا يتسم بالموهبة والتواضع وصاحب أنف كبير.
وقال مارسيلو توسكانو: “لقد كان ممتعا للغاية، كنا نمزح دائما ذهابا وإيابا، في ذلك الوقت، كنا نطلق عليه اسم الطوقان (طائر ذو منقار كبير)، أعني أن أنفه ليس صغيرا، أليس كذلك؟”.
وأضاف قائلا:”قلت منذ البداية إنه سيذهب بعيدا بسبب أخلاقياته في العمل وتصميمه وموهبته وتواضعه، لقد سجلنا الكثير من الأهداف في ذلك الموسم وليس من قبيل المصادفة أنه في مكانه اليوم”.
مكث ريتشارليسون في فريق أمريكا إم جي لمدة عام واحد فقط حيث سجل 9 أهداف في 24 مباراة قبل أن يتم بيعه لنادي فلومينينس مقابل 10 ملايين ريال برازيلي (بقيمة 1.6 مليون جنيه إسترليني اليوم) عن عمر يناهز 18 عاما فقط، وفي عام 2017 انتقل إلى فريق واتفورد الإنجليزي مقابل 11.5 مليون جنيه إسترليني.
تحدث إلى أي شخص في نادي أمريكا إم جي وستجد لديهم قصة لمشاركتها عن زميلهم السابق الشهير ونظرته المتواضعة.
فعلى سبيل المثال، عندما يتلقى لاعب شاب في أمريكا إم جي راتبه المهني الأول فإن قواعد النادي تملي عليه مغادرة مساكن الأكاديمية لتوفير مساحة لشخص آخر.
لكن ريتشارليسون فضل، بدلا من استئجار الشقة الجميلة التي حددها وكيله، الاستمرار في العيش مع زملائه في الفريق والفأر الذي يتردد على غرف النوم في المساء. وقد سحب 20 في المئة فقط من راتبه الأول واستخدم الباقي لإعالة أسرته.
ويقول زي ريكاردو، الظهير في فريق أمريكا إم جي والذي عاش مع ريتشارليسون في مساكن الأكاديمية: “لقد كان شخصا بسيطا ومتواضعا للغاية وشخصا جيدا حقا ساعد كل شخص يمكنه مساعدته”.
وأضاف قائلا: “الأولاد الذين ليس لديهم أحذية رياضية، أعطاهم حذاءه.. لديه قلب طيب للغاية”.
وقد ظل هذا التواضع والتعاطف لديه حتى مع تقدم حياته المهنية.
ويضيف أنطونيو قائلا: “كانت تربطه علاقة وثيقة مع جده ووالد جده، وكان الجميع يقول نفس الأشياء عنه من حيث التواضع والعمل بجد، لقد علمناه دائما أن يحمل ذلك معه. وحتى اليوم، أقول دائما إنه يجب ألا يفقد جوهره هذا”.
ومضى يقول:”عندما يأتي إلى نوفا فينيسيا فإنه يساعد بكل ما في وسعه، وإذا كان الأمر متروكا له، فسيظل يسير في الشوارع بأحذية خفيفة ويلعب كرة القدم مع الأطفال في الحقول تماما مثل ما فعل من قبل. لسوء الحظ، أصبح الأمر أكثر خطورة عليه الآن، لذلك فهو يفعل ذلك عبر الإنترنت “.
ولدى قلة من اللاعبين النشطين، إن وجدوا، صوت عال مثل ريتشارليسون عندما يتعلق الأمر بالقضايا الاجتماعية.
لقد ساعد في زيادة الوعي وجمع الأموال عبر مجموعة واسعة من المنظمات الخيرية والتي تنشط في مجالات عديدة بما في ذلك مكافحة إزالة الغابات، وأزمة الاغتصاب في البرازيل ، ومكافحة كوفيد 19، وأهمية التصويت في الانتخابات الرئاسية لهذا العام.
وفي عام 2019، بعد فترة وجيزة من دفعه رسوماً لمجموعة من الطلاب البرازيليين للسفر إلى تايوان للمنافسة في مسابقة الرياضيات الدولية، حصل على أرقى تكريم متاح لرياضي في ولايته إسبيريتو سانتو. وعندما طلب الفرصة للتحدث، حث الحكومة الإقليمية على زيادة الاستثمار في التعليم.
وبعد مرور عام على ذلك الحدث حصل على لقب بطل نادي إيفرتون في رابطة اللاعبين المحترفين عقب تنظيم مباراة خيرية في نوفا فينيسيا وفرت 6.4 أطنان من الطعام للمحتاجين.
وقال في تصريحات للموقع الرسمي للنادي: “نحن جميعا نلعب في بطولات الدوري الكبرى ولدينا مساحة في وسائل الإعلام، لدينا مسؤولية اجتماعية كبيرة”.
وأضاف قائلا:”في البداية، أردت فقط شراء منزل لوالدي، لكن بعد ذلك رأيت أنه يمكنني القيام بأشياء أكبر”.
وفي الوقت الذي يجد فيه نادي إيفرتون نفسه يخوض معركة للإفلات من الهبوط هذا الموسم تروج شائعات عن ابتعاد ريتشارليسون عن النادي، ولقاء محتمل مع نيمار في باريس سان جيرمان، لا يمكن لأحد أن يشكك في مدى التزامه حيث يواصل ترك بصماته في كل أنحاء الملعب.
قد لا تكون هذه هي السمة التي غالبا ما ترتبط بلاعبي كرة القدم البرازيليين، لكنها تبشر بالخير لفرصه في النجاح في كأس العالم في وقت لاحق من هذا العام.
ويقول أنطونيو، وهو يقف على بعد مسافة قصيرة من محطة الحافلات المكسوة بالطوب الأحمر حيث بدأ كل شيء: “إنه يحلم بذلك منذ أن كان طفلا يشاهد رونالدو في عام 2002، وفي ذلك النهائي، كان مجرد طفل صغير أما الآن فإنه بمشيئة الرب سيكون هناك يلعب، لطالما أخبرته أنه سيلعب في كأس العالم، كما أخبرته أيضا أنه سيكون أفضل هداف، لذلك دعونا نرى”.
[ad_2]
Source link