هل سيؤدي ارتفاع أسعار مواد البناء إلى كساد بقطاع العقارات في مصر؟
[ad_1]
- عطية نبيل
- بي بي سي نيوز عربي – القاهرة
استيقظت مُبكرا على رنين الهاتف المحمول لأجد مكالمةً من أحد مندوبي المبيعات بإحدى الشركات العقارية، يحدثني عن عروض مغرية لوحدات سكنية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرقي القاهرة.
قادني الفضولُ كي أتعرف على طبيعة هذا العرض، ففوجئت به يخبرني بأن سعر الوحدة مساحة 150 متراً يبلغ نحو 4 ملايين ونصف المليون جنيه مصري (242 ألف دولار أمريكي)، مع توصية مشددة من الشخص المُتصِل بضرورة اغتنام الفرصة قبل ارتفاع الأسعار خلال الأيام المقبلة، المدفوع بزيادة أسعار مواد البناء.
ولمن لا يعلم طبيعة الأسعار في مصر فهذا الرقم يعد كبيراً جداً على سعر وحدة سكنية بهذه المواصفات، إذ لم تكن تتجاوز مليون جنيه ( نحو 54 ألف دولار أمريكي) خلال السنوات القليلة الماضية، وفي مواقع أكثر تميزاً من العاصمة الإدارية التي ما تزال في طور الإنشاء وبعيدة نوعا ما عن المراكز الحيوية في منطقة وسط البلد.
ووفقا لأرقام شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية المصرية فقد ارتفعت أسعار مواد البناء التي تشمل الحديد والإسمنت والخشب وغيرها بداية من شهر أبريل/نيسان الحالي بنسب تتراوح ما بين 20 في المئة إلى 40 في المئة بسبب زيادة أسعار مدخلات الإنتاج.
ووصل متوسط سعر طن الحديد في السوق المصرية نحو 21 ألف جنيه مصري بعد أن كان حوالي 15 ألف منتصف مارس/آذار الماضي، قبل إقدام الحكومة على تحرير جديد لسعر صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري.
ويزيد من تفاقم الأزمة ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج التي تشمل خام “البليت” وحديد الخُردة والغاز الطبيعي لأفران المصانع، فضلا عن ارتفاع تكاليف الشحن والنقل بسبب ارتفاع أسعار النفط لمستويات قياسية خلال الفترة الماضية.
ارتفاع العرض مقابل الطلب
يحدثنا المهندس الاستشاري، عمرو علي، صاحب إحدى شركات المقاولات المصرية قائلا لبي بي سي عربي إن ارتفاع أسعار مواد البناء في الآونة الأخيرة أسهم في تفاقم مشكلة العرض والطلب داخل سوق العقارات الذي تعاني بالفعل من ارتفاع العرض مقابل الطلب.
ويوضح المهندس عمرو علي أن سوق العقار المصري يعيش منذ عقود على نسبة تقدر بنحو 10 في المئة من المواطنين الذين يشترون العقار ويستثمرون فيه، أما الباقون فهم متفرجون وليست لديهم أي قدرة شرائية مهما كانت الأسعار.
غير أن موجة الارتفاعات خلال السنوات الأخيرة، بعد تعويم الجنيه أمام الدولار للمرة الأولى عام 2016، أدى وفقاً للمهندس علي إلى ارتفاع كبير في أسعار العقارات يفوق حتى نسبة عشرة في المئة التي كانت تحرك السوق.
ويرى عمرو على أن أحد أسباب أزمة سوق العقار في مصر يكمن في دخول الحكومة في تجارة العقارات ومزاحمة القطاع الخاص والمطورين العقاريين المحليين، مطالبا بضرورة تقليل المعروض ومنح مزيد من الميزات التفضيلية للعاملين في مجال الاستثمار العقاري.
وفي هذا الإطار، يقول رئيس تحرير مجلة “إسكان مصر” الخاصة، محمود الجندي، إن دخول الدولة ممثلة في وزارة الإسكان في مشاريع الإسكان المتوسط بعد أن كانت فقط تختص بإسكان محدودي الدخل أدى إلى خروج بعض المطورين العقاريين بالفعل من السوق في هذه الشريحة، لأن الدولة تطرح هذه الوحدات كاملة التشطيب وعلى فترات سداد كبيرة وبأقساط محدودة ماليا، لكنها تطرح هذه الوحدات بأسعار كبيرة تفوق أسعار القطاع الخاص.
أزمة حقيقية أم حالة انتعاش !
يوضح الجندي أن الشركات والمطورين العقاريين في حالة “أزمة حقيقية بسبب التذبذب في أسعار مواد البناء” التي لا تمكنهم من وضع دراسات أسعار الوحدات على مدى الشهر المقبل، مطالبا الحكومة بضبط أسعار مواد البناء من خلال الأسعار الاسترشادية.
ويقترح الجندي التوسع في برامج التمويل العقاري لدعم المطورين العقاريين في مرحلة البناء، مشيرا إلى وجود ما وصفه “بشروط تعجيزية” في مسألة التمويل العقاري تستلزم التعاقد على وحدات كاملة التشطيب، في حين أن 70 في المئة من الوحدات المطروحة في السوق المصرية هي وحدات “نصف تشطيب”، الأمر الذي يمنع نحو 90 في المئة من طالبي التمويل العقاري من الاستفادة من هذه المبادرات.
ويختلف رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية، ممدوح بدر الدين، خلال حديثه لبي بي سي مع فكرة الإحجام عن شراء العقار خلال الفترة الماضية، ويؤكد أن هناك حالة من الانتعاش في السوق إذ أدى ارتفاع أسعار مواد البناء إلى تسريع وتيرة شراء الوحدات المبنية بالأسعار الحالية، في ظل توقعات بارتفاع أسعار العقارات، مشيرا إلى أن أغلب شركات العقارات لم ترفع أسعار الوحدات المبنية بالفعل.
وتوقع بدر الدين – الذي يشغل في الوقت ذاته منصب رئيس مجلس إدارة شركة أركان بالم للاستثمار العقاري – أن تتأثر الوحدات التي يتم التعاقد عليها في المستقبل القريب بنسب تتراوح ما بين 15 في المئة و20 في المئة في التكلفة الفعلية للبناء، مشيرا إلى أن نسبة إسهام مواد البناء في العقارات لا تتجاوز 35 في المئة و40 في المئة كتكلفة مباشرة، ولكن تظل تكلفة سعر الأرض ثابتة والتكاليف غير المباشرة مثل المصروفات الإدارية والتراخيص والمرافق وغيرها ثابتة لم تتغير.
استثمار مضمون للأموال
ويقول المقاول بأحد المناطق الشعبية في القليوبية، محمود أبو ندا، إن الاستثمار في مجال العقار مازال هو أحد الحلول لحفظ قيمة النقود، في ظل انهيار القوة الشرائية للجنيه المصري وتراجع قيمة العملة، حيث إننا “نمر بأزمة اقتصادية طاحنة تضغط على ميزانية المواطنين، فالمواطن بالكاد يستطيع تدبير احتياجاته اليومية وأصبح حلمه بتغيير شقته لمنطقة أخرى أو شراء عقار للاستثمار فيه أحد الأحلام المؤجلة” على حد وصفه.
غير أن العديد من المستثمرين في مجال العقار “تحولوا باتجاه وضع أموالهم داخل البنوك التي تعطي فائدة حاليا بنحو 18 في المئة مقابل مخاطر صفرية تقريبا” وهو أمر خاطئ من وجهة نظره لأن العقار يظل وسيلة مضمونة لحفظ الأموال.
وبعد هذه الجولة في سوق العقارات واستطلاع الآراء المختلفة أصبح لدي اعتقاد راسخ بأن الفرصة مازالت بعيدة، ولن أتمكن من تلبية دعوة مندوب شركة التسويق العقاري لأن الأسعار فعلاً مرتفعة، ويتوقع أن تشهد المزيد من الارتفاعات التي تفوق القدرة الشرائية للشريحة المتوسطة في المجتمع المصري.
[ad_2]
Source link