إيمانويل ماكرون: محطات في مسيرة الرئيس الفرنسي الساعي إلى ولاية ثانية في الإليزيه
[ad_1]
أظهرت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية فوزا طفيفا للرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون، على منافسته زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، لكن الفوز الحقيقي لن يعرف إلا بعد المواجهة الحاسمة بين المرشحين في الجولة الثانية في 24 أبريل/نيسان.
وتشير التوقعات إلى أن ماكرون حصد من 28 إلى 29 في المئة من الأصوات، مقابل ما بين 22 الى 24 في المئة لصالح لوبان.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتنافس فيها ماكرون ولوبان، إذ سبق أن تواجها في منافسة في الجولة الثانية من الانتخابات عام 2017، والتي انتهت بانتصار سهل لصالح ماكرون، رغم ارتفاع نسبة الذين امتنعوا عن التصويت حينها والتي قدرت بنحو ربع الناخبين.
ولا يزال ماكرون اليوم، المرشح الأوفر حظا في الفوز، وإن كان التقارب في نتائج استطلاعات الرأي يشير إلى أن المنافسة لن تكون سهلة، وأن فرص ماكرون بالفوز متساوية تقريبا مع فرصة لوبان للإطاحة به خارج قصر الإليزيه.
فمن هو هذا المصرفي السياسي الفرنسي الذي كان أول شخص في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة يصل إلى منصب الرئيس من دون دعم من الاشتراكيين أو الديغوليين، ولم يكن قد تجاوز الـ 39 عاما، ما جعله أيضا أصغر رئيس جمهورية في فرنسا منذ نابليون بونابرت؟
المتفوق دراسيا
ولد إيمانويل جان ميشيل فريدريك ماكرون في 21 ديسمبر/ كانون الأول عام 1977 في بلدة أميان الواقعة في شمالي فرنسا، وهو الابن الأكبر من بين ثلاثة أشقاء، والداه طبيبان ولديهما آراء سياسية ليبرالية. وخلال دراسته في مدرسة ثانوية خاصة في أميان، بدا واضحا أن إيمانويل ماكرون طالب موهوب ذو قدرات عالية.
وفي تلك المدرسة بدأت علاقته الطويلة مع مدرسة الدراما بريجيت ترونيو التي تكبره بـ 24 عاما، ليتزوج الاثنان لاحقا عام 2007.
درس ماكرون البكالوريا في باريس، والتحق بعدها بمعهد العلوم السياسية بباريس، الذي يعتبر من أرقى المؤسسات التعليمية الفرنسية في مجال الدراسات السياسية والعلوم الإنسانية، وهناك درس السياسة الدولية والخدمة العامة، وكان في ذلك الوقت يعمل أيضا مساعد تحرير للفيلسوف والمؤرخ بول ريكور.
وفي عام 2001، حصل على درجة الماجستير في السياسة العامة من معهد العلوم السياسية، إضافة إلى ماجستير في الفلسفة من جامعة غرب باريس نانتير لا ديفونس.
وفي عام 2004 تخرج ماكرون بتفوق في المدرسة الوطنية للإدارة، وهي من أعرق المدارس العليا في فرنسا وأكثرها نخبوية، وتعد معبرا للوصول إلى أعلى المناصب السياسية والإدارية، ومن بين خريجيها الرؤساء الفرنسيون السابقون فاليري جيسكار ديستان، وجاك شيراك، وفرانسوا هولاند.
انطلاقة المسيرة المهنية والسياسية
بدأ ماكرون مسيرته المهنية عام 2004 بالعمل مفتشا ماليا في وزارة الاقتصاد والشؤون المالية الفرنسية، وبعدها بأربع سنوات ترك القطاع العام، وانتقل ليصبح مصرفيا استثماريا في بنك روتشيلد وشركاه، وهي خطوة حذره أصدقاؤه من أنها كفيلة بإنهاء أي طموح سياسي مستقبلي لديه.
حقق ماكرون نجاحا وتقدما سريعين في عمله، وفي عام 2012 حصل على 2.9 مليون يورو (حوالي 3.8 مليون دولار) لدوره في إحدى الصفقات، حسب الموسوعة البريطانية.
وبينما كان ماكرون لا يزال في عمله المصرفي، بدأ العمل مع فرانسوا هولاند في حملته كمرشح للحزب الاشتراكي في الانتخابات الرئاسية عام 2012.
وحين أصبح هولاند رئيسا لفرنسا، انضم ماكرون إلى إدارته كنائب للأمين العام لرئاسة الجمهورية ومستشار مالي، وأصبح وجها فرنسيا معروفا وممثلا لبلاده في اللقاءات والمؤتمرات الدولية في المجالات الاقتصادية.
وفي عام 2014 أصبح وزيرا للاقتصاد والصناعة والشؤون الرقمية، في الحكومة التي كان يرأسها مانويل فالس.
في منصبه، قام ماكرون بإصلاحات عديدة وأطلق حزمة إصلاحات صارت تعرف باسم “قانون ماكرون” لتنشيط الاقتصاد الفرنسي المتعثر حينها، الأمر الذي أثار احتجاجات من الجناح اليساري في الحزب الاشتراكي، وكاد الأمر أن يصل إلى تعريض الحكومة إلى تصويت على سحب الثقة.
وتم تمرير حزمة الإصلاحات، لكنها كانت متواضعة نسبيا في بلد يكافح مع استمرار الارتفاع في معدلات البطالة وبطء النمو الاقتصادي، لكنها أثارت ردود فعل عنيفة من كل من اليسار واليمين.
في تلك الفترة، تراجعت شعبية هولاند نتيجة الأداء الضعيف للاقتصاد الفرنسي وأزمة المهاجرين المستمرة. وهما عاملان من شأنهما تغذية صعود المنافسة مارين لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف المناهض للهجرة.
الترشح للرئاسة
بدأ ماكرون بالابتعاد عن هولاند، رغم استمراره في العمل ضمن إدارته، وأدت الهجمات الإرهابية في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2015 على مسرح باتاكلان في العاصمة الفرنسية، وملعب ستاد دو فرانس في ضاحية سان دوني، إلى تأخير إعلانه الانفصال عن الحكومة الاشتراكية.
وفي أبريل/ نيسان عام 2016، أعلن ماكرون عن إنشاء حزب “إلى الأمام!”، الذي وصفه بأنه “ثورة ديمقراطية” ضد نظام سياسي متصلب، وأدى هذا إلى توتر علاقته بشكل كبير مع هولاند.
وفي أغسطس/ آب من عام 2016 ، استقال ماكرون من منصبه، ليبدأ حملته الخاصة كمرشح في الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي كان من المزمع إجراؤها عام 2017.
وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن ترشحه رسميا للرئاسة تحت حزب “إلى الأمام!” حديث التأسيس، رغم أنه كان عضوا في الحزب الاشتراكي الخلال الفترة ما بين 2006 و2009.
وضع ماكرون جانباً الولاءات السياسية القديمة. وهذا ما ميزه برأي كثيرين عن الطبقة الحاكمة المعهودة، على الرغم من أنه يتقاسم معها خلفية النخبة السياسية في فرنسا.
وتميز الحزب الذي أسسه ماكرون بتوجهات يسارية وسطية في دمج بين الشعبوية والليبرالية الجديدة. واعتبر مراقبون أن توقيت الإعلان عن تأسسيه قبل أكثر من عام بقليل من الانتخابات الرئاسية لعام 2017، يتضمن تلميحا قويا إلى محاولة “من خارج” الانتماءات السياسية المعهودة في فرنسا للوصل إلى قصر الإليزيه.
في البداية لم تكن حظوظ ماكرون بالفوز عالية حسبما أظهرت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات، لكن الحملة الانتخابية الرئاسية اتخذت منعطفا كان تأثيره إيجابيا لصالح ماكرون.
كان رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون الذي اختاره حزب “الجمهوريون”، ذو التوجه اليميني الوسطي يعتبر الأوفر حظا بالفوز في السباق الرئاسي، لكن شعبيته تراجعت بشدة وسط اتهامات بأنه خلق وظائف وهمية لأفراد من عائلته، وقبل هدايا تتجاوز قيمتها عشرات آلاف من اليورو بطرق غير لائقة حين كان في منصبه.
وانحصرت المنافسة بين ماكرون ومارين لوبان، وجان لوك ميلينشون، وهو اشتراكي سابق ترشح للرئاسة بدعم من الحزب الشيوعي الفرنسي.
ونظرا لكون لوبان من أقصى اليمين، وميلينشون من أقصى اليسار، فقد حظي توجه ماكرون الوسطي والخارج بنفس الوقت عن الخطوط الحزبية الفرنسية التقليدية، بدعم من قطاع عريض من الناخبين.
كما كان ماكرون أيضا المرشح البارز الوحيد المؤيد للاتحاد الأوروبي في السباق الذي تميز بتيار قوي مناهض ومنتقد للاتحاد الأوروبي.
وتصدّر ماكرون الجولة الأولى من التصويت، وفي الجولة الثانية تمكن بسهولة من أن يهزم مارين لوبان مرشحة اليمين المتطرف، وانتخب رئيسا لفرنسا في 7 مايو/أيار عام 2017 بعد فوزه بثلثي الأصوات. وقوبل هذا بترحيب أوروبي، ورافقه ارتفاع ملحوظ بسعر اليورو.
إضاءات شخصية
يقول آلان مينسك، رجل الأعمال والمستشار السياسي والكاتب الفرنسي المعروف، إنه حين سأل ماكرون في أوائل معرفتهما قبل سنوات طويلة “ماذا ستكون بعد 20 عاما من الآن؟” أجاب ماكرون “سأكون رئيسا”.
وقالت بريجيت ترونيو (بريجيت ماكرون اليوم) إن إيمانويل جاء إليها يوما حين كان لا يزال تلميذها، ليحدثها عن خطته لكي يكتبا مسرحية معا “لم أكن أعتقد أن الأمر سيذهب به بعيدا جدا، اعتقدت أنه سيصاب بالملل. لقد كتبنا معا، وشيئا فشيئا تغلب عليّ ذكاء ذلك الصبي”.
في سن 16 عاما، غادر ماكرون مدينة أميان، لمتابعة دراسته في باريس، وقد تعهد لبريجيت بأنه سيعود ليتزوجا. وهي تقول “كنا نتصل ببعضنا دائما، ونمضي ساعات على الهاتف”.
وتضيف “شيئا فشيئا، هزم كل مقاومتي، فعل ذلك بطريقة مذهلة وبصبر”.
كانت بريجيت ترونيو متزوجة ولديها ثلاثة أطفال، وأكبر من ماكرون بـ24 عاما، لكنها تركت زوجها وبدأت علاقة مع تلميذها السابق، وارتبطا رسميا حين كان عمر ماكرون 18 عاما.
لم ينجب الزوجان أطفالا، والجدير بالذكر أن لورانس أوزيير جوردان، الابنة الوسطى لبريجيت من زوجها السابق، وهي طبيبة قلب من مواليد عام 1977، ساعدت ماكرون في حملته للانتخابات الرئاسية عام 2017.
[ad_2]
Source link