لماذا انقسم العرب بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا؟
[ad_1]
على غرار مواقف العواصم العربية من العديد من القضايا الدولية، اختلفت ردود حكوماتها بشكل واضح على الاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية. وطال هذا الاختلاف أيضا تعليقات المغردين على صفحات التواصل الاجتماعي بشكل أوضح الانقسام الحاد تجاه الحرب في أوكرانيا.
ويمكن تصنيف المواقف الرسمية للدول العربية عموما ضمن ثلاث مجموعات: الأولى أيدت الغزو الروسي وحاولت تبريره، وضمنها دولة واحدة هي سوريا. الثانية انحازت على خجل الى موقف الدول الغربية المندد بالحرب على أوكرانيا مع اعتماد خطاب إعلامي متوازن. الثالثة فضلت الظهور بموقف التزام الحياد في الصراع.
في الخليج العربي، وبالرغم من ارتباط الدول الست الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي بشراكة قوية بالولايات المتحدة والدول الغربية عموما، تبنت تلك الدول موقفين مختلفين بشكل واضح من الأزمة. موقف التزم الحياد تجاه الصراع، وموقف انحاز الى الموقف الغربي وإن على خجل.
مع وصول طلائع القوات الروسية الغازية الى الحدود الأوكرانية اتصل البيت الأبيض بالرياض ضاغطا وطالبا بزيادة إنتاج النفط للحيلولة دون ارتفاع أسعار النفط الخام نتيجة الغزو الروسي. غير أن السعودية أبلغت حليفها الأمريكي بعجزها عن تلبية الطلب لأنها ملتزمة باتفاق أوبك + لعام 2020 مع روسيا القاضي بخفض الإنتاج والحد من انهيار الأسعار.
أما الإمارات فذهبت الى أبعد من ذلك وامتنعت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن التصويت على مشروع قرار رعته واشنطن يدين تصرف روسيا ويطالب بانسحابها.
في المقابل، اتخذت البحرين وعمان وقطر والكويت مواقف عبرت عنها في بيانات وتصريحات مختلفة بعبارات ديبلوماسية فضفاضة من قبيل “تتابع بقلق بالغ تطورات الأزمة الأوكرانية” و”تدعو طرفي النزاع الى الالتزام بالحوار وإجراء مفاوضات” و”تعبر عن مخاوفهما بشأن التصعيد العسكري” و”تدعو إلى حماية وحدة أراضي أوكرانيا.”
وفي الجلسة الخاصة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي انعقدت في الثاني من مارس/ آذار الجاري، انكشف حجم تباين مواقف الدول العربية بشأن الأزمة الأوكرانية. فقد صوتت 15 دولة عربية لصالح قرار، غير ملزم، يدين الغزو الروسي ويطالب موسكو بسحب قواتها من أوكرانيا. وامتنعت ثلاث حكومات عربية عن التصويت، هي الجزائر والسودان والعراق، وعارضت القرار سوريا، فيما تجنب المغرب الإحراج وغاب ممثله عن جلسة التصويت.
وإذا كانت الدول الغربية قد اتخذت موقفا واضحا من الغزو الروسي لأوكرانيا منذ الوهلة الأولى فإن بلورة الدول العربية لمواقف واضحة نوعا ما استغرق وقتا طويلا. وحتى لما أصدرت الجامعة العربية بيانها يوم 28 فبراير/ شباط جاءت صيغته مبهمة. فلا هو أدان الغزو الروسي بصريح العبارة ولا هو أعرب عن دعمه لدولة أوكرانيا التي انتهكت سيادة أراضيها.
ويعزو عدد من المحللين للسياسات العربية هذا الانقسام، بين مواقف التزمت الحياد الصريح تجاه الصراع وأخرى استندت إلى دعم خجول للدول الغربية، لعوامل عدة على رأسها المصالح التجارية والاقتصادية.
لقد كانت الدول العربية عموما – من المحيط الى الخليج باستثناء سوريا – تولي الأهمية الكبرى لعلاقاتها الدولية مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية بحكم الروابط الاستعمارية والاقتصادية بها، وأنماط الحكم السياسي الليبرالي السائدة فيها.
غير أن التغيرات التي طرأت على مصالح وعلاقات الدول العربية بكل من الولايات المتحدة وروسيا على مدى العقد الأخير هي السبب وراء المواقف التي أبانت عنها العواصم العربية تجاه الأزمة الحالية في أوكرانيا، والتي تعكس رغبة الدول العربية الكبرى في تنويع علاقاتها الدولية وتطويرها في السنوات الأخيرة مع كل من موسكو وبكين ، بما في ذلك في المجال العسكري.
هل الغرب شريك موثوق به للأنظمة العربية؟
على مدى العقد الماضي ، وبالذات منذ اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011، تولد لدى بعض القادة العرب إحساس متزايد بأن الغرب شريك غير موثوق به خصوصا بعدما تخلى هذا الأخير عن بعض رؤوس الأنظمة غير الديمقراطية التي كانت تدور في فلكه.
كما تبين لأولئك القادة أن الولايات المتحدة على وجه الخصوص، لم تبد إرادة قوية في مواجهة النظام السوري عندما استخدم الأسلحة الكيميائية عام 2013 ، والحيلولة دون ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 .
ويبدو أن الخروج الفوضوي الأمريكي من أفغانستان صيف عام 2021 أقنع العديد من القادة العرب أن الانفتاح على الصين وروسيا اقتصاديا وسياسيا قد يوفر ضمانات، أكبر مما توفرها واشنطن، لمواجهة أسوأ الاحتمالات مستقبلا.
تسعى الدول العربية، كل على حدة، للإبقاء على خيارات متعددة خدمة لمصالحها المختلفة. وترى أن مصلحتها على المدى الطويل تقتضي الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة مع موسكو وغيرها من العواصم الهامة، وليس غلقها كما يريد الغرب.
لقد استيقظ الغرب ليجد أن الدول العربية التي كانت في الماضي تثق به ثقة شبه عمياء وتؤازره ظالما أو مظلوما، وتسير على خطى مواقفه وسياساته لم يعد أمرها كما كان.
لا أحد يمكن أن يتنبأ بالوضع الذي سينتهي إليه الاجتياح الروسي لأوكرانيا. لكن المؤكد الآن هو أن هذا الغزو ربما غير طبيعة علاقات الدول العربية بالدول العظمى ليعيد رسم خريطة تحالفات جديدة على أسس جديدة في الشرق الأوسط.
لماذا اختلفت ردود الفعل العربية على الغزو الروسي لأوكرانيا؟
أين يقف العرب من الحرب في أوكرانيا؟
هل تشكل مواقف الحياد الصريح في الصراع خطرا على العلاقة مع الغرب وأمريكا؟
هل أبرزت الأزمة حرص قادة عرب على علاقات متوازنة مع موسكو وواشنطن؟
هل اكتشفت الدول العربية أن عالما ثنائي القطبية سيحمي مصالحها أكثر؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 9 مارس/ آذار.
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها:https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر تويتر على الوسم nuqtqt_hewar@
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب
[ad_2]
Source link