روسيا وأوكرانيا: غضب من “تغطية إعلامية عنصرية ضد العرب” ومزاعم تمييز ضد غير الأوكرانيين عند الحدود
[ad_1]
- أميرة مهذبي
- BBC عربي
منذ بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا يحاول ساكنوا البلد مغادرته أحياء. وفي خضم هذه المحاولات تحدث عرب وهنود وأفارقة عن تعرضهم لممارسات عنصرية عند الحدود.
يتزامن هذا مع تغطية إعلامية غربية للحرب وللأزمة الإنسانية التي نتجت عنها، عبر فيها بعض الصحفيين والضيوف عن “صدمتهم” لرؤية ما اعتادوا حدوثه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يحدث لأوروبيين “يشبهونهم”. وأثار الأمر غضبا ليس بين العرب فقط وإنما حول العالم.
“الأولوية للأوكرانيين”
أفواج من الناس عند الحدود الأوكرانية يحاولون الهرب من البلد الذي يتعرض لغزو روسي يزداد عنفا وتوسعا كل يوم.
أعداد كبيرة جدا من ساكني البلد تحاول مغادرته في أقرب وقت ممكن. ما يجعل الأمر معقدا ويحتاج كثيرا من الوقت والجهد والإمكانيات والتنسيق بين الدول.
هذا على فرض ضمان إمكانية مغادرة كل هؤلاء إلى البلدان المجاورة لأوكرانيا: بولندا والمجر وسلوفاكيا التي تحد أوكرانيا من الغرب ومولدوفا ورومانيا اللتان تحدان البلد من الجنوب الغربي.
وبينما يتكدس هؤلاء عند الحدود تعم الفوضى في أحيان كثيرة، وتنشب مواجهات بين القوات التي تحرس الحدود وبين المدنيين المتشبثين بأمل مغادرة البلد أحياء.
وفي خضم هذا وردت تقارير عن تعرض أشخاص من جنسيات مختلفة، من غير الأوكرانيين، إلى التمييز.
انتشرت تدوينات ومقاطع مصورة لعرب وأفارقة وهنود وغيرهم يقولون إنهم منعوا من العبور وقيل لهم إن “الأولوية للأوكرانيين”.
بينما لا نستطيع التحقق من كل هذه المقاطع، تحدثت بي بي سي إلى عدد من الأشخاص عند الحدود ينتظرون دورهم في العبور.
ونقلت عنهم شهادات عن تعرضهم للمعاملة الخشنة والممارسات العنصرية.
وتواصلت بي بي سي مع قوات حرس الحدود البولندية التي قالت إن بولندا ترحب بجميع الفارين من الصراع في أوكرانيا، بغض النظر عن جنسياتهم.
وحاولت بي بي سي الاتصال أيضا بقوات حرس الحدود الأوكرانية، لكنها لم تتلق ردا.
غزو روسيا لأوكرانيا: تغطية مفصلة
ومن بين الفيديوهات التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع يظهر شابا يقول متداولو الفيديو إنه مغربي، ويبدو من لهجته أنه كذلك فعلا، يحمل سكينا في يده وهو يقف عند باب قطار ويحاول ضمان صعود بعض الأشخاص.
انتشر الفيديو مع تعليقات يقول بعضها إن الشاب فعل ذلك ليتمكن هو ومجموعة من المغاربة من الصعود إلى القطار المتجه نحو سلوفاكيا.
ويقول آخرون إنه كان يساعد العرب على الصعود، والبعض يقول إنه مكن عربا وأفارقة من استقلال القطار بعد أن منعوا من صعوده بدعوى أن “الأولوية للأوكرانيين”.
ولم تستطع بي بي سي التحقق من الفيديو ومن المزاعم المرتبطة به. لكن المقطع الذي انتشر مصحوبا ببعض التعليقات المشيدة بما فعله أثار نقاشا.
ما يبدو في الفيديو بعيدا عن الظروف المحيطة به، هو شخص يرفع سلاحا في وجه أشخاص للتهديد وتنفيذ مطلبه. الأمر الذي يعد قانونا جريمة.
لكن بعض المعلقين على الفيديو وجد له عذرا في ما فعل، وهو الذي يحاول النجاة من الموت، خاصة بعد ما انتشر عن منع غير الأوكرانيين من المغادرة.
وبعضهم يقول إنه لا شيء يبرر ترويع الناس وتهديدهم مهما كان الوضع، خاصة في حالة تهجيرهم من بلدهم التي تتعرض لحرب.
لا يتعدى طول المقطع بضع ثوان، وكل من يظهر فيه مدنيون يحاولون ركوب القطار.
التغطية الإعلامية الغربية
“نحن لا نتحدث هنا عن سوريين أو عراقيين أو غيرهم من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نتحدث عن أوروبيين يشبهوننا”.
هذه الجملة، أو ما شابهها تعبيرا بنفس المعنى، تكررت عبر وسائل إعلام عالمية كبيرة، من ضيوف وصحفيين، بلغات عديدة.
وكأن الحروب والموت والتشريد والتهجير أمر عادي لا يقلق إذا حدث في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكنه يصبح أمرا غير معقول وغير مقبول إذا حدث في دول أوروبية لمواطنين بشعر أشقر وعيون ملونة.
بعض من استخدموا هذا التعبير، أو ما يشابهه في تغطيتهم للحرب وللأزمة الإنسانية الناتجة عنها في أوكرانيا، اعتذر وبعضهم تغاضى عن ذلك.
قالوا لاحقا إن ما يقصدونه هو أنهم تعودوا رؤية هذه المشاهد في منطقة الشرق الأوسط لما تشهده من عدم استقرار ونزاعات.
لكن مقصدهم هذا لا ينفي معنى ما يقولون. ولا ينفي أنه أثار حالة من الغضب لدى العرب، وصلت بالبعض إلى تعليقات فيها الكثير من التشفي والترحيب بما يحدث “حتى يذوق غيرهم ما ذاقوا” فكانت النتيجة عنصرية مضادة.
أكثر ما تم تداوله في هذا الموضوع ما قاله موفد سي بي أس نيوز الأمريكية تشارلي داغاتا من أن أوكرانيا “مع كل الاحترام، ليست مكانا مثل العراق أو أفغانستان، اللذين يحتدم فيهما النزاع منذ عقود، هذه مدينة متحضرة نسبيا وأوروبية نسبيا … حيث لا تتوقع أو تتمنى حدوث هذا”.
داغاتا الذي قال حينها إنه انتقى عباراته بحذر، عاد ليعتذر على الهواء بعد هجوم عنيف تعرض له.
الإدانة التي لقيها خطاب داغاتا، وما شابهه من حديث، لم تقتصر على من شعروا بالعنصرية تمارس ضدهم بهذا الفكر، بل أثارت أيضا غضبا بين من يتابعون الأمر في كل مكان حول العالم.
قال داغاتا معتذرا إنه “ندم على الطريقة التي تحدث بها وتأسف”. وقال إن “ما أراد أن يوصله للناس هو أن أوكرانيا لم تر حربا بهذا الحجم في السنوات الماضية، خلافا لما شهدته بلدان كالعراق وأفغانستان”.
مذيع الأخبار في قناة بي بي سي الإنجليزية، روس أتكنز، تعرض هو أيضا لهجوم شديد بعد أن تجاوز تعليقا لضيف أوكراني قال فيه إنه “حزين لرؤية أوروبيين بيض بعيون زرقاء يقتلون..”، لكن أتكنز لم يعترض على هذا التعبير ولم يتحد الضيف بالقول إن القتل قتل مهما كانت جنسية ولون الضحية.
نشر أتكنز فيما بعد سلسلة تغريدات شكر فيها من راسلوه ومن قالوا إنه كان يتعين ألا يمر تعليق مثل ذلك دون رد فعل منه، وقال إنه “كان يحاول التحكم في انفعال الضيف ومقاطعته بشكل لائق فغفل عن الوقوف عند ذلك التعليق”.
أما الخدمة الإنجليزية لقناة الجزيرة فقد نشرت اعتذارا عبر حسابها على تويتر بعد أن قال مذيعها، بيتر دوبي، في سؤال للضيف عن من يحاولون الفرار من الحرب في أوكرانيا إن “ما يثير القهر عندما تنظر إليهم وإلى ملبسهم. هؤلاء أبناء طبقة وسطى مزدهرة وليسوا لاجئين يحاولون الهرب من مناطق في الشرق الأوسط ما زالت تشهد حربا وليسوا أشخاصا يحاولون الخروج من مناطق في شمال إفريقيا. هؤلاء أشخاص يبدون كأي عائلة أوروبية قد تسكن بجوارها”.
ووصفت القناة كلام مذيعها “بالمقارنة غير العادلة بين الأوكرانيين الهاربين من الحرب واللاجئين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”. وقالت إن حديثه كان “غير مسؤول ويفتقد للحساسية”. واعتذرت للجمهور قائلة إنها تتعامل مع هذا الخرق لقواعد المهنية.
مراسلة أي تي في الإنجليزية قالت في تعليقها “إن هذه ليست دولة نامية من دول العالم الثالث”، وأكملت بصوت راجف وهي تحاول منع نفسها من البكاء “هذه أوروبا”.
القنوات الفرنسية دار أيضا في أروقتها حديث عن الفرق بين موجات الهجرة من الشرق الأوسط وهجرة الأوكرانيين “الأوروبيين” “المتحضرين” “المثقفين” “الذين يشبهوننا ويركبون سيارات تشبه سياراتنا”… وغيرها من التعابير التي مرت على شاشات قنوات يشاهدها الآلاف أو أكثر داخل فرنسا وخارجها.
لماذا تفاجئنا العنصرية؟
قد يسأل البعض لماذا تفاجئنا العنصرية؟ ليست جديدة ولم تصبح أبدا شيئا من التاريخ. كانت دائما حاضرة بأشكال متعددة.
إلغاء العبودية لم يعن أبدا نهاية العنصرية. التطور و”التحضر” والدرجات العلمية العليا لم تمنع أصحابها أبدا من أن يكونوا عنصريين.
قد لا تكون عنصرية صريحة وقحة، بل دفينة في اللاوعي تخرج للعلن “عن غير قصد”، لكنها في النهاية عنصرية.
ونحن الآن في عام 2022 ما زلنا نتحدث عن من يعتبر موته وتهجيره أمرا “عاديا” ومن لا يعقل أن يحصل لهم ذلك والفرق بين المجموعتين عرق أو جنسية أو لون.
في عام 1965، اعتمد المجتمع الدَّوْليّ الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
وحسب الاتفاقية التي ترعاها الأمم المتحدة، “يقصد بتعبير “التمييز العنصري” أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.”
[ad_2]
Source link