تنظيم الدولة الإسلامية: كيف عرضت شركة إريكسون للاتصالات حياة موظفيها في العراق للخطر؟
[ad_1]
- أحمد الشامي و أمير نادر
- بي بي سي
كشف تقرير مسرب عن شركة الاتصالات إريكسون، اطلعت عليه بي بي سي نيوز عربي، أن الشركة قد عرضت حياة عاملين محليين متعاقدين معها للخطر، من خلال الإصرار على استمرارهم في العمل في الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية في العراق. وقد خلص التقرير إلى أن سلوك الشركة أدى إلى اختطاف أولئك العاملين المتعاقدين معها من قبل مسلحي التنظيم.
وتعد إريكسون واحدة من أكبر شركات الاتصالات في العالم، كما أنها لاعب رئيسي في إطلاق شبكات 5G في المملكة المتحدة، بعد أن حلت محل شركة الاتصالات الصينية هواوي، التي توقف التعامل معها بسبب مخاوف أمنية.
وقد جاء الكشف الأخير في أعقاب اعتراف الرئيس التنفيذي لشركة إريكسون، بورهيه إيكهولم، الأسبوع الماضي -ردا على الوثيقة المسربة- بأن الشركة دفعت أموالا للوصول إلى طرق النقل الأسرع في العراق في ذلك الوقت، وأن تنظيم الدولة الإسلامية ربما كان هو المستفيد. وقد خسرت إريسكون أكثر من 5 مليارات دولار من القيمة السوقية لها بعد تعليقات مديرها التنفيذي تلك.
الوثيقة التي حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) وشاركها مع بي بي سي و 29 شريكا إعلاميا آخر، مأخوذة من تحقيق داخلي للشركة في أنشطة الفساد والرشوة في 10 دول، أُجري عام 2019. وتكشّف عن ذلك التحقيق تعاملات خطرة ومثيرة للقلق للشركة في العراق.
وقد وجد التقرير أنه عندما استولى تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، في يونيو/ حزيران 2014، أوصى محام بارز في شركة إريكسون بإغلاق وإنهاء عملياتها في العراق، لكن كبار المديرين في إريكسون تجاهلوا تلك التوصيات. وتقول الوثيقة إنهم شعروا حينها أن مثل هذا الإجراء “سابق لأوانه”، ومن شأنه أن “يدمر” أعمال إريكسون في البلاد.
وخلص التقرير إلى أن إصرار الشركة على استمرار المتعاقدين المحللين معها في العمل في الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، يعرض الأرواح للخطر لأن التنظيم المتشدد احتجز بعد ذلك عددا من أولئك العاملين كرهائن.
كان عفان من بين مجموعة من المهندسين الذين يقومون بعمل ميداني لصالح شركة إريكسون في الوقت الذي سيطر فيه تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة. وقد أُلقي على عاتقه تبليغ رسالة نيابة عن الشركة للحصول على إذن من التنظيم لمواصلة العمل هناك.
لكن بمجرد وصول عرفان، وجد في استقباله شاحنة بيك آب مليئة بالمسلحين الذين ما لبثوا أن احتجزوه، كما أخبر الإذاعة العامة الألمانية NDR، وهي شريك إعلامي آخر للاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين.
بعد ذلك استخدم أحد مقاتلي التنظيم هاتف عفان للاتصال بمديري إريكسون، وطالب الشركة بدفع 2.4 مليون دولار للعمل في المنطقة، كما يقول عفان.
“قال مقاتل التنظيم إنه إذا لم تدفع إريكسون ما طلب منها، سيستهدف رسولكم هذا وأي شخص آخر يعمل لديكم، سنحضرهم إلى هنا، واحدا تلو الآخر”.
ووضع عفان قيد الإقامة الجبرية، وقال إن مدير شركة إريكسون توقف بعد ذلك عن الرد على مكالماته. “لقد تخلى عني وأغلق هاتفه واختفى”.
اتصلت بي بي سي والاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين بمديري إريكسون -الذين لا يزال أحدهم يعمل مع الشركة- والذين تلقوا المكالمة من التنظيم، لكنهم رفضوا التعليق.
لقد أُطلق سراح عفان، الذي ورد اسمه في تقرير إريكسون، بعد شهر. وبينما يؤكد عفان أن شركة إريكسون قد تخلت عنه، يقول التقرير إن أحد الشركاء في إريكسون “أجرى ترتيبات” مع تنظيم الدولة الإسلامية لتأمين إطلاق سراحه والسماح للشركة بمواصلة عملها في الموصل. لكن التقرير لم يحدد ماهية تلك الترتيبات.
غير أن هذا لم يكن التعامل الوحيد المحتمل لشركة إريكسون مع تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية. فقد وجد التقرير أن موظف النقل التابع للشركة استخدم طريقا سريعا عبر البلاد يسمى “طريق السرعة” والذي لا يمر عبر نقاط التفتيش الحكومية ولكنه يمر عبر الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. وقد قال محققو شركة إريكسون إنهم وجدوا أدلة على دفع رشاوى محتملة لمقاتلي التنظيم على طول ذلك الطريق.
وقد قال مسؤول اتصالات حكومي كبير في الموصل، لم يرغب في الكشف عن اسمه خوفا من فقدان وظيفته، لأحد الجهات الإعلامية المشاركة للاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين: “كانت شركة إريكسون على دراية كاملة بما يحدث. لا يوجد شخص عاقل يتعامل مباشرة مع تنظيم الدولة الإسلامية. كلهم يفعلون ذلك من خلال متعاقدين محليين ثانويين. مسلحو التنظيم أخذوا نسبة مئوية من كل سنت يدفع في الموصل على أي مشروع أو عمل، هكذا تمكنوا من جمع ملايين الدولارات”.
وتكشف الوثيقة المسربة عن تحقيق إريكسون الداخلي، عن انتشار ثقافة الأنشطة الفاسدة ودفع رشاوى بملايين الدولارات في 10 دول مختلفة. وقد تمدد الفساد ليصل إلى حد تخصيص صندوق غير رسمي لتمويل مسؤولين لبنانيين على مدى عدة سنوات بلغ إجماليه حوالي مليون دولار، إلى جانب هدايا مثل رحلة فاخرة بقيمة 50 ألف دولار إلى ستوكهولم لوزير الاتصالات اللبناني السابق بطرس حرب.
لكن حرب قال لبي بي سي إنه ذهب في رحلة عمل إلى السويد مدتها ثلاثة أيام مدفوعة من شركة إريكسون، وأضاف لم يتلق أي هدايا ولم يحصل على أي مزايا خاصة، كما قال إنه لم يكن على علم بأي تحقيق داخلي من قبل شركة إريكسون.
وكشف المحققون عن دفع مبلغ 50 ألف دولار لجمعية خيرية مرتبطة بعائلة برزاني الثرية، التي تحكم إقليم كردستان العراق شبه المستقل، وتمتلك شبكة الهاتف المحمول كورك. لم يستطع التقرير تحديد الجهة التي ذهبت الأموال إليها، ولم يرد متحدث باسم مدير عام شركة كورك، سيروان بارزاني، على أسئلتنا، لكنه قال إن “سيروان بارزاني يتطلع إلى اليوم الذي سينتهي فيه تنظيم الدولة الإسلامية بشكل كامل، بحيث يصبح بإمكانه هو ورفاقه من البشمركة قضاء المزيد من الوقت مع عائلاتهم”.
وقد توصلت شركة إريكسون عام 2019، إلى تسوية بقيمة مليار دولار مع السلطات الأمريكية، بعد مزاعم بانتشار الفساد في خمس دول. ولم توضح شركة إريكسون ما إذا كانت المعلومات الجديدة قد كُشف عنها لوزارة العدل الأمريكية وقت التسوية.
ورفضت وزارة العدل الأمريكية بدورها التعليق على قضية إريكسون، كما امتنعت شركة إريكسون عن الرد على أسئلة بي بي سي، لكنها قالت إنها تواصل العمل مع مستشار خارجي – لمراجعة النتائج الصادرة عن تحقيق 2019 لتحديد أي تدابير إضافية ينبغي على الشركة اتخاذها.
[ad_2]
Source link