مئات اليمنيين عملوا في بريطانيا لكنهم محرومون من معاشاتهم التقاعدية
[ad_1]
- كارولاين غال
- بي بي سي نيوز – ويست ميدلاندز
في خضم حرب مستمرة منذ سبع سنوات وخطر المجاعة والعوز في اليمن، تحدث هؤلاء الرجال إلى بي بي سي نيوز، عن مدى معاناتهم وكفاحهم من أجل الحصول على معاشاتهم التي لم تُدفع لهم فيما يشبه فضيحة ويندراش.
وصل ثابت مثنى جبران إلى بريطانيا في عام 1967 ومثل العديد من أقرانه اليمنيين، بدأ العمل في مصنع للأسلحة الخفيفة، والذي كان عبارة عن مصنع معادن ينتج دراجات نارية وأدوات في قلب المدينة الصناعية في برمنغهام.
ويقول جبران: “عندما كنت أعيش في بريطانيا لم أطلب من الحكومة أي مساعدات أو تأمينات، بل اعتمدت على عرق جبيني لكني لا أعرف لماذا يحدث هذا لنا”.
عمل في ورش التعدين والمصانع مثل كثيرين آخرين في جميع أنحاء ويست ميدلاندز الذين كانوا يعتبرون المملكة المتحدة بمثابة “الدولة الأم” بعد أن خضعت اليمن لأول مرة للحكم البريطاني في عام 1839.
لكنه يقول إته بعد تقاعده وعودته إلى اليمن، توقفت مدفوعاته دون سابق إنذار منذ عامين ولم يتمكن من الحصول على أي إجابات من حكومة المملكة المتحدة.
إنه ليس الوحيد الذي يعاني من هذه المشكلة، إذ يُعتقد أن هناك حوالي 2500 شخصاً لم يحصلوا على فلس واحد من معاشاتهم التقاعدية من الحكومة منذ سنوات، حيث قال أحدهم لبي بي سي إنه لم يتقاضَ أي أجر منذ 10 سنوات.
أمضى هؤلاء الرجال سنوات في محاولة معرفة السبب. أرباب عملهم السابقين لم يتخلفوا عن أداء ما يرتب عليهم.
اكتشفت بي بي سي أن الأمر يرجع إلى مزيج من وضع اليمن في ضوء الحرب والتأثير اللاحق على الخدمات المصرفية، وكذلك تعامل السلطات الحكومية البريطانية.
وقال جبران: “ما هو ذنبي حتى أحرم من معاشي؟ هم يعرفون وضعنا وخاصة في ظل تفشي فيروس كورونا والحرب وارتفاع الأسعار، ما هي جريمتنا؟ إنهم يوقفون معاشاتنا التقاعدية، أهذه هي بريطانيا العظمى، التي توصف بأم العالم؟ لقد مات بعض الناس وهم ينتظرون مدفوعاتهم، وتركوا خلفهم أرامل مسنات، فمن سيدعمهن وخاصة الآن؟”.
ليس هناك أصعب من هذا التوقيت ليتوقف معاشات هؤلاء.
ارتفعت تكلفة المعيشة في اليمن مع تصاعد الحرب بين الحكومة الفاشلة من جهة والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، من جهة أخرى، مما ترك الناس يتضورون جوعاً وسط تفشي جائحة كوفيد.
ووفقاً للأمم المتحدة، يواجه اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج 80 في المئة من السكان إلى المساعدة أو الحماية.
وارتفعت تكلفة الأرز، الذي يعد غذاء أساسياً في معظم الأسر، بنحو 164 في المئة منذ فبراير/شباط 2016 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2020 ، وفقاً لتقارير لجنة الإنقاذ الدولية.
راجح مفلحي، الرئيس التنفيذي لجمعية ساندويل اليمنية في ويست ميدلاندز، والتي تضم واحدة من أكبر الجاليات اليمنية في المملكة المتحدة، على اتصال مع أكثر من 50 عامل سابق من أجل قضاياهم.
ويقول: “انخرط الأشخاص الذين جاءوا إلى هنا من أجل العمل، في أصعب المهن من أعمال الصلب وغيرها في المناطق الصناعية، وفقد كثيرون منهم سمعهم أو أطرافهم أثناء العمل لفترات تمتد من 30 إلى 40 سنة في المصانع، وعادوا إلى بلدهم اليمن ليقضوا بقية حياتهم هناك، والآن، يعانون ويكافحون بسبب عدم تسلمهم لمعاشاتهم التقاعدية، إنه حقاً شيء غير مقبول”.
يقدر مفلحي أن الحكومة مدينة لكل شخص بما لا يقل عن 50 جنيهاً إسترلينياً للشهر الواحد، والمبلغ الإجمالي المستحق للجميع يقدر بحوالي 500 ألف جنيه إسترليني.
وأضاف: ” تقديم شهادات الحياة من قبل وزارة العمل والمعاشات قبل حوالي ست أو سبع سنوات لتمكين اليمنيين من إثبات أنهم لا يزالون على قيد الحياة ومؤهلون للدفع لم يثمر عن نتيجة”.
الأموال المستحقة لهم حبل نجاة من الموت لهم في ظل ارتفاع التضخم بنسبة 200٪ واستمرار المجاعة.
وقال: ” نعتبر هذا الوضع مشابهاً لفضيحة ويندراش، إنها فضيحة المعاشات التقاعدية”.
“في طي النسيان”
قاسم سعيد الجوهري، وصل إلى بريطانيا في الستينيات وبدأ العمل في الحدادة في بلاك كانتري، قبل أن يتولى وظائف أخرى في مصانع أخرى في ويست ميدلاندز.
عاد عامل المصنع إلى وطنه لكنه قال إنه لم يتلق أي معاش تقاعدي منذ 10 سنوات.
أكمل تعبئة استمارة شهادة الحياة في سبتمبر/ أيلول بناءً على طلب وزارة العمل والمعاشات كدليل على أنه لا يزال على قيد الحياة لكنه لا يزال ينتظر.
وقال: “بعثت إليهم رسائل لكن مدفوعاتي توقفت منذ عام 2012″، مضيفاً أنه وزوجته “في حالة يأس وليس لدينا إلا الله ليخلصنا من ضائقتنا”.
“نحن هنا نعيش حالة حرب، لا توجد حكومة في اليمن ولا سفارة من أجل عرض قضايانا عليهم، لقد بتنا في طي النسيان”.
ويشعر أحمد عمر عبد الله اليافعي بالضياع، فقد عمل في وينزبيري، وفي مصنع للصلب في ويست برومويتش لسنوات عديدة قبل أن يعود إلى اليمن.
في السابق كان يتلقى معاشاً تقاعدياً قدره 82 جنيهاً إسترلينياً في الشهر، لكنه قال إنه لم يتلقَ أي شيء منذ ست سنوات.
أكمل شهادة الحياة باللغتين الإنجليزية والعربية قبل خمس سنوات وأثناء المراسلات مع وزارة العمل والمعاشات في المملكة المتحدة، تم إخباره في عام 2019 أن بعض الوثائق غير صالحة.
قال: “لقد مر الآن خمس سنوات على ملاحقتي لقضيتي ولم أتلق أي رد منهم”.
“رسالتي إلى بريطانيا هي: أعيدوا لنا أموالنا”.
“اليمن في حالة فوضى، هناك جوع وحرب وتضخم وارتفاع أسعار، كلها مشاكل لم نعشها من قبل، إلى أين نذهب؟”.
قال سعيد عبد الله عبد الكريم إنه عمل في عدة مصانع في بريطانيا لمدة 40 عاماً، لكن مدفوعاته توقفت منذ عام 2019.
وتوفيت زوجته مؤخراً جراء كوفيد 19.
ويقول: “لقد أنفقت كل المال الذي حصلت عليه على علاجها” ، مضيفاً أنه يشعر بأن “السلطات تتلاعب بهم”.
“هناك أناس لم يتلقوا معاشاتهم منذ أربع وخمس سنوات، ما ذنبهم؟ لا يوجد مبرر، كلهم بتلاعبون بنا هناك”.
حث جون سبيلار، النائب عن حزب العمال عن منطقة وارلي في ويست ميدلاندز ، حيث يعيش ويعمل العديد من الرجال، الحكومة على “السيطرة” على المشكلة.
وقال: “كانت هناك مشكلة في إثبات الناس على أنهم لا يزالون على قيد الحياة، وحتى قبل الحرب كنا إزاء بلد غير خاضع للحكم”.
وقال: “وكان هناك رفض مطلق من قبل وزارة العمل لحل المشكلة عندما قدم فيها الناس الأدلة المطلوبة. يعيش الناس في فقر مدقع ويجب ألا نقلل من شأن ذلك”.
وأضاف: “اليمنيون الذين قدموا إلى المملكة المتحدة، جاؤوا إلى بلاك كانتري وويست ميدلاندز وشيفيلد وعملوا في الصناعات المعدنية التي تتسم بالحرارة العالية والغبار وقدموا خدمات إلى بريطانيا، لذا يتعين على الأخيرة الاعتراف بها”.
“هذا يشبه إلى حد ما فضيحة ويندراش، يجب أن يدفع لامبالاة الخدمة المدنية في محاولة إيجاد حل، الوزراء إلى طلب أجوبة”.
في فضيحة ويندراش تم تصنيف الآلاف من المقيمين في المملكة المتحدة – معظمهم من منطقة البحر الكاريبي والذين عاشوا في المملكة المتحدة منذ عقود – خطأً كمهاجرين غير شرعيين.
على الرغم من أن العديد من اليمنيين عاشوا وعملوا في ويست ميدلاندز، إلا أن هناك أشخاص في مدن كارديف وشيفيلد ونيوكاسل يواجهون نفس المشكلات.
كتب وجهاء الجالية اليمنية في جميع أنحاء المملكة المتحدة رسالة مشتركة إلى وزير التقاعد جاي أوبرمان، يدعونه إلى عقد اجتماعات عاجلة بشأن هذه التوقفات المالية.
لماذا هناك حرب في اليمن؟
يُنظر إلى الصراع الذي بدأ في عام 2014 ، بين الحكومة من جهة والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران من جهة أخرى والذي أودى بحياة ما يصل إلى 110 آلاف شخص، على أنها حرب بالوكالة بين إيران الشيعية والمملكة العربية السعودية السنية وثماني دول عربية سنية أخرى بدعم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.
على الرغم من توقيع الانفصاليين والحكومة على اتفاق لتقاسم السلطة لإنهاء الصراع في جنوب اليمن في عام 2019 ، إلا أن الحرب مستمرة ولا تلوح في الأفق أي بوادر للتراجع وإيجاد الحل.
أدى الصراع والوباء الذي أثر على الواردات إلى تفاقم المشاكل في بلد يستورد فعلياً حوالي 90 ٪ من المواد الغذائية.
في مارس/آذار الماضي ، أعلنت حكومة المملكة المتحدة أنها ستقطع المساعدات عن عدد من البلدان بما في ذلك اليمن، وخفضت مساعداتها له إلى النصف، 87 مليون جنيه إسترليني، بسبب المشاكل المالية جراء تأثرها بالوباء.
أزمة المدفوعات تؤثر على عائلات بأكملها. فقدت فاطمة أحمد قاسم زوجها منذ عقدين وقالت إن مدفوعات المعاشات توقفت عندما بدأت الحرب في اليمن.
وقعت على شهادة الحياة في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي ولا تزال تنتظر خبراً من وزارة العمل والمعاشات التقاعدية، وقالت: ” أنا أرملة منذ 20 عاماً، أكافح وأحرث الأرض، عمل زوجي في المملكة المتحدة، واعتدنا الحصول على أجرنا حتى بدأت الحرب، لكنه توفي ومن المفترض أن أستمر في استلام المعاش، إنني أعاني كل يوم ولا يوجد هناك من يعيلني أو ينفق علي”.
قال أحمد علوي صالح اليافعي، الذي جاء إلى بريطانيا في الستينيات وعمل في شيفيلد وويست برومويتش وبرمنغهام، إنه كان يتقاضى 35 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع حتى توقفت مدفوعاته في حوالي أغسطس/ آب 2016.
قال إنه أكمل استمارة شهادة الحياة بالإضافة إلى أوراق ثبوتية أخرى لكنه لم يسمع أي خبر.
وقال “إننا نطلب ما هو لنا، لقد عملنا في بريطانيا في المصانع، بالطبع كان الأمر صعباً. ذهبنا وفعلنا ما يتعين علينا القيام به والآن توقفوا عن دفع أموالنا”.
“لقد عملنا بجد كأي شخص في المملكة المتحدة، كنا هناك وكانوا يتعاملون معنا بطريقة لطيفة، والآن لا نتلقى ما هو لنا ولم نسمع شيئاً، مضيفاً “يرسل المحامون الخطابات ويملأون الطلبات، لكن رسائلهم لم تلق آذاناً صاغية”.
“نحن هنا لطلب معاشن كلينا، أنا وزوجتي”.
إنه وضع معقد في بلد هش ازداد سوءاً بسبب الحرب ، لكن بي بي سي تمكنت من الوصول إلى البنك الوطني اليمني، حيث يمتلك العديد من الرجال حسابات للحصول على معاشاتهم التقاعدية.
قال صابر سعيد الشرماني، مدير العلاقات الخارجية في البنك، إن المدفوعات بالجنيه الإسترليني من طرف وزارة العمل والمعاشات توقفت في أكتوبر/تشرين الأول 2019 ، مما أثر على 2489 زبوناً، أي أن عدد المتأثرين يزيد بمئات عما اعترفت به الوزارة.
البنك التجاري العربي البريطاني، ومقره المملكة المتحدة، كان يرتب المدفوعات لكنه أبلغ البنك الوطني بأنه سيغلق حساباته هناك مع تطور الحرب.
ثم استخدمت وزارة العمل والمعاشات مصرفاً آخر وجرى الدفع بالريال اليمني، واحتج المئات على سعر صرف الجنيه محلياً.
وقالت وزارة العمل إن جميع المدفوعات توقفت في مارس/آذار 2021 ، عندما ألغى البنك اليمني الخدمة بسبب الشكاوى. لكن لم يتمكن أحد من تفسير المدفوعات المفقودة على مدار عقد من الزمان.
وقال الشرماني: “لا أستطيع شرح سبب عدم تلقي بعض الأشخاص رواتبهم لسنوات عديدة، في حين كان التوقف في عام 2019”.
“بدأت الحرب في عام 2014 وتوقف الاتصال مع الناس في اليمن”.
وقال إن وزارة العمل كانت على اتصال منتظم مع أصحاب المعاشات بشأن شهادات إثبات أنهم لا يزالون على قيد الحياة، لكن ذلك أيضاً انتهى دون سابق إنذار.
وقال: “لقد حاولنا المساعدة وحاولنا إرسال بريد إلكتروني إلى وزارة العمل لكننا لم نتلق أي رد”.
وقال دانييل هينج، مساعد محرر مجلة Central Banking ، إن هشاشة البلاد والنظر إليها على أنها عالية المخاطر يمكن أن تتسبب في مشاكل حيث أن الأموال القادمة من المملكة المتحدة تمر عبر “ممرات الدفع” الخاصة بالبنوك المراسلة.
“تكمن المشكلة في كل خطوة من خطوات الطريقة التي يتعين على البنك القيام بها لمكافحة غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب”.
“من الصعب للغاية تقييم المخاطر بالنسبة لدولة مثل اليمن، لذلك قد يرفضون ببساطة القيام بالتحويلات”.
وقالت وزارة العمل في بيان: “نتفهم الإحباط الذي قد يشعر به العملاء بعد أن اوقف البنك اليمني المراسل خدماته، مما أدى إلى إيقاف المدفوعات مؤقتاً، لقد تفاوضنا الآن مع جهات مصرفية وتوصلنا الى حل يسمح لنا باستئناف المدفوعات، وسيتم دفع جميع المدفوعات السابقة التي لم تدفع، كما أننا نحث أي شخص متضرر على الاتصال بنا”.
وإلى أن يبدأ أولئك الأشخاص في تلقي مدفوعاتهم مجدداً، سيستمرون في التشكيك في النظام البريطاني الذي عملوا فيه والذي يشعرون بأنه أهملهم.
وقال جبران “رسالتي هي أنه على بريطانيا أن تنظر في سجلات هؤلاء الذين لم يتلقوا أي مدفوعات منذ ثماني سنوات وعشر سنوات وإلى ما هنالك، ولا عون لنا إلا الله”.
“هل هذا هو النظام البريطاني وهل هذه هي طريقته في التعامل مع الناس؟ إنه لا يلتزم بقوانينه ولا يفي بالتزاماته. ليس لدينا بديل أو مخرج آخر”.
[ad_2]
Source link