التعليم: لماذا تتوسع دول آسيوية في إنشاء مدارس الغابات؟
[ad_1]
- تشيرمين لي
- بي بي سي
تزدهر مدارس الغابات على الطراز الاسكندنافي في أوروبا والولايات المتحدة، وتنتشر في آسيا أيضًا. فهل يمكن أن تكون الفصول الدراسية الخارجية هي المستقبل؟
في “ساي كونغ”، وهو حي مورق على الجانب الشرقي من مدينة هونغ كونغ، يرتدي عدد من أطفال المدارس سترات مخططة باللون الأصفر وأحذية المطر ويركضون صعودًا وهبوطًا على منحدر مغطى بالأشجار، ويرددون أغنية عن الغابات باللغة الإنجليزية تقول كلماتها: “أحب الجبال والشمس المشرقة جدًا”.
هنا، في مأوى أشجار التنوب والقيقب، وبعيدًا عن المباني الخرسانية في وسط هونغ كونغ، يجرب الأطفال ومعلموهم أسلوبًا تعليميًا جديدًا أصبح شائعًا بشكل متزايد في آسيا، يعرف باسم “مدرسة الغابة”.
ظهر تعليم الغابات لأول مرة في الدنمارك في الخمسينيات من القرن الماضي، ويشمل تعليم الأطفال في الهواء الطلق، عادة في الغابات، من خلال اللعب والتمارين العملية.
وانتشرت هذه الطريقة في جميع أنحاء أوروبا وفي الولايات المتحدة – وفي آسيا، حيث يرى البعض أنها وسيلة لربط الأطفال بالطبيعة، وتعزيز طريقة تعلم أكثر استقلالية يقودها الطفل بنفسه.
“هذا يمكن أن يساعد ابني على اكتساب المزيد من المعرفة في الهواء الطلق، وأن يجعله فضوليًا. من الجيد تطوير قدراتهم المختلفة”. كانت هذه كلمات إحدى الأمهات التي قالت إن اسمها تانغ، وهي تنظر إلى ابنها البالغ من العمر أربع سنوات وهو يخلط الطين بالماء في “ورشة علمية” تحت الأشجار.
وبدأت هذه الجلسات نصف الأسبوعية في عام 2017 وتديرها حضانة مالفيرن كوليدج، وهي فرع إحدى المدارس البريطانية في هونغ كونغ.
وفي الدنمارك، بدأت مدارس الغابات جزئيًا كنتيجة غير مقصودة لدخول النساء إلى القوى العاملة بشكل متزايد في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. وبسبب النقص في مرافق رعاية الأطفال، بدأ المعلمون تعليم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وأربع سنوات في الهواء الطلق، في الغابات. وسرعان ما أصبحت الفصول الخارجية قاعدة ثقافية في البلاد، قبل أن تنتشر في المملكة المتحدة في التسعينيات، وإلى شرقي وجنوب شرقي آسيا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ومع توسع هذا المفهوم في آسيا، كان يتعين عليه أن يتطور ويتكيف مع بيئات ثقافية وتعليمية مختلفة، وهو ما أدى إلى ظهور مجموعة واسعة من مدارس الغابات في أماكن متنوعة مثل هونغ كونغ وسنغافورة واليابان وكوريا.
تقول كلير جونز، معلمة بمدرسة الغابات التابعة لمدارس مالفيرن كوليدج، وهي أساسا من المملكة المتحدة: “يتعلم الأطفال بشكل أفضل من خلال اللعب”.
وتضع جونز لمسات محلية على النموذج الأصلي لمدرسة الغابات، مثل البيئة الطبيعية لهونغ كونغ. وخلال إحدى الجلسات، أطلق الأطفال أسماء أنواع الحيوانات في الغابة من حولهم، إما باللغة الإنجليزية أو بلغة الماندرين. وتشمل مدرستهم الخارجية شاطئًا بالإضافة إلى الغابة. وهناك أعلام حمراء مربوطة بالأشجار لتحذير الأطفال للابتعاد عن المناطق الخطرة، مثل جبل صغير من جذوع الأشجار ذات الحواف الحادة.
ولم ينتشر مفهوم مدرسة الغابة إلى المدارس العامة في هونغ كونغ بعد. لكن جاكلين ماكنالتي، مديرة الحضانة التابعة لمدرسة مالفيرن كوليدج، تقول إن العديد من الآباء المحليين كانوا متحمسين لهذا الأمر.
وتقول: “يريد الآباء إحضار أطفالهم إلى الخارج”، مشيرة إلى أن البيئة تعمل كمدرس إضافي. وفي تجربتها الخاصة، تعزز مدرسة الغابة اللياقة البدنية للأطفال والرفاهية العامة. وتقول عن ذلك: “إنها أيضا تبعث الثقة في نفوس الأطفال، وتنمي مهاراتهم في حل المشكلات. على سبيل المثال، في إحدى المرات أرادوا اتخاذ إجراء بعد رؤية القمامة وهي تُجرف على الشاطئ”.
وتشير الدراسات إلى أن الوقت الذي يقضيه الأطفال في الهواء الطلق قد يحسن مهارات الانتباه لدى الأطفال في سن ما قبل المدرسة، وأن اللعب في الطبيعة يشجع على النشاط البدني واللعب التخيلي.
وأظهرت إحدى الدراسات أن إضافة عناصر طبيعية إلى الملعب، مثل العشب والأشجار وجذوع الأشجار والنشارة، أدت إلى لعب أكثر إبداعا وإلى تقليل النزاعات بين الأطفال.
ووجدت دراسة حديثة من جامعة يوانينا اليونانية أن الجري وتسلق جذوع الأشجار يساهما في تطوير قوة الأطفال.
ومع ذلك، تحذر دراسة نقدية لمدارس الغابات من أن “وتيرة النمو السريع” لهذه المدارس حول العالم يمكن أيضًا أن “تجلب معها مشاكل”، مثل فقدان الفلسفة الأصلية لمدارس الغابات، والتي تقوم على تجربة الحرية من خلال التواصل مع الطبيعة. ويحذر مؤلف الدراسة من أنه من الضروري مراعاة الحساسية الثقافية عند نقل الفكرة إلى أماكن مختلفة، لضمان عدم فقدان معناها الأصلي وفوائدها.
بالنسبة إلى دارين كويك، مدرب بإحدى مدارس الغابات في سنغافورة، كان أحد التحديات المبكرة يتمثل في نقل مفهوم مدرسة الغابات إلى الآباء في سنغافورة، الذين اعتادوا على نوع أكثر تنظيماً من التعلم الداخلي، مع مهام واختبارات واضحة.
يقول كويك: “من الناحية الثقافية، لدينا تركيز أكاديمي أكبر في سنغافورة، وبالتالي ففي البداية عندما بدأنا كان يتعين علينا تفسير الكثير من الأمور، لمساعدة الناس على فهم كيف يمكن لبرنامج ليس لديه مسار واضح ومنهج دراسي محدد أن ينجح”.
أسس كويك مدرسة سنغافورة للغابات في عام 2016، و يقدم جلسات في المتنزهات الريفية المغطاة بالغابات المطيرة المورقة. ويلعب الأطفال ويتعلمون وسط النباتات والحيوانات المحلية، مثل أشجار سيرايا والخنازير البرية.
ومن الناحية الأكاديمية، تعد سنغافورة واحدة من الدول التي حققت أعلى معدلات إنجاز في العالم، وتتصدر بانتظام التصنيفات العالمية للأداء التعليمي. لكن كويك يشير إلى أن مدارس الغابات يمكنها إثراء المناهج التقليدية، من خلال تقديم فرصة للتفاعل مع الطبيعة، على سبيل المثال. وقد يتطلب ذلك بعض المرونة في سنغافورة بسبب الطقس الحار والرطب.
يقول كويك: “في البلدان المعتدلة، يمكن للأطفال الحصول على قيلولة في فترة ما بعد الظهيرة في الهواء الطلق كمجموعة معا. وإذا فعلنا ذلك في سنغافورة، فسنجعل الأطفال غذاء للبعوض، وسنشوي أنفسنا. وحتى الحيوانات تلجأ إلى الظل في الطقس الحار لسنغافورة خلال منتصف النهار”.
وينظم كويك الدورات في مدرسة الغابات التابعة له في الصباح الباكر، عندما تشرق الشمس، أو في وقت متأخر بعد الظهيرة، عندما تكون الشمس على وشك الغروب.
يقول كويك: “يظل الأطفال تحت الأشجار وفي الغابة عندما يكون الجو حارًا جدًا. وفي الطقس الحار، يمكن أن تكون الأنشطة الثابتة أكثر شيوعًا من التنزه لمسافات طويلة”.
ورغم أن مدارس الغابات تعد اتجاها جديدا نسبيًا في هونغ كونغ وسنغافورة، فهي جزء لا يتجزأ من التقاليد القديمة المحلية في أجزاء أخرى من آسيا.
وفي اليابان، يعد تعليم الغابات جزءًا من التعليم الإلزامي منذ أكثر من قرن للتلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أعوام واثنى عشر عاما. ويتعلم الطلاب صناعة أشياء من الخشب، مثل عيدان تناول الطعام، وتعلم كيفية قياس الأشجار ودراستها، وزراعة غابات المدارس.
ويزور البعض مناشر الخشب وغيرها من مرافق معالجة الأخشاب، ويدرسون الغابات ووظائفها الاجتماعية والبيئية المختلفة كجزء من دروسهم الداخلية المعتادة.
ويسلط تقرير عن تعليم الغابات في اليابان الضوء أيضًا على الأهمية الثقافية والدينية العميقة للأشجار في البلاد، حيث كانت المعابد والأضرحة محاطة تقليديًا بالغابات.
ولاحظ معلمون في كوريا الجنوبية حركة تعليم الغابات في اليابان في التسعينيات من القرن الماضي، وأعادوا هذا النهج إلى بلدهم. ويوجد حاليًا أكثر من 700 “غابة مدرسية” في كوريا الجنوبية، وهو ما يعني الغابات التي زرعتها المدارس أو الموجودة بالقرب من المدارس حتى يتمكن الأطفال من استخدامها كفصول دراسية في الهواء الطلق.
وبالإضافة إلى تلك المناطق المشجرة، أدخلت دائرة الغابات الكورية أول مدرسة للغابات في عام 2008، وانتشر هذا المفهوم بشكل كبير منذ ذلك الحين. وفي عام 2017، أعلنت الحكومة الكورية عن خطة لإنشاء أكثر من 400 مكان خارجي لرياض الأطفال في الغابات، على غرار مدارس الغابات الأوروبية. ومن المقرر افتتاحها بحلول عام 2023، وستكون أكثر توجهاً نحو الطبيعة من النماذج الحالية الموجهة نحو الغابات المستخدمة في كوريا.
وتعد مبادرة الحكومة محركًا رئيسيًا للنمو الهائل لمدارس الغابات في كوريا الجنوبية، وفقًا لما ذكرته جيون شين، نائبة رئيس جمعية رياض الأطفال في الغابات الكورية.
تقول شين عن قرار دائرة الغابات بتعزيز تعليم الغابات: “لقد كانت محاولة لإعداد مساحة للأطفال الصغار للعب في الغابة ولتدريب معلمي الغابات المعتمدين الذين يمكنهم توجيههم”. وتشير شين إلى أنه رغم أن نهج كوريا كان مستوحى من تعليم الغابات في البلدان الأخرى، فقد طورت الدولة أيضًا نهجها الخاص والفريد من نوعه.
وقالت لبي بي سي في مقابلة عبر البريد الإلكتروني: “يجري تشغيل معظم رياض الأطفال في الغابات في أوروبا والولايات المتحدة من قبل مؤسسات غير معتمدة، لكن في كوريا يجري تشغيل 99 في المئة من رياض الأطفال في الغابات من قبل مؤسسات التعليم المبكر للأطفال وتفي بالمعايير الوطنية للتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة”.
هذا يعني أنه على الرغم من أن مدارس الغابات ليست إلزامية بعد في مناهج رياض الأطفال، إلا أن المدارس منفتحة جدًا على هذا المفهوم وكانت على استعداد لاعتماده عندما يكون ذلك ممكنًا.
وفي الصين، بدأت حركة مدارس الغابات في الظهور. تقول جين لومينو، مؤسسة ورئيسة معهد معلمي مدارس الغابات ومدارس “نيتشر كين بوكيت فورست”، إنها لاحظت ارتفاع الطلب من الآباء الصينيين على مثل هذه البرامج خلال استشارتها التي دامت شهرين في الصين في عام 2017.
تقول لومينو: “كانت هذه المدرسة الخاصة [التي أجرت استشارات معها] تنقل الأطفال على الأقل يومين في الأسبوع إلى غابة مساحتها 300 فدان استأجرتها من مزارع. وكان الهدف من ذلك هو تزويد الطلاب بالعديد من تجارب التعلم من خلال التواصل مع الطبيعة”.
وتضيف: “بصفتي مستشارة لهذه المدرسة، أصبحت مقتنعة بأن العديد من العائلات في الصين كانت تبحث عن هذه الأنواع من الفرص لأطفالها الصغار”.
ومع ذلك، لاحظت لومينو بعض العقبات، وتقول عن ذلك: “أعتقد أن أكبر عائق هناك هو استمرار التركيز على التعلم الأكاديمي بدلاً من التعليم الشامل، الذي يتلقاه الأطفال في البرامج الخارجية القائمة على الطبيعة”.
[ad_2]
Source link