مظاهرات السودان: شباب مستعدون للموت من أجل الحرية
[ad_1]
- مهند هاشم
- بي بي سي نيوز
“هل نجوت للتو من مذبحة؟ “هذا السؤال كان أول ما نطق به شاب سوداني عندما رد على مكالمتي الهاتفية بعد فترة قصيرة من إطلاق قوات الأمن النار على المتظاهرين في وسط العاصمة الخرطوم.يُعرف على تويتر باسم باشي، وقد أخبرني كيف قضى واحد من سبعة أشخاص لقوا مصرعهم بعد ظهر يوم الاثنين الماضي في العاصمة.”كنت أصور المتظاهرين وأمشي عندما اخترقت رصاصة صدره، مات أمامي.. كان من الممكن أن أكون أنا!”.باشي في منتصف العشرينات من عمره، وعادة ما تعلو الابتسامة وجهه، وهو يحتج في الشوارع منذ ثلاثة أشهر.مثل العديد من أقرانه، هو غاضب من استيلاء الجيش على السلطة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد أكثر من عامين بقليل من اتفاق بين العسكريين وتحالف مدني لتقاسم السلطة.كانت الحياة قد بدأت تتحسن والأزمة الاقتصادية تهدأ، مع قيام رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك بإخراج السودان من حالة الجمود بعد العقوبات التي فُرضت على البلاد خلال فترة حكم عمر البشير، المتهم بجعل بلاده ملاذا لرعاية الإرهاب.
وقد أطاح حلفاء الرئيس السابق العسكريون به في أبريل/ نيسان 2019 في أعقاب الاحتجاجات الجماهيرية، لكنهم أظهروا بعد ذلك عدم رغبتهم في تقاسم السلطة مع من كانوا في الشوارع، عندما وجهوا أسلحتهم إليهم في مذبحة مدمرة بعد شهرين من الإطاحة بالبشير.لكن الاحتجاجات المستمرة التي أعقبت تلك المجزرة أجبرت العسكريين على الموافقة على تلك المرحلة الانتقالية لتقاسم السلطة، إلا أنه ووفقا لما توقع كثيرون، لم يكن الجيش سعيدا مطلقا بذلك الترتيب، وقد أثبت الانقلاب الأخير، كما يقولون، أنهم كانوا على صواب.‘الحلقة المفرغة’يقول باشي، الذي كان على الخطوط الأمامية في المظاهرات الأخيرة، التي يوثقها عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، إن أعضاء لجان الأحياء المنسقة للاحتجاجات في الشوارع هم في الغالب من الشباب.
في الواقع تشير التقديرات إلى أن 61 في المئة من سكان السودان تقل أعمارهم عن 25 عاما وقد ضاقوا ذرعا بما يسميه باشي “حكم الرجل القوي”.إنه صراع بين الأجيال، مع وجود جيل الشباب الراغب في مستقبل أكثر إنصافا وسلاما وديمقراطية.يقول باشي: “نحن مختلفون عن الأجيال السابقة”.”نريد أن نكسر الحلقة، هذه الحلقة المفرغة من الانقلابات العسكرية والاستبداد. لهذا السبب نتظاهر، لأننا نرغب في رؤية نهاية لهذا النهج”.
استعادة الموالينيشعر المتظاهرون أن الشرعية إلى جانبهم ، خاصة بعد الضربة التي تلقاها المجلس العسكري باستقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في وقت سابق من هذا الشهر.في أعقاب الانقلاب، وضع حمدوك قيد الإقامة الجبرية، لكنه وقع بعد ذلك صفقة جديدة مع القادة العسكريين، وهو أمر رفضه حلفاؤه المدنيون، أعضاء قوى الحرية والتغيير.
وقد استمر حمدوك ستة أسابيع فقط قبل أن يدرك أنه لا يستطيع العمل بدون الدعم السياسي من قبل قوى الحرية والتغيير.كانت بعض الإصلاحات الاقتصادية التي أدخلها، والتي أشاد بها المجتمع الدولي، مؤلمة للجميع ، لكن محاولاته تفكيك قبضة الحرس القديم على الاقتصاد أزعجت كثيرين أيضا.وقد عين حاكم المجلس العسكري الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، هذا الأسبوع إدارة تصريف أعمال، تضم بعض الموالين للبشير، لقيادة البلاد نحو الانتخابات.نضال التي تم تغيير اسمها لحماية هويتها، متظاهرة مخضرمة، خرجت لأول مرة إلى الشارع خلال ما يعرف بالربيع العربي عندما بدأ الناس ينزلون إلى الشوارع بكل شجاعة في عدد من البلدان العربية.
وتعتقد نضال أن معاملة الجيش القاسية للمتظاهرين، إذ توفي أكثر من 70 شخصا حتى الآن، تجبر أولئك الذين ينظمون المظاهرات على أن يصبحوا أكثر تنظيما أو أكثر تماسكا.”يمكنك أن تشعر أن الجيش يقدم لنا معروفا، فكلما قتل منا أكثر، ساعدنا على الالتقاء، وإعادة تشكيل شعورنا القومي، وتعزيز الوطنية لدينا لبناء دولة جديدة”.منذ الاستقلال احتكرت القوات المسلحة أي شعور بالوطنية.لكن أفعالهم، ولا سيما تلك التي قامت بها الوحدة شبه العسكرية السابقة، المعروفة بقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، ودورهم في مذبحة يونيو/ حزيران 2019 جعلتهم يفقدون الكثير من الاحترام الذي كانوا يحظون به في يوم من الأيام لدى الشباب السوداني.بالنسبة لنضال كان للمظاهرات أثر مدمر على أسرتها، فقد قُتل أحد أبناء عمومتها البالغ من العمر 18 عاما برصاص الجنود في ديسمبر/ كانون الأول.عندما تحدثت إليها في وقت متأخر من أحد الأمسيات خلال هذا الأسبوع، كانت قد ذهبت لتوها إلى حواجز مختلفة في الخرطوم لتفقد العديد من أبناء عمومتها الآخرين والتأكد من أنهم جميعا بأمان.ورغم كل ذلك فقد جعل الوضع أولئك الشباب أكثر تصميما، لأنهم يشعرون أنهم يستطيعون بالفعل إحداث فرق.قالت لي نضال “أنا مستعدة للموت”.
تحطيم الثقةفي منتصف يناير/ كانون الأول، أعلن المجلس العسكري عن تشكيل قوة لمكافحة الإرهاب للتعامل مع التحديات الأمنية التي تفرضها الاحتجاجات، والتي تضر بالاقتصاد أيضا.وهذه النظرة إلى المتظاهرين السلميين على أنهم إرهابيون، يرى فيها الكثيرون ما يحاكي السلوك الذي كان سائدا في عهد البشير.
وقد أشارت السلطات في بياناتها إلى عدد رجال الشرطة الذين أصيبوا أثناء الاحتجاجات التي عمت البلاد، ولم تول اهتماما يذكر بوفاة المتظاهرين.وألقت السلطات باللوم على المتظاهرين في وفاة عميد في الشرطة هذا الأسبوع، لكن نشطاء يعارضون ذلك ويقولون إن السلطات تستخدم الأمر كذريعة لاستخدام وتطبيق المزيد من القوة.وجاءت أعمال العنف هذا الأسبوع بعد حظر قناة الجزيرة التي كانت تنقل البث الحي للمظاهرات والتجمعات.لقد أصبح قمع الحريات الإعلامية بلا هوادة، إذ تعرض الصحفيون للضرب والاعتداء، وهوجمت المكاتب الإعلامية، وحُظرت وسائل الإعلام الدولية.وكانت هناك موجة من النشاط الدبلوماسي لكسر الجمود، بما في ذلك عملية الحوار والتشاور التي أطلقتها الأمم المتحدة.لكن كثيرا من السودانيين ليست لديهم ثقة كبيرة في الأمم المتحدة، بالنظر إلى أنها أيدت اتفاق نوفمبر/ تشرين الثاني الفاشل الذي أبرمه حمدوك مع المجلس العسكري.ويريد المحتجون فقط إخراج الجيش من أي حكومة لأنهم يشعرون أنه لا يمكن الوثوق بالقادة العسكريين.”لا مفاوضات ولا شراكة ولا شرعية” هي الصرخة الحاشدة للحركة الحالية المؤيدة للديمقراطية.على هذه الخلفية، اجتمعت مجموعة أصدقاء السودان هذا الأسبوع لمحاولة التوصل إلى حل.تضم هذه المجموعة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أوروبية، فضلا عن حليفتي المجلس العسكري، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.لكن رغم ذلك، بدا كل من باشي ونضال غير متأثرين بمثل هذه الجهود، كما أنهما يتفقان على أن قوة مكافحة الإرهاب لن ترضخهما.وقال باشي “نحن من الطراز النخبوي في المقاومة السلمية، مذبحة يوم الاثنين لن تردعنا”.”لن نسمح لهم باستغلال دمائنا وعرقنا ودموعنا واستخدامها لتحقيق مكاسبهم الخاصة”.
[ad_2]
Source link