السكري: قصة ساعي بريد يمنح أملا للمصابين بالنوع الأول من هذا الداء
[ad_1]
قبل مئة عام تماما اكتشف الطبيب الكندي، فريديريك بانتنغ، وفريقه علاجا كان وراء حصوله على جائزة نوبل في الطب عام 1923، كان ذلك الاكتشاف هو إمكانية علاج مرضى السكري بجرعات من هرمون الأنسولين.
وبعد مرور قرن من الزمن، يبدو أن ملامح احتمال جديد لعلاج المصابين بالنوع الأول من السكري – الذي كان يسمّى سكريّ الشباب لأنه يصيب الأطفال واليافعين – بدأت تتضّح، والهدف منها التخلي عن الحقن المستمر بالأنسولين.
هذه المرّة، تعتمد التقنية على استخدام الخلايا الجذعيّة لمساعدة غدّة البنكرياس على إنتاج هرمون الأنسولين من خلال إعادة تجديد الخلايا التي تنتج الأنسولين والتي تعطّل عملها في الجسم المصاب.
وعدد المصابين بهذا النوع من السكري ليس قليلا؛ إذ قدّرت منظمة الصحة العالمية عام 2017 أن نحو تسعة ملايين شخص في أنحاء العالم مصابون به، لكن غالبية المصابين بالسكري هم مرضى النوع الثاني وتجاوز عددهم الـ400 مليون شخص عام 2014.
هذه التقنية الجديدة ليست متوفرة بعد ونتائجها لم تنشر بعد في مجلة طبية متخصصة – لكن شخصا في الولايات المتحدة كان أول من تجرى عليه تجارب باستخدامها وحتى الآن جاءت النتائج مبشّرة، وهو ساعي بريد من الولايات المتحدة اسمه برايان شيلتين.
ما سبب مرض السكري من النوع الأول؟
التقيت بالطبيبة السوريّة، أروى كيالي، التي تعمل في عيادة جنوبي لندن لأفهم منها أكثر عن هذا المرض والعلاج الجديد.
شرحت لي أن سبب الإصابة بالنوع الأول من السكري هو خلل في الجهاز المناعي لكن سبب هذا الخلل غير معروف؛ إذ يشكّل الجسم أجساما مضادة تذهب للبنكرياس وتخرّب الخلايا التي تنتج الأنسولين فيصبح الجسم غير قادر على استقلاب السكر في الدم. لذلك إن تناول المريض طعاما فيه سكر، تزداد نسبة السكر في الدم وتظهر أعراض المرض كالعطش، والتبول الزائد، والفطور الجلدية، إلى جانب أعراض أخرى كالشعور بالتعب ونقص الوزن.
لذلك فإن هذا النوع من السكري أخطر من النوع الثاني لأن من يصاب بالنوع الأول يكون بعمر الطفولة فيعيش مع المرض لفترة أطول وبالتالي تصبح مضاعفاته خطيرة عندما يصل للثلاثينات وما بعدها.
أما السكري من النوع الثاني فسببه زيادة السكر في الدم ونقص هرمون الأنسولين ويكون ذلك في عمر متقدمة، وذلك نتيجة لنمط الحياة الخالي من الحركة (كالعمل المكتبي والابتعاد عن الرياضة) والأكل الزائد الذي يحوي كثيرا من السكر، ومرض السمنة، إضافة إلى العامل الجيني (إن وجد المرض في العائلة)؛ فكثيرون – حتى وإن كان وزنهم مثاليا وحياتهم مليئة بالرياضة والحركة – قد يصيبهم السكري بسبب العامل الجيني.
ويكون تأثير السكري أكبر على العائلات الأفقر، لأن الطفل يكون بحاجة لحمية صحية (قليلة النشويات، وتحوي بروتين بكميات عالية، فيها خضار) إلى جانب تحليل السكر بشكل منتظم علماً بأن أشرطة التحليل مكلفة جدا إن لم يمنحها المستوصف بشكل مجاني أو بسعر مخفّض، كما توضّح الطبيبة.
ما الجديد الآنفي علاج النوع الأول؟
تقول الطبيبة كيالي إنه حتى الآن العلاج الوحيد لسكري النوع الأول هو جرعات الأنسولين، إلى جانب دواء لعلاج السكري يعطى عن طريق الفم، بينما عمليات زرع البنكرياس مكلفة كما لا تتوافر أعداد كافية من البنكرياس لإجراء عمليات الزرع.
إلى هذا، فإن زرع هذه الغدّة – المأخوذة من جسم شخص متبرّع – في جسم إنسان مصاب تتطلب تناول مثبطات مناعية طول العمر.
لذا فاجأ نجاح علاج جديد، يستخدم الخلايا الجذعية لإنتاج الأنسولين، خبراء في الولايات المتحدة بعد مرور نحو 30 عاما على بدء التفكير به. والرجل الذي يقف خلف هذا العلاج هو الأستاذ في جامعة هارفرد عالم الأحياء، دوغلاس ملتون، وكان دافعه لذلك إصابة طفله الرضيع وبعده ابنته المراهقة بالنوع الأول من السكري.
ونقلت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية تفاصيل قصة ساعي البريد، برايان شيلتين (64 عاما)، الذي قد يكون المريض الأول الذي يشفى من نوع السكري الأول في العالم.
قصة ساعي البريد شيلتون
عمل عالم الأحياء ملتون مع فريقه طيلة عشرين عاما في مختبر لتحويل الخلايا الجذعية بنجاح إلى خلايا تسمّى جزيرية (islet cells) تنتج البنكرياس، وفي عام 2014 بدأت أول بشائر نجاح اختبارات وتجارب هؤلاء الباحثين. فأسس ملتون شركة (Semma) في العام ذاته واستمرت تجاربهم لتطوير العلاج، كل هذا وفقا للنيويورك تايمز.
وفي سبتمبر/أيلول 2019، استحوذت شركة عالمية في مجال التكنولوجيا الحيوية وتستثمر في الابتكار العلمي واسمها (Vertex)، على شركة سيما مقابل 950 مليون دولار لأن شركة سيما “اتّبعت نهجا مختلفا” لعلاج مرض السكري من النوع الأول.
وجاء في بيان نشرته الشركة: “حققت شركة سيما إنجازين علميين هامّين: الأول هو القدرة على إنتاج كميات كبيرة من خلايا بيتا (Beta cells) البشرية الفعّالة التي تعيد إفراز الأنسولين وتخفف من نقص السكر في الدم لدى النماذج الحيوانية، و(الثاني) هو إنتاج جهاز جديد يغلف ويحمي هذه الخلايا من (مهاجمة) الجهاز المناعي، مما يتيح الزرع الدائم دون حاجة إلى علاج يثبط المناعة بشكل مستمر”.
ومع بداية هذا العام، دعت شركة (Vertex) المصابين بمرض السكري من النوع الأول للمشاركة في تجارب طبيّة باستخدام العلاج الجديد.
وكان برايان قد اضطر للتقاعد المبكّر بعمر 57 بسبب إصابته بالسكري من النوع الأول، وفي يوم 29 يونيو/حزيران من هذا العام، أصبح أول إنسان يشارك في التجرية الجديدة وحصل على حقنة من الخلايا مشابهة لخلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين والتي يفتقر لها جسمه، بهدف أن يتحكم جسمه ذاتيا بإنتاج الأنسولين.
وستستمر هذه الدراسة لمدة خمسة أعوام، وفقا للصحيفة، وستشمل مرضى آخرين من المصابين بالنوع الأول فقط من السكري.
تقول الطبيبة أروى لبي بي سي: “هذا أمل حقيقي للمرضى لكننا لا نعرف حتى الآن شيئا عن المضاعفات. لن تتضح كل هذه الأمور إلا مع الوقت”.
[ad_2]
Source link