الصومال: كيف نجا هذا الصحفي من خمس هجمات انتحارية؟
[ad_1]
استهدف التفجير الانتحاري الذي وقع يوم الأحد في العاصمة الصومالية مقديشو، رجلاً نجا من أربع هجمات سابقة.
بحثت ماري هاربر، رئيسة تحرير بي بي سي، الخدمة الإفريقية، في سبب رغبة محمد معليمو، الذي يتعالج الآن في المستشفى، في الاستمرار في العيش في مدينة أرهقتها أعمال العنف.
تقول ماري هاربر: “لدي قائمة ببعض المعلومات الأساسية مخزنة على هاتفي المحمول. فمن الأعلى، فوق رقم جواز سفري وتفاصيل حسابي المصرفي مباشرة، يوجد اسم معليمو والرقم 16.5 وعبارة “تصميمات باللونين الأزرق والأبيض”.
هذه الكلمات، هي عبارة عن مقاس القميص والألوان المفضلة لصديقي العزيز محمد إبراهيم معليمو، الذي كان يعمل مراسلاً لبي بي سي في الصومال. أشتري قمصاناً بهذه الألوان لصديقي معليمو لأقدمها له هدية كلما زرت مقديشو.
أحب الذهاب إلى شارع جيرمين في لندن، الذي يعد المحج لألبسة الرجال الفاخرة. أقوم بفرز العشرات من الألوان والتصاميم، بحثاً عن الشيء المناسب له.
في الواقع، لدي قميصان بهذه المواصفات ينتظران في حقيبتي لزيارتي القادمة إلى الصومال.
المشكلة هي أن معليمو قد لا يكون هناك، إنه في مستشفى في تركيا، تم نقله جواً إلى هناك في طائرة صغيرة، علما أنه لم يكن من السهل وضع النقالة التي تحمله ضمن مساحة صغيرة.
أصيب معليمو يوم الأحد في خامس هجوم انتحاري يصادفه. ولكن هذه المرة، كان هو الهدف المباشر.
ركض انتحاري باتجاه سيارته وفجر العبوات الناسفة عندما وصل بالقرب من سيارته في الجانب الذي كان يجلس فيه معليمو.
وتحولت جثة الانتحاري إلى أشلاء.
لا أعلم كيف نجا معليمو، لكنه أصيب بكسر في ساقه وجروح في صدره وإصابات أخرى، لكنه لم يغِب عن الوعي.
رفض المغادرة
إذا قابلت معليمو، فربما يكون أول شيء تلاحظه، هو الندوب الرهيبة الظاهرة على وجهه التي تعرض لها بعد ثاني هجوم انتحاري في عام 2016.
كان معليمو وقتها يجلس في مطعمه المفضل على شاطئ البحر، عندما اقتحم مسلحون من “حركة الشباب” الإسلامية المتشددة، المكان وحاصروه لساعات.
نجا معليمو بعد أن تظاهر بأنه ميت غارق في دمه.
أخبرني كيف كان المسلحون يركلون جثث الناس للتأكد من أن الجميع قد ماتوا، وكيف أطلقوا المزيد من الرصاص على كل شخص كان لا يزال يتحرك.
استغرق شفاؤه شهوراً طويلة من العلاج في الصومال وكينيا والمملكة المتحدة، وكان كل الخوف على عينيه.
من الصعب ربط شخصية معليمو بالعالم الخطير الذي يعيش فيه، والذي يرفض مغادرته.
إنه شخص لطيف ومتحدث هادئ. على عكس طبيعة الناس الذين يعيشون في مقديشو، التي تتسم بسرعة الانفعال والعصبية والتحدث بصوت عال.
ولا نستغرب من ذلك بالنظر إلى المدينة التي تعيش حالة حرب منذ أكثر من ثلاثة عقود.
كنت في مقديشو بعد فترة وجيزة من إصابة معليمو في أول هجوم انتحاري له.
كان ذلك في يونيو/حزيران 2013 عندما اقتحمت حركة الشباب مجمعاً للأمم المتحدة، وقضوا حوالي ساعة في الداخل وقتلوا أكبر عدد ممكن من الناس.
وكان معليمو يقود سيارته عندما وصل إلى ذلك الموقع بالصدفة وسقطت جثة الانتحاري على سيارته، مما أدى إلى تحطم الزجاج الأمامي للسيارة.
وبطريقته المعتادة المهذبة والمتواضعة، أراني معليمو واجهة سيارته التي تحطمت بالكامل، وفي أعقاب الهجوم، رسم صورة مروعة لسيارته.
سألني عما إذا كنت أعتقد أن بي بي سي ستدفع مقابل إصلاح واجهة سيارته المكسورة. ففي نهاية الأمر، كان معليمو وقتها يعمل وكانت معظم تقاريره عن العنف الدائر في مسقط رأسه.
لا توجد وسيلة يمكن لبي بي سي أن تغطي أخبار الصومال بالطريقة التي تقوم بها بدون وجود أناس أمثال معليمو.
ترك معليمو الصحافة، ويعمل الآن كمتحدث رسمي باسم الحكومة، ولكن عندما كان يعمل مراسلاً لبي بي سي، كان على استعداد لشرح ما يحدث هناك بالتفصيل لأشخاص مثلي، عدا عن إعداد وتقديم تقاريره الخاصة.
وحتى يومنا هذا، كلما اتصلت به، يبدأ بسرد تقرير مفصل عما حدث هناك في ذلك اليوم – الاغتيالات والانفجارات والاقتتال السياسي الداخلي.
يفعل ذلك حتى عندما يكون الغرض من مكالمتي هو سؤاله عن نوع القمصان التي يحبذها لأشتريها له.
أبطال مجهولون في الصحافة
كنت أثق بمعليمو لدرجة أنني كنت أضع حياتي بين يديه، لقد كان أحد الأبطال المجهولين الذين عرفتهم خلال مسيرتي المهنية.
أجد صعوبة في فهم سبب ارتباط الكثير من التقارير باسم مراسل واحد مجيد وشجاع، في حين أنه غالباً ما يكون هناك العديد من الأشخاص الآخرين المعنيين.
فهناك مثلاً المنتج والمصور والشخص الموثوق وربما الأهم من كل ذلك، الصحفي “المحلي” ، الذي يطلق عليه أحياناً تسمية FIXER، الذي يعرف كل شيء تقريباً ويعتمد عليه الفريق بالكامل تقريباً.
كان معليمو أحد هؤلاء الأشخاص، مثله مثل العديد من الصحفيين الصوماليين الآخرين الذين أعمل معهم والذين يخاطرون بحياتهم أيضاً كل يوم.
بعد أن ترك الصحافة، وأصبح متحدثاً باسم الحكومة، عبرت له عن مدى خيبة أملي.
كيف يمكن لمثل هذا الصحفي العادل والنزيه أن ينضم إلى “الجانب الآخر”؟
لكنه كالعادة، أجاب “أنه يريد أن يحدث تغييراً”.
“أريد أن أحدث فرقاً، لم أستطع فعل ذلك باعتباري صحفيا، لذلك، أحتاج إلى العمل من قلب النظام ومركزه، أريد أن أصبح نائباً في البرلمان وهذه هي خطوتي الأولى نحو ذلك”.
بعد أن تولى وظيفته الجديدة كان علي تطوير علاقة أكثر رسمية معه.
أصبحت قمصانه أيضاً أكثر رسمية. إنها الآن بيضاء بلا نقوش لأنه سيحتاج إلى ارتدائها مع بدلات أنيقة.
لكن رغم ذلك، وعندما أسير في شارع جيرمين، لا تزال تخطر ببالي متعة اختيار القمصان له، ومحاولة التوفيق بين الألوان والمواصفات مع شخصيته الهادئة اللطيفة.
[ad_2]
Source link